الأزمة الإماراتية إلى أين؟

04-01-2011

الأزمة الإماراتية إلى أين؟

الجمل: تقع دولة الإمارات العربية المتحدة في منطقة الخليج العربي، وبرغم صغر حجم هذه الدولة وانخفاض عدد سكانها، فإن الإمارات العربية المتحدة تختزن في داخلها طاقة هائلة من القدرات الاقتصادية بما يمكن أن يؤثر سلباً أو إيجاباً على منطقة الشرق الأوسط: فما هي حقيقة المخاطر الاقتصادية الإماراتية؟ وما هي تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مستقبل الإمارات ودول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط؟
* توصيف المعلومات الجارية: ماذا تقول الحقائق والأرقام؟خارطة الإمارات العربية المتحدة
تزايدت ضغوط الأزمة الاقتصادية الدولية، وبسبب انفتاح الاقتصاد الإماراتي فقد كان للإمارات نصيبها المعتبر من عدوى ضغوط الأزمة، والآن، وبعد مرور أكثر من عام على أزمة الدين الخارجي الإماراتي، يمكن الإشارة إلى المعطيات الآتية:
• تبلغ مساحة الإمارات 83600 كم2 (أي ثمانية أضعاف وثلث مساحة لبنان)، وترتبط بحدود برية مع السعودية وسلطنة عُمان، إضافة إلى انفتاح بحري مباشر مع إيران، العراق، الكويت، البحرين وقطر.
• يبلغ الناتج المحلي الإجمالي في حده الأعلى 406.7 مليار دولار بمتوسط نصيب للفرد في حدود 49995 دولار أمريكي في العام، وفي حده الأدنى 326.2 مليار دولار بمتوسط دخل للفرد في حدود 40175 دولار أمريكي في العام.
• يبلغ عدد سكان الإمارات حوالي 5 مليون نسمة تتمركز أغلبيتهم العظمى في المدن الإماراتية المطلة على الخليج، مع وجود أقلية صغيرة تقطن في المناطق الريفية الداخلية.
• على أساس الاعتبارات الإثنية، يشكل سكان الإمارات كتلة إثنية واحدة تمثل امتداداً لقبائل الجزيرة العربية، لكن، وبسبب تزايد معدلات التطور الحضري والاقتصادي، فإن الوجود المكثف للعمالة الخارجية أدى إلى ظهور قدر معتبر من التنوع الإثني، وحالياً تقول المعلومات بوجود حوالي 2 مليون من العمالة الخارجية منهم 16.5% عرب و83.5% أجانب قادمين من: الهند، باكستان، بنغلادش، الصين، الفلبين، تايلاند، إيران إضافة إلى الأوروبيين الغربيين.
يتميز الاقتصاد الإماراتي بطبيعته الخاصة المحفوفة بالمخاطر، فالبلاد تعتمد على صادرات النفط والغاز التي تشكل قوام الدخل الوطني الإماراتي ومن أجل تقليل المخاطر فقد سعت حكومة الإمارات إلى تنويع الاقتصاد الإماراتي بما يتيح فتح المزيد من الفرص التي تساعد في توفير البدائل الضرورية لجهة تعزيز القدرات وتوظيف الموارد الطبيعية والبشرية.
أبرز الخطوات التي تمت في عملية توسيع الأنشطة الاقتصادية ركزت على تطوير وتعزيز قدرة قطاع الخدمات المالية والمصرفية إضافة إلى التجارة والمقاولات والعقارات.
تقول المعلومات، بأن أداء الاقتصاد الكلي الإماراتي قد تميز خلال العام الماضي بالمؤشرات الآتية:
- يبلغ معدل النمو المتوسط في عام 2010 حوالي 2.4%، ويقول الخبراء بأن عملية التحليل المقارن تؤكد بوضوح بأن عملية معدل النمو في دولة الإمارات خلال العام الماضي كان هو الأقل في منطقة الخليج، بما يشير إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الإماراتي مقارنة بدول الخليج الأخرى، الأمر الذي بدوره يشير بوضوح إلى احتمالات أن تهرب رؤوس الأموال بما يؤدي إلى حركة تدفقات رأس المال الاستثمارية المباشرة وغير المباشرة من الإمارات إلى دول الخليج الأخرى.
- يعاني الاقتصاد الإماراتي من فجوة سداد بلغت حوالي 100 مليار دولار، وقد سعت الإمارات بمعاونة دول الخليج الأخرى إلى سد هذه الفجوة، وبالفعل فقد تلقت الإمارات بعض الأموال الخليجية، إضافة إلى قيام السلطات الإماراتية بوقف الاستدانة ولكن وبرغم ذلك، فقد لجأت هذه السلطات خلال العام الماضي إلى عملية استدانة بلغت 1.25 مليار دولار، ويقول الخبراء بأن هذه الاستدانة تمثل في حقيقة الأمر إشارة سالبة لجهة أن الاقتصاد الإماراتي مازال غير قادر على الخروج من دائرة الخطر، إضافة إلى احتمالات تزايد عمق الأزمة بسبب اللجوء إلى المزيد من الاستدانة.
- لم تنجح سلطات دبي الإماراتية حتى الآن في إكمال إجراءات عملية إعادة هيكلة التزامات دائنة في حدود 24.9 مليار دولار، وتقول التسريبات بأن دبي قد تضطر خلال الفترة القادمة لجهة طرح بعض الأصول للبيع، بما يتيح لدبي تعزيز قدرتها على الإيفاء بسداد مبلغ 19.4 مليار دولار لبعض الأطراف الخارجية الدائنة.
- اضطرت سلطات دبي إلى حقن البورصة بمبلغ 2 مليار دولار وذلك من أجل التغلب على ضغوط أزمة السيولة، وبرغم ذلك تشير التوقعات إلى احتمالات أن تعود ضغوط أزمة السيولة مرة أخرى، بما قد يضطر السلطات إلى توفير المزيد من المبالغ النقدية الإسعافية.
تشير التقارير والتسريبات إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة سوف تظل تعاني لفترة طويلة قادمة من ضغوط الأزمة الاقتصادية، وما هو مثير للإحباط والاستياء يتمثل في أن المزيد من خفايا أسباب هذه الأزمة مازال يطرح كل يوم حقيقة جديدة وفضيحة مالية أكبر.
* من المخاطر الاقتصادية إلى المخاطر السياسية
على أساس اعتبارات المعطيات الجغرافية، تتكون دولة الإمارات العربية المتحدة من تجمع فيدرالي يضم 7 إمارات هي: دبي، أبو ظبي، الشارقة، رأس الخيمة، الفجيرة، أم القوين وعجمان.
قبل عام 1971 كانت هذه الإمارات السبع يطلق عليها تسمية "دويلات الهدنة" وذلك في إشارة إلى اتفاقية الهدنة التي تم التوقيع عليها في القرن التاسع عشر بين بريطانيا وشيوخ هذه الإمارات، وهي الاتفاقية التي أقر فيها هؤلاء الشيوخ بتسليم السيادة لبريطانيا، ولاحقاً عندما قرر البريطانيون مغادرة المنطقة تم تجميع هذه الإمارات ضمن اتفاقية وحدة فيدرالية، يحتفظ بموجبها كل شيخ بسلطته الفيدرالية على منطقة إمارته، على أن يخضع لسلطة المجلس الفيدرالي الذي يتكون من شيوخ الإمارات السبع، ويترأسه شيخ أبو ظبي المنتمي بالضرورة إلى «آل نهيان» ويكون بمثابة رئيس الجمهورية، ويأتي بعده في الترتيب أمير دبي المنتمي بالضرورة إلى «آل مكتوم» والذي يكون بمثابة رئيس الوزراء.
تشير المعطيات التحليلية إلى أن الخطر الرئيسي الذي يواجه دولة الإمارات سوف يتمثل في حدوث السيناريو الآتي:
• أن تفشل الإمارات في سداد أقساط المديونيات.
• أن تلجأ الإمارات إلى المزيد من الدين الخارجي والدين الداخلي.
• أن تواجه الإمارات المزيد من ضغوط المديونيات الجديدة.
• أن تفشل دول الخليج في تقديم الدعم الإسعافي المطلوب لإنقاذ الإمارات.
وتأسيساً على تزايد ضغوط هذا السيناريو تنتقل الأزمة إلى السيناريو الثاني، والذي يمكن أن يتضمن الآتي:
• أن تتزايد أزمة دبي بما يؤدي إلى تزايد الضغوط على الإمارات الأخرى.
• أن تسعى دبي إلى نقل الأزمة وتحميل ضغوطها إلى الإمارات الأخرى.
• أن تحدث الخلافات داخل المجلس الفيدرالي بين إمارة دبي وبقية الإمارات الأخرى.
• أن تتزايد الخلافات إلى الدرجة التي تهدد تماسك الدولة الإماراتية الفيدرالي.
وبكلمات أخرى، تأسيساًَ على الحقيقة القائلة بأن السياسة تبدأ بالاقتصاد وتنتهي بالاقتصاد، فإن الاقتصاد نفسه يبدأ بالسياسة وينتهي بالسياسة، وما يتمناه الجميع هو أن تبذل الأطراف الإماراتية جهودها القصوى والتركيز على توجيه الأموال النفطية باتجاه القضاء على الأزمة، وليس إلى تمويل مشروعات شراء الأسلحة الأمريكية المتطورة!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...