كيف يمكن لقمة الدوحة تجاوز خبرة القمم السابقة

28-03-2009

كيف يمكن لقمة الدوحة تجاوز خبرة القمم السابقة

الجمل: سيعقد في العاصمة القطرية الدوحة بعد غد الاثنين مؤتمر القمة العربية الدوري، وتشير المعلومات والتقارير إلى أن جدول أعمال القمة سيكون حافلاً بالملفات الساخنة مثل: الأزمة الفلسطينية، أزمة العلاقات العربية – الإيرانية، أزمة مذكرة توقيف الرئيس السوداني عمر البشير، إضافة إلى أزمة الخلافات العربية – العربية ومدى قدرة القمة على تقديم إضافة حقيقية لما تم في قمة الرياض المصغرة.
* إشكاليات القمم العربية: بين سيناريو الانكفاء الإقليمي وسيناريو الانفتاح الدولي؟
يشهد العالم بين الحين والآخر، انعقاد عشرات اجتماعات ومؤتمرات القمم الدولية والإقليمية المتعددة الأطراف والثنائية وتشير معطيات خبرة القمم إلى توزع جدول أعمالها بين الأجندة الداخلية والأجندة الخارجية، إلا القمم العربية التي ظل جدول أعمالها يركز على الأوضاع الداخلية، وبكلمات أخرى فلم يحدث أن تطرفت قمة عربية إلى التعاون العربي – الأوروبي أو العربي – الآسيوي، أو إلى الدور الأمريكي في المنطقة، أما انعقاد قمة عربية تكون مخصصة لتأثير الدعم الأمريكي لإسرائيل وخطورة ذلك على الأمن والاستقرار العربي والشرق أوسطي فهو أمر علينا ألا نحلم بحدوثه قريباً لأنه في ظل الأوضاع العربية الحالية يندرج ضمن دائرة المستحيلات والتابوهات المحرمة.
* خلفيات قمة الدوحة نيسان 2009:
من الواضح أن قمة الدوحة لن تستطيع تجاوز خبرة نمط القمم العربية التقليدية العربية برغم القاعات الجديدة ومراسم الفخامة التي ستنعقد فيها القمة، هذا وفي آخر لقاءات الزعماء العرب التي عقدت بعد انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، لم يقدم الزعماء العرب سوى بعض التصريحات والبيان الختامي وتجدر الإشارة إلى أنه عندما طلبت قطر عقد قمة عربية طارئة يتم تخصيصها لأزمة غزة كانت النتيجة متمثلة في الآتي:
• المزيد من الخلافات العربية.
• حضور 14 دولة عربية وغياب 8 دول.
• محاولة بعض الدول العربية إفشال القمة عن طريق الدعوة لعقد قمم مصغرة بما يؤدي لإجهاض مضمون ومحتوى القمة الطارئة.
• محاولة أمين عام الجامعة العربية نفسه إفشال القمة بحيث كان من جهة يحاول إثناء بعض الأطراف عن حضور القمة ومن الجهة الأخرى كان يقوم بواجبه المعلن كأمين للجامعة لجهة حضور القمة والمشاركة في ترتيباتها.
خلال الحقب الماضية كانت القمم العربية تجد المعاكسة بواسطة القوى الخارجية الأجنبية ولكن خلال الفترة الحالية أصبحت القمم العربية تجد المعاكسة بواسطة القوى العربية نفسها ولم تعد أمريكا أو إسرائيل بحاجة البذل الجهود من أجل إفشال القمم العربية لأنها بالأساس أصبحت قمم فاشلة قبل انعقادها!!
إنجازات القمم العربية أصبحت أكثر إثارة للغرابة والدهشة ومن أمثلة ذلك ما يلي:
• قمة بيروت 2002 أعلن فيها المبادرة العربية التي قدمتها السعودية وبرغم مرور 7 أعوام فقد استجاب العرب لقمة أنابوليس التي دعت إليها أمريكا، وأرغمتهم على الحضور والالتزام بعدم الحديث أو حتى مجرد الإشارة لمصير المبادرة العربية أو حتى التطرق لملف الانسحاب من الجولان. كما ارتكبت إسرائيل المزيد من الانتهاكات الخطيرة وقدمت المزيد من المواقف التي تجاوزت الأعراف الدولية والإقليمية وشنت الحرب ضد اللبنانيين وضد الفلسطينيين وأعلنت عن رفضها الانسحاب من الأراضي المحتلة وبرغم ذلك ما تزال المبادرة العربية في طي الكتمان العربي، فلا قمة عربية تطالب بها أو تعلن إلغائها!
• ناقشت القمة الاقتصادية العربية في الكويت ملف أزمة غزة، والتزمت الدول العربية بتخصيص مبلغ 2 مليار دولار من أجل إعادة إعمار القطاع ولكن الخلافات تزايدت حول:
- هل يتم إنفاق المبلغ عن طريق حركة حماس التي تسيطر على القطاع أم عن طريق حركة فتح التي تسيطر على الضفة الغربية.
- هل يتم إنفاق المبلغ عن طريق مصر أم عن طريق الأردن أم عن طريق السلطة الفلسطينية.
ولكن ما هو واضح يتمثل في أن واشنطن ستسعى إن لم تكن سعت لأخذ المبلغ والتفاهم مع الإسرائيليين حول كيفية استخدامه!!
* بين الجامعة العربية واللوبي الإسرائيلي: وصل الخط المنقطع:
تدور على المستوى الميداني في الساحة العربية العديد من الصراعات والأزمات، فهناك أزمة الصراع العربي – الإسرائيلي، التي تفرعت إلى صراع فلسطيني – إسرائيلي وصراع سوري – إسرائيلي وصراع لبناني – إسرائيلي، وهناك أزمة الاحتلال الأمريكي للعراق، التي تفرعت إلى العديد من الأزمات الفرعية وهناك أزمة الصحراء الغربية وأزمة دارفور وغيرها.
تنعكس كل هذه الأزمات داخل القمم العربية وبرغم وضوح هذه الأزمات والأطراف التي تغذيها وتقف وراءها والمسؤولة عن تصعيدها وعدم حلها، فإن الخلافات العربية – العربية داخل القمم أصبحت تدور بين أطراف تسعى إلى مواجهة المشاكل والأزمات عن طريق الوضوح والتشخيص الواضح لأسبابها وكيفية علاجها وأطراف أخرى تتحدث وفقاً لمنطق يشبه بقدر كبير الأحاديث والنقاشات التي تدور حول أزمة الفن التشكيلي وعلى سبيل المثال:
• تطالب سوريا بحقها المشروع في استعادة أرضها فما هو المطلوب منها:  التنازل عن حقوقها أم شيء آخر؟
• طالب الفلسطينيون بحقهم المشروع في إقامة دولتهم المستقلة وحق العودة التي أقرت لهم به الأمم المتحدة فما هو المطلوب منهم: التنازل عن أرضهم والبقاء في الملاجئ إلى الأبد، أم شيء آخر؟
• يطالب العراقيون باستقلال بلدهم عن الاحتلال الأمريكي فهل المطلوب منهم القبول بالاحتلال أم شيء آخر؟
كثيرة هي أطروحات "الفن التشكيلي" داخل القمم العربية وطروحات بعض الزعماء العرب أقرب إلى تهويمات الفنانين التشكيليين لجهة المواقف وغرابة ردود الأفعال وغرابة الطرح، وعلى سبيل المثال لا الحصر حملت التقارير الصادرة اليوم خبر أن الرئيس حسني مبارك قرر عدم حضور قمة الدوحة؟ وهي القمة التي ستناقش مذكرة توقيف الرئيس عمر البشير رئيس الدولة المجاورة له والتي تمر عبها مياه النيل الذي لولاه لأصبحت مصر صحراء جرادء قاحلة، وستناقش أزمة قطاع غزة وهو القطاع المجاور له والذي يقوم حالياً برعاية مفاوضاته وتفاهماته مع الجميع: الفلسطينيين – الإسرائيليين – الأمريكيين – الأوروبيين. فلماذا رفض الرئيس مبارك حضور القمة؟
حتى الآن لا يوجد سبب واضح فجورج بوش وجماهير المحافظين الجدد أصبحوا بعيدين عن البيت الأبيض الأمريكي، هل لأسباب سياسية معروفة أم لأسباب "فنية تشكيلية" بحتة.
نشر معهد واشنطن التابع للوبي الإسرائيلي ورقة الرصد السياسي رقم 1498 التي أعدها اليهودي الأمريكي ديفيد شينكر خبير اللوبي الإسرائيلي لشؤون سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية ومسؤول شؤون الشرق الأوسط السابق في البنتاغون وتحديداً في مكتب وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد.
أشار ديفيد شينكر واصفاً القمة العربية بأنها ستكون بمثابة "حفلة سيرك" وتطرق إلى تناقض الأطراف العربية والخلافات الفلسطينية وكشف عن توجهات اللوبي الإسرائيلي الساعية إلى التمادي في مخطط استهداف سوريا عن طريق توظيف وكالة الطاقة الذرية الدولية وعن طريق المحكمة الدولية لقتلة الحريري برغم انكشاف أمر خلفيات دور المحقق السابق اليهودي الألماني ديتليف ميليس وشهود الزور الذي حاول استخدامهم في تركيب الأدلة، والآن هل ستعلن القمة العربية عن رفضها وإدانتها الصريحة لاستخدام مفاهيم ووسائل العدالة الدولية في التغطية على جرائم إسرائيل في تلفيق التهم ضد الأطراف العربية الرافضة لمخططات محور واشنطن – تل أبيب أم أننا سنشهد قمة "تشكيلية" عربية جديدة.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...