مؤتمر فيينا لم يفض إلى شيء وواشنطن تلقي أسلحة للمتمردين

24-10-2015

مؤتمر فيينا لم يفض إلى شيء وواشنطن تلقي أسلحة للمتمردين

ما رشح عن لقاء فيينا الرباعي لا يشير إلى أن حلولاً واضحة المعالم قد ارتسمت بين الوزراء الأربعة بما يتعلق بمستقبل الأزمة السورية. لكن الأكيد أن «أفكاراً» جرى تداولها، جعلت الوزير الاميركي جون كيري يتحدث عن أنها «تنطوي على إمكانية تغيير دينامية الوضع في نهاية المطاف»، بينما ذهب نظيره الروسي سيرغي لافروف الى نفي ما اسماها «الشائعات» التي تتحدث عن مصير الرئيس السوري بشار الأسد.لافروف (من اليمين) والجبير وكيري وسينيرلي اوغلو خلال الاجتماع في فيينا امس (ا ف ب)
لكن اليوم النمساوي الطويل شهد تطورين مهمين، اولهما اعلان لافروف ان دولا اخرى كمصر وايران قد تنضم الى هذه المحادثات وأن اجتماعاً آخر سيعقد في نهاية الشهر الحالي، وثانيهما ان موسكو وعمان أعلنتا عن اتفاق لتنسيق العمليات العسكرية في محاربة الارهاب في سوريا، وهو ما رحبت به الولايات المتحدة، وقد يفتح الباب امام دول إقليمية اخرى للمشاركة الى جانب الروس في هذه الحرب، من دون ان يعني ذلك بالضرورة الانضمام رسمياً الى «عاصفة السوخوي».
وعلى الرغم من الحديث عن «افكار جديدة» بشأن سوريا، الا ان لقاء فيينا لم يكسر المواقف المعلنة سابقا من الرئيس الأسد. كما ان التفاؤل الذي ابداه الوزير الاميركي لا يؤكد ان تحولا كبيرا حصل في الموقف الاميركي المزدوج، اذ ما إن اختُتم لقاء فيينا حتى اعلنت واشنطن أنها ألقت مجدداً اطناناً من الأسلحة الى جماعات مسلحة، يعتقد انها في الشمال السوري كما سبق لها أن أشارت مؤخراً، مرفقة بدعوة لها للتركيز على محاربة النظام في سوريا.
وتأتي محادثات فيينا بعد أن بات واضحا تراجع لهجة الدول الغربية المعارضة للأسد، وتركيزها على أولوية محاربة تنظيم «داعش» في سوريا. وبعد أن طالبت الولايات المتحدة بإلحاح برحيل فوري للأسد قبل بدء أي عملية سياسية في سوريا، أقرت في الأشهر الماضية بأن الجدول الزمني لرحيله قابل للتفاوض. وطرأ تغيير على الموقف التركي للمرة الأولى الشهر الماضي عندما تحدثت أنقرة عن «إمكانية» حصول عملية انتقالية بوجود الرئيس السوري.
وعقد لافروف وكيري والجبير وسينيرلي اوغلو اجتماعاً لمدة ساعتين في فيينا، في محاولة جديدة لجسر الهوة بين هذه الدول، خصوصاً بشأن موضوع الأسد.
وأعلن لافروف إن المشاركين في اللقاء الرباعي اتفقوا حول صيغة الدعم الخارجي للعملية السياسية في سوريا، موضحاً أنه يريد مشاركة مصر وإيران في أي محادثات مستقبلية بشأن سوريا. وقال «طلبنا أن تجرى الاتصالات المستقبلية بصورة أكثر تمثيلا»، موضحاً أنه يعني مشاركة إيران ومصر على وجه الخصوص، مشدداً على أن بإمكانهما أن يؤدياً دوراً في حل الأزمة السورية. وأشار إلى أنه سيتم قريباً الإعلان عن موعد لقاء مقبل بشأن سوريا على المستوى الوزاري.
وأوضح لافروف أن «روسيا قدمت خلال اللقاء أفكاراً معينة حول التسوية في سوريا، وأبلغت المشاركين الآخرين بنتائج زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لموسكو الثلاثاء الماضي». وأشار إلى أن «جميع الوزراء اتفقوا على ضرورة الحفاظ على سوريا كدولة موحدة علمانية ذات سيادة».
ونفى لافروف الأنباء التي تشير إلى أن الاجتماع ناقش موعد رحيل الأسد من السلطة. وقال «تروَّج شائعات مفادها أننا نتوافق هنا على أن الأسد سيرحل بعد فترة ما، والأمر ليس كذلك». وكرر أن «مصير الرئيس السوري ينبغي أن يقرره الشعب السوري».
كيري
 وأعرب كيري عن أمله بأن يعقد خلال أسبوع اجتماع دولي جديد حول سوريا يكون «موسعا أكثر»، بعد اجتماع في فيينا ضم السعودية وتركيا وروسيا والولايات المتحدة.
وقال كيري «توافقنا على التشاور مع جميع الأطراف والسعي لمعاودة الاجتماع، نأمل أن يكون الجمعة المقبل، في اجتماع أوسع من أجل استكشاف هل يوجد توافق كاف لحث خطى عملية سياسية جادة». ولفت إلى أن مشاركة إيران في اجتماع مماثل لم تكن واردة، من دون استبعاد إمكانية إشراكها في المباحثات في مرحلة ما. وقال «حتى الآن، ليست إيران حول الطاولة. قد يحين وقت نتحدث فيه إلى إيران، ولكنه لم يحن بعد».
وأشار إلى أن اجتماع فيينا الرباعي قد أثمر أفكارا قد تغير مسار ما يجري في سوريا. وقال «أنا مقتنع بأن اجتماع اليوم (أمس) كان بنّاءً ومثمراً، ونجح في الخروج ببعض الأفكار التي لن أكشف عنها، لكن يحدوني الأمل في أنها تنطوي على إمكانية تغيير دينامية الوضع في نهاية المطاف».
وحول مصير الأسد، قال كيري إن «غالبية دول أوروبا، عشرات إذا لم نقل مئات من الدول تدرك أن بشار الأسد يحدث دينامية تجعل السلام مستحيلاً، وأننا لن نكون قادرين على فعل شيء، حتى لو أردنا ذلك، في حال بقائه»، معتبراً انه يجب إيجاد حل لهذه المعضلة.
وأعلن كيري أنه لا يعارض الاتفاق العسكري بين الأردن وروسيا. وقال «ليس لنا أي تحفظ على هذا الجهد، وقد يساعد على التأكد من أن الأهداف المقصودة هي الأهداف التي يجب أن تكون».
وكان لافتاً بعد اختتام الاجتماع في فيينا، ان وزير الدفاع الاميركي أشتون كارتر حث «القوى المعتدلة على مواصلة قتال النظام السوري»، معلناً ان «قوات التحالف أسقطت بضعة أطنان من الأسلحة والذخيرة للسوريين العرب من المعارضة».
الجبير
 وقال الجبير، من جهته، إن «جميع الأطراف تتفق على ضرورة تسوية الأزمة بالوسائل السياسية، على أساس بيان جنيف وبموازاة مكافحة الإرهاب». وأوضح أن «الخلاف الوحيد بين الأطراف يرتبط بضرورة رحيل الأسد، والمرحلة التي يجب أن يرحل فيها». وأشار إلى أن الدول الأربع اتفقت على مواصلة المشاورات بشأن سوريا.
وسبق الاجتماع الرباعي اجتماع ضم كيري والجبير وسينيرلي اوغلو، من دون أن يدلي أي من الوزراء بتصريحات أمام الصحافيين. كما التقى بعد ذلك كيري ولافروف. واكتفى الوزيران بالمصافحة من دون الإدلاء بتصريحات أمام عدسات المصورين.
ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر في الرئاسة التركية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحث مع الملك السعودي سلمان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، هاتفياً، عدداً من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها تطورات الشأن السوري، خصوصاً «الهجمة التي تتعرض لها حلب، وما سينجم عنها من موجة جديدة من اللاجئين». وأضافوا «أعرب المسؤولون عن قلقهم البالغ حيال مسار الأحداث الراهنة داخل سوريا».
وأشار رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الى ان أنقرة ترفض أي «مرحلة انتقالية لحل الأزمة التي تشهدها سوريا تفضي ببقاء الأسد في السلطة». وأعلن أن بلاده «ستبذل ما بوسعها من أجل تحقيق حل سياسي في سوريا، بشرط أن يقبل به الشعب السوري، بل ويقبل به اللاجئ السوري في ولاية شانلي أورفا (جنوب تركيا)، وإلا فنحن نرفض أي مرحلة انتقالية تفضي ببقاء الأسد».
الأردن وروسيا
 وأعلن لافروف ونظيره الاردني ناصر جودة، بعد اجتماع مشترك، توصل عسكريي البلدين إلى اتفاق بشأن التنسيق بينهما، بما في ذلك تنسيق الطلعات التي ينفذها سلاحا جو البلدين فوق الأراضي السورية، لكن الحكومة الأردنية سارعت إلى التأكيد أن الاتفاق مع روسيا لا يعني التخلي عن التحالف.
وكشف لافروف إن «هذا التنسيق سيُدار عبر آلية عمل سيتم استحداثها في عمان»، موضحاً أن موسكو وعمان واثقتان من ضرورة تكثيف الجهود في مكافحة تنظيم «داعش» بموازاة دفع العملية السياسية إلى الأمام.
وأشار إلى أن «العسكريين الروس والأردنيين اتفقوا على التنسيق في هذا المجال، انطلاقا من الاتفاق المبدئي في هذا الشأن بين الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين والأردني الملك عبد الله الثاني».
وقال «نرى أنه بإمكان الدول الأخرى التي تشارك في محاربة الإرهاب أن تنضم إلى هذه الآلية»، مؤكداً أن «روسيا تقيّم دور الأردن في تسوية الأزمة السورية، وتؤيد مشاركته في الجهود المشتركة في هذا المجال».
وقال جودة إن بلاده «تأمل في أن تكون آلية التنسيق بين العسكريين الروس والأردنيين فعالة في محاربة الإرهابيين بجميع ألوانهم»، مؤكداً أن «مشاركة الأردن في محاربة الإرهاب، تتطلب منها التنسيق الوثيق مع جميع الأطراف المعنية، نظرا للارتباط بين مصالح الأمن القومي للأردن والأحداث في سوريا المجاورة». وأمل بأن تكون آلية التنسيق هذه «فاعلة لمحاربة الإرهاب في سوريا وخارجها».
ودعا لافروف إلى «مضاعفة الجهود من أجل تسوية النزاع في سوريا». وقال «يركز موقفنا المشترك على ضرورة تكثيف الجهود بصورة ملحوظة من أجل إطلاق عملية سياسية للتسوية السورية على أساس بيان جنيف، ويعني ذلك بدء مفاوضات متكاملة بين ممثلي الحكومة السورية وجميع أطياف المعارضة السورية، بما في ذلك المعارضة الداخلية والخارجية على حد سواء، مع دعم مكثف من جانب المعنيين الدوليين لهذه العملية».

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...