جدول أعمال قمة دمشق الرباعية والملفات المطروحة للنقاش

02-09-2008

جدول أعمال قمة دمشق الرباعية والملفات المطروحة للنقاش

الجمل: سيكون انعقاد القمة الرباعية التي تضم سوريا، فرنسا، تركيا، قطر، الحدث الدبلوماسي الأكثر أهمية في منطقة الشرق الأوسط خلال هذه الفترة وذلك لجهة الخلفيات والتطورات المتوقعة وما يمكن أن يترتب عليها من تداعيات.
* ماذا تقول سردية قمة دمشق الرباعية؟
تشير المعلومات المعلنة إلى أن قمة دمشق الرباعية سيحضرها كل من:
• الرئيس السوري بشار الأسد
• الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي.
• رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
• أمير قطر الشيح حمد بن خليفة آل ثاني.
وتشير التقارير أيضاً إلى أن زيارة رئيس الوزراء التركي أردوغان كان يجب أن تتم في وقت سابق وقد تم تأجيلها لكي تتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي، هذا، وتجدر الإشارة إلى أن قمة رباعية سابقة تم عقدها وضمت كل من الرئيس بشار الأسد والرئيس ساركوزي وأمير قطر الشيخ حمد والرئيس اللبناني ميشال سليمان، وكان جدول أعمالها يتضمن التركيز على ملف علاقات سوريا ولبنان وملف علاقات سوريا وفرنسا.
* جدول أعمال القمة:
تقول التقارير والمعلومات بأن جدول أعمال قمة دمشق الرباعية سيتضمن التركيز على الآتي:
• ملف التطورات في الشرق الأوسط.
• ملف التعاون في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
• ملف الوضع السياسي في لبنان.
• ملف المحادثات السورية – الإسرائيلية.
إضافةً لذلك، فستتضمن زيارة الرؤساء الثلاثة إلى دمشق بعض جداول الأعمال الفرعية بكل منهم وعلى سبيل المثال لا الحصر، سيقوم الرئيس الفرنسي بالآتي:
• عقد اجتماعين مع الرئيس الأسد.
• افتتاح ثانوية شارل ديغول.
• عقد لقاء مع الجالية الفرنسية في سوريا.
أما بالنسبة لرئيس الوزراء التركي فقد صرح في العاصمة التركية أنقرة قائلاً بأنه سيذهب إلى دمشق في زيارة عمل ويتوقع أن تعود زيارته بالفائدة والمنفعة للبلدين.
* توقيت قمة دمشق الرباعية:
تنعقد قمة دمشق الرباعية في وقت تصاعدت فيه تطورات الأحداث والوقائع التي تنذر بأن حدوث بعض التحولات الكمية والنوعية في قوام البنيان الدولي قد أصبح أمراً لا مفر منه، خاصةً وأن الحرب الروسية – الجورجية وما أعقبها من نتائج وتداعيات قد أدت إلى خلخلة منظومة القيم التي ظل البنيان الدولي يرتكز عليها خلال الفترة الممتدة من انهيار الاتحاد السوفيتي إلى الآن، هذا، ويعتبر مفهوم القطبية الواحدة بقيادة أمريكا من أهم القيم التي تخلخلت بعد التشققات والتصدعات التي أحدثتها حرب جورجيا – روسيا مع ملاحظة أن هذه التصدعات بدأت بتأثير ضغوط المقاومة العراقية وهزيمة القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان عام2006م.
إضافةً لذلك، تنعقد قمة دمشق في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها العمل من أجل تعزيز وتفعيل حركة الاستقطاب بما يؤدي إلى تقوية معسكر الهيمنة الأمريكية في مواجهة روسيا التي بدت في نظر الإدارة الأمريكية وكأنها دولة مارقة يتوجب التصدي لها بحزم على غرار بقية الدول المارقة الأخرى.
* قمة دمشق ومعادلة توازنات المسرح الدبلوماسي الاستراتيجي العالمي:
التحليل الجهوي لعناصر ومكونات قمة دمشق الرباعية يشير إلى الآتي:
• هيكلياً – بنائياً: تتضمن القمة دولة أوروبية كبرى هي فرنسا ودولة شرق متوسطية إقليمية كبرى هي سوريا ودولة شرق أدنوية كبرى هي تركيا إضافةً إلى قطر ذات القيمة الاستراتيجية الفائقة الأهمية في الخليج العربي، لجهة دورها الدبلوماسي وروابطها الوثيقة مع الولايات المتحدة.
• قيمياً – إدراكياً: يتضمن محتوى القمة جدول أعمل يتعلق بالملفات الأكثر أهمية في المنطقة والعالم لأن:
- التفاهم حول التطورات الجارية في الشرق الأوسط يتم بين القوى السياسية الشرق أوسطية الرئيسية وتحديداً سوريا وتركيا إضافةً إلى وجود قوى دولية كفرنسا ولاعب أساسي كقطر.
- نجاح التعاون في منطقة البحر الأبيض المتوسط سيؤدي إلى تغيير الخارطة الجيو–سياسية للتحالفات الدولية وذلك لأن التوصل إلى صيغة تكتل تجمع بين دول شمال المتوسط (الاتحاد الأوروبي) وجنوبه (تركيا والدول العربية الموجودة شرق المتوسط وشمال إفريقيا) هي صيغة ستلعب دوراً هاماً في إعادة توجيه حركة النظام الدولي واستقطاباته الإقليمية والدولية.
- مصير الوضع السياسي اللبناني سيلعب دوراً هاماً في القضاء على الاختراقات وبؤر التوتر التي شهدها استقرار المنطقة واستقرار العلاقات الأوروبية – العربية.
- نجاح المحادثات السورية – الإسرائيلية سيؤدي إلى حل أحد العقد الرئيسية في الصراع العربي – الإسرائيلي إضافةً إلى انه سيساعد في التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي واللبناني – الإسرائيلي بما يفسح المجال ويتيح الفرصة لاستقرار الشرق الأوسط والقضاء على أخطر بؤر النزاع والتوتر التي ظلت تهدد الأمن والسلم الإقليمي والعالمي.
• تفاعلياً – سلوكياً: يعتبر انعقاد قمة دمشق الرباعية بمثابة أحد المؤشرات البارزة لجهة التقدم الذي أحرزته الدبلوماسية السورية ومدى قدرتها على الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة في المسرح الإقليمي الشرق أوسطي.
- استطاعت الدبلوماسية السورية فتح وتأمين خط دمشق – أنقرة الذي ظل طوال الحقب الماضية من الخطوط المغلقة إضافةً إلى أن تركيا كانت طوال الحقب الماضية تمثل مصدراً للخطر المحدق بالحدود الشمالية لسوريا، وحالياً نجحت الدبلوماسية السورية في تحويل العلاقات السورية – التركية من علاقات صراع إلى علاقات تعاون.
- استطاعت الدبلوماسية السورية إعادة فتح خط دمشق – باريس الذي ظل غير سالك طوال الفترة الممتدة من حرب صيف العام 2006 إلى لحظة توقيع اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيون وحالياً بدت فرنسا وهي أكثر استعداداً وانفتاحاً للتعاون الدبلوماسي مع سوريا في المنطقة.
- استطاعت الدبلوماسية السورية كسر الطوق الأمريكي الذي سعت واشنطن لتجميع ونظم أطرافه عن طريق تجمع المعتدلين العرب بما يؤدي إلى القضاء على روابط سوريا – الخليج العربي وتمثل نجاح الدبلوماسية السورية في تحفيز الدور القطري لجهة الإسهام بالوساطة والتفاعل الإيجابي المنفتح على حل قضايا المنطقة وعلى وجه الخصوص الجهود السورية – القطرية التي أدت إلى توقيع اتفاق الدوحة وحل أزمة انتخاب الرئيس وإعادة تشكيل الحكومة اللبنانية.
- استطاعت الدبلوماسية السورية توجيه ضربة كبيرة للدبلوماسية الأمريكية عندما اضطرت واشنطن لابتلاع إهانة قيام تل أبيب بالدخول في المحادثات غير المباشرة مع دمشق رغماً عن موقف إدارة بوش الذي ظل يطالب إسرائيل بضرورة عدم الدخول في تفاهمات أو محادثات مع سوريا.
البعد التفاعلي – السلوكي الذي سيترتب على القمة يمكن أن تترتب عليه الكثير من المزايا الإيجابية ومن الممكن الإشارة على سبيل المثال لا الحصر إلى الآتي:
مشاركة باريس في قمة دمشق الرباعية ستفسح المجال أمام احتمالات دخول باريس على خط المحادثات السورية – الإسرائيلية وهو أمر قد يؤدي حدوثه إلى نشوء مفهوم سلام فرنسي جديد يختلف عن مفهوم السلام الأمريكي إزاء الشرق الأوسط ومن غير المستبعد أن تقوم فرنسا في وقت لاحق بعد قمة دمشق بتعيين مبعوث فرنسي للسلام وإرساله للشرق الأوسط، وهو أمر لو حدث ستكون له أكثر من دلالة لأنه على الأقل سيؤدي إلى كسر احتكار واشنطن لدبلوماسية سلام الشرق الأوسط إضافةً إلى الكشف فعن حقيقة الدور المتواطئ الذي ظل يقوم به مبعوث سلام اللجنة الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط طوني بلير. فإن تفعيل قمة دمشق الرباعية باتجاه إطلاق شرارة مفهوم السلام الفرنسي سيلعب دوراً في تعزيز الإدراك الاستراتيجي ليس السوري – الفرنسي وإنما العربي – الفرنسي، وذلك ببساطة لأن العلاقات على خط باريس – تل أبيب ليست على غرار نموذج علاقات خط واشنطن – تل أبيب فباريس حتى الآن لم تدخل في تحالفات غير متوازنة مع تل أبيب على النحو الذي يمكن أن يورطها كما تورطت واشنطن على خلفية الاتفاقيات التي جعلت إسرائيل تفرض على أمريكا الالتزام المطلق بحمايتها والدفاع عنها ظالمة أو مظلومة. كذلك يمكن أن يشكل اجتماع أنقرة – باريس على طاولة قمة دمشق الرباعية خلفية حقيقية لتفاهم تركي – فرنسي حقيقي حول قضايا:
- التعاون المتوسطي.
- الاستقرار في الشرق الأوسط.
وبالتأكيد فإن التفاهم التركي – الفرنسي على طاولات قمة دمشق يفسح المجال أمام تفاهم خط أنقرة – باريس في المراحل اللاحقة وعلى وجه الخصوص في القضايا المتعلقة بإزالة التوتر في العلاقات التركية – الفرنسية حول موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولما كانت قمة دمشق الرباعية ستنظر إلى ملفات التعاون المتوسطي والتطورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط، ولما كانت جزيرة قبرص تقع جهوياً ضمن المجال الجيو-سياسي الشرق متوسطي والشرق أوسطي فإن من الممكن أن تتطرق القمة لملف الأزمة القبرصية بما يتيح المجال بأمام أنقرة للتفاهم مع دمشق وباريس حول هذه الأزمة، وهو أمر سيتيح للدبلوماسية السورية الاضطلاع بالمزيد من المهام التي يمكن أن تعزز قوة ومصداقيتها الدبلوماسية الشرق أوسطية إذا تم توافق تركي – فرنسي على إعطاء سوريا دوراً في حل الأزمة القبرصية وهو دور يمكن أن تكون سوريا مؤهلة للقيام به لعدة أسباب:
- إن سوريا تعتبر بلداً مجاوراً لجزيرة قبرص.
- إن سوريا ظلت تحتفظ بالحياد الإيجابي والعلاقات الطيبة مع أطراف الأزمة القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين.
- إن سوريا ظلت تحتفظ بالحياد الإيجابي والعلاقات الطيبة مع أنقرة وأثينا.
على الأغلب أن تتناول القمة بعض الملفات الأخرى والتي قد يكون من أبرزها تعزيز وساطة سوريا على خط دمشق – طهران عن طريق التفاهم حول إمكانية تنسيق خط أنقرة – طهران وباريس – طهران وإدماجها ضمن جهد رئيسي موحد ييتم على خط دمشق – طهران خاصة وأن سوريا هي أكثر بلدان المنطقة لجهة الروابط والتفاهم المشترك مع إيران.
تقول التسريبات التركية بأن أنقرة بعد إكمالها للمراحل التمهيدية المتعلقة بإقامة تحالف استراتيجي تركي – عراقي، تحاول حالياً التقدم جنوباً لجهة الوصول إلى مياد الخليج وبناء تحالف استراتيجي تركي – خليجي وعلى هذه الخلفية فإن وجود رئيس الوزراء التركي وأمير قطر في قمة دمشق سيتيح المجال أمام أنقرة للمضي قدماً في مشروع إدماج تركيا ضمن بيئتها الإقليمية الشرق أوسطية مع وجود سوريا التي ستلعب دور الممر الاستراتيجي بالجيو-سياسي الحيوي لأي علاقات تركية – عربية حالية أو محتملة.
هذا، وبالنسبة لمحاولات الالتفاف على قمة دمشق الرباعية فإنه يمكن أن تأتي من جانب محور تل أبيب – واشنطن وعلى الأغلب أن:
• تواجه فرنسا الضغوط على خط باريس – واشنطن الموجود ضمن علاقات عبر الأطلنطي.
• تواجه فرنسا الضغوط على خط باريس – تل أبيب.
• تواجه قطر الضغوط على خط قطر – واشنطن.
• تواجه تركيا الضغوط على خط أنقرة – تل أبيب.
• تواجه تركيا الضغوط على خط أنقرة – واشنطن.
وستكون سخرية القدر أمام واشنطن لأنها لن تستطيع الضغط على دمشق لأن واشنطن بالأساس قد أحرقت الكرت الذي يمكن أن تضغط به واشنطن وذلك على النحو الذي أدى إلى جعل سوريا لاعب شرق أوسطي حر الحركة غير مقيد لا بالضغوط ولا بالشروط.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...