سوريا على مفترق مفصلي وواشنطن تمارس المزيد من الضغوط

28-07-2011

سوريا على مفترق مفصلي وواشنطن تمارس المزيد من الضغوط

في وقت بدا فيه أنّ الرئيس السوري بشار الأسد مصمم على السير قدما بالاصلاحات السياسية الشاملة بالرغم من معارضة بعض اركان النظام ممن يعرفون بـ"الحرس القديم"، وفي حين أعلنت الحكومة السورية عن الانتهاء من الاعداد لقانون انتخابي جديد لتطبيقه في الدورة المقبلة، وبالتزامن مع الانتهاء من مشروع قانون الاحزاب السياسية، كشفت الخارجية الروسية عن اتصالها بالمعارضة السورية من دون ان تفصح عن ماهية هذه الاتصالات او ما اذا كانت للشروع بوساطة ما مع النظام السوري، او انها مخصصة لدعم تلك المعارضة، او حتى اذا ما كانت الاتصالات تدور مع معارضة الداخل التي تتواصل اصلا مع الرئيس السوري بشار الاسد او انها تقتصر على معارضي الخارج الذين عادة ما يلتقون في تركيا، مع ترجيح الفرضية الاولى باعتبار ان روسيا كانت الدولة الوحيدة إلى جانب الصين التي رفضت ايا من انواع القرارات الدولية ضد سوريا، ولوحت باستخدام حق الفيتو، فضلا عن ان سوريا بنظامها الحالي تشكل موطىء قدم محترم لروسيا في منطقة الشرق الاوسط.
وفي موازاة الاعلان الروسي، لفت موقف اميركي جديد يستنسخ تصريحات الإدارة الأميركية قبل غزو العراق، لاسيما تصريحات "بريمر" بعد احتلال بغداد، اذ شنت الخارجية الأميركية مؤخرا - هجوما عنيفا هو الأول من نوعه ضد الجيش السوري، مع الاشارة إلى ان واشنطن، وغيرها من العواصم الغربية، قد ركزت منذ بداية "الانتفاضة الشعبية" في سوريا على "الاجهزة الامنية" السورية وبالتالي فإنها المرة الأولى التي تستهدف فيها الجيش السوري وحده دون الإشارة للأجهزة الأمنية، بحيث وصفت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند ممارسات الجيش السوري بـ" الوحشية"، وبانه "متوحش وذميم"، مع التذكير بان واشنطن شنت حملة اعلامية مكثفة ضد الجيش العراقي قبل غزو العراق مهدت لاتخاذ "بريمر" الحاكم العسكري الاميركي للعراق بعد الاحتلال قراره  بحل الجيش العراقي.
وفي هذا السياق، يشير زوار العاصمة السورية إلى ان الوضع السوري الحالي غير قابل للمقارنة بالوضع العراقي آنذاك، وان سوريا ليست معرضة للغزو، اقله على المستوى المنظور، الا ان استهداف الجيش السوري بالهجوم الاعلامي والسياسي الاميركي ليس دون سياق ما وليس بمحض المصادفة، سواء اكان هذا السياق مرتبطا باجندات خارجية او داخلية لبعض القوى والجهات المعنية بتفكيك الدولة السورية وجيشها، اكثر مما هي معنية بحصول تحول ديمقراطي في سوريا.
يضيف هؤلاء ان واشنطن على ما يبدو قررت الانتقال إلى مرحلة جديدة من الضغط على النظام السوري للحصول على تنازلات محددة من قبله ، خصوصا ان الادارة الاميركية تبدو بحاجة ماسة إلى صرف نظر الناخب الاميركي عن الازمة الاقتصادية التي تهز ادارة الرئيس باراك اوباما. غير ان حسابات واشنطن قد لا تنطبق بالكامل على حساب المصالح الاقليمية، فايران وعلى ما يبدو ابرمت صفقة ما مع المملكة العربية السعودية انتهت إلى تبريد الوضع الشيعي في البحرين من جهة وانسحاب القوات السعودية المشاركة في درع الصحراء منها، وذلك من دون معرفة الاثمان المترتبة، لاسيما ان الاتصالات بين الدولتين تمت بمعزل عن الادارة الاميركية، بل عبر نجل الملك السعودي الذي يشغل راهنا منصب نائب وزير الخارجية، فضلا عن ان تركيا لجمت اندفاعتها تجاه دمشق بعد ان تمكن الجيش السوري من فرض قواعد جديدة للعبة على الحدود الفاصلة بينهما، ما يشير بدوره إلى ان سوريا تقف على مفترق دولي – اقليمي من شانه ان يرجح مسار الازمة هناك باتجاه اصلاحات جذرية تؤسس إلى لملمة الوضع في غضون المرحلة المقبلة.


                                                                                                                                      أنطوان الحايك

المصدر: النشرة اللبنانية

التعليقات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...