من أدغال كولومبيا إلى مستنقع سوريا، واشنطن تلوّح للروس بصواريخ مضادة للطيران

28-09-2016

من أدغال كولومبيا إلى مستنقع سوريا، واشنطن تلوّح للروس بصواريخ مضادة للطيران

مفارقتان أميركيتان بين سوريا وكولومبيا. انهمك وزير الخارجية جون كيري أمس، في احتفالات انتهاء الحرب الكولومبية التي استمرت نحو 50 سنة، والتي لعبت فيها الاستخبارات الأميركية دوراً فاضحاً بدعمها الميليشيات اليمينية لمواجهة الثوار الماركسيين في أدغال هذا البلد الأميركي الجنوبي، ما كلّف البلاد نحو 300 الف قتيل. المسؤولون الأميركيون كانوا بالأمس يحاولون غسل أياديهم من الدم السوري، ويلمّحون الى احتمال لجوء حلفائهم الخليجيين والسعوديين تحديداً والأتراك أيضاً، الى امداد فصائل المسلحين السوريين بصواريخ مضادة للطائرات، في رهان على تحقيق «المستنقع السوري» الذي تحدثت عنه القيادة العسكرية الأميركية قبل أيام.
وفي المقابل، كانت وزراة الخارجية الروسية تنشر بعض الوثائق من «تفاهمات ايلول» بين كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، مجددة تحذير واشنطن من مخاطر «مغازلة» الإرهابيين. وقد اكدت موسكو وطهران على استمرار دعمهما لدمشق في مواجهة الحرب الإرهابية العالمية عليها، وجددت ايران تحذيرها من مخاطر محاولات تغيير حدود الدول الاقليمية، مؤكدة أن مصير حلب وباقي مناطق سوريا سيتحدد في ساحات المواجهة مع التكفيريين.
وبينما استمرت غارات سلاح الجو الروسي والسوري في منطقة حلب، تقدم الجيش السوري في اطار سياسة القضم التدريجي وسيطر على حي الفرافرة شمال غرب قلعة حلب بعد شن هجوم مباغت من محور السويقة، في وقت تمكنت فيه الفصائل المسلحة بقيادة «جند الأقصى» من اختراق قرى عدة وتلال في ريف حماه الشمالي الشرقي وسط معارك عنيفة.
واشنطن والسلاح
 ولم يستبعد مسؤولون أميركيون أن يؤدي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا إلى قيام دول الخليج أو تركيا بتسليح «المعارضة» بصواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي، مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، أمس الأول، قوله إن «واشنطن حالت دون وصول كميات كبيرة من أنظمة الدفاع الجوي، تلك المحمولة على الكتف إلى سوريا»، موضحاً أن «خيبة الأمل إزاء موقف واشنطن تتصاعد، وهذا ما يزيد في احتمال ألا تواصل دول الخليج أو تركيا السير وراء الولايات المتحدة، أو تغض الطرف عن أفراد أثرياء يتطلعون لتزويد جماعات المعارضة السورية بتلك الأسلحة المضادة للطائرات».
وقال مسؤول أميركي ثان «يعتقد السعوديون دوما أن السبيل الأمثل لإقناع الروس بالتراجع هو ما جرى في أفغانستان قبل نحو 30 عاما، وهو تحييد قوتهم الجوية بتزويد المجاهدين بأنظمة الدفاع الجوي المحمولة».
وأضاف «تمكنا حتى الآن من إقناعهم (السعوديين) بأن مخاطر ذلك أكبر في يومنا هذا لأننا لا نتعامل مع الاتحاد السوفياتي وإنما مع زعيم روسي عازم على إعادة بناء القوة الروسية، ومن غير المرجح أن يتراجع»، في إشارة إلى الرئيس فلاديمير بوتين.
وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد، قال قبل ايام خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، أنه «من غير الواضح بالنسبة لي أن روسيا (باتت) في مستنقع في هذا الوقت في سوريا»، قبل ان يستدرك «لدينا مجموعة واسعة من الخيارات العسكرية» التي يمكن أن تساعد في تغيير الحسابات الروسية في سوريا، من دون أن يذكر المزيد من التفاصيل.
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر أن واشنطن لا ترغب في أن يضخ أحد المزيد من الأسلحة لاستخدامها في الصراع السوري، مضيفاً «النتيجة لن تكون سوى التصعيد في قتال مروع بالفعل، الأمور قد تتحول من سيئ إلى أسوأ بكثير». غير أن مسؤولا آخر بالإدارة الأميركية قال «المعارضة لها الحق في الدفاع عن نفسها ولن تترك من دون دفاع في مواجهة هذا القصف العشوائي»، مضيفاً أنه لن يعلِّق بشأن «قدرات محددة قد يتم ضمها إلى المعركة».
وقال تونر أن كيري «منفتح» على إجراء محادثات مع نظيره لافروف حول سوريا، وأن واشنطن لا تزال «مهتمة ببقاء هذه القناة مفتوحة»، موضحاً أنه «يجب أن نرى خطوات اقترحتها روسيا وكذلك (تلك التي اقترحت) باسم النظام (السوري)، وهو أمر لا شك فيه، نظراً لمواصلة تقدم القوات (السورية) في حلب».
روسيا
 ذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن موسكو تعول على أن «تفي الولايات المتحدة أخيرا بالتزامها القديم من ناحية الفصل (بين المعارضة والإرهابيين)، لأنه هناك عدد كبير من الفصائل المسلحة التي تصفها واشنطن بالمعارضة المعتدلة لكنها تقاتل جنبا إلى جنب مع جبهة النصرة، بل وانسجمت معها على الصعيد العملي.. ونحن نعود فنقول إن مغازلة الإرهابيين والتساهل معهم لم يجلب أبدا ثمرات طيبة».
اما نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف فقد اكد على عزم موسكو مواصلة دعمها لدمشق في مواجهة الإرهاب والمساعدة على تسوية الأزمة السورية.

*ميدانياً
 بالتزامن مع استمرار القصف والاستهداف لمواقع الفصائل المسلحة في أحياء حلب الشرقية، حققت قوات المشاة في الجيش السوري والقوات الحليفة التي تؤازرها تقدماً مهما في منطقة حلب القديمة، حيث فرضت سيطرتها على حي الفرافرة شمال غرب قلعة حلب بعد شن هجوم مباغت من محور السويقة، في وقت تمكنت فيه الفصائل المسلحة بقيادة «جند الأقصى» من اختراق قرى عدة وتلال في ريف حماه الشمالي الشرقي وسط معارك عنيفة.
وقال مصدر عسكري  إن تقدم قوات الجيش السوري جاء بشكل مباغت، موضحاً أن «هذه العملية هي جزء من عمليات متكاملة تشهدها حلب على محاور عدة». وفي وقت ذكرت فيه بعض المصادر المعارضة أن الجيش السوري بدأ معركة كبيرة على أحياء حلب، أكد المصدر العسكري أن «المعركة لم تبدأ بعد»، موضحاً أنه «لن تكون هناك معركة كبيرة، فالعملية مستمرة على جميع المحاور لتقطيع أوصال المسلحين المحاصرين في الأحياء الشرقية للمدينة». وتعتبر هذه المعركة هي الأولى من نوعها باتجاه أحياء حلب القديمة منذ العام 2013.
وفي حماه، تمكن مسلحو «جند الاقصى» وفصائل متشددة أخرى من السيطرة على قريتين وتلتين في الريف الشمالي الشرقي بعد معارك عنيفة مع قوات الجيش السوري والدفاع الوطني. وذكر مصدر ميداني أن المسلحين تمكنوا من السيطرة على قرية الشعثة والقاهرة والطليسية وتلتي رأس العين وتلة الأسود، قبل أن يشن الجيش السوري هجوماً معاكساً على محور الطليسية ويتمكن من استعادتها، ويمهد لدخول الشعثة
 وتسعى الفصائل المسلحة، التي أطلقت على هجماتها اسم «مروان حديد» (مؤسس الطليعة المقاتلة في جماعة الاخوان المسلمين في سوريا)، من تقدمها في محيط حماه إلى تضييق الخناق على المدينة التي تقع وسط سوريا، وهي تمثل نقطة الوصل بين مختلف المحافظات السورية، بالإضافة إلى الاقتراب من طريق حماه ـ خناصر ـ حلب الذي يمثل طريق الامداد الرئيسي إلى عاصمة الشمال، وقد باتت الفصائل المسلحة، بتقدمها الجديد، على بعد نحو 20 كيلومتراً عن الطريق.
وفي هذا الصدد أكد مصدر عسكري سوري أن تعزيزات كبيرة وصلت إلى حماه، مؤكداً أن التقدم الجديد في محيط حماه لا يشكل تهديدا على المدينة كما لا يشكل أي تهديد على طريق حلب.
وفي الغوطة الشرقية، سيطرت قوات الجيش السوري على رحبة الاشارة بمحور بلدة الريحان بعد معارك مع مسلحي «جيش الاسلام»، وذلك ضمن عمليات الجيش التي تهدف إلى تضييق الخناق على المسلحين داخل مدينة دوما معقل «جيش الإسلام».

*علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...