مؤتمر الرياض السوري : النتائج مرهونة بالمقدمات الناقصة

09-12-2015

مؤتمر الرياض السوري : النتائج مرهونة بالمقدمات الناقصة

وسط إجراءات أمنية استثنائية، واهداف ملتبسة بين المدعوين، وتناقضات في الرؤى والبرامج والولاءات السياسية والمالية والايديولوجية، تجمع العشرات ممن يصفهم المضيف السعودي بانهم من المعارضة السورية في احد الفنادق الفاخرة في العاصمة السعودية الرياض، وسط احتمالين يبدو كأن لا ثالث لهما: إما القبول بمواقف حددها المضيف السعودي مسبقا، او الخروج بفشل لا يكون مدويا، اذ ان الانفجار الشامل للاجتماع سيكون، غالبا، ممنوعا سعوديا.صورة مأخوذة عن شريط فيديو لوزارة الدفاع الروسية خلال اطلاق الغواصة الروسية صواريخ «كاليبر» باتجاه مواقع «داعش» في الرقة امس (ا ف ب)
ومع توافد عشرات الشخصيات من السياسيين المعارضين وقيادات ميليشيات مسلحة من داخل سوريا وخارجها، الى العاصمة السعودية، تعرض مؤتمر المعارضة قبيل انطلاق أعماله اليوم، إلى انتقادات لاذعة، حيث وصفه مصدر ديبلوماسي غربي بأنه يشبه «قائمة رغبات سعودية - تركية»، فيما أبدى رئيس «تيار قمح» المعارض هيثم مناع «تشاؤمه» من نجاحه، معتبراً انه سيكون «حقل ألغام وقنابل عنقودية، وكل عناصر الانفجار موجودة فيه».
كما أن المؤتمر، المطوق بحماية القوات الخاصة السعودية، يواجه احتمالات فشل اخرى. والى جانب دول اقليمية ودولية معترضة عليه، هناك قوى سورية معارضة رافضة له، وساهمت السعودية في رفع الاصوات ضدها بعدما استثنت منه السوريين الأكراد، القوة الاكثر فاعلية في مواجهة الارهاب في الشمال السوري، وهم عقدوا اجتماعاً موازياً في الحسكة. كما ارتكبت المملكة خطأ اخر كما يرى كثيرون، تمثل بدعوة مجموعات مسلحة تطالب بتطبيق «الشريعة الإسلامية» في سوريا، في انقلاب واضح على «بيان فيينا» الذي دعا إلى إقامة دولة علمانية.

وتبدو دعوة مثل هذه الجماعات التي ترفع شعار تطبيق الشريعة الاسلامية، وبينها من هو مرتبك او مقرب من تنظيم «القاعدة»، محاولة من المضيفين السعوديين لإغلاق الطريق أمام وضعها على لائحة الإرهاب. فرز «الارهابي» عن «المعتدل»، شرط وضعته موسكو قبل انعقاد المؤتمر الذي تطالب واشنطن بالتئامه في نيويورك في 18 كانون الأول الحالي.
واقر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في باريس، بأن العمل لا زال يجري على وضع تفاصيل تتعلق بتمثيل المعارضة السورية في المحادثات. وقال «اعتمادا على نتائج المؤتمر الذي تستضيفه السعودية للمعارضة السورية، إضافة إلى قضايا أخرى، فإننا نعتزم السعي لعقد اجتماع والمشاركة فيه في نيويورك في 18 كانون الأول الحالي. لكن مرة أخرى، ذلك يتوقف على سير الأحداث خلال الأسبوع المقبل. هذه هي خطتنا الحالية، ونأمل في أن نتمكن من تنفيذها».
وفي هذه الاجواء، استخدمت القوات الروسية، للمرة الأولى، الغواصات في قصف استهدف مواقع تنظيم «داعش» في سوريا. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، خلال اجتماع مع الرئيس فلاديمير بوتين، إن روسيا ضربت للمرة الأولى أهدافا لـ «داعش» في الرقة بصواريخ من نوع «كاليبر» أطلقت من غواصة في البحر المتوسط.
وأشار شويغو إلى انه تم إعلام إسرائيل والولايات المتحدة قبيل العملية. وأكد مسؤول أميركي انه تم إطلاق 10 صواريخ مجنحة من بحر قزوين وصاروخ واحد على الأقل من غواصة روسية في المتوسط.
وأشار بوتين، من جهته، إلى أنه يمكن تزويد صواريخ «كاليبر» برؤوس تقليدية وأخرى نووية، لكنه أعرب عن أمله بعدم «استخدام النووي أبدا ضد الارهاب».
وقال بوتين لشويغو إن روسيا يجب ألا تفتح مسجل بيانات رحلة الطائرة الروسية التي أسقطتها تركيا إلا في حضور خبراء دوليين، لكنه أكد تمسك موسكو بموقفها تجاه أنقرة. وقال «مهما كانت المعلومات التي سنعرفها، لن تغير علاقتنا إزاء ما فعلته السلطات التركية. لم تكن تركيا بالنسبة لنا دولة صديقة فحسب، وإنما كانت حليفة لنا في مكافحة الإرهاب، ولم يتوقع أحد قيامها بهذا الطعن الجبان الخائن في الظهر».
اجتماع الرياض
 وشددت قوات الأمن السعودية إجراءاتها الأمنية في فندق «انتركونتيننتال» بالرياض، حيث طلب من الصحافيين مغادرته بينما تجمع مقاتلو وقيادات المعارضة.
وكانت قائمة المدعوين لمحادثات الرياض تضم في البداية 65 شخصاً، ولكن طرأت زيادة كبيرة على هذا العدد. ويقول منتقدون إنها لن تؤدي في النهاية إلى اجتماع يشمل كل الأطياف، حيث انه لم يتم توجيه دعوة إلى الأكراد، كما انسحب «تيار قمح» منه. وسيكون «الائتلاف الوطني» صاحب الحصة الأكبر من الدعوات، مع قرابة 20 شخصا من أصل إجمالي المدعوين الذين يقارب عددهم المئة.
وبحسب مصادر معارضة وصحف سعودية، شملت الدعوة، إضافة إلى «الائتلاف»، «هيئة التنسيق الوطنية»، وشخصيات من «مؤتمر القاهرة» الذي يضم معارضين من الداخل والخارج. ومن بين المدعوين فصائل إسلامية، هي «جيش الإسلام»، و «أحرار الشام» التي ارتبط مؤسسوها بصلات بتنظيم «القاعدة». وتقاتل «أحرار الشام» إلى جانب «جبهة النصرة». ومن المقرر أن تحضر أيضا أكثر من 10 جماعات تقاتل تحت لواء «الجيش السوري الحر».
وقال ديبلوماسي غربي، يتابع الشأن السوري عن محادثات الرياض، «إنها ليست شاملة. ليس هذا المنبر الموحد الشامل للمعارضة». وأضاف «لا أتوقع أن تكون (محادثات) الرياض خطوة بناءة. اتسم الأمر برمته بالسلبية الشديدة، ويبدو مثل قائمة رغبات سعودية - تركية».
وأعلن مناع انسحابه من اجتماع الرياض، لأنه يضم أشخاصاً يؤيدون إقامة إمارة إسلامية. وأبدى «تشاؤمه» من نجاح مؤتمر الرياض، معتبراً انه سيكون «حقل ألغام وقنابل عنقودية، وكل عناصر الانفجار موجودة فيه».
ويهدف اجتماع الرياض للتوصل إلى جدول أعمال وفريق تفاوض مشترك من أجل المحادثات مع الحكومة السورية. وقالت عضو «الائتلاف» نغم الغادري إن «المعارضة لن تتراجع عن مطالبتها برحيل (الرئيس بشار) الأسد بمجرد إنشاء كيان انتقالي حاكم»، مشيرة إلى أن «المعارضة لا تقبل ببقائه خلال الفترة الانتقالية». وخفضت بعض الدول الغربية التي دعت لرحيل الأسد في العام 2011 من مطالبها، قائلة إنه يمكن أن يبقى خلال الفترة الانتقالية على الأقل.
وقال مصدر مشارك في اللقاءات التحضيرية، لوكالة «فرانس برس»، إن بنود البحث ستركز على «التوافق حول الحل السياسي وتشكيل وفد من المختصين يمثل الأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية والمجتمعية والقانونية، لموازاة وفد النظام» في لقاء ترغب الدول الكبرى بعقده بينهما بحلول الأول من كانون الثاني المقبل، مرجحاً أن يراوح عديد الوفد ما بين 20 و40 شخصا.
وأوضح المصدر أنه سيتم اليوم وغداً عقد جلسات متتابعة مدة كل منها ساعة ونصف الساعة، يديرها رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن صقر «كجهة مستقلة». وستبحث في اليوم الأول بنودا تشمل «الثوابت الوطنية للتسوية، مفهوم التسوية السياسية، العملية التفاوضية، والمرحلة الانتقالية»، على أن يركز اليوم الثاني على «الإرهاب، وقف إطلاق النار، وإعادة بناء سوريا». ويتوقع أن يصدر في نهاية المؤتمر بيان ختامي.
مؤتمر الأكراد
 وانتقد مشاركون في «مؤتمر سوريا الديموقراطية»، الذي ينظمه «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي، في مدينة المالكية في محافظة الحسكة، تغييب الأكراد عن اجتماع الرياض، معتبرين أن القوى الموجودة في الداخل هي «الأكثر جدارة» لوضع رؤية حول مستقبل النظام السياسي.
وقال العقيد طلال سلو، المتحدث باسم «قوات سوريا الديموقراطية»، وهي ائتلاف من فصائل عربية وكردية مدعومة أميركياً، «لسنا قوى وهمية على الأرض، ولهذا يجب أن تكون لنا الكلمة الأساسية في مستقبل سوريا»، مضيفا إن «عدم دعوتنا إلى مؤتمر الرياض مؤامرة».
وانعقد «مؤتمر سوريا الديموقراطية لقوى المعارضة» في يومه الأول بمشاركة «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي و «هيئة التنسيق الوطنية»، التي تشارك أيضاً في مؤتمر الرياض، و «تيار قمح»، الذي حضر عنه صالح اللبواني، بالإضافة إلى عدد من الأحزاب الكردية والسريانية والآشورية ومنظمات مدنية.
وقال احد منظمي المؤتمر نبراس دلول، المنتمي إلى تجمع «عهد الكرامة والحقوق» العربي، إن «مؤتمر الرياض يُستثنى منه مكون سوري كبير». وأعلن أن المشاركين في مؤتمر المالكية يجهزون أنفسهم «لأي عملية تفاوض، ونقوم بلملمة شتات المعارضة السورية المؤمنة بالحل السياسي والدولة المدنية الديموقراطية».
وسيدرس مؤتمر المالكية من جهته «بناء نظام ديموقراطي برلماني تعددي في دولة لامركزية» بالإضافة إلى الاعتراف الدستوري بحقوق الأقليات في سوريا.
وقال عضو قيادة «الحزب الأشوري في سوريا» وائل ميرزا إن «مشاركتنا في هذا المؤتمر للقول إن الحل في سوريا حل سياسي على الأرض السورية»، مشددا على أن «القوى التي دافعت عن الشعب والباقية على الأرض، هي الأكثر جدارة لحل الأزمة في سوريا من دون تدخل مصالح القوى الإقليمية».
تركيا
 وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن بلاده تصر على إقامة «مناطق آمنة» في شمال سوريا، والتنفيذ السريع لمقترحات بتدريب وتجهيز المعارضة السورية «المعتدلة». وأعلن اردوغان «وجود جوانب مشتركة بين تنظيم داعش والنظام السوري، وأنّهما يرتبطان مع بعضهما بعلاقات تجارية، عبر وسطاء يحملون الجنسيتين السورية والروسية».
وأعلن رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو أن أنقرة يمكنها «عند الضرورة أن تفرض عقوبات» على روسيا، ردا على العقوبات التي اتخذتها موسكو. وقال، أمام كتلة «حزب العدالة والتنمية» البرلمانية، إن «روسيا اتخذت عقوبات، وإذا رأينا انه ضروري فسنقرر حينها عقوبات».

وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...