اللعبة المصرية على الساحة اللبنانية وتصريحات أبو الغيط الاستباقية

27-07-2010

اللعبة المصرية على الساحة اللبنانية وتصريحات أبو الغيط الاستباقية

الجمل: سوف تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية يوم غد الأربعاء "28"تموز (يوليو) 2010م, انعقاد القمة الثنائية المصرية – السعودية, وفي هذا الخصوص أكدت المصادر الدبلوماسية المصرية الرفيعة المستوى بأن هذه القمة سوف تكون مخصصة للتفاهم والنقاش حول أزمة الملف اللبناني: فما هي أهمية قمة شرم الشيخ بالنسبة للملف اللبناني, وما هو المسار الذي سوف تسعى شرم الشيخ إلى دفع الملف اللبناني باتجاهه؟

- قمة شرم الشيخ المصرية – السعودية: إشكالية تصريحات أبو الغيط الإستباقية
قبل فترة عقد مجلس المخابرات الأمريكي ورشة عمل ركزت على مناقشة مدى أهمية علاقات واشنطن مع كل من أطراف مثلث القاهرة – عمان – الرياض, وذلك  لجهة التواصل إلى تحديد من هو الطرف الذي يصلح ليكون بمثابة الحليف الرئيسي لأمريكا في المنطقة, وعلى خلفية المناقشات التي دارت أجمع الخبراء الموجودين على اختيار الرياض.
أما على أساس الاعتبارات الشرق أوسطية الميدانية, فقد ظلت القاهرة أكثر اهتماماً لجهة القيام بدور الطرف الثالث النشط في المنطقة, ومحاولة الظهور بمظهر حليف واشنطن الرئيسي الذي يقوم بدور "البروكسي" الأمريكي في المنطقة, ولم تكتف القاهرة بذلك, وإنما سعت إلى:
     - محاولة منافسة الدور التركي في المنطقة, برغم الفارق الكبير بين القاهرة وأنقرة.
      - محاولة إعاقة القدرات الإيرانية وتقويض روابط طهران مع دول المنطقة.
      - السعي لجهة القيام بأعمال "الوصاية" على الملف اللبناني, والملف الفلسطيني.
تحدث اليوم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط مطلقاً المزيد من التصريحات "النارية", وهو في العاصمة الأوغندية كمبالا ضمن فعاليات دورة قمة الإتحاد الإفريقي, قائلاً بأن قمة شرم الشيخ المصرية – السعودية سوف تكون مكرسة للملف اللبناني, وحذر من المساس بملف المحكمة الدولية, قائلاً بأنه من غير الممكن القيام بأي شيء تجاه المحكمة..
تصريحات كمبالا التي أطلقها الوزير أبو الغيط تحمل أكثر من معنى ومن دلالة, وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالنوايا المصرية إزاء كيفية إدارة الملف اللبناني, وفقاً لفرضيات مسبقة, انطوت على قدر كبير من تجاوز الحقائق, فالمحكمة الدولية تحاول الآن دفع مفاعيل الصراع اللبناني – اللبناني باتجاه جولة جديدة من المواجهات اللبنانية – اللبنانية, وبالتالي فالوزير أبو الغيط، وبرغم معرفته وإدراكه التام بحقيقة ماتقوم به المحكمة الدولية, فإنه, وبتصريحاته الإستباقية هذه سعى إلى أن يطلق المزيد من الإشارات الداعمة لعملية بناء التعبئة السلبية الفاعلة في الساحة اللبنانية, بما يمكن أن يدعم حركة الإستقطابات المتجددة في لبنان على خلفية نوايا وتوجهات المحكمة الدولية التي انكشفت مؤخراً..
- التطورات الجارية في المسرح اللبناني: الأقلمة أم التدويل
سوف تحاول القاهرة استخدام قمة شرم الشيخ لجهة التأثير على مسارات التطورات الجارية في المسرح اللبناني, وعلى هذه الخلفية يمكن ضبط وتقويم محتوى ومضمون قمة شرم الشيخ السعودية – المصرية على أساس الاعتبارات الآتية:
      - تقويم مدى إسهام كل طرف في القمة: سوف تستند مساهمة الرياض في القمة على أساس اعتبارات القدرات الإقتصادية السعودية, وروابط الرياض مع رموز تيار المستقبل.. أما القاهرة, فهي وإن كانت لاتملك القدرات الإقتصادية, ولا روابط التحالفية, فإنها ستسعى إلى الاستناد على قدرات تفاهماتها مع تل أبيب ومع واشنطن.. وما لم يعد خافياً على أحد أن هذه القدرات لم يحدث أن تمتعت بالمصداقية، وما أكثر أمثلة قيام تل أبيب بتضليل القاهرة، وقيام واشنطن ليس بالتخلي عنها وحسب، وإنما إرغامها على القبول بعكس ماكان متفقاً عليه, إذاً تتمتع الرياض "بقدرات حقيقية"  في مواجهة القاهرة التي تتحدث عن "قدرات افتراضية".
      - تقويم نطاق القمة: النطاق المكاني لموضوع القمة هولبنان, ولكن النطاق الجيو- سياسي هو أكبر من ذلك, فالأطراف اللبنانية المتصارعة لها علاقات وروابط وتحالفات عابرة للحدود, وإذا كان هناك طرف لبناني يتميز بعلاقات التحالف مع الرياض.. فإنه عملياً لا يوجد أي طرف لبناني حليف للقاهرة, والسؤال الحرج  هنا: كيف ستستطيع القاهرة تفعيل التأثير ضمن نطاق يخرج عن نطاقها الدبلوماسي الحقيقي؟ وبكلمات أخرى, سوف تأتي الرياض للساحة اللبنانية، فهل يا ترى ستسعى إلى إسقاط منظور الدبلوماسية السعودية، أم سوف تسعى بدلاً عن ذلك إلى القيام بإسقاط منظور الدبلوماسية المصرية، بحيث يغدو العاهل السعودي الملك عبدالله مجرد "وكيل" يقوم بدبلوماسية الوكالة نيابة عن الرئيس المصري حسني مبارك، بعد أن تم تزويده بالتعليمات والمحاذير والخطوط الحمراء في خمسة أيام في قمة شرم الشيخ؟!على الأغلب أن تكون الإجابة هي لا..
      - تقويم المهام: مهام الدبلوماسية السعودية إزاء لبنان, هي في غاية البساطة: دعم تيار المستقبل – مراعاة توازنات العلاقات الأمريكية – السعودية, أما مهام الدبلوماسية المصرية إزاء لبنان, فهي مهام تتسم باللا يقين  بسبب عدم وجود حليف لبناني رئيسي للقاهرة, إضافة إلى اتسامها بالشكوك بسبب روابط وتفاهمات خط القاهرة وتل أبيب, وأيضاً بسبب دخول القاهرة كطرف في الخصومات اللبنانية, عندما قامت القاهرة باعتقال بعض من أطلقت عليهم تسمية أعضاء خلية حزب الله اللبناني في مصر، وقدمتهم للمحاكم العسكرية المصرية سيئة السمعة.
على أساس عملية تقويم محتوى ومضمون قمة شرم الشيخ السعودية – المصرية, يمكن الاستنتاج وبكل بساطة, وبأنها سوف تؤدي إلى الآتي:
     - النتيجة الأولى: صياغة توقعات لا تتسم بالمصداقية ولا بالفاعلية إزاء معالجة قضايا الملف اللبناني.
      - النتيجة الثانية: إبراز المؤشرات الضعيفة لجهة تفعيل أي أجندة دبلوماسية يمكن وصفها بأنها تمثل أجندة دبلوماسية قمة شرم الشيخ الثنائية الوقائية لدرء مخاطر أزمة الملف اللبناني.
     - النتيجة الثالثة: رفع معدلات التوتر, وذلك لأن مجرد سعي القاهرة للدخول على خطوط أزمة الملف اللبناني سوف يكون سبباً لجعل بعض الأطراف اللبنانية تنظر بالمزيد من الشكوك إزاء مصداقية الدور السعودي الجديد. وبكلمات أخرى, يمكن أن تتقبل الأطراف اللبنانية التفاهم مع الرياض المستقلة عن النفوذ المصري, وذلك ليس كرهاً للدور المصري.. ولكن لأن اختلاط أجندة السياسة الخارجية المصرية بأجندة السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية, قد أدى إلى دفع العديد من خصوم إسرائيل وأمريكا في المنطقة إلى النفوذ أكثر فأكثر من تحركات دبلوماسية القاهرة..
حتى الآن, لاتوجد المعلومات الكافية التي تحدد بوضوح من الذي طلب عقد قمة شرم الشيخ السعودية – المصرية بشأن الملف اللبناني: هل هو القاهرة, أم هو الرياض، أم هو محور واشنطن – تل أبيب.. ولكن, سوف يكون من المضحك جداً لو تبين للرأي العام أن "سمير جعجع" هو الذي أوعز لـ"حلفائه" بضرورة عقد هذه القمة والذين قاموا بدورهم بتوجيه محور القاهرة – الرياض لجهة ضرورة عقد هذه القمة!!
- دبلوماسية الرياض الشرق أوسطية: خيار دمشق أم خيار القاهرة!!
سبق أن سعت الرياض إلى التفاهم والتنسيق "مراراً وتكراراً" مع القاهرة لجهة إدارة ملف الأزمة اللبنانية السابقة، غير أن جهود الرياض ذهبت أدراج الرياح.. ولكن عندما سعت الرياض إلى التفاهم والتنسيق "مرة واحدة" مع دمشق, كانت النتيجة واضحة: تم التوصل بكل سهولة إلى تهدئة التوترات اللبنانية – اللبنانية وإلى دفع الفرقاء اللبنانيين باتجاه الحل, والذي تم فعلاً في العاصمة القطرية الدوحة وبمشاركة الرياض ودمشق!!!
سوف تأتي "الرياض" إلى "دمشق", وسوف يتم التفاهم حول الملف اللبناني، وبعدها ربما يذهب الجميع إلى بيروت, وعندها سوف تفهم الرياض جيداً الفرق بين الوهم الواقع.. بما سوف يتيح للرياض بالضرورة أن تحدد خيارها النهائي إزاء لبنان, خاصة وأن "الفرص" المتاحة عبر بوابة دبلوماسية دمشق تتمايز كثيراً عن "المخاطر" المحدقة بلبنان عبر بوابة دبلوماسية القاهرة، والتي أصبحت بعض مفاتيحها – لسخرية القدر- في جيب زعيم حركة القوات اللبنانية: القناص سمير جعجع!!!
                                                                                       الجمل قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

ياجماعة ليش ما بتحطو مصدر المقال؟؟؟

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...