سلمى الحفار الكزبري: نصف قرن من العطاء

28-08-2006

سلمى الحفار الكزبري: نصف قرن من العطاء

السيدة سلمى الحفار الكزبري أديبة قاصة وروائية وشاعرة وباحثة ومحققة وكاتبة سيرة...ولدت في دمشق في الأول من أيار عام 1923 في بيت عريق اشتهر بالسياسة والوطنية والعلم، فوالدها لطفي الحفار (1888-1968) كان أحد أقطاب الكتلة الوطنية في سورية أيام الانتداب الفرنسي وبعد الاستقلال، ونائباً في البرلمان السوري لعدة دورات، ووزيراً للمالية والداخلية ورئيساً للوزراء عام 1939.
تلقت دراستها الابتدائية والاعدادية والثانوية في مدرسة راهبات الفرنسيسكان بدمشق، حيث مكثت تسع سنوات أتقنت خلالها اللغة الفرنسية وتعلمت الانكليزية، وكان من مدرساتها فيها الأديبة الرائدة ماري عجمي (1888-1965) كما درست العلوم السياسية بالمراسلة في الجامعة اليسوعية في بيروت دون أن تكملها، وكان لمكتبة والدها الغنية بكتب التراث العربي فضل كبير على إغناء ثقافتها.
تزوجت عام 1941 من محمد كرامي شقيق الزعيم اللبناني عبد الحميد كرامي في طرابلس (لبنان)، ورزقت منه طفلاً، لكنها ترملت بعد ولادته، فأثرت فيها هذه الفاجعة تأثيراً كبيراً، ولم يعزها بعدها الا انكبابها على الدراسة ونهل العلم والمعرفة...ثم تزوجت عام 1948 من الدكتور نادر الكزبري وأنجبت منه ابنتين، وكان أستاذاً في كلية الحقوق بجامعة دمشق وعضواً في مجلس شورى الدولة، ثم سفيراً لسورية في كل من الأرجنتين وتشيلي وإسبانيا، وقد استطاعت خلال مدة إقامتها في هذه البلدان تعلّم اللغة الاسبانية،  والقيام بنشاطات ثقافية واسعة في الجمعيات والنوادي الثقافية والفنية والأدبية، وبعد عودتها الى دمشق انتسبت الى المركز الثقافي الاسباني حيث درست جدياً اللغة والأدب والتاريخ مدة عامين ونالت دبلوماً رسمياً، وقد مكنها تعلمها اللغة الاسبانية من القاء عدة محاضرات في مدريد وبرشلونة عن المرأة العربية والشاعرة الأندلسية ولاّدة بنت المستكفي وعاشقها ابن زيدون.
أسست عام 1945 مع رفيقاتها الشابات جمعية (مبرة التعليم والمواساة) التي أخذت على عاتقها تربية الأطفال اللقطاء منذ  ولادتهم حتى بلوغهم السنة السابعة من العمر وشاركت في عدة مؤتمرات نسائية منها المؤتمر الاقتصادي الاجتماعي في هيئة حقوق المرأة الذي عقد عام 1949 في مبنى اليونسكو في بيروت...وكتبت للصحافة والإذاعة، وأسهمت في عدة ندوات أدبية، وألقت الكثير من المحاضرات بالعربية والفرنسية والاسبانية في كل من دمشق وإسبانيا والأرجنتين وايران وبغداد وبيروت وتونس..
شُغفت بالموسيقا الكلاسيكية وتعلمت العزف على البيانو منذ طفولتها عند الراهبات أولاً، ثم على يدي الأستاذ بيلنغ الروسي، كما أولعت بالرياضة ولا سيما رياضة التنس، والسباحة والتصوير الضوئي...وتعرفت خلال أسفارها الكثيرة الى أوروبا والأمريكيتين والهند وإيران على مشاهير الأدباء والشعراء، وتبادلت معهم الرسائل، ونالت جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1995 وقد جاءت هذه الجائزة بمثابة تكريس لها كأديبة مبدعة في الساحة العربية، كما فازت بجائزة البحر الأبيض المتوسط الأدبية من جامعة بالرمو في صقلية عام 1980، ووسام «شريط السيدة» من اسبانيا عام 1965.

نشرت سلمى أولى مقالاتها وهي في السادسة عشرة في مجلة «الأحد» التي كان يصدرها إيليا شاغوري بدمشق، وجريدة «أصداء سورية» التي كانت تصدر بالفرنسية، وكتبت مذكراتها بالعربية وهي في السابعة عشرة تحت عنوان «يوميات هاله» وأهدتها الى روح الزعيم الخالد سعد الله الجابري، وحين أطلع عليها والدها الشاعر الكبير بدوي الجبل (1905-1981) على هذه المذكرات اقترح عليه ان تنشر دون أي تعديل.
كتبت سلمى في معظم الفنون الأدبية، وتنوعت كتبها بين القصة القصيرة والرواية والسيرة والشعر والمقالة والدراسة الأدبية والتحقيق...فمن قصصها القصيرة «حرمان» 1952 و«زوايا»1955،و«الغريبة»1966،و«حزن الأشجار»1986.
ومن رواياتها «عينان من أشبيلية» 1965، و«البرتقال المر»1975..ولها في السيرة«نساء متفوقات»1961 و«عنبر ورماد» (سيرة ذاتية) 1970،  و«جورج صاند»1979، و«مي زيادة أو مأساة النبوغ» 1987.
كما قامت بجمع رسائل جبران خليل جبران التي كتبها إلى مي زيادة ونشرتها -بالاشتراك مع الدكتور سهيل بديع بشروئي- تحت عنوان«الشعلة الزرقاء» 1979، و«رسائل مي زيادة الى أعلام عصرها»1982..وجمعت أربع محاضرات من محاضراتها ونشرتها عام 1971 تحت عنوان«في ظلال الأندلس» وهي:«عاشقا قرطبة، ولاّدة وابن زيدون» التي ألقتها باللغة الاسبانية في مدريد 1967وباللغة العربية في دار الثقافة (ابن خلدون) في تونس في العام نفسه، و«المرأة العربية» التي ألقتها باللغة الاسبانية في مدريد 1963، و«أثرنا في اسبانيا» التي ألقتها باللغة العربية في المنتدى الاجتماعي بدمشق 1965، و«الأعياد والتقاليد في إسبانيا» التي ألقتها في الندوة الثقافية النسائية بدمشق 1966.
كذلك أصدرت ثلاثة دواوين باللغة الفرنسية هي«الوردة الوحيدة» 1958، و«نفحات الأمس» 1966، و«بوحي» وديواناً واحداً باللغة الاسبانبة عنوانه «عشية الرحيل».
أما مقالاتها فقد جمعتها في كتاب «الحب بعد الخمسين» الذي صدر عام 1989 وأهدته الى والدها لطفي الحفار وضم اثنتين وثلاثين مقالة تحدثت فيها عن الحب والحرب، والحب والشيخوخة وحب الطيور وحب الحرية، وحب الأرض، وحب الله...وختمت الكتاب برسالة حب وجهتها الى أحفادها قائلة لهم:
«لتكن حياتكم في القرن الحادي والعشرين رافلة بالهناء، وأعمالكم مكللة بالنصر، افتحوا قلوبكم للحب هذا الشعاع السماوي الذي هو أهم زاد في الوجود، وأفضل سلاح يحميكم من عاديات الزمان، فالحب فضيلة يزودكم بالإيمان، ويغذيكم بالتفاؤل، ويحثكم على العطاء...».
وقد أصدرت أخيراً كتاب «لطفي الحفار-مذكراته وحياته وعصره» وهو سيرة حياة والدها الذي ائتمنها على مذكراته التي كتبها في مختلف مراحل حياته ونضاله، وعلى الوثائق المتصلة بأعماله، والمهام الرسمية التي قام بها، والمناصب الحكومية التي شغلها، كما سلمها الرسائل التي تبادلها مع معاصريه على مدى ستين عاماً تقريباً، فحفظت سلمى تلك الأمانة بحرص شديد، ولما سمحت لها الظروف قامت بتحقيقها ونشرها، لأنها سجل أمين لمراحل تاريخية هامة عاشتها سورية والبلاد العربية، ولكي تطلع عليها الأجيال الجديدة وتستنير بما فيها من أحداث ومواقف وعبر.
إن حب سلمى للعمل والأسرة والناس والفنون والتزامها باحترام الوقت، هو الذي أتاح لها ان تنشر هذا العدد الوافر من الكتب التي بلغ عددها ثلاثة وعشرين كتاباً، وأن تلقي الكثير من المحاضرات في الشرق والغرب، وأن تؤدي واجباتها كزوجة سفير، وتربي ثلاثة أولاد وتهتم بأصدقائها وبالموسيقا والطبيعة والشعر والفن..

بدأت سلمى بتسجيل يومياتها عام 1940 وهي طالبة في معهد الفرنسيسكان ثائرة على الجمود والتخلف والحجاب والتقاليد البالية والعادات القديمة والسلوك المنحرف، وعلى المستعمر الفرنسي الذي أذاق بلادها الأمرين...فتاة يافعة تتبرج لتحضر عرساً تلتقي فيه ألواناً من الناس فتتغير سحنتها، وتبدو صبية تتعذر معرفتها على النساء فيسألن أمها عنها».
ويوم تطالبها أمها بسدل الحجاب علىوجهها، فتقضي الليل باكية تنتحب على المصير المشؤوم، وتقول في مذكرة 30 نوار 1940 الساعة العاشرة ليلاً:
«حدث مالم يكن بالحسبان، أمر أرقني وأطال ليلي، أمر باغتتني به أمي مساء اليوم».
«لقد أصبحت شابة يا هالة، ويجب من الآن  أن تتحجبي لأن تقاليدنا في هذا البلد، وبيئتنا التي نعيش فيها، لا تسمح لنا بأن نتعدى حدود المألوف والمعروف..لا تجزعي، فحجابك سيكون برقعاً شفافاً تسدلينه علىوجهك حين تخرجين».
«سالت عبراتي، وهممت بمناقشتها في أمر هذا البرقع الذي لا يخفي شيئاً من الشعر والعنق وقسمات الوجه، وقد يزيدنا جمالاً، ولا يخفي النمش والكلف وما أشبههما...خففي عنك يا هالة، واحفظي دموعك للأمور التي تستحقها..إنك حقاً ما تزالين بنية ساذجة!ليس بالبعيد ان تسفري بعد قليل، فنحن في هذا البلد كما ترين نتقدم بخطا سريعة الى الأمام».
«...لقد كانت والدتي على حق  فيما قالت، لأن تقدمنا الاجتماعي أسرع بكثير من نسبة تدرجنا وتقدمنا بالأعمار، ولكن تفكيري لن يتقبل ولن يقتنع بهذا الحجاب الشكلي لأنه ليس الا حجاباً مشوهاً ناقصاً، وهذا لا يعني أني أقول بالحجاب الكامل الكثيف، ان الحجاب الحقيقي الكامل هو حجاب الخلق والكرامة النفسية، غير أني أتساءل ونفسي: لِمَ نضع البرقع في أسواق المدينة وشوارعها، ونخلعه عندما نغادرها الى أي بلد كان، فنظهر سافرات، ونمشي حاسرات، ونجتمع في الشوارع والفنادق بزيد وعمرو من أفراد البشر الذين لا نعرف عنهم شيئاً، أليس هذا من أخطاء تقاليدنا الجوفاء؟ وهل علينا ان نخشى الناس أكثر مما نخشى الله؟ وهل كانت نساء المسلمين من قبل متحجبات، وهل يستطاع فرض الحجاب على كل مدنية وقروية وبدوية! وهل فرضه عليهن نافع أو ضار؟».
وعلى هذا المنوال تمضي سلمى الطالبة تعالج مشكلة الحجاب والسفور بجرأة بالغة، وتسوق البراهين والحجج والأدلة، وكلها منطقي ومعقول، يدل على تفهم واع ورأي سديد...
وفي مكان آخر تعالج بالجرأة والشجاعة نفسهما مسألة «زواج المصلحة وزواج العادة»، فالأول يبتغى  منه الثراء والجاه، وهو الأكثر انتشاراً يتم وتوافق عليه العروس، لأن أمها من قبل تزوجت في مثل سنها، وجداتها فعلن كذلك...فيختار لها والداها العريس، وترضخ المسكينة لأمرهما، دون ان تستطيع النظر الى شريك حياتها، حتى من وراء باب أو نافذة قبل حفلة الزفاف، وليس عجيباً بعد ذلك ان تجد الزوجة من زوجها ما قد لا يلائمها، وأن يجد الزوج من زوجته مالا يرضيه..وتعلق سلمى على ذلك بقولها: ان الشرع قد أباح ان يرى الرجل خطيبته، وأن ترى الفتاة خطيبها قبل عقد القران بينهما.
إن هذا الزواج الشائع في معظم أقطار الشرق العربي هو عنوان تحقير النفس، والازدراء بالكرامة الشخصية.
لم تعالج امرأة في سورية مسألة السفور والحجاب، ومسألة زواج المصلحة وزواج العادة مثلما عالجتهما سلمى الحفار الكزبري، فحق لها أن تقف في صف هدى شعراوي ومي زيادة ونظيرة زين الدين، وقاسم أمين، وجرجي نقولا باز ومحمد جميل بيهم وسامي الكيالي وغيرهم ممن دافعوا عن المرأة، يوم لم يكن هناك من نصير لها، يقف الى جانبها، ويشد أزرها ويضم صوته الى صوتها.
ان كتاب «يوميات هالة» هو عندي أجمل ما كتبت سلمى، رغم أنها أصدرته عام 1950، وأغنى فيها الروح والحرارة والعاطفة الحرة الجريئة والانفعال الحي، بالاضافة الى أنها ألقت فيه الأضواء على طفولتها السعيدة المرحة اللاهية، يوم كانت تصطاف، سنوياً في ذرا لبنان، وعلى جهاد أبيها لطفي الحفار وكفاحه الوطني ضد المستعمر الفرنسي، وهي التي رافقته منفياً الى الحسكة في سورية، وأميون في لبنان مع رفاقه الأحرار من أعضاء الكتلة الوطنية.
كما خصصت المؤلفة القسم الثاني من كتابها وهو بعنوان «بين الحق والباطل» لتسجيل ذكرياتها عن والدها الذي اتهمه المستعمر الفرنسي بقتل الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، ففر مع زملائه في الكتلة الوطنية الى العراق، ولما أعلنت المحكمة العرفية الفرنسية براءتهم عاد مرفوع الرأس الى حضن أسرته التي أضناها الحنين وذوبها الشوق اليه.

انطلاقاً من الحب العارم الذي تكنه سلمى الحفار الكزبري لمي زيادة، وتقديرها لأدبها الجميل، وشخصيتها الفريدة،  وتعاطفها الشديد مع محنتها ومأساتها التي سببها لها نبوغها وعبقريتها، قامت بالبحث الدائب والتفتيش الحثيث عن رسائل جبران خليل جبران التي كتبها الى مي زيادة على مدى اثني عشر عاماً(1914-1925) فاستطاعت ان تعثر على أربع وثلاثين رسالة في منزل ابن عمها الدكتور جوزيف زيادة في بيروت، كانت مي قد حملتها من مصر الى لبنان في أثناء محنتها، وحافظت عليها محافظتها على سر مقدس وكنز ثمين، فقد كانت تصر على ان يبقى حبها لجبران مكتوماً، وكانت تعزيتها الوحيدة هي ان تستعيد قراءة هذه الرسائل من حين لآخر، في ساعات وحدتها وخلوتها، فهي ذكرى غالية لحب عاصف اجتاح قلبها وهي في الخامسة والثلاثين فدمره، لأنه كان حباً صوفياً ضبابياً لم يخرج الى حيز الواقع، لكن مي اعترفت لقرائها بوجود مراسلة طويلة بينها وبين جبران، بعد انقضاء شهر على وفاته.
لقد عكفت سلمى على هذه الرسائل الحميمة فحققتها تحقيقاً جيداً، وعرّفت في هوامشها بجميع أسماء الأعلام الواردة فيها، ووضعت لها مقدمة طويلة ألقت فيها الضوء على الحب الخالد المتبادل بين جبران ومي، ودراستها دراسة دقيقة تدل على عمق فهمها وقدرتها الفائقة على التحليل والتعليل والاستنباط، واختارت لها عنوان (الشعلة الزرقاء) التي كان جبران قد رسمها لمي في أكثر من رسالة، واتخذها رمزاً لهذا الحب.

كانت سلمى قد وعدت- بعد صدور كتابها «الشعلة الزرقاء»-بأن تواصل البحث لتعثر على رسائل مي الضائعة التي كتبتها الى أعلام عصرها، فسافرت أكثر من مرة الى القاهرة وبيروت وعمان والولايات المتحدة الأمريكية لهذه الغاية، ونقبت في المتاحف ودور الكتب ودور الوثائق التاريخية، وقابلت من كان على صلة بمي ولا يزل على قيد الحياة، وأولاد وأحفاد من رحل منهم عن هذه الدنيا، منطلقة من قول العقاد:«لو جمعت الرسائل التي كتبتها مي، أو كتبت اليها، لتمت بها ذخيرة لا نظير لها في آدابنا العربية، وربما قلّ نظيرها عند الأمم الأوروبية التي تصدرت فيها المرأة المجالس الأدبية...وعند مي أنماط عديدة من هذه الرسائل التي تسللت في عداد هذا الأدب الخاص، ولا ندري أين موضعها الآن، وإن كنا نخشى ان تكون قد أحرقتها أو ردتها الى أصحابها لتسترد منهم رسائلها اليهم بعد وفاة والديها».
لقد استطاعت سلمى بعد مغامرة مثيرة استغرقت أكثر من عشر سنوات ان تعثر على ما يقارب المئتي رسالة تبادلتها مي مع معاصريها من أعلام وأصدقاء في الشرق والغرب أمثال جبران ويعقوب صروف وجبر ضومط وولي الدين يكن، والعقاد وسلمى صائغ وجوليا طعمة دمشقية، وباحثة البادية وداود بركات، وأنطون الجميل، وخليل مردم بك، والشاعر القروي، وخليل الخوري، وأنستاس ماري الكرملي...وبعد ان حصلت على هذه الرسائل عكفت على تحقيقها وفرزها بحسب تواريخ وسنوات كتابتها، ونشرتها في مجلد ضخم يقع في 524 صفحة من القطع الكبير...كما جمعت مع رسائل مي رسائل متعددة لأدباء ومستشرقين معروفين عاصروها وأعجبوا بها  كالمستشرق الاسباني الكونت دي غلارزا الذي كان يدرّسها الفلسفة الاسلامية في الجامعة المصرية، وإيتوري روسي، وكارلو نالينو، وجوزيف شاخت، وفالنتينو فيكولي وغيرهم، اضافة الى رسائل كتّاب غربيين اتصلوا بها وترجمت السيدة سلمى الى العربية ما كان مكتوباً باللغات الأجنبية، وقد دل تنوع هذه الرسائل على أن نشاط مي تجاوز حدود الوطن العربي الى الغرب بفضل نبوغها وإتقانها خمس لغات حية هي: الفرنسية والانكليزية والألمانية والايطالية والاسبانية، وأن أصدقاءها لم يحصرهم وطن واحد، بل كانوا منتشرين في الشرق والغرب معاً.
لم تتوقف الجهود الطيبة التي بذلتها سلمى الحفار الكزبري عند جمع رسائل مي زيادة المشتتة، بل ألفت كتاباً ضخماً عنها يقع في مجلدين هو «مي أو مأساة النبوغ» دافعت فيه بحرارة عن مي إبان المحنة القاسية التي ألمت بها وكيف اتهمت بالجنون وأدخلت مستشفى الأمراض العقلية (العصفورية) في لبنان وحجر عليها حجراً شديداً...وكيف هبّ بعض أصدقائها المخلصين للدفاع عنها كالريحاني وأمين نخلة وفارس الخوري، حتى استطاعت ان تستعيد حريتها، وتمارس حياتها الطبيعية.
كما قامت بجمع مقالاتها المتفرقة في بطون الصحف والمجلات وإصدارها في كتب، اضافة الى إعادة نشر كتبها النافدة ووضعها في متناول قراء العربية .

عيسى فتوح

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...