دي ميستورا يروج لحل سوري يتضمن مبادئ لقاء موسكو وينحو باتجاه لبننة سورية

04-02-2015

دي ميستورا يروج لحل سوري يتضمن مبادئ لقاء موسكو وينحو باتجاه لبننة سورية

بات المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا يروّج لـ«خريطة طريق» واضحة المعالم: حل وفق النموذج اللبناني، مع مراكز سلطة يمثّل فيها الجميع، يبدأ بتوافق سياسي عريض يقود إلى حكومة وحدة وطنية، تنجز تعديلات دستورية وتجري انتخابات عامة.

وفق هذه الرؤية، بات المبعوث الدولي يجسد التلاقي الأميركي الروسي على ترك مستقبل الرئيس بشار الأسد لهذه الانتخابات، على أن يكون حاضراً في مراحل العملية السياسية التي ستقود إليها.

هذه الخلاصة جاءت من استعراض شامل لمشهد الأزمة السورية، قدمه دي ميستورا أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي في بروكسل أول من أمس على ما ذكرت صحيفة «السفير» اللبنانية.

وتحدث دي ميستورا عن «منتدى موسكو» بوصفه «خطوة مثيرة للاهتمام ومفيدة في الاتجاه الصحيح، وعلينا الاستفادة منها». واعتبر أن هناك حاجة «لنبدأ في نقاش السؤال الصعب حول ما الذي تعنيه حكومة وحدة سياسية، من دون شروط مسبقة، لكن أن تشمل الجميع».

ولفت إلى أن الحصيلة تبقى إيجابية لأن «هناك 11 نقطة خرجت منه (منتدى موسكو)، بعضها يمكن نقاشه، وبعضها شبيه جداً بما ورد في إعلان جنيف»، قبل أن يبين أن «أي زخم أفضل من الجمود السلبي القاتل».

ورغم أن التقرير الافتتاحي الذي قدمه دي ميستورا كان مقتضباً وحذراً للغاية، لكن أسئلة النواب الأوروبيين جعلت لسانه ينطلق. ودار العديد من الأسئلة حول مستقبل الرئيس . أجوبة المبعوث الدولي أظهرت أنه بات أقرب إلى ترتيب الحل كما قدمته روسيا قبل أكثر من سنة: الاتفاق على كيفية بناء سورية الجديدة، أما الأدوار الشخصية فآخر المطاف.

هذه الرؤية تعكس أيضاً ما رسا عليه الأميركيون في الآونة الأخيرة، لكون مهمة المبعوث الدولي لا يمكن أن تعمل من دون هذا المحرك الثنائي الدفع.

قال لمن سأله إن مستقبل الرئيس الأسد يقرره الشعب السوري. أما تسلسل الحل، وفق تقديمه، فهو الوصول إلى حكومة وحدة، شاملة التمثيل، تقود إلى تغيير دستوري، ثم إجراء انتخابات عامة. لم يذكر ولا مرة قضية «هيئة الحكم الانتقالية»، التي تحدث عنها جنيف، مكتفياً بالحديث عن «حكومة وحدة». كل تلك المحطات برأيه هي «عملية يجب أن يكون الجميع جزءاً منها»، بمن فيهم الرئيس الأسد. بعد ذلك يصل دي ميستورا إلى ما بدا أنه التحفظ الذي يمكن أن ترسو عنده الحلول، ومنها اعتبارات مستقبل الرئيس الأسد، وهو أن الحصيلة «يجب أن تقود إلى وضع سياسي، وخصوصاً سورية مستقرة تشمل الجميع».

أما من تحدث عن إمكانية «الثقة بالرئيس الأسد إذا كانت هناك مباحثات»، فرد عليه دي ميستورا بالقول «المشكلة الأكبر هي أن لا أحد لديه ثقة بأي أحد»، قبل أن يضيف «آمل أنه يمكننا عقد مباحثات حول أن هذا الصراع لا يمكن أن يربحه أحد، لا الرئيس الأسد ولا المعارضة».

لكن كثرة التفاصيل لا تجعل البوصلة ضائعة بالنسبة للوسيط الدولي. الأفق الذي قدمه للحل هو النموذج اللبناني. هناك في هذا النموذج برأيه ما يستحق المديح، إذ قال لنواب أوروبا «انظروا إلى لبنان، إنه موزاييك مدهش، مع قدرة معتبرة على النجاة، رغم حقيقة وجود مجتمعات مختلفة من الموارنة وصولا إلى حزب الله». وبناءً على ذلك، شدد على أن المطلوب من المجتمع الدولي هو إجلاس أطراف الأزمة السورية حول طاولة التفاوض، وتركهم يعملون «لإيجاد حل سوري، على الأرجح على غرار النموذج اللبناني».

أما كي يصل السوريون إلى «الحل اللبناني»، وفق قوله، فيجب على مختلف اللاعبين الدوليين «تركهم وشأنهم»، لافتا تحديداً إلى ضرورة التوقف عن «الدفع إلى حسم عسكري». أما القلقون من إمكانية نجاح ذلك، فيقول لهم دي ميستورا «علينا عدم التقليل من شأن قدرة السوريين» على الوصول لاتفاق بين بعضهم البعض.

لكن المبعوث الدولي لا يدعو اللاعبين الدوليين إلى التزام هذا النهج فقط لمصلحة السوريين. حذّر بوضوح من أنه في حال عدم إيجاد «الحل السوري»، فإن البديل سيكون «فوضى في المنطقة، من لبنان إلى تركيا إلى الأردن، وانهيار سورية، وفوق ذلك حضور داعش على شواطئ المتوسط».

إحدى القضايا التي تساءل حولها الكثيرون هو أين دور إيران، وهل من حاجة ملحة له؟ جواب المبعوث الدولي كان واضحا: «إيران مهمة جدا، تأثيرها واضح، وحضورها واضح».

وفق هذه الوقائع، يقول دي ميستورا إن أهمية مشاركة إيران في رعاية الحل السوري أمر «لا جدال فيه»، تماما كما هي الحال مع السعودية وتركيا، وصولاً إلى روسيا وأميركا، لأنه بغير ذلك «ليس هناك حل».

أما عن خلاصة المباحثات الجارية مع دمشق فيما يتعلق تجميد القتال بدءاً من حلب، فلخصها بالقول «لا نزال نناقش، نتفاوض»، مضيفاً «لا أحد قال إن الأمر سيكون سهلاً».

قبل كل ذلك وبعده، هناك مبادئ أساسية يرى دي ميستورا أن الاجتماع عليها متحقق. ويقول «مهما حصل في سورية، فإن المؤسسات، بما فيها الجيش، تجب حمايتها والحفاظ عليها، وذلك كي نضمن أنه لن يكون هناك انهيار بالطريقة التي رأيناها في العراق، وبالطريقة الأسوأ التي رأيناها في ليبيا». ويقول «الجميع يكررون أمامي: أرجوك دعنا نحاول كل شيء لتفادي الوصول إلى وضع مثل ليبيا»، مضيفاً «الجميع بات يعترف بأن الخطأ الأكبر في العراق كان تفكيك المؤسسات، بعض الذين يقودون داعش اليوم هم عسكريون سابقون من الحرس الجمهوري العراقي».

في النهاية يأمل دي ميستورا تحقيق جمع للمصالح الدولية، كما حصل في عين العرب، بما يقود إلى تجميد القتال في حلب والبناء عليه صعوداً إلى حل سياسي. حضور امتداد «داعش»، على كل سوئه، يراه لحظة لتنبيه الجميع إلى مصلحة مشتركة يجسدها قتال التنظيم الإرهابي. كان حريصا على أن يحمل معه خريطة، فتحها أمام محاوريه ليعرض عليهم الامتداد الشاسع لـ«داعش». ويشدد على أن التجميد في حلب سيعني إنقاذ طريدة تترصدها عيون التنظيم، معتبراً، في وصف معبّر، أن «داعش ينتظر الآن مثل طير كبير، يتحين الوقت المناسب للانقضاض».

وحسب «السفير»، فقد حمَّل مسؤول سوري، الأتراك «مسؤولية أي فشل» يمكن أن تتعرض له مهمة المبعوث الأممي إلى سورية، معتبراً أن الجانب التركي ما زال يشكل «العقدة الأكثر ضرراً في مشروع التسوية السورية ومشروع مكافحة الإرهاب الدولي».

ويأتي التذكير بالدور التركي فيما لا يزال نائب دي ميستورا السفير رمزي رمزي يجري اتصالاته مع الجانب السوري، في مهمة «يمكن أن تتوج بزيارة المبعوث الدولي»، وفقاً لتعليق المصدر، «في حال تم التوصل إلى أي نتائج من النقاش الجاري يمكن الاحتفاء بها».

ووفقاً للمصدر فإن «كل الأفكار التي يتم بحثها (الآن) تختص بمدينة حلب تحديداً»، مشيراً إلى أن «أي أفكار أخرى بصدد مناطق أخرى يمكن أن تطرح حين يتم اختبار المرحلة الأولى، انطلاقاً نحو توسعتها».

وتفادى المصدر إبداء أي تعبير سلبي تجاه الجهود الحالية، أو التشاؤم بصددها، مشيراً إلى حالة «التجاذب الجارية على أساس الحوار المتبادل»، مؤكداً استمرار دمشق في قرارها «دعم مهمة» دي ميستورا ومحاولة تسهيل تطبيقها.

لكن «التعقيد» الرئيسي، وفق المصدر، يبقى في طريقة تعاطي الطرفين مع القضية، إذ ترفض الحكومة السورية، ونقلت هذا الرأي بصراحة للوفد الأممي، إعطاء «أي مشروعية للمعارضة في مناطق التجميد، سواء عبر إدارة ذاتية أو مجموعات منظمة أو حكم محلي، وما شابه»، مشيراً إلى أن الخطة «بالنسبة للحكومة لها ساقان، الأولى هي سيادة الدولة السورية، والثانية مكافحة الإرهاب بشكل واضح وصريح».

وحول مكافحة الإرهاب، رأى المصدر أن أي خطة لمحاربة الإرهاب لا يمكن أن تتكلل بالنجاح «بسبب النفوذ التركي»، مشيراً إلى أن السياسة التركية الحالية لا تهدد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب فقط، وإنما «أي تقدم يمكن أن تحققه خطة المبعوث الدولي إلى سورية».

وكانت دمشق طلبت من دي ميستورا سابقاً ممارسة ضغط على «الدول التي تدعم المجموعات المسلحة»، ومن أبرزها تركيا، لكن الجانب السوري يعتبر أن أي تقدم لم يحصل في هذا المجال، حتى الآن.

وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...