مهرجان بصرى وثقافة المهرجانات

24-08-2009

مهرجان بصرى وثقافة المهرجانات

اختتمت فعاليات مهرجان بصرى الدولي الحادي والعشرين بعروض متميزة لفرقة روسيا للفنون الشعبية، وفرقتي أدلب وأمية للفنون الشعبية من سورية. وقد حضر حفل الختام قرابة خمسة عشرة ألف متفرج غصت بهم مدرجات مسرح بصرى الأثري. حيث أكد الدكتور عجاج سليم مدير المهرجان ومدير المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة على الرسالة الثقافية والفنية لهذا المهرجان، وأهميتها في تكريس ثقافة الحوار، مضيفاً: أن الدورات القادمة للمهرجان سيتم تطويرها بزيادة المشاركات الفنية العربية والأجنبية فيها.
ربما يكون مهرجان بصرى للفنون الشعبية من أهم المهرجانات التي استمرت منذ عام 1978، حيث بدأ كل عامين مرة ثم أصبح سنوياً، وهو يغتني باستمرار بالأنشطة الموازية وعدد الفرق المشاركة ونوعيتها إضافة لتوزع النشاطات خارج إطار مدرج بصرى لتشمل عدداً من المواقع والمحافظات السورية. كقصر العظم في دمشق، ومديرية الثقافة في السويداء، وشاطئ المنارة في طرطوس، إضافة لمديرية الثقافة في اللاذقية، وهي خطوة جيدة، لكنها تفتقر أحياناً إلى توفير البنى التحتية لاستيعاب هذه الفرق ونشاطاتها كما حصل في مدينة السويداء، أو هي تفتقر عموماً إلى الدعاية والإعلان الذي يساهم بالترويج لهذه النشاطات والعروض الفنية.
سأتوقف مع هذه المسألة من خلال معايشتي لضعف الحضور والمتابعة في عروض شاطئ المنارة في مدينة طرطوس، وهي عروض جميلة ومجانية أيضاً، ونوعية بشكل عام لفرق: كنعان من فلسطين، روسيا، اسبانيا، بلجيكا، جورجيا، اليونان، الهند، إيطاليا، فرنسا، هولندا. وكم كانت خيبة أملنا ونحن نتابع فرقة جورجيا المؤلفة من 51 فناناً تقدم عرضاً مذهلاً لم يحضره أكثر من مئتين ونيف من المشاهدين، ومن خلال الاتصال الشخصي بالعديد من الفعاليات والأصدقاء نكتشف أنهم لم يعرفوا بوجود هذه التظاهرة.
إدارة المهرجان تقول: أنها وضعت ملصقات على مدخل منتجع المنارة، إضافة إلى الإعلان ضمن الشريط الإخباري المتحرك أسفل الشاشة في التلفزيون السوري، وهذا الشريط غالباً لا يتمتع بمتابعة كافية من قبل الجمهور العادي، بينما شاهدنا إعلانات على الفضائية السورية لمطربين من الدرجة العاشرة لمجرد مشاركتهم في مهرجان المحبة في اللاذقية، وهو مهرجان محلي، يعيش فترة تراجع على كل المستويات والنشاطات التي يتضمنها، بينما مهرجان بصرى يتألق من ثلاث سنوات، وهو مهرجان دولي يحظى بسمعة جيدة ولا يجد مساحة إعلانية له على الشاشات السورية.
الملاحظة الثانية التي تفقأ العين، أن مهرجان بصرى يقام برعاية مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة، وبالتالي هي ترعى كل الأنشطة الموازية في بقية المحافظات، مع ذلك لاحظنا غياب أي حضور لمديرية الثقافة في طرطوس، وللمسرح القومي فيها أيضاً، حتى أن أحد الأطفال الذين تحدثنا إليهم وهو مشارك ومتدرب في فرقة أرادوس للفنون الشعبية، استغرب أن الفرقة والمسؤولين عنها لا يتابعون هذه العروض المتميزة والتي هي من صلب اهتماماتهم.
كذلك الأمر مع فرقة الشبيبة في المحافظة، وأكثر من فرقة خاصة لم نعثر لهم على أي حضور. كأنهم جميعاً في هذه الفرق وفي المسرح القومي وفي مديرية الثقافة يتعاطون هذا النشاط بصفته نشاط ترعاه دولة أجنبية معادية، مع أنهم لم يفصحوا عن وجه العداء، وهو باعتقادي وجه كامن في الحسابات الشخصية وفي الغباء الذي يقود هذه المؤسسات التي تتوزع كإقطاعيات مستقلة ترفض أي تعاون أو تنسيق فيما بينها.
فإذا تركنا تلك المحافظات وعدنا إلى مدينة بصرى نكتشف أنها ما زالت تحتاج إلى الكثير من البنى التحتية التي تساعد في استعادتها كإحدى أقدم المدن المأهولة في العالم، وأهمها مشروع المنازل القديمة في بصرى، إضافة للفنادق والمطاعم الشعبية، إذ لا يستطيع كل زوار المدينة النزول في فندق بصرى الشام. لكن الأهم من كل هذا وذاك هو برنامج الترويج السياحي لهذه المدينة ولآثارها الأهم في المنطقة ككل، بدءاً من القلعة ومدرجها إلى الحمامات الرومانية ومعبد حوريات الماء مروراً بسوق المدينة الرئيسي وقصر تراجان وقوس النصر الرئيسي وسرير بنت الملك والكاتدرائية البيزنطية والباب النبطي، إضافة للآثار الإسلامية كالحمام الإسلامي، والجامع العمري ودير الراهب بحيرا أو جامع مبرك الناقة.
وأخيراً كانت لفتة كريمــــة أن يكرم مهرجان بصرى الدولي في دورته الـ 21 الفنان الراحل الدكتور مصطفى فتحي الذي برع في فن الطباعة والغرافـيك، بعد أن كرمته باريس كأحد أهم مئة في العالم، واستضافه معهد العالم العربي في باريس وأقام له معرضاً كبيراً، بينما يجهله الكثير من أبناء محافظته درعا.

أنور بدر

المصدر: القدس العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...