«ويكيليكس» تنشـر ربـع مليون فضيحـة أميركيـة

29-11-2010

«ويكيليكس» تنشـر ربـع مليون فضيحـة أميركيـة

فجر موقع «ويكيليكس»، أمس، فضيحة دبلوماسية مدوّية، بنشره برقيات سرية بين الإدارة الأميركية وسفاراتها في العديد من عواصم العالم، بما في ذلك في دول الشرق الأوسط، ومن بينها 2368 برقية من السفارة الاميركية في عوكر حول الوضع في لبنان، يمكن ان تحدث زلزالا لبنانيا جديداً. وتضمنت هذه الوثائق معلومات في غاية الحساسية حول قضايا إقليمية ودولية مختلفة، بدءاً بالملف النووي الإيراني، حيث تظهر تحريضاً إسرائيلياً وعربياً ضد الجمهورية الإسلامية، مروراً بدور سعودي في تمويل «الإرهاب العالمي»، وعمليات تجسس أميركية طالت منظمة الأمم المتحدة، وصولاً إلى التطرق إلى الصفات الشخصية لعدد من قادة الدول.
وتتميز الوثائق التي تنشر هذه المرة عن المرات السابقة بأنها لا تتعلق بأسرار عسكرية يمكن تقليص أضرارها عن طريق تغيير الخطط أو الانتشار، خصوصاً لقوة عظمى مثل الولايات المتحدة، وإنما بأسرار دبلوماسية بالغة التأثير على العلاقات مع الدول الأخرى. ولا يختلف اثنان في العاصمة الأميركية حول أن نشر هذه الوثائق يوجه ضربة قوية جداً لسياسة الإدارة الأميركية التي تتخبط حتى من دون فضائح.
لبنان
وتناولت 3862 برقية الوضع في لبنان، ومن بينها 2368 برقية صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت. وفي وثيقة مؤرخة في 30 تموز عام 2009، وصادرة من السفارة الأميركية في تل أبيب، حول اللقاء بين مساعد وزيرة الخارجية
للشؤون السياسية والعسكرية أندرو شابيرو ومسؤولين في الحكومة الإسرائيلية في 22 و23 تموز للتشديد على أهمية العلاقات العسكرية بين أميركا وإسرائيل. وعبر المسؤولون الإسرائيليون عن مخاوفهم من صفقة الأسلحة الضخمة مع السعودية وتحفظاتهم على نقل أسلحة أميركية إلى لبنان، وطالبوا بإجراء محادثات أخرى حول الاستراتيجية الأميركية ونوايا واشنطن بما يخص القوات المسلحة اللبنانية.
وأشارت الوثيقة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين واصلوا الإعراب عن قلقهم من مواصلة الولايات المتحدة نقل الأسلحة إلى القوات المسلحة اللبنانية وطالبوا بالحصول على فرصة لإجراء المزيد من المباحثات حول نيات واشنطن بما يخص القوات اللبنانية.
وتفيد إحدى الوثائق بأنّ شابيرو أشار بأن «نتائج الانتخابات اللبنانية مثلت نقطة تحول ورفض لحزب الله وراعيه الإيراني»، مشدداً على أن «الحاجة لبناء المؤسسات اللبنانية، ضمنها الجيش، أصبحت الآن أكثر أهمية من أي وقت سبق».
وأشار المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية بنحاس بوخريس إلى أن «الانتخابات في لبنان كانت ايجابية»، لكنه اعتبر أن تأثير «حزب الله لا يزال قوياً. وأشار إلى انه لا يوجد في طائرات «سيسنا» والطائرات من نوع «رايفان» التي قدمتها الولايات المتحدة للبنان إجراءات ملاحية ملائمة، ما يخلق إمكانية لحصول حادث على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.
وقال جلعاد إن المسؤولين الإسرائيليين لا يعتقدون أن القوات المسلحة اللبنانية ستهاجم إسرائيل، ولكن، بسبب العلاقات بين «حزب الله» والقوات المسلحة اللبنانية، فإنه شدد على أن القوات الإسرائيلية ستتواجه في النهاية مع القوات اللبنانية في أي نزاع مع الحزب.
وأعرب محللون في مركز الأبحاث الإسرائيلي عن اعتقادهم بوجود تغيير دراماتيكي في السياسة بالرغم من الفوز المهم لتحالف 14 آذار في الانتخابات. واعتبروا أن الوضع السياسي الهش في لبنان مستقر حالياً، ولكن «حزب الله» لا يزال يملك فيتو غير رسمي. وأشاروا إلى ان النظرة البعيدة الأمد ستختبر عبر محكمة الحريري ورغبة الحزب بالانتقام لاغتيال الشهيد عماد مغنية. واعتبروا ان القوات المسلحة اللبنانية تواجه ضغطاً كبيراً بعد انفجار مخزن تابع لحزب الله قرب الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية.
وسأل شابيرو عما إذا كانت نتائج الانتخابات تعود في جزء منها إلى رد فعل المسيحيين ضد «حزب الله». ورد المحللون في المركز بأن النتيجة تعود إلى عوامل عديدة، ضمنها تأثير الأموال السعودية وعدم استقرار معسكر المعارضة. ووافقوا على تعبير شابيرو بأن (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله قد يكون تأدب بعد الانتخابات، لكن «حزب الله يواصل محاولاته لزعزعة تحالف 14 آذار».
إيران
أما في الشأن الإيراني، فقد أفادت وثيقة نشرتها صحيفة «لوموند» نقلاً عن ويكيليكس بأن إسرائيل أكدت للولايات المتحدة في كانون الأول الماضي 2009 أن المفاوضات مع إيران «لن تنجح». وتعرض برقية أميركية محادثة في الأول من كانون الأول عام 2009 بين مدير الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد ومساعدة وزيرة الخارجية الأميركية ايلين تاوشر.
وكتبت المسؤولة الدبلوماسية الأميركية إن «جلعاد قال إنه غير واثق بأن إيران قررت صنع سلاح نووي، لكن إيران مصممة على أن يتاح لها خيار صنع هذا السلاح». وأضاف جلعاد، وفق هذه البرقية، أن «دبلوماسية الرئيس باراك اوباما، التي تقوم على التفاوض «فكرة جيدة، ولكن من الواضح جداً أنها لن تنجح».
وفي برقية أخرى مؤرخة في 18 تشرين الثاني عام 2009، أبدت المسؤولة الدبلوماسية الأميركية الملاحظات الآتية: «أكد ممثل للموساد أن طهران تدرك أنها بتقديم رد ايجابي على المبادرة (الأميركية) فإنها تستطيع الاستمرار في ممارسة لعبة الوقت». وأضافت البرقية أنه «من وجهة نظر الموساد فإن إيران لن تقوم سوى باستخدام المفاوضات لكسب الوقت. وبذلك، ستتمتع إيران بين العامين 2010 و2011 بالقدرة التكنولوجية على صنع سلاح نووي».
وفي وثيقة مؤرخة في 2 حزيران عام 2009، قدر وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، في لقاء مع اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي، بأن «هناك نافذة تمتد ما بين 6 الى 18 شهراً، يمكن خلالها منع إيران من حيازة اسلحة نووية. وبعد ذلك، فان أي حل عسكري قد يؤدي الى ضرر كبير غير مقبول». وأعرب عن قلقه من انه «اذا استطاعت ايران تطوير قدرة نووية، فإن دولاً مارقة و/أو مجموعات إرهابية لن تتخلف عن اللحاق بهذا الركب».
وأوردت وثيقة أميركية أخرى أن العضو النافذ في الكونغرس روبرت وكسلر أوضح لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يدلين أنّ «الرئيس الأميركي يستطيع بسهولة اكبر إقناع الرأي العام الأميركي بدعم عمل عسكري (ضد إيران) إذا أخفقت جهود التفاوض بعد محاولة القيام بها. ورد يدلين بأنه لا ينصح الولايات المتحدة بفتح جبهة ثالثة، ولكن ينبغي الإدراك أن إسرائيل تنظر إلى الأمور بطريقة أخرى، ولا يمكنها استبعاد الخيار العسكري».
وتكشف وثائق مماثلة عن أن الملك السعودي عبد الله حث الولايات المتحدة «مرارا» على شن هجوم على إيران. ونقلت إحدى البرقيات عن السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير أن الملك السعودي «يدعو الولايات المتحدة إلى مهاجمة إيران لوقف برنامجها النووي»، وأنه نصح الأميركيين بـ«قطع رأس الأفعى».
كما تبيّن الوثائق أن الولايات المتحدة مارست الضغط على دول أخرى، بما في ذلك حلفاء مقربين مثل إيطاليا وفرنسا، للمساعدة في جهود الولايات المتحدة الرامية إلى عزل طهران.
وأفادت برقية أميركية مؤرخة في تشرين الثاني عام 2009 أن الموقف الروسي حول الملف الإيراني لا يزال «لغزاً» بالنسبة إلى الإسرائيليين. وكشف دبلوماسي أميركي، كما نقل عنه «ويكيليكس» أنّ عاموس جلعاد أوضح أمام ايلين تاوشر ان «موسكو طلبت تسليمها طائرات إسرائيلية حديثة من دون طيار في مقابل إلغاء بيع صواريخ اس-300 إلى طهران».
وأوردت وثيقة أن ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أكد خلال استقباله الجنرال الأميركي ديفيد بتراوس انه «يجب وقف هذا البرنامج»، فيما تنقل أخرى عن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، خلال لقائه مساعد وزير الطاقة الأميركي دانيال بونينان، «إنهم (الإيرانيون) يكذبون علينا ونحن نكذب عليهم»، في حين كتب دبلوماسي آخر من القاهرة أن الرئيس المصري حسني مبارك «يكن كرهاً شديداً للجمهورية الإسلامية».
من جهة ثانية، تظهر الوثائق أنّ مانحين سعوديين ما زالوا اكبر ممولين للجماعات المتشددة مثل تنظيم «القاعدة»، وأن عملاء للحكومة الصينية شنوا حملة تخريب منظمة لأجهزة كمبيوتر استهدفت الولايات المتحدة وحلفاءها.
وأفادت وثائق دبلوماسية أخرى أنّ الولايات المتحدة اشتركت في حملة تجسس ضد قيادة الأمم المتحدة. وجاء في هذه الرسائل أنّ تعليمات صدرت تحت اسم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودهام كلينتون العام الماضي، تأمر دبلوماسيين أميركيين بالحصول على تفاصيل بشأن كل من نظم اتصالات الأمم المتحدة والتفاصيل الشخصية لأبرز مسؤوليها.
وتحوي الوثائق كمية كبيرة من المراسلات التي تضم تقييمات وتحليل شخصية لقادة الدول الأخرى. وتصف الوثائق الأميركية، وفق ما نشر في موقع صحيفة «در شبيغل»، رئيس الحكومة الروسي فلاديمير بوتين بـ«الفحل المهيمن»، والرئيس الفرنسي ساركوزي بـ«الملك العاري». وكتبت الصحيفة تحت رسم رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برولسكوني المعروف بحبه للنساء والحفلات اقتباساً من الوثائق «الحفلات الماجنة». أما عن المستشارة الألمانية فكتبت أنها «تتجنب المخاطر»، وأنها «مبدعة في أوقات متباعدة». أما وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيلله فكتبت أنه «عدواني».
وتصف الوثائق الرئيس الكوري الشمالي بأنه يعاني من نوبات صرع وأن للرئيس الليبي معمر القذافي «شقراء اوكرانية يستخدمها كممرضة». ومن المؤكد أن ليس أكثر ما يقلق أميركا الكشف عن أنها ترى في الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «هتلر» جديد. ولكن ما يقلقها هو أن ينكشف للعالم أنها ترى في حليفها الرئيس الأفغاني حميد قرضاي «مريضاً نفسياً»، وأن «دوافعه مريضة».
وتشير إحدى الوثائق أنه خلال طاولة مستديرة برئاسة نائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية الون بار، قال عاموس جلعاد إنه لا يعرف إلى متى سيعيش الرئيس المصري حسني مبارك وما إذا كان نجله جمال جاهزاً لتسلم القيادة. واعتبر ان الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع سيد طنطاوي يواصل التدرب وكأن «إسرائيل هي العدو الوحيد». واعتبر ان الملك السعودي عبد الله لا يكره إسرائيل وأن همه الأساسي هو نجاة النظام.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...