الهجمات الإسرائيلية على سوريا اختبار الناتو للدفاعات الجوية السورية؟

07-05-2013

الهجمات الإسرائيلية على سوريا اختبار الناتو للدفاعات الجوية السورية؟

الجمل- آلكس لانتيَر- ترجمة: د. مالك سلمان:

إن الهجمات الإسرائيلية على "مطار دمشق الدولي" مساء الخميس ومواقع الجيش السوري في عدة مناطق من دمشق البارحة هي أعمال حربية غير قانونية وغير مبرَرَة حرضت عليها واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون كجزء من تصعيد الحملة العدوانية على سوريا.
ذكرت وسائل الإعلام الروسية أن 300 عسكرياً سورياً قضوا, بالإضافة إلى مئات الجرحى الذين أصيبوا في هجمات الأحد فقط.
عملت القوات الإسرائيلية بمثابة دعم جوي لميليشيات المعارضة الإسلاموية, المدعومة من الولايات المتحدة, المتواجدة حول دمشق. فقد أصدرَ "المجلس العسكري" المعارض في دمشق بياناً بُعيدَ هجمات الأحد يدعو فيه مقاتليه لترك خلافاتهم جانباً وشن هجمات مركزة على القوات السورية.
تأتي الهجمات وسط جدل يدور في واشنطن حول الطرق التي يمكن فيها لإدارة أوباما تصعيد الحرب في سوريا بعد فشل وكلائها المسلحين في إسقاط النظام السوري. وقد وصفت "نيويورك تايمز" ذلك يوم السبت على أنه "أهم مسائل السياسة الخارجية في ولاية أوباما الثانية."
تشهد الطرق التي يتم التفكير فيها على الطبيعة الإجرامية السياسية لهذه المهمة. حيث تشمل إما تزويد المعارضة - المدعومة من الولايات المتحدة والتي تهيمن عليها "جبهة النصرة" المرتبطة بالقاعدة – بالأسلحة, أو البدء بعمليات عدوانية أمريكية مباشرة. ويشمل الخيار الثاني شنَ هجمات أمريكية على الطائرات السورية والدفاع الجوي السوري بهدف إقامة "منطقة حظر طيران" داخل البلاد, أو غزوَ سوريا بواسطة القوات الأمريكية المتمركزة في الأردن أو تركيا.
تشير كافة الدلائل إلى أن الهجمات الإسرائيلية كانت بروفة لهجمات جوية أمريكية محتملة على سوريا. وعلى الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين قد ناقشوا فكرة الهجمات الهادفة إلى إقامة منطقة حظر جوي, فقد ترددت واشنطن حتى الآن في التحضير لهكذا هجمات خوفاً من أنظمة الدفاع الجوي السوري.
في حديثه لبرنامج "قابل الصحافة" على "إن بي سي نيوز" قال السيناتور الأمريكي باتريك ليهي (ديمقراطي عن ڤيرمونت) إن الهجمات الإسرائيلية نُفذت بطائرات "إف 16" الأمريكية, وأنها أثبتت أن "أنظمة الدفاع الجوي الروسية ليست بالفعالية التي تكلموا عنها." وفي البرنامج نفسه, قالت مراسلة "إن بي سي" آندريا ميتشل إنه بعد الهجمات الإسرائيلية, بدت فكرة إقامة منطقة حظر طيران في سوريا أكثر قابلية للتطبيق.
سارعت إدارة أوباما إلى التعبير عن تأييدها للهجمات الإسرائيلية. وقد أكد المسؤولون الأمريكيون, بلا أي دليل, أن الهجمة الليلية استهدفت شحنة من الصواريخ الإيرانية مرسلة إلى المنظمة الشيعية اللبنانية "حزب الله", الحليف لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت مصادر المعارضة السورية, المدعومة من الولايات المتحدة, إن الانفجارات الضخمة التي هزت دمشق صباح الأحد استهدفت قواعد الجيش السوري ومركز الأبحاث العسكرية في جمرايا الذي يعمل, حسب مزاعمهم, على تطوير الأسلحة الكيماوية.
من كوستاريكا, حيث كان في جولة مدتها 3 أيام في أمريكا اللاتينية, قال أوباما: "من حق الإسرائيليين منع نقل أسلحة متطورة إلى منظمات إرهابية مثل حزب الله ... نحن ننسق مع الإسرائيليين, مدركين قربَهم من سوريا, وقربَهم من لبنان."
على غرار الأكاذيب التي تم استخدامها لتبرير الغزو الأمريكي للعراق, فإن التبريرات التي يتم تقديمها للشعب الأمريكي للحرب على سوريا هي مزيج من الاتهامات غير المثبتة والأكاذيب الصرفة. فالمزاعم التي تفيد أن الأسد قد استخدم الأسلحة الكيماوية – والمبنية على الادعاءات القائلة إن مقاتلي المعارضة قد تعرضوا لغاز الأعصاب "السارين" – هي مزاعم كاذبة. فكما اعترف أحد المسؤولين البريطانيين البارحة, "من غير الواضح حتى الآن من الذي قام باستخدام هذه المواد, وبأية كميات, وما هو الأثر الذي خلفَته."
لكن ردَ الفعل الأمريكي على الضربات الإسرائيلية يوضح شيئاً واحداً: بعد حربي العراق وأفغانستان, تتهيأ واشنطن لشن حرب إمبريالية جديدة واسعة, ضد سوريا هذه المرة. وسوف تكون عواقب هذه الحرب العدوانية, في حال إطلاقها, أكبر بكثير من نتائج الحرب على العراق.
أشعلت الحرب الحالية بالوكالة على سوريا الشرق الأوسط سلفاً. إذ تعمل هذه الحرب, التي تهدف إلى عزل واستفزاز حليف سوريا الإقليمي الرئيسي إيران, على جر "حزب الله" إلى ساحة القتال وإشعال حرب أهلية في العراق, حيث تقاتل القوات الطائفية السنية المرتبطة بجبهة النصرة الحكومة التي يقودها الشيعة.
فمن خلال تصعيد الحرب في سوريا, تهدد واشنطن بإطلاق العنان لحرب إقليمية واسعة من المحتمل أن تقودَ إلى حرب كونية في حال قرر حليفا الأسد, روسيا والصين, الدخول فيها.
إن النزعة الحربية الأمريكية ضد سوريا, بعد عشر سنوات من غزو العراق, تشهد على إفلاس الديمقراطية الأمريكية. فمرة أخرى, تندفع واشنطن لشن حرب لتحقيق مصالحها الإمبريالية معبرة عن احتقارها الكامل للمعارضة الشعبية العارمة لهذه الحرب في الولايات المتحدة والشرق الأوسط. حيث تظهر الاستبيانات أن 62% من الأمريكيين يعارضون إرسال المزيد من الأسلحة إلى المعارضة الإسلاموية؛ كما أن نسباً أعلى في بلدان الشرق الأوسط تعارض الحربَ التي تشنها الولايات المتحدة بالوكالة.
من ناحية أخرى, تكشف الضربات الإسرائيلية أكاذيبَ داعمي المعارضة السورية, من أمثال غيلبرت أشقر من "الأمانة المتحدة" شبه اليسارية, الذي وصف مؤخراً الانتقادات الموجهة إلى التورط الإمبريالي في الحرب السورية بأنها "نوع من نظرية المؤامرة". فمنذ تأييدها حرب الناتو على ليبيا في سنة 2011 التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي, صعدت هذه الأخَوية شبه اليسارية من نشاطها الدعائي للحروب الإمبريالية الهادفة إلى تغيير الأنظمة, والتي يتم شنها بالتحالف مع مع القوى الطائفية اليمينية والقوى الإقليمية الرجعية.
كانت سوريا على لائحة واشنطن منذ أكثر من عقد من الزمن, بسبب علاقاتها مع إيران وقوى من أمثال "حزب الله". ومع الحرب الحالية, تسعى الولايات المتحدة إلى إقامة حامية في سوريا تكون خاضعة تماماً للسياسة الأمريكية.
ليس هناك أي دعم شعبي لحرب جديدة في الشرق الأوسط في الولايات المتحدة, حيث تقوم نفس النخبة الحاكمة التي تشن الحربَ في الخارج بالهجوم الشرس على الطبقة العاملة في الداخل. إن الاندفاع نحو الحرب على سوريا يخلق الشروط الملائمة لنزاع متفجر بين المشاعر الرافضة للحرب في صفوف الطبقة العاملة والخطط العسكرية المتهورة التي ترسمها النخبة الحاكمة.

تُرجم عن ("وورلد سوشليست ويب", 6 أيار/مايو)

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...