الأهداف غير المعلنة من جولة بوش الإفريقية

16-02-2008

الأهداف غير المعلنة من جولة بوش الإفريقية

الجمل: بدأ العام الجديد وكأنما الرئيس جورج بوش يبحث عن تحقيق الإنجازات خارج أمريكا، بعد أن فشل خلال الأعوام السابقة عن تحقيقها على طاولة مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض. ففي بداية هذا العام  بدأ الرئيس جولة طويلة لمنطقة الشرق الأوسط ولم تسفر عن شيء سوى نجاح الإسرائيليين في الحصول على موافقته في اجتياح غزة، والآن كما تشير الأخبار والمعلومات فقد بدأ الرئيس بوش اليوم جولة إفريقية سيزور خلالها بنين، تنزانيا، رواندا، غانا، وليبيريا.
* نطاق الجولة الإفريقية:
أكثر ما يلفت الانتباه في هذه الجولة يتمثل في أن الرئيس بوش سوف يزور الدول الإفريقية الأقل أهمية في القارة وذلك لأن هذه الدول:
• لا تتمتع بأي وزن إقليمي في القارة الإفريقية. بكلمات أخرى ليس لها أي نفوذ لا على العمل الإقليمي ولا على دول الجوار وعلى سبيل المثال تجاور دولة بنين نيجيريا ويعمل نصف سكانها أجراء في الأسواق النيجيرية.
• لا تتمتع بأي موارد إستراتيجية وكل هذه الدول تعني بالعكس من شح في الموارد والتبعية لدول جوارها.
• ليس لها أي وزن اقتصادي أو عسكري. بكلمات أخرى وعلى أساس اعتبارات توازن "الدور" و"المكانة" فإن هذه الدول كانت وما تزال حتى الآن غير قادرة على القيام بالسيطرة على أوضاعها، ناهيك عن التأثير في الكيانات الأفريقية الأخرى وبقية الملفات الإفريقية.
• تعتبر هذه الدول بالإجماع وبكل المعايير التصنيف الدولي والإقليمي من
الدول "الفاشلة" التي لا تجلب المخاطر لنفسها فقط بل وتجلبها للآخرين أيضاً على النحو الآتي:
* جمهورية بنين: أكثر الدول الإفريقية خطورة من حيث اللاجئين وموجات النزوح البشري الكبيرة الحجم عن القارة الإفريقية بسبب معدلات الفقر غير المسبوقة لجهة أن متوسط دخل الفرد العادي أقل من دولار واحد في الشهر.
* جمهورية تنزانيا: تعتبر من أكثر الدول الإفريقية خطورة في عدم التجانس الإثني وتشير مقاييس التجانس العالمية إلى أن كوريا الشمالية والجنوبية تحتلان المركز الأول بسبب وحدة تجانس العرق واللغة والدين والأراضي والبيئة، أما تنزانيا فتمثل المركز الأخير من بين الدول باعتبارها الدولة الأكثر سوء تجانس في العالم.
* جمهورية رواندا: وتعتبر أكثر الدول الإفريقية خطورة من حيث المذابح وتصدير النزاعات وسكانها عبارة عن ميليشيات قبلية إثنية مسلحة، بحيث يعمل كل رئيس قبيلة بمهام "رئيس الأركان" أكثر من كونه زعيماً للقبيلة وتعتبر رواندا السبب الرئيسي في صراعات شرق الكونغو التي راح ضحيتها حوالي 5 ملايين شخص حتى الآن. وتجدر الإشارة إلى أن رواندا قد شهدت ثلاثة من أكبر المذابح في العالم وكان آخرها مذبحة عام 1994م والتي قتل فيها 25% من  إجمالي عدد السكان الرواندي بمعدل 1.5 قتيل في أربعة أيام من جملة شعب يبلغ تعداده 6 ملايين نسمة.
* غانا: وهي عبارة عن بلد صغير تتوالى على حكمه النخب العسكرية ويسيطر على شعبه زعماء القبائل.
* ليبيريا: وهي دولة تم تأسيسها بواسطة أسلاف الرقيق الأمريكيين من العبيد السود، وتقول المعلومات بأن بعض هؤلاء الأسلاف تجمعوا في أمريكا وقرروا العودة إلى إفريقيا –أرض الأجداد والوطن الأم الأصلي- وبالفعل حملتهم إحدى الفن إلى المنطقة التي توجد فيها حالياً دولة ليبيريا. واسم "Liberia" مأخوذ من الكلمة الإنجليزية "Liberation" ومعناها "تحرير" وقد أطلقوا على العاصمة تسمية "FreeTown" ومعناها "المدينة الحرة". وتشهد ليبيريا حالياً واحدة من أطول الحروب الأهلية في تاريخ إفريقيا وسوف يمثل قريباً رئيسها السابق حموئيل تايلور أمام المحكمة الدولية المختصة بجرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية.
* الأجندة غير المعلنة لجولة بوش:
تقول المعلومات بأن كل الدول الإفريقية رفضت استضافة القواعد العسكرية الأمريكية ومقرات القيادة الإفريقية الأمريكية التي قرر البنتاغون والإدارة الأمريكية إقامتها في إفريقيا لتكون على غرار القيادة الوسطى الأمريكية والقيادة الأوروبية وغيرهما. الدول التي سبق أن وافقت على استضافة القيادة الإفريقية هي (بكل أسف) الدول العربية: مصر، تونس، المغرب، جيبوتي، موريتانيا... ولكن الإدارة الأمريكية لم تكن ترغب في نشر القيادة الإفريقية في البلدان العربية طالما أن هذه الدول تستضيف بالأساس قوات أمريكية، وعلى سبيل المثال في مصر توجد القوات الأمريكية في ميناء الغردقة وقاعدة حسني مبارك العسكرية الجوية، وتستضيف المغرب القوات الأمريكية ضمن مبادرة "عبر الصحراء" المتعلقة بمكافحة عمليات الإرهاب في غرب إفريقيا، وقدمت الإدارة الأمريكية والبنتاغون الكثير من الإغراءات لهذه الدول من أجل استضافة منشآت القيادة الإفريقية والقواعد العسكرية التابعة لها، وتقول المعلومات بأن حكومات هذه البلدان لم ترفض صراحة مثل بقية الدول الإفريقية لذلك جاءت زيارة بوش من أجل تقديم المزيد من الإغراءات لحكومات هذه الدول:
• تنزانيا: ويرشحها البنتاغون لاستضافة الأسطول البحري التابع القيادة الإفريقية وتحديداً الفرع المختص بجانب المحيط الهندي والبحر الأحمر.
• رواندا: يرشحها البنتاغون لاستضافة عناصر المشاة ووحدات العمليات الخاصة.
• بنين وغانا وليبيريا: يرشحها البنتاغون لاستضافة القوات البحرية التابعة للقيادة الإفريقية والمسؤولة عن تغطية الجانب المطل على المحيط الأطلسي.
أما رئاسة القيادة الإفريقية فهناك خلاف حول المكان الأمثل لها وحالياً هناك خياران الأول هو تنزانيا والثاني هو غانا.
* واشنطن ولعبة الزحف على النفوذ الفرنسي:
محاولة الزحف الأمريكي على القارة الإفريقية تعتبر حديثة نسبياً عند مقارنتها بالحالة البريطانية والفرنسية وفي هذا الصدد تعتبر بريطانيا وفرنسا الأكثر نفوذاً في القارة الإفريقية، منذ انعقاد مؤتمر برلين في منتصف ثمانينات القرن التاسع عشر والذي قسم إفريقيا إلى مناطق نفوذ أوروبية وكان لفرنسا وبريطانيا فيهما النصيب الأكبر (اتفاقية مؤتمر برلين هي الموازي الإفريقي لاتفاقية سايكس – بيكو التي قسمت منطقة الشرق الأوسط). ثم أصاب الضعف بريطانيا العظمى وتراجع نفوذها على مستعمراتها الإفريقية وبسبب ذلك تقدمت أمريكا وحلت محلها ولاحقاً تحول الصراع البريطاني – الفرنسي على القارة الإفريقية إلى صراع أمريكي – فرنسي. وعندما اندلعت الحروب الأهلية في غرب إفريقيا وتحديداً حرب ليبيريا وسيراليون وساحل العاج، كانت فرنسا تدعم الحكومات الموجودة في هذه الدول ضد المتمردين وبسبب الموقف الفرنسي المعارض لحرب العراق لجأت واشنطن إلى "تأديبها" والانتقام منها، وبالفعل بدأت أمريكا بتقديم الدعم الواسع بمشاركة إسرائيل لحركات التمرد التي كانت ناشطة في الحرب ضد الحكومات الحليفة لفرنسا وفي هذه المرحلة سطع نجم اليهودي الطاجيكستاني فيكتور بوت مهرب الأسلحة والألماس الأكثر شهرة في العالم، وكانت رحلات طائرا شحن فيكتور بوت تتشكل عبر مثلث بلغاريا – إسرائيل – غرب إفريقيا. بحيث تأخذ شحنات الأسلحة من مصانع السلاح في بلغاريا التي تم شراؤها بواسطة المافيا الروسية – الإسرائيلية وتذهب إلى غرب إفريقيا حيث تفرغ الأسلحة وتشحن خامات الألماس وتقوم بإيصالها إلى تل أبيب (أصبحت إسرائيل أكبر مصدر للألماس في العالم علماً بأنه لا يوجد أي منجم للألماس في إسرائيل) أما عمليات غسل الأموال المتعلقة بالألماس والأسلحة فكانت تتم في الخليج العربي وتحديداً دبي والشارقة حيث توجد رئاسة شركة فيكتور بوت.
رضخت باريس للتهديد الأمريكي – الإسرائيلي وبدت أكثر توافقاً مع محور واشنطن – تل أبيب وقد برزت ثمرات دخول باريس "بيت الطاعة" الأمريكي – الإسرائيلي في الآتي:
• تبني التوجهات الأمريكية – الإسرائيلية المعادية لسوريا بدءاً من القرار الدولي 1559 وحتى الآن.
• الموافقة على الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق.
• دعم الحرب الأمريكية في أفغانستان.
• دعم التوجهات الأمريكية إزاء أزمة إقليم دارفور السوداني.
• تبني التوجهات إزاء ليبيا والقيام بالإشراف على عملية استئناس وترويض نظام معمر القذافي الذي أصبح أليفاً في الآونة الأخيرة.
توسيع الوجود والنفوذ الأمريكي في القارة الإفريقية يهدف إلى الأتي:
• القضاء نهائياً على ما تبقى من النفوذ الفرنسي.
• تعزيز التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا.
• قطع الطريق أمام العلاقات العربية – الإفريقية.
• قطع الطريق على النفوذ الصيني والعلاقات الصينية  - الإفريقية المتزايدة.
وتقول المعلومات بأن إدارة بوش وجماعة المحافظين الجدد قد خططت لإنجاز مشروع السيطرة على النفط الإفريقي وذلك عن طريق تجميع خطوط أنابيب نقل النفط والغاز في منطقة خليج غينيا. وحالياً هناك وجود مكثف لقوات البحرية الأمريكية في جزيرتي ساوتومي وبرنسيب المطلتان على خليج غينيا.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...