ما هي أجندة المفاوضين للجولة الثانية بين واشنطن وطهران

28-11-2013

ما هي أجندة المفاوضين للجولة الثانية بين واشنطن وطهران

الجمل-ديفيد أغناطيوس- ترجمة عبد المتين حميد:
أمّا الآن و قد كسبت إدارة أوباما الرهان عبر تحقيقها الخطوة الأولى من الاتفاق النووي مع إيران، فإنّ المسؤولين الرسميين يخططون لوضع خطة استراتيجية للجولة الثانية الحاسمة من المفاوضات التي، وخلال الأشهر الستة القادمة، سيكون الهدف منها تحقيق اتفاق شامل صارم.
يبدو أنّ مفاوضات "الوضع النهائي"، كما يصفها المسؤولون، ستكون أكثر صعوبة لأن الولايات المتحدة و شركاءها المفاوضين سيسعون إلى تفكيك أجزاء من البرنامج النووي الإيراني، بدلاً من مجرد تجميده كما في الاتفاق الحالي. التعقيد الآخر الذي سيواجهه المفاوضون هو رميهم بالمزيد من الحجارة من قبل المتشدّدين في كلٍّ من اسرائيل والكونغرس و طهران.
إن كان التوصّل إلى الاتفاق المؤقت قد تم في سريةٍ تامّة، عبر قناةٍ خلفيةٍ هي سلطنة عمان،  فإنّ مفاوضات "الوضع النهائي" ستكون أشبه بحلقة سيرك, حيث لا يتوقف الجمهور عن النعيب و إطلاق صيحات الاستهزاء و الاستهجان.
يملك الخبراء الاستراتيجيون في إدارة أوباما العديد من الأولويات في سعيهم لتحقيق صفقة شاملة. و المفاوضات حول هذه الأولويات سيكون شاقاً جداً بالمقارنة مع المفاوضات التي سبقت توقيع اتفاق تجميد البرنامج النووي الإيراني لستة أشهر. وبالنظر إلى صعوبة المساومات مستقبلاً، فسوف تحتاج الولايات المتحدة إلى الاستفادة من قسوة العقوبات التي لم تُرفع بعد و التهديد بفرض عقوبات جديدة إذا ما انهارت المفاوضات.
ها هي أجندة المفاوضين:
1.    تريد الولايات المتحدة الأمريكية التخلص من مفاعل الماء الثقيل الموجود في أراك و ليس مجرد إيقاف العمل به. لأن هذا المفاعل سيولّد بلوتونيوم من الممكن معالجته ليصبح صالحاً لصنع قنبلة نووية. و هذا ,كما تراه الولايات المتحدة, شيءٌ خطير و مزعزعٌ للاستقرار بشكل كبير بالاضافة إلى عدم ضرورته للبرنامج النووي ذو الاستخدام  المدني.
2.    سوف تضغط الولايات المتحدة على إيران بهدف تفكيك أكثر من 19000 جهاز طرد مركزي رئيسي، أي تقريباً أكثر من النصف. و على الرغم من إقرار الولايات المتحدة، في الصفقة الشاملة، لـ"حق" إيران في النشاط النووي ذو الاستخدام  المدني −وفق برنامجٍ محدّد لتخصيب اليورانيوم− إلا انّ المفاوضين سيعملون على وضع حدٍّ أعلى لعدد أجهزة الطرد المركزي بما يتوافق مع برنامج للاستخدام المدني محدود.
3.    سوف تلحّ الولايات المتحدة على إغلاق منشأة "فوردو" الإيرانية النووية الواقعة تحت الأرض بالقرب من مدينة قم، لأنها، كما تجادل الولايات المتحدة، غير متوافقة مع النشاط المدني الذي تصرّ إيران على أنه هو ما تصبو إليه. ربما يسعى الإيرانيون إلى تحويل منشأة "فوردو" إلى نشاط آخر مما يعتبر تحايلاًعلى قضيّة المراقبة.
4.    لن تدّخر الولايات المتحدة جهداً في العمل على تنفيذ التعهد الإيراني −الموجود في الاتفاق المؤقت الحالي− بالسماح بتفقّد الأنشطة العسكرية و التسليحية المحتملة في موقع بارشين العسكري و غيره من القواعد الأخرى. لعلّ وعسى في حال دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى هذه المواقع أن يكتشفوا قضايا أخرى للتفاوض حولها.
5.    أخيراً، يجب على الولايات المتحدة بالتعاون مع شركائها المفاوضين وضع هيكليّة دقيقة لمحادثات الجولة التالية. بحيث تقوم "لجنة مشتركة" من الخبراء بمراقبة امتثال إيران لتطبيق اتفاق الستة أشهر المؤقت. و في غضون ذلك تبدأ المفاوضات الشاملة مع مجموعة الـ 5+1، التي تضم كلاً من الولايات المتحدة و روسيا و الصين و بريطانيا و فرنسا بالإضافة إلى ألمانيا. و لكن يتبقى أن نعرف فيما إذا كانت ستلجأ الولايات المتحدة إلى محادثات ثنائية سرّية مع الإيراينيين،كما حدث في الاتفاق المؤقت، أم لا.  لن يكون من السهل تحقيق السرّية في هذه المرة، بسبب الدول الشكّاءة التي تمّ لفظها بعيداً عن الاتفاق المؤقت.
لا يرى المسؤولون في إدارة اوباما أيّ إشارة من الرئيس الإيراني حسن روحاني أو من وزير خارجيته محمد جواد ظريف حول نيّتهم لتوسيع المفاوضات لتشمل قضايا إقليمية، مثل الصراع في سوريا، العراق، البحرين، ولبنان. و يكمن السبب وراء هذا كما يعتقد المحللون الأمريكيون إلى أنّ الأجندة الإقليمية في إيران ليست بيد روحاني بل هي في قبضة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في قوات الحرس الثوري الإيراني. لذلك لا بد من معرفة فيما إذا منح الحرس الثوري موافقته لدوران إيران تجاه التفاوض أم لا، أو أنّه مستعدٌّ لوقف عملية زعزعة الاستقرار التي يمارسها في الخفاء أم لا؛ لكنّ المحللين غير قادرين حتى على مجرد التكّهن بموقفه.
في الوقت الذي تستمر فيه واشنطن بدفع علاقاتها مع طهران، يدرك المسؤولون الأمريكيون أنّ عليهم طمأنة حلفائهم الحكام العرب السنّة بأن أمريكا لم تتخلَّ عنهم لصالح إيران الفارسية الشيعية. فالرسالة الأمريكية، التي لم تُنشَر حتى الآن، هي أنّ الولايات المتحدة تسعى إلى خلق توازن في الانقسام السني-الشيعي، و بالنسبة إلى المملكة السعودية و الإمارات العربية المتحدة فإنّ استعادة هذا التوازن يعني تواصلاً عدوانيّاً ضدها, مما استدعى أن يُجري الرئيس أوباما اتصالاً هاتفيّاً بالملك عبد الله ليطمئنه بشأن الاتفاق مع إيران؛ من المخطط إجراء العديد من الاتصالات المشابهة.
أما بالنسبة لاسرائيل فقد طلب أوباما من نتنياهو أن يرتاح قليلاً من الانتقادات الصاخبة التي يطلقها و أن يرسل فريقاً إلى واشنطن ليستكشف مع المسؤولين الأمريكيين خطة استراتيجية محكمة لمفاوضات "الوضع النهائي". من المرجح أن الولايات المتحدة و اسرائيل بحاجة إلى قناة خلفية بعيداً عن حملة الضغط الرنانة بقيادة المدافعين عن اسرائيل.
على الرغم من المشقة التي رافقت التوصّل إلى "نعم" مع إيران الأسبوع الماضي، إلا أن الجزء الصعب الحقيقي من هذه المفاوضات قد ابتدأ للتو.

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...