زيارة بوتين لبكين ومستقبل التحالفات الروسية ـ الصينية

12-10-2011

زيارة بوتين لبكين ومستقبل التحالفات الروسية ـ الصينية

الجمل: جاء رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أول أمس الاثنين إلى العاصمة الصينية بكين في زيارة استغرقت يومين. وتقول التقارير والمعلومات بأن هذه الزيارة سوف تشكل حجر الزاوية في علاقات التعاون الروسي ـ الصيني في ملف العلاقات الثنائية، وأيضاً في ملفات التنسيق المشترك إزاء العديد من تطورات الأحداث والوقائع الإقليمية والدولية الجارية حالياً: فما هي الملامح الجديدة المتوقعة للعلاقات الثنائية الصينية ـ الروسية وما هو شكل التنسيق المتوقع على خط موسكو ـ بكين خلال الفترة المقبلة، وما هي مصداقية هذا التنسيق في مواجهة تحركات أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن الساعية إلى إعادة ترتيب الأوضاع الدولية والإقليمية بما ينسجم مع مصالح هذا المثلث، وبالذات في منطقة الشرق الأوسط؟

* جدول أعمال رئيس الوزراء الروسي بوتين في بكين

تحدثت التقارير الجارية عن وصول رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين إلى العاصمة الصينية بكين وذلك لجهة القيام بإنفاذ بنود جدول أعمال تتضمن الآتي:رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني هو جينتاو
•    التفاهم مع كبار المسؤولين الصينيين، بما شمل الرئيس الصيني هو جينتاو، ورئيس الوزراء الصيني وين جياو باو.
•    تشريف فعاليات الاجتماع الدوري السادس عشر الصيني ـ الروسي.
•    التدقيق في ملف تزويد الصين باحتياجاتها من النفط والغاز الروسي.
•    التفاهم حول تعزيز المبادلات التجارية.
•    التفاهم حول ملف الجمارك والرسوم التي تحد من تدفقات السلع والخدمات بين البلدين.
•    التفاهم حول فعاليات التعاون العلمي والتكنولوجيا المتطورة.
•    التفاهم حول التنسيق المشترك في القضايا الإنسانية.
هذا، وأضافت المعلومات بأن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قد وصل العاصمة الصينية بكين على رأسوفد روسي رفيع المستوى ضم 160 شخصية رسمية وخاصة.

* الأبعاد غير المعلنة لزيارة بوتين: ماذا وراء الكواليس

تقول التسريبات والمعلومات، بأن زيارة بوتين الأخيرة للعاصمة الصينية بكين، برغم أنها ركزت من الناحية المعلنة على التعاون الاقتصادي والعلمي والتجاري الثنائي، فإنها من الناحية غير المعلنة، قد ركزت على قضايا فائقة الأهمية، وأفادت التسريبات بأن أهمية هذه الزيارة تأتي على أساس اعتبارات أنها جاءت بعد الفيتو المشترك الروسي ـ الصيني الذي أحبط مخطط أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، الساعي لاستهداف دمشق، وفي هذا الخصوص أشارت التسريبات إلى الآتي:
•    النقطة المتعلقة بالتفاهم الروسي ـ الصيني حول القضايا الإنسانية تضمنت إشارة واضحة إلى وجود تفاهم وتنسيق حثيث حول ما يطلق عليه خبراء الشؤون الدولية تسمية "التدخل الإنساني الدولي"، والذي تتفرع عنه جملة ملفات من أبرزها حق التدخل لحماية المدنيين للأغراض الإنسانية.
•    التفاهم الروسي ـ الصيني حول القضايا الإنسانية بدأت فعالياته بشكل سري قبل فترة، وتحديداً على خلفية التجاوزات التي جرت بواسطة أطراف التحالف الدولي في التعامل مع ملف التدخل في ليبيا، وذلك بما تضمن التطبيق الانتقائي لبنود القرار الدولي 1970، والقرار الدولي 1973.
•    التفاهم الروسي ـ الصيني المشترك حول القضايا الإنسانية، سوف يسعى إلى الربط بين مفهوم المصالح الحيوية الصينية ـ الروسية، ومفهوم حماية هذه المصالح من الاستهدافات التي تحاول واشنطن وحلفاءها القيام بها.
•    من المتوقع أن يكون الفيتو الروسي ـ الصيني الذي أحبط مخططات استهداف دمشق قد جاء على خلفية تبلور مذهبية صينية ـ روسية إزاء مفهوم حماية المصالح الحيوية.
هذا، وتشير التسريبات إلى أن أحد أبرز نتائج محادثات رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الصيني هو جينتاو ورئيس الوزراء الصيني وين جياو باو، سوف يتمثل في الآتي:
•    تطوير قدرات منظمة تعاون شنغهاي، وتحديد قدراتها العسكرية والأمنية بما يردع محاولات التغلغل الأمريكي في مناطق آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية.
•    تعزيز جهود التعاون العسكري ـ الأمني الروسي ـ الصيني في مناطق الباسفيك والشرق الأقصى، وتحديداً ملف الأزمة في شبه الجزيرة الكورية.
•    تعزيز التعاون الثنائي الصيني ـ الروسي، وذلك لإقامة الحوائط المشتركة التي تساعد البلدين في صد انتقال عدوى الأزمات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية.
أبرز محفزات التجاوب الصيني مع التوجهات الروسية الجديدة في مرحلة ما بعد الفيتو الروسي ـ الصيني المشترك الأخير بشأن الملف السوري، تمثل في إدراك بكين المتزايد إلى حجم الخسارة الكبيرة التي تعرضت لها بفعل العمليات العسكرية الجارية ضد ليبيا، الأمر الذي عزز إدراك بكين لضرورة التخلي عن السلبية داخل مجلس الأمن الدولي وبكلمات أخرى لقد أخذت باريس ولندن كل مزايا الملف الليبي، الأمر الذي جعل الصين تفهم جيداً أن خسارتها في ليبيا كانت بسبب لجوئها إلى خيار الامتناع عن التصويت داخل المجلس.
لم يتم الإعلان عن تكوين لجان مشتركة صينية ـ روسية، ولكن ما هو جاري بالأساس يتمثل في وجود مثل هذه اللجان منذ فترة طويلة، فهي موجودة على مدى الستة عشر عاماً الماضية باعتبارها لجان لمتابعة فعاليات الاجتماع الدوري الصيني ـ الروسي الذي انطلق قبل ستة عشر عاماً.
تشير التوقعات إلى أن صعود رئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين مرة أخرى إلى منصب الرئيس الروسي، سوف يتيح لموسكو قدرة أكبر في مواجهة مخططات واشنطن، وتقول التسريبات بأن السيناتور جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي الحالي، قد سعى في زيارته الأخيرة لموسكو من أجل حث الكرملين على مقايضة ملف القرار الدولي ضد سوريا بملف تقديم المزايا الأمريكية لروسيا في اتفاقية ستارت. وبالمقابل فإن روسيا لم تكتف بالرفض، بل إنها سعت قدماً إلى الرد على الموضوع بكامله بإعلان بوتين عن مخطط بناء التحالف الأوراسي، والذي سوف يضم العديد من البلدان الرئيسية المجاورة لروسيا، الأمر الذي سدد ضربة قوية لمشروعات واشنطن وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي الساعية للتمدد شرقاً، بما يتيح مخطط تطويق روسيا، وجاءت الضربة القاسية تحديداً عندما قررت بيلاروسيا الانسحاب من فعالية اتفاقية الشراكة الشرقية التي تضم بولندا وأوكرانيا، إضافة إلى نكبة السياسة الأمريكية في القارة الأوروبية، بسبب الخلافات الفرنسية ـ الألمانية حول دعم الأزمة المالية الأوروبية، فقد ظلت واشنطن أكثر اهتماماً بأن تسعى برلين لجهة الاستجابة للموقف الفرنسي الذي يقول بضرورة أن تقوم ألمانيا بتقديم المساعدات المالية لليونان من أجل حل أزمة الإعسار. وأن تتراجع ألمانيا عن موقفها القائل بأن تمويل أزمة الإعسار عن طريق ضخ الأموال للاقتصاد اليوناني هو أمر ينطوي على المزيد من المخاطر، ومن الأفضل أن يتم استخدام الأموال في تعزيز الإجراءات الهيكلية المصرفية والبنكية التي تساعد في منع وقوع مثل هذه الأزمات مستقبلاً.
على خلفية نتائج زيارة رئيس الوزراء الروسي بوتين إلى العاصمة الصينية بكين، فإن روسيا والصين أصبحتا على وشك النجاح في تعزيز الترتيبات والإجراءات الوقائية التي تمنع عنهما عدوى الأزمات، سواء بالوسائل الاقتصادية والنقدية والمالية، أو بالوسائل الأمنية ـ العسكرية، أو حتى الدبلوماسية الدولية، كما حدث في مجلس الأمن الدولي مؤخراً. عندما استخدمت الدولتان ما أطلق عليه الخبراء تسمية الفيتو المشترك.

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...