السرطان في سورية والعلاج بالنصائح

19-05-2008

السرطان في سورية والعلاج بالنصائح

من يقرأ الارقام المعلنة عن عدد المصابين بالسرطان وعدد المتوفين بسببه، يحزن لأن علوم الطب لاتزال عاجزة عن ايجاد العلاج لهذا المرض.
 ورغم ما تظهره الارقام عن عدد الوفيات بسبب الايدز، فإن عدد من يموتون سنوياً بالسرطان هو اكبر من عدد من يموت بالايدز والدرن والملاريا وفق معطيات منظمة الصحة العالمية التي تقول ايضاً ان هناك حوالي 11 مليوناً يشخص السرطان لديهم سنوياً، وتقابلها 7 ملايين حالة وفاة ويوجد حالياً 25 مليون انسان في العالم مصاب بالسرطان.
 وفي عام 2030 يتوقع ان يصل عدد الوفيات بالسرطان سنوياً الى 17 مليون حالة وفاة، و70٪ من حالات السرطان الجديدة والوفيات ستكون في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مع الاشارة الى ان السرطان ليس مرضاً واحداً، اذ يوجد اكثر من 200 نوع مختلف من انواع السرطان، لكن اكثر الانواع انتشاراً هو ستة انواع رئيسية والمتمثلة بسرطان الرئة والثدي والقولون والشرج والمعدة والبروستات وتشكل ما نسبته 50٪ من مجموع المصابين بالسرطان في العالم.
ويعد سرطان الرئة من اكثر الانواع شراسة وفتكاً وفق مؤشرات الارقام والاصابات التي نوضحها لاحقاً .
واذا كان باب العلاج وبالمعنى الدقيق للكلمة مازال مغلقاً، الا ان هناك نافذة امل اطل منها المتخصصون، حيث وجدوا وبالمقارنة بين عدد المصابين وعدد المتوفين ان هناك تقدماً قد حصل، وتعزيز هذا التقدم يكمن في مسألتين اساسيتين هما الوقاية اولاً والتشخيص المبكر ثانياًَ.

-  الدكتور محسن جاد الله (مصر) يقول: ان عدد الوفيات بسبب سرطان الرئة يفوق عدد الوفيات من سرطان الكبد والبنكرياس وهو من اكثر السرطانات انتشاراً بين الرجال في معظم دول العالم، ويزاحمه في الانتشار سرطان البروستات، اما لدى السيدات فيأتي في المرتبة الرابعة.
جاد الله العضو في المدرسة العربية الاوروبية للاورام حضر مؤخراً الى دمشق للمشاركة في دورة تدريبية اقامتها المدرسة بالتعاون مع الرابطة السورية للاورام ومشفى البيروني، اشار الى وجود 300 الف حالة سرطان الرئة في المنطقة العربية، ويموت سنوياً في منطقة ما يسمى بشرق البحر المتوسط حوالي 200 الف مصاب وهذا مؤشر  على شراسته وفتكه والفشل في علاجه.
 والدورة المشار اليها هي الاولى خارج المدرسة وقد اعقبها مؤتمر صحفي شارك فيه خبراء ومتخصصون، وقد اوضح جاد الله فيه ان معدلات الاصابة بسرطان الرئة في منطقة شرق المتوسط وفق التقديرات العالمية هي معدلات عالية، اذ تبلغ في سورية والبحرين بحدود 40 اصابة جديدة لكل 100 الف نسمة، وفي لبنان 35 وفي العراق والاردن والكويت 25 وفي المغرب العربي30 اصابة جديدة لكل 100 الف نسمة، ورأى ان معدلات الاصابة في سورية هي من المعدلات المرتفعة مبيناً ان علاج سرطان الرئة لا يؤتي بنتائج مرضية، ولذلك فالعلاج يجب ان ينصب نحو الوقاية.
 ويشير الى ان مقر المدرسة في القاهرة وهي متفرعة عن المدرسة الاوروبية التي احدثت عام 1982 ومقرها في ايطاليا.

- من المفترض ان نكون في منتدى او مؤتمر دولي حول السرطان في سورية ونطلع على ارقام ومعطيات قديمة جديدة، لكن ذلك انصب على موضوع السرطان وخاصة سرطان الرئة عموماً، مع اشارات وارقام حول السرطان في سورية حيث اشارت أوراق تم توزيعها الى ان تقارير السجل الوطني لعام 2007 قد افادت بوجود 12 الف حالة سرطان عام 2005 ومعدل الاصابات بحوالي 18 الف حالة سنوياً، وقدرت الوكالة الدولية لبحوث السرطان انه في عام 2002 كانت هناك اكثر من 1200 حالة جديدة من حالات سرطان الرئة بين الرجال و1100 حالة وفاة، والسرطانات الشائعة الاخرى بين الرجال كانت سرطانات البروستات والقولون والشرج والمثانة واللوكيميا وبين النساء كان سرطان الثدي الاكثر حدوثاً، اذ حدثت اكثر من 2100 حالة جديدة و955 وفاة بسببه وتوفيت مئات النساء خلال العام بسبب سرطان القولون والشرج والمعدة والرحم وسرطان الغدة الدرقية وهو ثالث السرطانات من حيث معدل الحدوث بين النساء.
 الدكتور عامر الشيخ يوسف رئيس الرابطة السورية للاورام والمدير الطبي في مشفى البيروني بدمشق، اوضح في بداية المؤتمر اهمية عقد الدورة التدريبية والمؤتمر الصحفي بعدها.
وتكمن الاهمية في رفع سوية الاداء والخدمات المقدمة لمرضى السرطان ولكشف الحالات مبكراً (التشخيص المبكر) وتخفيف العبء الناجم عن السرطان، اضافة الى اطلاع الاعلام على التفاصيل ليأخذ دوره في نشر الوعي الصحي وتكريس ثقافة الوقاية، وكل ذلك يعكس اهداف الاستراتيجية السورية في التصدي للسرطان.
وأكد ان سرطان الرئة هو السبب الرئيس للوفيات والاكثر انتشاراً في سورية وهو قابل للوقاية.
 واشار الى السجل الوطني الذي بدأ العمل به مطلع عام 2002 مؤكداً في تصريح خاص لنا بأن تقارير حديثة ستصدر قريباً حول السجل.
وبدوره فقد اعتبر جاد الله ان السجل الوطني امر في غاية الاهمية وهو الاساس الذي تبنى عليه الاستراتيجية لمواجهة السرطان والتي تستند الى اتخاذ قرارات مهمة يوفر معطياتها السجل بحيث يتم تحديد الامراض السرطانية التي يجب ان نبدأ بالوقاية منها.

- جاد الله اعتبر ان التدخين سبب رئيس لسرطان الرئة ولابد من استراتيجية عربية لمكافحة التدخين، اما الشيخ يوسف فاعتبر ان كلمة لا تدخن هي المفتاح وهي الحل لتجنب سرطان الرئة ولكن نشرها يحتاج الى جهود كبيرة وهنا يأتي دور الاعلام .
 أما الدكتورة انا بكش(صربيا) المتخصصة في الوقاية  فقالت: ان الوقاية تعني ايقاف التدخين، حيث ان هناك 3ر1 مليون اصابة بسرطان الرئة و90٪ من الحالات سببه التدخين، والنرجيلة، واذا ما توقف التدخين خلال 5-10 سنوات سيكون سرطان الرئة مرضاً نادراً.
والتدخين سبب رئيس ايضاً لسرطانات الغدد والمبيض وغيرها حيث توجد في السيجارة 99 مادة ومنها 60مادة مسرطنة، ولكن يتم تناولها بشكل سري واكثر المتوفين هم في عمر 40 سنة، و80 بالمئة من الرجال المصابين بسرطان الرئة مدخنون و25٪ من الاناث مدخنات ونسبة الوفيات 55٪ بين الرجال و15٪ بين النساء، و20٪  من الرجال يدخنون النرجيلة و5٪ من النساء.
 وأشارت الى المدخنين السلبيين بما يسمى بالتعرض البيئي للتدخين وتعرضهم لخطر الاصابة، معتبرة ان ضبط المسألة يجب ان يتم في كل بلد وهو امر يتعلق باقتصاده الذي سيتعرض لخسارة في الانتاجية جراء اعداد المصابين وتحولهم من منتجين الى عالة على المجتمع واقترحت  تطبيق اجراءات منها رفع اسعار السجائر معتبرة ان انخفاض ثمنها يحفز الشباب الصغار لشرائها.

-  الدكتور بول فان هوت(بلجيكا) تحدث عن اهمية المصادر في تحديد الوجهة والاتجاه، ومن بينها السجل الذي يحدد الاحتياجات، على ان يتوافق مع بيئة البلد الذي يعده، فسورية تحتاج الى سجل يناسبها مشيراً الى ان بلجيكا قد بدأت منذ عامين في اعداد هذا السجل وتوجد مشاكل في الاعداد تختلف عن المشاكل السورية، ولهذا فالسجل يأتي ليتناسب مع ظروف كل بلد، لكن الاهم وقبل توفر المصادر اعداد الكوادر الجيدة من خلال برامج تعليمية وفق عدة مستويات، فتدريب الاطباء على سرطان الرئة (التشخيص  والعلاج) يجب ألا يقتصر في كليات الطب ولا بد من تحديث المعلومات باستمرار، وبالمقابل لابد من اطلاع الناس على الجديد والمعلومات التي تجعلهم يتفاعلون بحيث لا يخافون من المرض وبالتالي لا يخافون من العلاج، وذكر مثالاً من اليابان، حيث 25٪ من اليابانيين يخافون العلاج بالاشعة رغم ان لديهم اجهزة تصوير اشعة ليست موجودة في اوروبا ولذلك يلعب الاعلام دوراً مهماً في زيادة الوعي واقتلاع الخوف من الناس.
وحول التدريب في عدة مستويات تحدث عن التدريب في التشخيص المبكر والصحيح ومن ثم تدريب طاقم الجراحين والمتخصصين في العلاج وتدريب كوادر متخصصة في الاجهزة التكنولوجية، وهنا قد تظهر مشكلة التمويل الذي وصفه بالمال السخيف لشراء الاجهزة، ولكن في الوقت نفسه هناك امر اهم وهو توفير الكوادر القادرة على استخدام هذه الاجهزة، لذلك فتهيئة الكوادر تأتي اولاً ،مشيراً الى اهمية بناء سلسلة متكاملة تبدأ من الطب العام وتنتهي في المراكز المتخصصة بالسرطان.

 -  معطيات الدكتورة غادة محجازي ممثلة منظمة الصحة العالمية في سورية حملت تشاؤماً فيما لو لم تتغير المعادلات.
 فخلال الـ 15 سنة القادمة فإن معدلات الزيادة في الاصابات ستصل الى 180٪ لاسباب كثيرة منها التركيب العمري للسكان، حيث سيزداد المسنون والنظام الغذائي  غير السليم واستمرار التدخين، ولكن كل شيء سيتغير لو تغير السلوك وخاصة ان حالات كثيرة يمكن علاجها فيما لو اكتشفت مبكراً ولكن 73٪ من الحالات المكتشفة تأتي في المرحلتين الثالثة او الرابعة.
وهنا تحدثت عن دور المعالجة الملطفة التي تخفف من آلام المصاب في مراحل المرض المتأخرة، وعادت للتحدث عن تغيير السلوك المرتبط بنظام غذائي سليم، حيث هناك ازدياد في تناول اللحوم وابتعاد عن تناول المواد الغنية بالالياف والمرتبط بوقف التدخين، مشيرة الى ان سورية قد وقعت الاتفاقية الاطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ عام 2003 واقرتها عام 2004.

 - اذاً باب العلاج مئة بالمئة بات مغلقاً، الا اذا كان هناك تشخيص مبكر، لكن في حالات سرطان الرئة فلا رجاء، والسبب الرئيس هو التدخين، وهنا نافذة الامل التي يتطلع منها الاختصاصيون حيث الوقاية هي المنفذ الوحيد.
 فإحدى الورقات التي وزعت ايضاً قد اشارت الى ان معدلات التدخين في سورية هي 9ر56٪ بين الرجال و17٪ بين النساء وان 2ر20٪ من الرجال و8ر4٪ من النساء يتعاطون النرجيلة ، وان حوالي نصف المدخنين الذين يستمرون في التدخين يموتون في النهاية، وسن الوفاة بين 35 و69 سنة ويفقد المدخن وسطياً   حوالي 10 سنوات من عمره.
 اضافة الى ضرورة اتباع نظام غذائي سليم وخاصة ان البدانة مشكلة متزايدة بين نساء سورية، وهناك ارتباط بين البدانة ومخاطر حدوث سرطان الثدي، وتناول الخضروات والفواكه الطازجة يعطي الحماية ضد السرطان.
 ولكن حتى الآن مازلنا في سورية بحاجة ماسة الى الكشف الدقيق عن الاستراتيجية في مواجهة السرطان التي تم الاعلان عنها، ووضع الناس في صورة الواقع بكل شفافية والاعداد الناجح لانجاز السجل الوطني وتطوير النظام العلاجي الذي مازال يعاني الكثير من المشكلات بسبب نقص المراكز وزيادة عدد المرضى والمراجعين، وقد تم الاعلان عن قيام مراكز في حلب وحمص، فيما نحتاج رؤية شاملة عن كل شيء حول السرطان في سورية وبشكل دقيق حتى يتم توجيه النصح وتحديد الوجهة السليمة في اتخاذ ما يلزم من قرارات.

غسان الصالح

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...