الجيّد في..ما لا يعرفه عبد الستار السيد

10-12-2020

الجيّد في..ما لا يعرفه عبد الستار السيد

 

غسان الشامي

معه حق السيد عبد الستار السيد أن لا يعرف تاريخ بلاده، سورية ، لأن التاريخ عنده بدأ قبل أربعة عشر قرناً وتم شطب كل الثمانية آلاف وستمئة عام قبله، ولذلك يقرأ التاريخ باستنسابية قلَّ نظيرها وكثُرَ سعيرها، حتى أنه يتغاضى عن احتلال عثماني دام أربعة قرون من التخلف والجهل وتدمير الهوية، ويبقي بين يديه من تاريخ سورية الذي يعرفه ألفية واحدة فقط لا غير.

هذا ليس مستغرباً ، فعلى ما يبدو أن الوزير لا يعرف تاريخ مدينته طرطوس، أو أنه ظن أن اسمها آت من قبيلة "الطراطشة" ولذلك لا بد من وخز معرفته وذاكرته لعلَّ الذكرى تنفع المؤمنين، والقول له إن هذه المدينة لم تكن عربية أبداً، فاسمها جاء من " أنتراذوس" أي مقابل " "أراذوس"، وتعني مقابل أرواد التي كانت مملكة فرضت هيمنتها على معظم مدن الساحل، وكانت المدينة مستعمرة وميناء لها ، ودعيت عند الفرنجة طرطوزا ثم رسى الاسم العربي المحوّر من الفرنجة "الملاعين" على طرطوس.

يقول كتاب أطلس سورية السياحي الذي أصدرته وزارة السياحة السورية عام 1989 عن طرطوس، وأدعو الوزير السيد لقراءته كي يتعرف أولاً على مسقط رأسه" طُبع الجزء القديم منها(طرطوس) بالعمارة والحضارة  الفينيقية وإن كانت الآثار المبنية المرئية لا تعود لأكثر من العهد الروماني البيزنطي، ويرتبط دورها الكنعاني- الفينيقي- الآرامي بجزيرة أرواد المتاخمة لشواطئها منذ بداية الألف الثاني قبل الميلاد ، وصارت أحد الموانىء الفينيقية في الألف الأول...وتضم كنيسة مكرّسة لمريم العذراء ، كما تشهد الكاتدرائية الشهيرة فيها بالإضافة إلى قلعتها على الأهمية التي اكتسبتها المدينة في العصر المسيحي والبيزنطي والعربي"  (انتهى الاقتباس)، وقد احتلها العرب في عهد الخليفة عثمان خلال ولاية معاوية على الشام.

أما هذه الكاتدرائية على اسم مريم، وهو اسم آرامي سرياني، التي باتت متحفاً، فلها تاريخ طويل وعريق وجاء في التقليد المسيحي أن فيها أول مذبح للعذراء مريم بناه بطرس الرسول وهو في الطريق إلى أنطاكية، وكانت العذراء ما تزال على قيد الحياة..وهي تعود بشكلها الحالي للفرنجة أيضاً، والادريسي يصفها .

احتلها ملك قبرص بطرس الأول عام 1367 ونقل أبوابها  وأحرقها، وعندما غزا المدينة بعد عامين الملك فماغوستا خربها وخبى ذكرها، وبالمناسبة يذكر المؤرخون بقاء  الفرنجة الفقراء الذين لم يستطيعوا دفع بدل ركوب السفن في المدينة، مثلما حصل في اللاذقية وطرابلس وصيدا صور  ، وقد أشهروا  إسلامهم.

زيادة في المعلومات تحولت الكاتدرائية (680 متراً مربعاً) إلى مستودع واسطبل(!!) خلال الحكم العثماني في النصف الثاني من القرن السابع عشر، ثم إلى مسجد عام 1851 وبعدها باتت معسكراً لجيشهم ، وجعلها الفرنسيون ملجأ عام 1920 وبعد عام باتت مستودعاً لأدوات المواصلات وبدأ ترميمها بعد أن ألحقت بمصلحة الآثار عام 1922 وانتهى الترميم عام 1956 وأضحت متحفاً.

لكن وجراء عدم سماع الوزير السيد بأمة سورية، ومد يده إلى التاريخ الاجتماعي والسياسي لهذه البلاد ، لا بد من استكمال الإضاءات على الذاكرة التاريخية المثقوبة والاستنسابية للذين يرون التاريخ بعين واحدة.

المشكلة الحقيقية تكمن في العقل الإلغائي من خلال حصر حضارتنا وثقافتنا بمئات السنوات، وغض النظر عن الآلاف منها..الآلاف التي يبجّلها علماء التاريخ والآثار في العالم، ويتجاهلها أصحاب الأغراض في هذه البلاد ، مع أن بعضهم يردد  أن سورية مهد الحضارات ثم يشطبها من قاموسه كرمى الرؤى الدينية .

إليكَ آراء بعض العلماء:

*يقول تشارلز ريدمان إن أولى التجمعات البشرية المستقرة وأولى القرى في السهول المفتوحة قامت في فلسطين ووادي الأردن خلال الألف العاشر ق.م، وإن الثورتين النيولتية والمدينية قد حدثتا لأول مرة بتاريخ البشرية في منطقة الشرق الأدنى القديم (سورية).*يشير جيمس ميلار إلى أن أولى  التجارب الزراعية تمت من جنوب حلب إلى صحراء سيناء ،والأولوية كانت لـ ( تل المريبط ) على الفرات و(أريحا ) في نهاية الألف التاسع وبداية الألف الثامن(سورية).


*يورد جاك كوفان، وقد عمل في سورية وترجم له مدير الآثار السوري سابقاً سلطان محيسن "أن الدلائل تشير أن هذه التحولات الكبرى التي شكلت القاعدة الصلبة لحضارتنا المدنية تمّت في الشرق الأدنى القديم قبل أن تتم في أي مكان على الكرة الأرضية"،وإن القرى الصغيرة شبه المستقرة، التي يسكنها بين 50- 250 انتشرت وكشف 13 موقعا منها بين جنوب دمشق ونهايات صحراء النقب، وأن أول ظهور للزراعة حصل في سهول سورية الداخلية وسفوح زاغروس الغربية ومدت التجارة خطوطها حتى الأناضول في سورية الشمالية، وفي 6500 ق.م ظهرت مستوطنة شتال حيوك جنوب الأناضول، وهي قريبة الشبه بالمدن السومرية التي ظهرت بعد 3500 سنة في بلاد الرافدين بمعابدها وعمارتها وتماثيلها.إمعاناً في التذكير ، فإنه منذ بداية الألف السادس ق .م بدأ العصر الفخاري، وأنجبت حضارة تل حلف على ينابيع الخابور قرب رأس العين ،الترجمة العربية لكلمة (راشعينا) السريانية ، قبل محاولة تكريدها بـ "سري كانيه" للعالم فناً تمثل بالفخاريات والنحت والعمارة والحياكة وتقنيات الزراعة والتعدين وبانتهائها عام 4500 ق.م، تنتهي الثقافة النيوليتية. 

أما حضارة إيبلا العائدة الى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وسكنها الأموريون والحوريون فكانت مستقلة وقوية ومزدهرة وبسطت نفوذها من الأناضول إلى سيناء ومن الفرات حتى المتوسط (سورية) وأقامت علاقات تجارية ودبلوماسية مع محيطها وكشفت عن لغتها الإيبلائية، قالبة مفاهيم المؤرخين بأن أكاد هي أقدم إمبراطوريات المنطقة، وعرفت مفهوم الدولة، حيث كان الملك رأسها والمسؤول عن السياسة الداخلية والخارجية والإدارة والقضاء ، يعاونه مجلس للشيوخ مهمته مراقبة ممارسات الملك للسلطة، فيما كانت الملكة تشرف على مصانع الغزل والنسيج وتنظيم الزراعة وعائداتها، وكان فيها بعض الفصل للدين عن الدولة، ولو كان السيد في الزمن الإبلائي قبل خمسة آلاف عام لمنع من التحدث في السياسة.

على البحر  السوري- هل شاهدت يوماً ما خريطة غربية تسمّي البحر الأبيض المتوسط بالبحر السوري؟!-  ظهر الكنعانيون منذ  نهاية الألف الثالث ق.م، متواقتين مع أقربائهم الآموريين، وأقاموا مدنهم، التي باتت دولاً/مدناً بين البحر المتوسط في الغرب والجبال في الشرق، من خليج الإسكندرونة  إلى غزة ورفح، وأهمها جبيل وصيدا وصور وأوغاريت وأرواد وطرابلس(سورية)، وكان لكل مدينة كيان سياسي مستقل وحكومة خاصة، ويديرها ملوك يتوارثون الحكم وقد يكونون من الكهنة، ومجلس شيوخ من رجالات المدينة والتجار. 

يرى المؤرخ فيلون الجبيلي أن الكنعانيين أصليون في الساحل، ويخالفه المؤرخ اليوناني هيرودوت بأنهم من الساحل الأرتيري، ويقول سترابون إنهم من الخليج ، وقد مارسوا التجارة العالمية وتسيّدوا المتوسط، وأنجبوا للعالم الأبجدية المؤلفة من اثنين وعشرين حرفاً في القرن الخامس عشر ق. م ، وانتصر بها الحرف الكنعاني على جميع ما سبقه، فأخذه الآراميون وطوَّروه ، وعرفوا الشكل البدائي للتوحيد عبر عبادة الإله إيل، والسيد لقب من ألقابه، وانتشر الآراميون وسط وشمال سوريا وشمال غرب العراق وأنشأوا ممالكهم بين دجلة والفرات، وبين تدمر وجبل البشري وتل حلف في الجزيرة الفراتية وحتى جبال الأمانوس والساحل السوري وفي حلب وحوض العاصي وسهل البقاع وحرمون، وطبريا ودمشق وفي حوضي بردى والأعوج وسفوح قاسيون وغوطة دمشق(سورية)، وطوروا الكنعانية وباتت لغتهم لغة العالم القديم واستخدمتها فارس كلغة رسمية وتكلّم السيد المسيح بها ، ..المسيح الذي ورد في الإنجيل قبل ألفي عام أن " خبره ذاع في جميع سورية " وليس في ربعها أو نصفها، ودعيت البلاد التي سكنوها بلاد آرام، قبل أن تأخذ اسم سورية في القرن الرابع ق.م.

اسمها سورية، نعم ، ..من الآشوريين أو السريان ما همّ ولكن هذا هو اسمها إينما ذهبت في جامعات العالم.. هذا هو اسمها ، ولذلك ولإحقاق الحق واستقامة التاريخ يتوجب إعادة الاعتبار للشخصية الوطنية السورية المتكئة على العروبة الحضارية لا الدينية أو العرقية أو العاطفية أو الوهمية الأعرابية ، كي يكتمل مشهد الانتماء الحضاري، فهذا الاسم باهر قبل أن يعرّب التاريخ أو يؤسلم حسب الهوى.

وزيادة في وخز الذاكرة فإنه بعد السيد المسيح بقرنين قام سسبتيموس ساويروس زوج الحمصية جوليا دومنا بتقسيم سورية بين 195 و198 للميلاد إلى ولايتين، وعدّل خريطتها  الامبراطور ديوكليسيانوس عام 295 م، ضع أمامك خريطة المنطقة وتمعّن:

1- سورية الأولى وعاصمتها أنطاكية، تتبع لها حلب وسورية الفراتية (أفراتيسيا ) ثم الأوسروين( الرها)..وما أدراك ما الرها.

2- سورية الثانية ( secunda) أوالمجوفة أو شيلي سيريا ( coele syria) وعاصمتها غالباً أفاميا وأحيانا إيميسيا (حمص).

3-  سورية الفينيقية أو (فينيقيا اللبنانية- ليفانيسيا) وعاصمتها دمشق..تصوّر أن ليفانيسيا عاصمتها دمشق ، وهل تتذكر (آرام دمشق)!؟.

4- فينيقيا الساحلية وعاصمتها صور ، كما قسمت فلسطين فيما بعد 363 م إلى ثلاثة ، أما إقليم العربية أو الحورانية (أورينتس) فقد كانت عاصمتاه البتراء وبصرى الشام..ومجموع هذه السوريات خلال العصر الروماني كان اسمه (syria magna) أو سورية الكبرى،..نعم سورية الكبرى، ..إياك والوجل ، إنه تعبير تاريخي جيوسياسي اجتماعي منذ قرابة ألفين وأربعمئة عام، فالعربية(أورينتس) إقليم في سورية، قصده بولس الرسول للعلم ،وليست شبه جزيرة العرب، وموقعه بين بترا وبصرى وفيلادلفيا (عمان) ، أو ما سُمي (الديكا بوليس) ، أي المدن العشر ، أما القبائل من تدامرة وتغلب وقضاعة ولخم وجذام وكلب وبكر  وغسان فهي قبائل الأرض السورية. أما الحضور العربي في هذه (السيريا ماغنا) فتم عبر زمان طويل.

إنها سورية المظلومة التي لم نعرفها ولم نعطها حقها ، واكتفى البعض بترداد ممل أن لكل إنسان في العالم وطنان وطنه الأول وسورية، وهذا أيضاً اعتراف بالوطن السوري .

يقول هوارد كروسبي باتلر رئيس بعثات تنقيب جامعة برينستون الذي قارب الأرض السورية من الحورانية إلى المدن الميتة ووصفها، وحتى اللحظة لم تترجم البحوث العظيمة التي تركها والعائدة إلى 115 عاماً مضت: " يمكن القول إن نهضة في الفن والهندسة أحدثها هؤلاء المهندسون السوريون في القرنين الخامس والسادس، مظهرين درجة بارزة من الاستقلال تجاه أي تأثير من عاصمة السلطة البيزنطية" .

يضيف" من دون ريب فإن شعب هذه البلاد معظمه من الآراميين، فالفن المحلي الذي لم يترك له المجال للظهور خلال النفوذ اليوناني والروماني ..هذا التأكيد للوطنية الآرامية الذي عززه وصول الكنيسة فجأة إلى سدّة السلطة وحال دون انحطاط الهندسة في سورية الشمالية...والهندسة الكلاسيكية التي لقحها بحياة جديدة وصهرها في قوالب جديدة شعب بثَّ فيه العنفوان الوطني إلهاماً جديداً"..كل هذا في المدن التي باتت الآن ميتة في إدلب وحلب وشمال حماه ، وجميع أسمائها آرامية سريانية كما معظم المدن والقرى السورية.

معالي السيد، لوقيانوس السميساطي كان يسمي بلاده بافتخار.. سورية، وسلوقس جعل عاصمة سورية أنطاكيا، على اسم والده وليس على اسم الربع الخالي، وحين رحل هرقل مهزوماً عبر البوابات الكيليكية قال:" وداعا يا سورية..وداعا يا إقليمي الجميل"، ومن هزمه سوى وقوف أهل سورية من السريان الذين فتحوا دمشق للعرب ؟..وبابنيان، الحقوقي العظيم، وشهيد العدالة الذي ينتصب تمثاله أمام قصر العدل في روما.. حمل سورية معه أيضاً.

سورية التي لم تسمع بأنها أمة قدمت الحرف والتوحيد الأول والعمارة والمجذاف والخزف والدولاب والدبلوماسية والأم الكبرى والقانون المالي التدمري الشهير .

هذه السورية يجب أن تسألك أن تسأل نفسك وكتب التاريخ الرسمي بماذا خالد بن الوليد أهم من السوري هانيبعل ،أعظم نابغة حربي ؟، ولماذا معاوية أهم من الملك برحدد الآرامي الدمشقي أو نعمان الملك أو ملوك إيبلا وماري؟ ، أو لماذا الغزالي أهم من زينون الرواقي ؟، ولماذا لا تعود حقوق أبولودوروس الدمشقي، أحد أهم مهندسي الحضارات،  وجوليا دومنا وجوليا ماييسا ولونجينوس وإيلوغابال(إله الجبل)، وأدايوس السوري الذي سيّر المراكب من أوروبا إلى بلاده؟ وباباوات روما السوريين من إيفاريستوس إلى أنقيطس الحمصي إلى سيزينوس الصوري؟ والمعماريون المهندسون مثل تيرانيو الحمصي ومرقيانوس كيريس وجوليانوس، والقديس الضابط سرجيوس، والرصافة مدينته، وهو شفيع تغلب وغسان،  ومارون وسمعان واليان وصفرونيوس ويوحنا الدمشقي ويوحنا فم الذهب؟. . إذا فتحنا خزائن التاريخ أي ممن أتى بعد هؤلاء أكثر إبداعاً وشهرة منهم؟!.

إن الدولة الأموية في دمشق لم تصمد أكثر من تسعين سنة، خمسون منها احترابات ، فيما بقيت دمشق عاصمة آرامية طيلة 500 عام.

في السياسة ، يمكن لأصحاب الأغراض الخصوصية إنكار التاريخ القديم لكن قبل مئة عام ، أي قبل 12 عاماً من تأسيس أنطون سعادة الحزب السوري القومي الاجتماعي وقوله إن الأمة السورية أمة تامة خرجت جريدة دمشق الرسمية وعلى صفحتها الأولى {المؤتمر السوري العام الممثل للأمة السورية}، وكان في المؤتمر الذي يعد بمثابة برلمان شخصيات كابراهيم هنانو وسعدالله الجابري ومحمد رشيد رضا وهاشم الأتاسي ورفيق التميمي ويوسف الحكيم وغيرهم.. هل نذكرك بجنسيات هؤلاء؟!.أم نذكرك بأن المعلم بطرس البستاني أسس جريدة " نفير سورية" عام 1860، أو قول جبران خليل جبران قبل مئة عام " أخي السوري أنت مصلوب على صدري"، كما يصلبه الآن الإرهاب والتكفير.

بعد هذه الحرب الهمجية بلبوساتها الكولونيالية والدينية والتعصبية والتكفيرية يجب تسمية الأمور بأسمائها، والإشارة باللسان والبنان إلى الحقائق، والتوقف عن إخصاء وقائع التاريخ وانتقاء البطولات غب الطلب ، وعدم الانجرار إلى الإلغاء وخصخصة التاريخ والبطولة حتى لا يذهب المجتمع إلى انعزاليات ثقافية قاتلة .

يجب أن تعرف أيها السيد أن تاريخنا ليس عربياً فقط أو إسلامياً فقط، والعرب ليسوا القادمين من شبه جزيرة العرب فقط، والإسلام كما نشهده ليس إسلاماً واحداً بل "إسلامات"، منه العثماني ومنه الوهابي والأندونيسي والماليزي والباكستاني والأفغاني، وحتى القطري (!!!) ، وعلينا أن نضعه على طاولة النص الأصلي لنقاربه، ومناقشة أشخاصه التاريخيين انطلاقاً من أفعالهم حسب مقياس النص نفسه في بعده الأخلاقي، وعلينا الخروج من خيمة عنترة وعبلة والكرّ والحلب والصرّ وعيّاض وحمزة البهلوان ، ومن عمرو بن العاص والحجاج بن يوسف ، ومن البسوس وداحس والغبراء ومن قطز وبيبرس ونور الدين زنكي والسلطان سليم  .وتاريخنا ليس مسيحياً فقط، بل يمتد إلى ما قبل ابن مريم بثمانية آلاف عام ، ولذلك نحن نتاج معقد من الاجتماع والتاريخ والدين.. علينا تحطيم أصنام تمر التاريخ، وإعادة لملمة النوى ، على قاعدة الفعل الأخلاقي والإنساني، لنصل إلى تلمّس مستقبل لا يتحكم به زعران التاريخ ومن يكفّرون الناس ويحرقون الكتب ويمحون العقل ويأكلون الأكباد نيئة.

من أخذك إلى هذه الخطبة غيرالعصماء ولماذا تستعدي كل من لا يؤمن بما تؤمن..أي شعرة تركت بينك وبين الآشوريين والكلدان والسريان والأرمن والكرد والأزيديين والعلمانيين. ؟! 
أي وجه قدمت لمن استشهد وما يزال على استعداد للشهادة من أجل سورية الوطن بعيداً عن الدين والطائفة ؟!
كيف تقابل أبناء بلدك وسوريا الأم ممن يؤمنون بالأمة السورية وبفكر الشهيد أنطون سعادة وسناء محيدلي وخالد علوان وخالد أزرق وأدونيس نصر والناطرون على درب الشهادة وما بدّلوا تبديلا؟!وما الفرق بين إنكارك وإنكار الإنعزال اللبناني ؟!.

ألم تتذكر عندما أجبر صدام حسين الآشوريين على إلغاء هويتهم وكتابة عربي بدلاً منها، كيف غادر  هؤلاء العراق...؟!

إن كانت هذه بلادك وحدك ومن هم مثلك ، وهي ليست كذلك ، فإن الطامة كبرى.

الربوة- المتن 10/12/2020

ملاحظة: أي تعليق خارج العلم والتاريخ يشطب.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...