محادثات جنيف بين إيران واللجنة السداسية: توصيف الصراع والمصالح

01-10-2009

محادثات جنيف بين إيران واللجنة السداسية: توصيف الصراع والمصالح

الجمل: تشهد العاصمة السويسرية جنيف اليوم جلسات المحادثات بين إيران واللجنة السداسية (أمريكا – روسيا – الصين – بريطانيا – فرنسا – ألمانيا) وهي ما يطلق عليها بلجنة 5+1، أي لجنة الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة لألمانيا، فهل ستنتهي فعاليات جلسات المحادثات إلى خيار التعاون أم خيار الصراع أم الإبقاء على الوضع القائم؟
تقول المعلومات الجارية أن جلسات المحادثات سيتم إجراؤها في إحدى الفيلات الواقعة في أحد ضواحي العاصمة السويسرية وسيتم الإبقاء على مكانها سرياً، وأضافت التقارير أن التمثيل في جلسات المحادثات سيتم على النحو الآتي:
• الطرف الإيراني: سيكون بقيادة سعيد جليلي الذي يتولى حالياً منصب رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني ومسؤول البرنامج النووي.
• طرف اللجنة السداسية: سيتكون من عدة أطراف:
- المندوب الأمريكي وليم برونز نائب وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية.
- المندوب الأوروبي خافيير سولانا وسيمثل الدول الأوروبية الثلاثة، مع ملاحظة أن كل من فرنسا وألمانيا سترسلان المدراء العامين لوزارتي خارجيتهما.
- المندوب الروسي: سيرجي ريابكوف الأمين العام لوزارة الخارجية الروسية.
- المندوب الصيني "هي يا في" نائب وزير الخارجية الصيني.
لم يحدد بعد عدد جلسات المحادثات ولكن الأغلب أن يتضمن جدول إعمال هذه المحادثات المزيد من النقاشات والحوار حول المسائل التي ضمنها العرض الذي سبق أن تضمنته الورقة الإيرانية التي وافقت بناء عليها الأطراف الأخرى وتم عقد هذه الجلسات.

 

خارطة المواقع النووية الإيرانية


* سيناريو إدارة صراع المحادثات:
برغم تعدد خلفيات المشاركين فإن القراءة في هذه الخلفيات تشير إلى وجود قدر كبير من النوايا التي وإن كان بعضها يبدو منسجماً على المستوى المعلن فإنه على المستوى غير المعلن يحمل الكثير من التضارب ووجهات النظر المتعاكسة في العمق:
• إيران: تقول في العلن أنها ملتزمة ببنود اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية ولكنها على المستوى غير المعلن وبحسب التقارير الغربية تبدو وكأنها تعمل من أجل الحصول على الرؤوس الحربية النووية.
• واشنطن: تبدو أكثر تشدداً في ضرورة إنهاء البرنامج النووي الإيراني ولكن وكما هو واضح فإن واشنطن لم تسع خلال أعوام 2003-2004-2005 إلى استغلال فرصتها المتاحة ويبدو أن الوقت أصبح متأخراً للقيام بأي عمل عسكري ضد إيران.
• بريطانيا: تعتبر الدولة الأوروبية الأكثر تشدداً في رفض أي إمكانية للتعايش مع وجود البرنامج النووي الإيراني وتشير المعطيات الجارية إلى أن تشدد التصريحات الأمريكية إزاء البرنامج النووي الإيراني.
• فرنسا: ترفض البرنامج النووي الإيراني في العلن ولكنها تملك بعض القابلية لإمكانية التعايش مع وجوده.
• ألمانيا: ترفض البرنامج النووي الإيراني في العلن ولكنها تملك بعض القابلية لإمكانية التعايش مع وجوده.
• روسيا: ترفض وجود أهداف عسكرية للبرنامج النووي وفي الوقت نفسه تقوم بتقديم الدعم له وهو دعم ظلت موسكو تؤكد أنه ضمن البرنامج النووي للأغراض السلمية.
• الصين: ترفض وجود أهداف عسكرية للبرنامج النووي وفي الوقت نفسه تقوم بتقديم الدعم التكنولوجي تحت مبررات دعم البرنامج النووي للأغراض السلمية.
وعلى أساس الاعتبارات المتعاكسة في العمق نلاحظ الآتي:
• جلست أمريكا وتفاهمت مع إيران حول العراق وأفغانستان، وهذه هي المرة الأولى التي تجلس فيها أمريكا وإيران وتتفاهمان حول البرنامج النووي الإيراني وتشير الاستقراءات إلى أن موقف واشنطن يخضع لعامل التجاذب بين طرف أمريكا يرفض بشكل قاطع التعايش مع إيران النووية وطرف يرى إمكانية ذلك، وطرف ثالث لا يعبأ بوجود أو عدم وجود إيران النووية طالما أن أمريكا ستظل الأكثر تفوقاً في قدراتها النووية في مواجهة إيران كما كانت كذلك دائماً في مواجهة دول العالم النووية الأخرى.
• ألمانيا: برغم رفضها المعلن لوجود القدرات العسكرية النووية الإيرانية فإن لها مصلحة في ظهور إيران المسلحة نووياً طالما أنه سيكسر إحكام اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية ويتيح لها بالتالي المزيد من المبررات من أجل اعتماد برنامج نووي ألماني سري تحصل بموجبه ألمانيا على القدرات العسكرية النووية بما يتيح لبرلين إلغاء اتفاقية الاستسلام التي وقعتها بعد الحرب العالمية الثانية وما زالت تعاني من تداعياتها ويرى معظم الألمان أن حصول الألمان على القدرات العسكرية النووية هو السبيل الوحيد لصعود ألمانيا وعودتها كقوة كبرى تنافس في الصراع من أجل الهيمنة الدولية.
• فرنسا: برغم تزايد توجهات باريس المعارضة للبرنامج النووي الإيراني فإن حقيقة الرفض الفرنسي تشير إلى الرغبة في مسايرة واشنطن للدفع باتجاه تطبيق العقوبات ضد إيران وليس الضربة العسكرية وبكلمات أخرى تسعى باريس إلى أن يكون لها حضورها القوي داخل الموقف الأمريكي بما يتيح لها لاحقاً الدفع باتجاه خيار العقوبات وليس العمل العسكري.
• بريطانيا: الرفض البريطاني المتزايد سببه أن بريطانيا وبرغم أنها من الدول النووية الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي فإنها لا ترغب في ظهور القوى النووية الجديدة طالما أن ذلك سيكون خصماً وعلى حساب قدرات بريطانيا النووية التي ظلت ثابتة في حدود 50 رأساً فقط (إسرائيل تملك حالياً 150 رأساً نووياً وتقول التسريبات أن الهند وباكستان يملكان ترسانة نووية تفوق بريطانيا).
• الصين: ترغب في ظهور إيران النووية لأن بكين تسعى بشكل أساس إلى بناء الروابط النفطية مع إيران إضافة إلى أن ظهور إيران النووية سيدفع أمريكا إلى الاهتمام باستهداف إيران الأمر الذي يقلل تركيز واشنطن على استهداف بكين.
• روسيا: تعتبر عراب البرنامج النووي الإيراني لأن كل الحسابات الاستراتيجية تقول أن ظهور إيران النووية سيشكل حاجزاً استراتيجياً أمام تقدم أمريكا باتجاه آسيا الوسطى وبكلمات أخرى فإن وجود إيران النووية سيجعل القدرات الاستراتيجية الأمريكية تقف عند حدود منطقة الخليج العربي.
عموماً، وبغض النظر عن سيناريو إدارة الصراع داخل المحادثات تجدر الإشارة إلى أن ما هو أكثر خطورة  لا يتمثل في المحادثات الجارية وإنما يتمثل في ما يجري حالياً في العاصمة الأمريكية واشنطن فقد نقلت التسريبات بأن خبراء أمريكيون وإسرائيليون يعكفون حالياً على وضع خطة العقوبات المطلوب تنفيذها ضد إيران فور إعلان فشل المفاوضات وتقول المعلومات والتسريبات بأن قائمة العقوبات الجديدة التي سوف تتبناها الإدارة الأمريكية هي بالأساس قائمة عقوبات إسرائيلية تم وضع معالمها وخطوطها الأساسية بواسطة الخبراء الإسرائيليين خلال الأسابيع الماضية وقد وافق عليها بنيامين نتينياهو الذي قام بتمريرها إلى الإدارة الأمريكية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...