دبلوماسية دمشق واستثمار الفرص الجديدة

28-08-2008

دبلوماسية دمشق واستثمار الفرص الجديدة

الجمل: تتميز الدبلوماسية السورية بالمجال الحيوي الجيو-سياسي الشديد التنوع والتعقيدات وذلك على النحو الذي جعل من السياسة الخارجية السورية لاعباً أساسياً في المسرح الدبلوماسي العالمي.
* المجال الجيو-سياسي الحيوي للسياسة الخارجية السورية:
تقاطعات الجغرافيا مع التاريخ العالمي أدت إلى إكساب سوريا أهمية متزايدة فهي:
• هيكلياً – بنائياً: تمثل نقطة التقاء قارات العالم الرئيسية إضافةً إلى ارتباطها بالممرات المائية والبرية والجوية الأكثر حيوية في العالم.
• إدراكياً – قيمياً: تمثل منطقة نشوء المذاهب الدينية الرئيسية التي أدت إلى تشكيل المعتقدات الدينية الإدراكية في العالم.
• تفاعلياً – سلوكياً: تمثل البؤرة التي تؤثر وتتأثر بمجريات الأحداث والوقائع وتداعياتها في كافة أرجاء المنطقة التي وصفها الاستراتيجيون بأن من يسيطر عليها فإنه يسيطر على العالم.
وعلى خلفية هذه الأبعاد والجوانب من الصعب تحديد المجال الجيو-سياسي الحيوي لحركية السياسة الخارجية السورية لأن هذا المجال يتميز بالمرونة والقابلية للتقلص والتمدد جغرافياً بشكل يتماثل مع تحولات وتبدلات علاقات التعاون والصراع في النظام الدولي والإقليمي.
* هل من نقلة جديدة في خطوط دبلوماسية سوريا؟
خلال الفترة الماضية برزت على المسرح الدبلوماسي السوري خطوط دمشق – طهران ودمشق – أنقرة ودمشق – موسكو ودمشق – باريس ودمشق – نيودلهي، واستطاعت دمشق أن تبرز كلاعب هام في هذا المسرح الفرعي الهام للسياسة الخارجية السورية.
خلال الفترة الماضية، وبسبب حركية السياسة الخارجية الأمريكية دارت مواجهة دبلوماسية على خط دمشق – واشنطن ترتب عليها تبني واشنطن لمعسكر المعتدلين العرب ليقوم بدور البروكسي الإقليمي الداعم لواشنطن في مواجهة خط دمشق – واشنطن ولكن بسبب الهزائم الكبيرة التي لحقت بالسياسة الخارجية الأمريكية فقد تراجع وزن معسكر المعتدلين العرب وتآكلت أجندته المتعلقة بإدارة الأزمة اللبنانية والأزمة الفلسطينية وأزمة الصراع العربي – الإسرائيلي، وهو أمر يشكل بلا شك فرصة سانحة لدمشق لكي تتقدم على خطوط دمشق – عمان ودمشق – القاهرة ودمشق – الرياض ودمشق – رام الله، لجهة تحقيق المزيد من الأهداف الجديدة التي يمكن أن يكون أبرزها:
• ملء الفراغ الذي أحدثه تراجع أجندة واشنطن.
• دفع الأطراف العربية باتجاه تبني جدول أعمال جديد يعزز التضامن والعمل العربي المشترك.
• تفعيل رئاسة سوريا للجامعة العربية.
• قطع الطريق أمام احتمالات عودة الأجندة الأمريكية للمنطقة.
الظروف المواتية الجديدة لتفعيل دبلوماسية دمشق على هذه الخطوط تتمثل ليس في تراجع وتآكل أجندة السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية وإنما أيضاً في انشغال القوى السياسية الأمريكية بهموم جدول أعمال المعركة الانتخابية الرئاسية الداخلية هذا وتؤكد المؤشرات السياسية الأمريكية الحالية إلى تراجع أهمية أجندة السياسة الخارجية في جدول أعمال الإدارة الأمريكية والتي أصبح رموزها أكثر انهماكاً في محاولة تعزيز شعبية المرشح الجمهوري جون ماكين.
* دمشق وخيار إعادة تفعيل جدول أعمال الدبلوماسية العربية:
تتميز ساحة العمل العربي المشترك بالكثير من التنوع والتعددية في الخيارات المتاحة لجهة تفعيل المسارات:
• على المسار الرسمي الحكومي العربي ما تزال برغم الخلافات الأبواب مفتوحة للتواصل والتفاهم وبناء الثوابت المشتركة.
• على المسار غير الرسمي (الدبلوماسية العامة) وبرغم الخلافات ما تزال القابلية متجددة لتفعيل دور المنظمات والاتحادات والجمعيات وتوظيفها لتقوم بدور الفاعل لجهة تعبئة الرأي العام العربي الذي ظل طوال الفترة الماضية معارضاً لتوجهات حلفاء واشنطن في المنطقة.
إن خبرة دبلوماسية دمشق والسياسة الخارجية السورية الكبيرة تتميز بالحيوية والانفتاح لجهة:
• القدرة على إدراك الآخر والانفتاح عليه.
• احتواء الصراعات وتهدئة الأزمات.
• امتلاك القوة الناعمة بسبب النفوذ الكبير الذي ظلت وما زالت تمارسه وتتمتع به دمشق في أوساط الرأي العام العربي وقد أكدت معطيات الخبرة أن الشارع المصري والأردني والسعودي يؤيد أجندة السياسة الخارجية السورية أكثر من تأييد أجندة السياسة الخارجية التي ظلت تتبناها حكوماته إزاء توجهات محور واشنطن – تل أبيب.
* دبلوماسية دمشق واستثمار الفرص الجديدة:
تقوم الحركية الدبلوماسية على أساس اعتبارات بذل جهود دبلوماسية المسار الأول والثاني والمسار متعدد الأطراف لجهة استثمار الفرص لأكبر ما يمكن وتقليل المخاطر لأقل ما يمكن. وحالياً فقد عادت مرة أخرى أشباح الحرب الباردة على خط موسكو – واشنطن وهي تجول في منطقة الشرقين الأوسط والأدنى. وعلى ما يبدو، فإن الكثير من الأسئلة الحرجة ستبرز خلال الأسابيع القادمة حول خيارات من يراهن على من وهل ستراهن الأطراف العربية على موسكو أم على واشنطن، ونفس هذه التساؤلات ستكون مطروحة في أروقة صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية الروسية والأمريكية وستتمحور جميعها في السؤال القائل على من ستراهن في منطقة الشرق الأوسط؟
ستكون إجابة واشنطن رهينة بإسرائيل باعتبارها تمثل الثابت وبحلفائها العرب باعتبارهم يمثلون المتغير، وعلى هذه الخلفية فإن رهان واشنطن سيكون أولاً على إسرائيل وثانياً على إسرائيل وثالثاً على الأطراف العربية ذات القابلية على تقديم التنازلات والتراجعات أمام المطامع الإسرائيلية التي لا تنتهي، فهل ستقبل الأطراف العربية بمشاركة دمشق في رهاناتها إزاء التمسك بالثوابت والحقوق المشروعة أم ستقبل هذه الأطراف بالرهان على تقديم التنازلات المتجددة لصالح محور واشنطن – تل أبيب؟

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...