برنامج أوباما السوري: السلاح من أجل السلام؟!

27-06-2013

برنامج أوباما السوري: السلاح من أجل السلام؟!

الجمل- بيبي إسكوبار- ترجمة: د. مالك سلمان:

بدا بوتين وأوباما أشبه بطالبي مدرسة متضايقين أمام مدير المدرسة مع نهاية لقاء القمة الذي دام ساعتين على هامش اجتماع "مجموعة الثمانية" في شمال إيرلندا. لكن المدهش كهذا الصمت هو حقيقة أن رجل اﻠ (كي جي بي) السابق, فيما يتعلق بسوريا, كان يحاول إنقاذ الرجل "القادم من الخلف" من نفسه.
اخترع الرئيس باراك أوباما التعبير الوحشي الملطف أن لديهما "وجهات نظر مختلفة حول سوريا". فقد قال, بلغة مخادعة, "نريد أن نحاول حلَ الموضوع بالوسائل السياسية إن كان ذلك ممكناً, ولذلك سنعطي التعليمات لفريقينا للاستمرار في العمل على إمكانية انعقاد مؤتمر جنيف 2."
لو كان أوباما يحاول فعلاً حلَ الموضوع السوري "بالوسائل السياسية" لما كان قد قصف, بشكل استباقي,  برنامج محادثات "جنيف 2" من خلال تسليح "المتمردين" السوريين "الجيدين" فقط, وفقط ببضع دمى "غير فتاكة" (هذا هو بيت القصيد من لعبة واشنطن). وفي هذه الحالة لا تترجم "إن كان ذلك ممكناً" على أنها تعني "مستحيلاً". أما بالنسبة إلى محادثات جنيف, لا يمكن تصنيفها بأفضل من "المحتملة" لأن أوباما يعرف أن الفصائلَ الكثيرة المتحاربة التي تشكل المعارضة السورية سوف تقاطعها.
بدا أحياناً أن بوتين يحاول تخليص أوباما من بؤسه (من مآزق مثل "على الأسد أن يرحل" ولكن ليست لدي أي فكرة كيف أجعله يطيعني). فقد بدا, من الناحية الفيزيزلوجية, وهو يحاول إقناع أوباما أن توسيعَ الحرب بالوكالة في سوريا سوف يجعل الوضع الراهن الفظيع يبدو وكأنه نزهة في الحديقة.
لم يبدُ أن أوباما يعرف ما يعرفه بوتين. إذ إن بوتين – والاستخبارات الروسية – يعرفون جيداً أن الحكاية الخرافية حول "الأسلحة الكيماوية" التي كشف عنها نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض, بين رودز, مجرد هراء. يعرفون أن رودز قد اخترع سابقاً التسمية السخيفة "العمل العسكري الحركي" لتعريف حرب الناتو- آفريكوم على ليبيا (بحيث لم يكن على أوباما أن يعلنَ الحرب)؛ ويعرفون أيضاً أن رودز قد حضرَ السيناريو لتغطية البيت الأبيض على ما حصلَ في بنغازي, من خلال استبعاد أي إشارة من قبل (سي آي إيه) إلى الجهاديين المدعومين من واشنطن. إن رودز ليس مؤهلاً لبيع الكعك في شوارع نيويورك – مع احترامي لكافة بائعي الكعك؛ ومع ذلك فهو "ينصح" أوباما.
يعرف بوتين أن أوباما جاهز للإقلاع عن لعب كرة السلة لو أنه يعرف طريقة تمكنه من التهرب من الحرب الأهلية في سوريا. ويعرف بوتين أيضاً أنه ليس بمقدور أوباما أن يأمرَ بإقامة منطقة حظر طيران فوق سوريا, مهما كان الضغط الذي يتعرض له من قبل أعضاء مجلس الشيوخ المتعطشين للحرب, والمدرعات البحثية, والإعلام الرسمي, وشركات تصنيع الأسلحة.
أما بالنسبة إلى زيادة تسليح المرتزقة الأجانب, أصابَ بوتين الهدف بالقول: "لا يحتاج المرء إلى دعم الأشخاص الذين لا يقتلون أعداءَهم فقط بل يشقون أجسادَهم ويأكلون قلوبهم أمام الناس والكاميرات."
لكن بوتين مدرك لخطة واشنطن (ج) و (د) بشأن سوريا؛ أي ما يتم الترويج له بصفته "مساعدة إنسانية" من خلال إقامة منطقة حظر طيران محدودة على طول أجزاء من الحدود الأردنية والتركية داخل الأراضي السورية. فهذه في الحقيقة ليبيا 2.0؛ حيث إن منطقة حظر طيران "محدودة" سرعان ما ستتوسع لتشملَ سوريا كلها. إذ إن "مناطق حظر الطيران المحدودة" لا تتواجد إلا في عالم الكذب والنفاق؛ إنها إعلان حرب. لذلك دعونا نراقب كيف تدير دمشق اللعبة بواسطة بطاريات صواريخ (إس- 300) التي ستحصل عليها من روسيا.
ومع ذلك, أعلن بوتين أن أوباما سوف يذهب إلى موسكو لعقد لقاء قمة ثنائي في مطلع شهر أيلول/سبتمبر, قبل قمة "مجموعة العشرين" في سانت بيترسبورغ.

محارب "متردد"؟
إن الأسطورة التي تصور أوباما على أنه "محارب متردد" ضرب من الهراء. فحتى "واشنطن بوست" اضطرت إلى الاعتراف أن مشروع أوباما "السلاح من أجل السلام" قد تقررَ قبل أسابيع عديدة – قبل الحكاية الخرافية المتعلقة بالأسلحة الكيماوية بوقت لا بأس به.
أما بالنسبة إلى أولئك المنحطين المثيرين للشفقة الذين اخترعوا الشرق الأوسط قبل قرن من الآن, بريطانيا وفرنسا, فالجميع في "الاتحاد الأوروبي" يعرفون أنهم أعلنوا مسبقاً أنهم سيقومون بزيادة تسليح "المتمردين" قبل شهر آب/أغسطس – أي بعد فشل محادثات "جنيف 2" الذي بات مؤكداً الآن (والتي ستتم, إن تمت, في شهر تموز/يوليو).
فرنسا تسلح سلفاً, ببساطة, بالتعاون مع أولئك .. الديمقراطيين من آل سعود. ويبدو أن صواريخ (إس إس- 11) الفرنسية جزء من الصفقة ... .
في هذه الأثناء, في عالم "ملك البليستيشن" والمعروف أيضاً بالأردن, تنكر جميع الأجهزة الأمنية أن الأردن سيلعب دور البطولة كقاعدة لإقامة منطقة حظر الطيران التالية من قبل البنتاغون. من المؤكد أنهم لا يقرؤون صحيفة "وول ستريت جورنال", التي رسمت بدقة الخطط التي يجهزها البنتاغون: "منطقة حظر طيران" تفرضها مقاتلات (إف- 16) التي تنطلق من الأردن.
سوف تشكل إقامة هذه المنطقة خرقاً للقانون الدولي – وما الجديد في ذلك – لأن الفكرة الكامنة خلفها هي تجاوز "مجلس الأمن"/الأمم المتحدة (حيث ستقابَل بالفيتو من روسيا والصين) بذريعة أن "الولايات المتحدة لن تدخلَ بشكل منتظم إلى المجال الجوي السوري ولن تسيطر على أراضٍ سورية". وحتى لو حصل ذلك فعلاً, سوف يتم تبرير أي شيء كدفاع عن النفس. ومرة أخرى, يتجاهل المسؤولون المتعطشون للحرب صواريخ (إس- 300) الروسية.
بالمناسبة, تم نشر الكثير من الألعاب الحربية في الأردن أثناء مهرجان التسلية العسكري "الأسد المتأهب" الذي سينتهي هذا الخميس. إذ سيتم تمديد الإقامة لبعضها وسوف يتم استخدامه حتماً في "منطقة حظر القتال" – وخاصة مقاتلات (إف- 16) وبطاريات صواريخ "باتريوت", كما يقول الأردنيون أنفسهم. انتبهوا إلى أهداف "الأسد المتأهب": "الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل والمساعدة الإنسانية وعمليات الإغاثة للتعامل مع القضايا الأمنية المرتبطة بالنزاعات الراهنة والمستقبلية".

أسرع .. أسرع ياقطقوطة .. اقتلي .. اقتلي (كل الشيعة)
ثم هناك الرئيس المصري محمد مرسي الذي قطع العلاقات مع سوريا. صحيح أنه, بصفته "قائداً" لاقتصاد مدمَر تماماً, بحاجة ماسة إلى الأموال من "صندوق النقد الدولي", وتلك الشيكات السريعة من أمير قطر, وبالطبع إلى تمتين العلاقات من اليمينيين الأمريكيين.
كما أن خطوة مرسي تشير إلى ما سينبثق عن "جامعة الدول العربية" – وهي اليوم "الجامعة السعودية- القطرية", يلعب فيها الباقون دورَ الكومبارس. وبما أن الإخوان الإسلامويين هم الذين يرسمون سياسة قطر الخارجية, فإن خطوة مرسي المعادية لسوريا قد هدأت من روع أولئك الذين كرهوا انفتاحَه على إيران وعم إدانته لبشار الأسد.
الأكثر إزعاجاً هو سوبرستار الإخوان الإسلامويين, الشيخ يوسف القرضاوي, بطل أفلام قناة "الجزيرة", الذي أصدر فتوى تدعو كافة السنة لمحاربة "حزب الله" في سوريا (على الرغم من أن حزب الله قد أعلن أنه لا يقاتل في جميع المناطق السورية وأنه, من الآن فصاعداً, سوف يعمل فقط على حماية الحدود السورية- اللبنانية). وقد كان هيجان القرضاوي المسعور هذا مسؤولاً بشكل مباشر عن موجة جديدة من التفجيرات الانتحارية ضد الشيعة في العراق. فإن لم يكن بمقدور أوباما أن يرى ذلك, عليه أن يتفرغ للعب كرة السلة.
وضحَ وزير الإعلام السوري عمران الزعبي موقف الحكومة السورية: أي انتقال للسلطة سيمر عبر صناديق الاقتراع. وليس من المستغرب أن كل فصائل "المتمردين" تلك لا تريد الانتخابات الديمقراطية, لأنها تعرف أنها ستخسر. ةهذه حقيقة أخرى على أوباما أن يعترف بها – في حال لا "ينصحه" شخص نكرة مثل رودو: يجب أن تتركز محادثات "جنيف 2" حول خارطة طريق لانتخابات ديمقراطية.
كل هذا يبرهن, مرة أخرى, أن إدارة أوباما تفضل لعبة "السلاح من أجل السلام" على الحديث عن الديمقراطية الحقة. ففي النهاية, ما يريده عمالقة الديمقراطية – ملوك وأمراء النفط في "مجلس التعاون الخليجي" – هو تماماً ما يريده المحور الأنغلو- فرانكو- أمريكي (دون أن يتمكن من التصريح به علناً)؛ حرب طويلة بشعة لا يمكن لأحد أن يعلن انتصارَه فيها. ونحن نعيش الآن تحت الظل المريع, وربما إعادة التركيب الموسعة, للحرب الإيرانية- العراقية 1980- 1988.

http://www.atimes.com/atimes/Middle_East/MID-01-180613.html

تُرجم عن ("إيشا تايمز", 18 حزيران/يونيو 2013)

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...