المعلم إلى نيويورك واختراق عربي محتمل
يقوم نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السوري وليد المعلم بزيارة إلى نيويورك هذا الشهر، للمشاركة في نشاطات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية، والتي تتضمن إلقاء كلمة باسم سوريا، لكن مصادر ديبلوماسية في نيويورك قالت إن التحضيرات للزيارة التي تبدأ في الثلث الثالث من أيلول، قد تشهد اختراقات ديبلوماسية على المستويين العربي والإقليمي.
ويتضمن جدول مواعيد المعلم اللقاءات الاعتيادية التي تجري في كل زيارة من زيارات رئيس الديبلوماسية السورية خلال سنوات الأزمة الستّ حتى الآن، وقالت المصادر المُواكبة لتحضيرات الزيارة إن المعلم سيلتقي بوزراء خارجية دول مجموعة «البريكس» (روسيا، الصين، الهند، البرازيل، جنوب افريقيا)، وبعض نظرائه العرب كالعراقي والجزائري وسلطنة عمان، كما سيلتقي نظراءه التشيكي والقبرصي والنمساوي، علماً أن ثمة خططا أيضاً لجمعه مع وزراء أوروبيين آخرين، بينهم نظيره الايطالي.
وقالت مصادر أخرى إن اختراقاً لافتاً قد يجري على هذا المستوى، كون مصر أبدت «رغبة في رفع مستوى الاتصال الديبلوماسي» بين البلدين، وأن لقاء قد يعقد بين وزيري خارجية البلدين على هامش اجتماعات الجمعية.
ويُمكن أن يُشكّل اللقاء اختراقاً على المستوى العلني في علاقات الجانبين، باعتبار أن دمشق تصف علاقاتها بالقاهرة بـ «الطبيعية» وأحياناً بـ «الجيدة»، نتيجة قناعتها بأن العائق الرئيسي في تطوّر علاقات البلدين يكمن في الضغط السعودي لمنع أي تقارب من قبل القاهرة باتجاه دمشق، لا تُناقض سياستي العاصمتين.
وتستخدم السعودية الثقل المالي ذاته لمنع أي تحوّل نوعي في الموقف التركي باتجاه دمشق أيضاً، والذي أبرز مؤشرات عدة تُفيد بإعادة قراءة الأتراك لمصالحهم الاستراتيجية في المنطقة، وتحديداً عبر منظوري موسكو وطهران.
بدورهما، تسعى موسكو وطهران لتحسين ظروف ضخّ الدم في عروق العلاقة بين أنقرة ودمشق. وأخيراً، نجحت موسكو في الاستفادة من الفرصة التي أوجدتها خطة الأتراك للتدخل العسكري المباشر ضمن الأراضي السورية عبر عملية «درع الفرات»، فدعت الأتراك لمخاطبة دمشق رسمياً ومباشرة، قبل العملية. وبالفعل، أرسل الأتراك مذكرة رسمية يوم بدء عمليتهم العسكرية، في الرابع والعشرين من شهر آب، تؤكد «عدم وجود رغبة لدى الأتراك بالمساس بوحدة سوريا أو أي أطماع في الأراضي السورية».
وعلى الرغم من أن المذكرة ليست الأولى في ما يتعلّق بمراسلات الطرفين الرسمية عبر قنصلية سوريا في اسطنبول، والتي تتواصل مع الخارجية التركية «رسمياً، وباستمرار» بخصوص قضايا المياه المُعقّدة هي الأخرى في الشمال، إلا أن الجانب السوري نظر إليها من ضمن الإشارات التي تعكس عملياً ما يقوله رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم في مناسبات مُتكرّرة عن الرغبة بـ «علاقات طبيعية» مع سوريا.
ويعمل الروس والإيرانيون على حصول تقارب تركي سوري فعلي، يُمكن الإعلان عنه، وفقاً لمصادر في نيويورك، ومن ضمنها مساعٍ للقاء يجمع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بنظيره المعلم على هامش اجتماعات نيويورك، على الرغم من احتمالاته الضعيفة حتى اللحظة.
ويعتقد الديبلوماسيون في طهران وموسكو أن الفرصة مؤاتيه ليقول جاويش أوغلو لنظيره السوري مباشرة إن تركيا «لا تسعى لاحتلال أراضي سوريا أو الإخلال بوحدة البلاد الجغرافية»، فيما يُمكن لنظيره السوري أن يؤكد أن «سوريا لا تسعى لاستغلال طموحات الأكراد بالاستقلال بما يزعزع الاستقرار الإقليمي أكثر مستقبلاً».
صحيح أن هذا الاستقرار غير موجود حالياً، إلا أن حسابات موسكو وطهران تأتي في ظرف يعتقد الطرفان أنه بالإمكان استثماره، ولا سيما بعد نجاح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في إفشال «محاولة الانقلاب» التي جرت ضدّه، والتي يعتقد الزعيم التركي أن الغرب أيّدها.
وتعتمد استراتيجية حليفي دمشق على طمأنة الأتراك بخصوص «أُفق الدولة السورية تجاه القضية الكردية، والذي لا يتناقض مع التفكير التركي»، ولكن مع الاشارة إلى أن «ضعف الدولة القائم حالياً يفــرض تحالفات تكون على مضض»، كما يشرح الروس للأتراك مُجدداً «المصالح الاقتصادية المترتّبة على العلاقة بين موسكو وطهران من جهة، وعبر سوريا من جهة أخرى».
وتُبيّن المصادر السابقة، أن هذا يجري في «ظل ضغط الوقت قبل الانتخابات الأميركية»، وفي سياق «رفض أميركي وسعودي لأي تقارب يخلط الأوراق السياسية والميدانية معاً».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد