"الكفن الأبيض" يُرعب "داعش"

26-10-2014

"الكفن الأبيض" يُرعب "داعش"

أسس تنظيم "داعش" في مرحلة الإنطلاقة لحالة رعب عمّت الشرق السوري قبل ان تتمدد نحو مناطق ريفية سورية اخرى وخصوصا في الشمال. يتحدث سوريون عن ان التنظيم الإرهابي تقصّد بث الخوف في نفوس الناس. داهم المنازل بحثا عن اي قطعة سلاح خوفا من ان تُستخدم ضده. فرض تدابير اجتماعية مشددة تحت شعار الاسلام لم يعهدها السوريون من قبل.
في منبج مثلا التي تقع في اقصى الشمال على مقربة من الحدود مع تركيا، اعتقد تنظيم "داعش" انه سيستميل ابدياً قلوب الناس، فلم يترك وسيلة طائفية ومذهبية وطبقية الا واستخدمها لجذب جمهور بات فعلاً يحن اليوم الى السنوات الماضية. تسمع شكاوى السوريين الآتين من منبج نحو حلب او دمشق، اضافة الى اليد العاملة منهم في لبنان، يتحدثون عن تعب نفسي جراء سيطرة "داعش".
في الآونة الاخيرة يحاول الدواعش فرض الخدمة العسكرية، بسبب النقص الذي يعاني منه التنظيم وكثرة الإصابات. لكن اهالي منبج والجوار يتحيّنون الفرصة للإنقضاض على "داعش".
في دير الزور الإعتراض أوسع. عشائر عدة باتت تشكل نواة تنظيم يدعى سراً "الكفن الأبيض"، أسسته كما يبدو عشيرة "الشعيطات" التي تمردت على "داعش" سابقاً، فحاول التنظيم محو ذكرها ولا يزال يلاحق أبناءها الهاربين من عيونه. لكن العشائر يحتشدون سراً لقتال "داعش". ينقصهم السلاح والإمداد والتخطيط العسكري. النية والشجاعة موجودة لضرب الإرهابيين متى حانت ساعة الصفر. فمن يحددها؟.
في الأسابيع الماضية قدم مشروع "الكفن الابيض" مثالاً عن القدرة على محاربة "داعش". اعتمد مقاتلو هذا الفصيل السري على عمليات صغيرة ومباغتة تقوم على اساس مهاجمة دواعش بالمفرق وقتلهم او التنكيل بهم، تماماً كما يفعل الدواعش بالمواطنين. أراد "الكفن الابيض" الرد على الترهيب والرعب بالترهيب والرعب. المعادلة نفسها دون تغيير حصد فيها عددا كبيرا من الإرهابيين، فأرعب هذا الفصيل "داعش". ليس بسبب القتل والتنكيل بل بسبب نشوء مجموعات تنتظم لقتال "داعش". 
بعكس ادّعاء "داعش" عن ان المشروع افتراضي على صفحات التواصل الاجتماعي وقتل مشغل الحساب،  ولا مكان له في الميدان، بدا ان "الكفن الابيض" يتمدد بنجاح على شكل مجموعات سريّة قليلة العدد. تقوم مثلا بالرصد وتحديد الهدف واستهداف مركز مدروس يؤدي الى قتل قيادي "داعشي" و ضرب مركز او مقر.
من خلال الإجراءات الامنية التي اعتمدها "داعش" مؤخراً يبدو ان الغاية تتحقق في استهداف الدواعش خصوصا في البوكمال القريبة من الحدود العراقية.
مجرد وجود "الكفن الابيض" يعني بدء مرحلة جديدة كانت دشّنتها بشجاعة "الشعيطات" في شرق سوريا. ومن هنا تبدو الخيارات مفتوحة في ظل غياب اي اثر لمعارضة سورية او "جيش حر" اختفى كل ما له علاقة فيه، وتوزع مناصروه سابقاً امّا الى "داعش" او هربوا خارج مناطق سيطرة التنظيم.
في دمشق تُرصد حركة مشايخ من عشائر دير الزور والرقة والحسكة تحضيرا لأمر ما. قد يكون "الكفن الابيض" يحرك من دمشق. لم لا؟. اي تقدم للجيش السوري شمالا او شرقا سيواكبه المواطنون الذي أصيبوا بخيبة امل بعد اندلاع "الثورة".  لكن كيف يصل الجيش ومتى؟ ومن يدعم بالسلاح؟ وهل تشكل الفترة المقبلة مساحة انطلاق لاسترداد الشرق والشمال الى سوريا؟
 الواقع الميداني يختلف عن الحسابات السياسية الخارجية. الغرب يسوق لتقسيم عملي ما بين الدواعش" والكرد والدولة السورية. من هنا يشير المطلعون الى تقدم سريع للجيش السوري في حلب وريفها وريف دمشق وحمص وحماه، مقابل نسيان تلك المناطق الحدودية مع تركيا والعراق حيث تتحكم المجموعات بقواعد اللعبة الميدانية. لتبقى الحرب الدولية مفتوحة ضد "داعش" ، فيما الاستقرار يعود تدريجيا الى حلب ودمشق الكبرى ودرعا المدينة وحمص وحماه وبالطبع يترسخ بالسويداء و طرطوس واللاذقية.
قد يغير "الكفن الابيض" تلك المعادلات المطروحة. قد يتوسع ليصبح رداء يغطي كل ثائر على "داعش". يبدو الامر ممكناً كما تدل الإشارات.

عباس ضاهر

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...