فرقاء لبنان يراوحون مكانهم وتشيني يسعى لفرض عقوبات على سورية

15-03-2008

فرقاء لبنان يراوحون مكانهم وتشيني يسعى لفرض عقوبات على سورية

لم يتجاوز فريقا الموالاة والمعارضة في لبنان، قواعد لعبة الشد المفتوحة بينهما منذ 15 شهرا، كذلك لم يتمكن «الضنينون» بالشأن اللبناني، من استنباط أفكار تكسر قواعد أزمة مفتوحة على مصراعيها حتى اشعار غير محدد، خاصة في ظل التحشيد السياسي وآخره، ما كشفت عنه بعض التقارير الدبلوماسية حول مضمون زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الى المنطقة لجهة «الترويج» لأفكار دولية تتعلق بفرض عقوبات على سوريا على خلفية اتهامها بالتدخل في الشأن اللبناني، فضلا عن استمرار التحريض الأميركي كي يقاطع العرب قمتهم العشرين في دمشق نهاية الشهر الجاري.
في غضون ذلك، انضمت القمة الاسلامية في دكار والاتحاد الأوروبي، رسميا الى قطار تأييد «المبادرة العربية»، وبالتالي تزكية «المرشح التوافقي» قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان، فيما انعقدت على هامش قمة منظمة المؤتمر الاسلامي، أمس، جولة ثانية من الحوار السياسي بين وزيري خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل وإيران منوشهر متكي، استكمالا لجولة مطار القاهرة، والتي أعقبها تفويض للجانب القطري «من أجل محاولة تقديم أفكار واقتراحات جديدة في الموضوع اللبناني».
وقالت مصادر دبلوماسية متابعة للاتصالات إن التفويض الممنوح للقطريين سقفه المبادرة العربية، أي انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية والحفاظ على روحية البيان الوزاري الحالي ووضع قانون انتخابي جديد «يستوحي روح قانون العام 1960».
لكن المفارقة اللافتة للانتباه في «الصياغة القطرية الجديدة للمبادرة العربية، تتمثل في ترشيح الرئيس فؤاد السنيورة للحكومة الجديدة»، في خطوة لاقت موافقة بعض العواصم وتحفظ عواصم أخرى كما تحفظ معظم قوى المعارضة اللبنانية.
أضافت المصادر أن الجانب القطري وقع في فخ الصياغة الملتبسة، كما حصل مع الفرنسيين سابقا ومع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وقالت ان الجانب السعودي ما زال متمسكا بموقفه القائل بوجوب انتخاب رئيس الجمهورية فورا ، وبعد ذلك يبادر الرئيس المنتخب الى دعوة طاولة الحوار ويرعى تأليف حكومة الوحدة الوطنية.
وفي باريس، قال مصدر دبلوماسي غربي إنه على الرغم من الجهود الدولية والعربية المبذولة، لإخراج الرئاسة اللبنانية من عنق الزجاجة، إلا أن انتخاب رئيس لبناني في الخامس والعشرين من آذار «أمر صعب التحقيق للغاية».
وقال المصدر، إن مشاورات دولية تجري على قاعدة طرح أفكار أميركية جديدة للعودة بالملف الرئاسي اللبناني إلى مجلس الأمن الدولي.
وأكد المصدر أن الأفكار المتداولة، لا تدعو إلى استصدار قرار دولي جديد، «لكنها ستحاول اقتراح عقوبات ضد سوريا على خلفية اتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية وهي أفكار سيقوم نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بالترويج لها، خلال جولته التي تبدأ غدا الأحد في المنطقة وتشمل السعودية ومصر وسلطنة عمان وإسرائيل وتركيا».
وعلم أن زيارة الناظر الدولي للقرار 1559 تيري رود لارسن الى باريس، أمس، تصب في الاتجاه نفسه الذي سيتولاه تشيني، وهو التقى لهذه الغاية، في الكي دورسيه، كريستوف بيغو المستشار السياسي لوزير الخارجية الفرنسية. وقال لارسن ردا على سؤال إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيحصل على تقريره الجديد حول تطبيق القرار 1559 في الحادي والعشرين من الجاري.
الى ذلك، أعربت قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، في بيانها الختامي في دكار أمس، عن دعمها للمبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية، ودعت إلى انجاز انتخاب المرشح التوافقي (ميشال سليمان) «في الموعد المقرر» وإلى الاتفاق على اسس تشكيل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت ممكن «في الموعد المقرر»، ودعا البيان الى استكمال الإجراءات اللازمة لقيام المحكمة الدولية لمحاكمة المسؤولين عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وإلى تأمين كل العوامل الكفيلة بتمكينها من الإسراع في القيام بعملها، «بعيدا عن الانتقام والتسييس، وبما يضمن إحقاق العدالة وحماية اللبنانيين وتعزيز الأمن في لبنان».
وعقدت على هامش قمة دكار سلسلة اجتماعات أبرزها بين الامير سعود الفيصل ونظيره الايراني منوشهر متكي، وجرى خلاله «بحث الموضوعات المدرجة على جدول اعمال القمة والعلاقات الثنائية بين المملكة وإيران والسبل الكفيلة بدعمها وتعزيزها في المجالات كافة اضافة الى الأمور محل الاهتمام المشترك».
والتقى الفيصل قبل ذلك، برئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي اجتمع، أمس، وللمرة الثانية بوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي حيث «جرى استكمال للبحث في جوانب الأزمة اللبنانية وضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن في لبنان». كما التقى السنيورة وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح، وجرى بحث في الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة.
وألقى الرئيس السنيورة كلمة لبنان أمام القمة، وشدد فيها على «الخروج من الأزمة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية فوراً بحيث يمهد ذلك الطريق إلى استعادة دور المؤسسات الدستورية المعطلة وتأليف حكومة وحدة وطنية بحسب المعايير والأعراف الدستورية، وإلى إعادة التأكيد على دور الدولة لتصبح صاحبة السلطة الوحيدة على الأراضي اللبنانية، فلا يعود لبنان ساحةً للتقاتل لحساب الآخرين».
وشكك منسق شؤون العراق في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد، أمس، بإمكان نجاح القمة العربية في دمشق، وذلك بسبب «عرقلة» دمشق انتخاب رئيس جديد للبنان، معتبرا أنّ النظام السوري هو المسؤول الرئيسي عن العنف الذي يمارسه تنظيم «القاعدة» في العراق.
وقال ساترفيلد، في مقابلة مع وكالة «يونايتد برس انترناشونال»، «اننا نجد صعوبة في رؤية كيف يمكن أن تكون القمة العربية ناجحة في دمشق، في وقت تعرقل فيه سوريا انتخاب رئيس للبنان، لكن القرار المتعلق بمستوى التمثيل في هذه القمة تقرره الجامعة العربية والدول الأعضاء»، داعياً دمشق إلى «السماح بإجراء انتخابات رئاسية حرة بما يعكس إرادة الشعب اللبناني والغالبية المنتخبة ديموقراطيا».
وحول إرسال البوارج الحربية الأميركية إلى السواحل اللبنانية، قال ساترفيلد إن «الولايات المتحدة تنشر قواتها حول العالم ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط للدفاع عن مصالحنا وحماية حلفائنا وأصدقائنا... ويجب أن يُنظر إلى الانتشار العسكري من هذه الزاوية على أنه إشارة لحماية وتقدم مصالح حلفائنا وأصدقائنا في المنطقة والتصدي للدول التي تعارض هذه المصالح».
وأمل ساترفيلد في أن يتمكن اللبنانيون من «تذويب الخلافات في ما بينهم وانتخاب رئيس جديد لبلادهم في القريب العاجل».
وقال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لصحيفة «فريميا نوفوستيه» الروسية ان «هناك مجموعة من العوامل التي تمنع المصالحة في لبنان ولا تسمح بالتقدم... وهناك اسباب عديدة وراء ذلك. من المستحيل إلقاء المسؤولية على طرف ما لوحده». وأضاف ان «سوريا تملك نفوذا في لبنان ولا أحد يمكنه إنكار ذلك.. لكن تأثير الدول الاخرى في لبنان ايضا مثل فرنسا يمكن تلمسه».
ورأى موسى انه «من اجل تحقيق تقدم في لبنان يجب ان يتوفر جهد عربي مشترك... هناك مبادرة عربية، وسوريا تدعمها». وتابع «انتخاب رئيس للبنان سيسمح بحل سريع للخلافات المتصلة بعدد من المواقف حيال الدستور... على الاطراف ان تتفق ايضا بشكل عام على بنية الحكومة المقبلة والانتقال بعدها الى الانتخابات التشريعية طبقا لقانون انتخابي جديد».
واكتفت فرنسا بتكرار تأييدها للمبادرة العربية، وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية باسكال أندرياني «ليس لنا أن نقرر نحن من يجب أن يذهب إلى القمة العربية لكن رهاننا المقبل هو استحقاق الخامس والعشرين من آذار، ونأمل أن يؤدي إلى انتخاب رئيس توافقي. إن واقعة الدعوة إلى القمة العربية أمر جيد، لكنه لا يغير شيئا من دعمنا للمبادرة العربية، وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...