كيف جاء السوريون إلى أنابوليس؟

16-12-2007

كيف جاء السوريون إلى أنابوليس؟

الجمل:     نشر الموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي حواراً مع جوشوا لانديز، الخبير في الشؤون السورية، والمدير المشارك لمركز دراسات السلام التابع لجامعة أوكلاهما الأمريكية، هذا، وتجدر الإشارة إلى أن الخبير جوشوا لانديز له موقع الكتروني خاص بسوريا على شبكة الإنترنت.
يقول بيرناد غيفير تزمان، مستشار التحرير بمجلس العلاقات الخارجية، في مقدمة الحوار، بأن جوشوا لانديز، الخبير الرائد في الشؤون السورية، صاحب موقع "سوريا كومنت" بأن، حضور سوريا المفاجئ خلال الفترة القصيرة الماضية لمؤتمر سلام أنابوليس، هو حضور جاء بعد عملية ضغوط كبيرة على سوريا بواسطة البلدان العربية والأطراف الأخرى. وهو يقول بأن الأغلبية الكبيرة من المسؤولين كانت ترغب في حضور المؤتمر، وذلك لأن "سوريا تمثل عنصراً أساسياً ورئيسياً في عملية السلام. وإذا أبقينا الباب مغلقاً أمام سوريا، فإن الكثيرون سيعتقدون بأن عملية السلام لن تتوصل إلى شيء". ويقول أيضاً، بأن السوريين راغبون في التفاوض حول موضوع السلام، برغم معارضة إيران.
تطرق حوار بيرنارد غيفير تزمان مع لانديز خبير الشؤون السورية الأمريكي إلى النقاط التالية:
- مفاجأة الحضور السوري بمؤتمر أنابوليس، وحضور نائب وزير الخارجية بدلاً عن وزير الخارجية السوري.
- تم التودد كثيراً إلى سوريا، وكان هناك عمل وجهد دبلوماسي مكثف قبل موافقة سوريا:
• رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان طالب بشكل بارز ولأربعة مرات متلمساً من الرئيس بشار الأسد حضور المؤتمر.
• السعوديون طالبوا وتلمسوا من الرئيس الأسد حضور المؤتمر.
• العاهل الأردني الملك عبد الله زار الرئيس الأسد متلمساً منه حضور المؤتمر، وقد كانت هذه المرة الأولى التي يفعل فيها الملك الأردني ذلك منذ عدة سنوات، وقد انتابته المخاوف والوساوس والقلق من جراء احتمال عدم حضور سوريا للمؤتمر.
• العديد من وزراء الخارجية الأوروبيين زاروا لبنان وتحدثوا مع السوريين حول ضرورة حضورهم المؤتمر.
• الجميع كان يدفع باتجاه ضرورة حضور ومجيء سوريا للمؤتمر.
- لماذا، كل هذا الجهد الدبلوماسي للدفع باتجاه حضور ومجيء سوريا لمؤتمر أنابوليس؟
يعتبر المؤتمر نقطة تحول رئيسية، وتعتبر سوريا عنصراً وعاملاً رئيسياً وأساسياً لعملية السلام. وإذا أبقينا الباب مغلقاً أمام سوريا، فإن العديد من الناس سوف يعتقدون بأن عملية السلام لن تتوصل إلى شيء:
- كان السعوديون يرفضون تماماً الحضور والقيام بالانحناء والركوع احتراماً لعملية السلام الشامل، إلا في حال حضور السوريين للمؤتمر.
- كان السعوديون راغبون في حضور سوريا، وذلك لأنهم بحاجة إلى غطاء قومي- عربي لن يتوافر إلا بحضور سوريا.
كان هناك نوعين من الأجندة، يتم الدفع باتجاههما وهما:
- الأجندة الأولى: تمثلت في دفع عملية السلام إلى الأمام، والدفع باتجاه جعل إدارة بوش تنهمك وتنخرط بشكل جاد في عملية السلام.
- الأجندة الثانية: تمثلت في خلق تجمع عربي من أجل عزل إيران وتشديد الضغوط عليها.
السبيل المستقبلي الوحيد لعزل إيران يتمثل في:
- إصلاح التصدعات والخلافات بين الدول العربية.
- التصدعات والخلافات العربية هي بين سوريا، والسعودية.
- تمدد النفوذ والانتشار الإيراني في العالم العربي يعتمد كثيراً على سوريا، وعلى العراق.
- لا يمكن القيام بشيء بالنسبة للعراق، وبالتالي فإن فكرة إبعاد سوريا عن إيران هي الرائجة.
- إذا تم إبعاد سوريا عن إيران، وتم الدفع بسوريا باتجاه السعودية، فإنه:
• لن تصل الأسلحة القادمة من إيران إلى حزب الله اللبناني، وذلك لعدم إمكانية عبورها سوريا.
• حركة حماس سوف تصبح أكثر ضعفاً وعزلة عما هي عليه الآن، وسوف لن يكون لها دعم في العالم العربي.
• ما الذي حدث داخل المؤتمر؟ وهل قالت سوريا الكثير؟
لم يتم قول الكثير، وكانوا هادئين، وما حدث في المؤتمر، أن المندوب اللبناني، قد انشغل في الإعلان بأن ميشيل سليمان قائد الجيش اللبناني، تم اختياره كمرشح توافق للرئاسة.
حيث كان الجميع ومن بينهم المندوب اللبناني يعتبرون ذلك انتصاراً لسوريا والمعارضة اللبنانية، وحزب الله، وهزيمة لجماعة قوى 14 آذار (التحالف المعادي لسوريا والذي تم تشكيله بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، في عام 2005م)، وأيضاً لأمريكا التي شددت على أن لا يتم أي تعديل في الدستور اللبناني وأن العملية الديمقراطية يجب أن يتم القيام بها وتمضي وفقاً للقانون والدستور. ولكي يتم اختيار قائد الجيش وجعله رئيساً للجمهورية، فإنه يتوجب القيام بتعديل الدستور، لأنه يحظر ذلك حالياً
• ما هو رأيك، هل تعتقد بأن ذلك يمثل هزيمة كبيرة لقوى 14 آذار، أم أنه يمثل مساومة جيدة؟
أعتقد بان ذلك يمثل مساومة ممتازة من أجل للبنان، وأعتقد بأن العديدين، حتى ضمن قوى 14 آذار، قد شعروا بأن ذلك هو السبيل الأمثل للبنان،. ولسوء الحظ، فإن الخلافات الإيديولوجية بين أمريكا وإيران والأحقاد بين المعارضة وقوى «الأغلبية» فإن كل شيء أصبح يتم النظر إليه على أساس اعتبارات الهزيمة والنصر.
ولسوء الحظ، إننا توقفنا عند ذلك، وليس واضحاً بعد أن ميشيل سليمان سوف يأتي عن طريق هذه العملية الشاملة، لأنه ما يزال هناك الكثير من الأحقاد والكثير من الغضب في لبنان.
وبالتالي، وبرغم أن فرنسا ومصر، اللتان تبدوان المهندستان الرئيسيتان لهذه التسوية، قد مضتا إلى السوق اللبناني خلال أنابوليس، وقالتا له (نهنئكم على الرئيس الجديد)، وقالت جماعة 14 آذار: (نعم سوف نقبل بذلك)، فإنه ليس واضحاً بعد أن المعارضة قد وافقت. وذلك لأن الجنرال ميشيل عون (المسيحي الماروني الموالي لسوريا)، والذي يطمح في حدوث المزيد من المساومة، وما يزال هناك بعده الكثير من التطورات على الواقع.
• أليست هذه صفقة؟
لم تكن هذه صفقة تم القيام بها، وفقط أن فرنسا والولايات المتحدة والمملكة السعودية وسوريا،هي القوى  الخارجية التي أبدت جميعها ذلك.
• أعتقد بأن عون قد قال بأنه يؤيد ذلك؟
حسناً، فهو يقول الآن بأنه سوف يؤيد ذلك، ولكنه قال «نعم، ولكني أريد أن أضمن بأنه سوف يكون لي مكاناً..» وهناك قائمة طويلة من الأشياء التي يريدها عون. وكما نعلم، فإن كل شخص يحاول الحصول على دقيقة أخيرة إضافية. وهناك الكثير من المساومات في بيروت. وبمعنى ما، فإن هذا يبدو انتصاراً كبيراً للقيادة السورية، وذلك لأنه قبل سنتين كان الجميع يقولون بأن سوريا أصبحت ضعيفة.
إن سوريا تمثل عاملاً وعنصراً رئيسياً وأساسياً لعملية السلام. وإذا ما أبقيت الباب مغلقاً أمام سوريا، فإن الجميع سوف يعتقدون بأن عملية السلام لن تصل إلى شيء.
المعارضة السورية تقول: «سوف نكون في دمشق خلال ستة أشهر»، والسوريون قلقون. ولكن اليوم لا يوجد أي قلق حول هذا الأمر. والآن، ما الذي يمكن أن تقوم به إزاء هذا الأمر؟ الانتصار الدبلوماسي فقط هو الذي سوف يأخذك بعيداً..
• لست خبيراً في الشؤون السورية، ولكن يبدو أن اتفاق السلام مع إسرائيل، سوف تكون له الأولوية وذلك لأنه سيجعل سورية تنفتح أمام الاستثمارات الخارجية؟
نعم، سوف يؤدي لذلك، وهو الأمر الذي يباعد سوريا عن السعودية، وذلك لأن السعودية ترغب في الوقوف مع إسرائيل ضد إيران. وهو الأمر الذي أدى إلى تقويض موقف سوريا. وكلما تجاهل العرب الفلسطينيون والصراع العربي- الإسرائيلي، ووقفوا إلى جانب إسرائيل، فإن إسرائيل سوف تكون أقل اهتماما بأمر إقامة السلام مع سوريا، وكلما قلت وسيلة سوريا للضغط من أجل استعادة مرتفعات الجولان. وبالتالي، فإن على سوريا الإبقاء على الصراع العربي- الإسرائيلي حياً –حزب الله، لبنان، حماس، أو بواسطة أي طرف آخر، وذلك لأنه ليس لسوريا أي قدرة على إلحاق الضرر العسكري بإسرائيل.
• الآن، دعنا نتحدث قليلاً، عن مرتفعات الجولان بالعودة إلى عام 2000، فقد كانت سوريا وإسرائيل قريبتان من اتفاق السلام. هل من الممكن إحياء ذلك؟
المشكلة تتمثل في أن سوريا الآن أصبحت أضعف مما كانت عليه آنذاك، وإننا نعلم  بأن الجميع يتحدث حول ما إذا كانت الحرب في صيف 2006 كانت حقيقةً تمثل انتصاراُ لحزب الله، أم انتصاراً لإسرائيل فعلى المدى الطويل الأجل، برغم أنها تبدو على المدى القصير الأجل انتصاراً لحزب الله، فإن إسرائيل قد استطاعت أن تحصل على المدى البعيد  على مكاسباً قصيرة.
وما قامت به سوريا، هو الإعلان بأنها راغبة في التفاوض، وهي لن تقف إلى جانب إيران، ضد الولايات المتحدة.
حزب الله تم إرجاعه، فهو الآن على بعد 12 ميلاً من الحدود الإسرائيلية، وبرغم ذلك فهو يحاول إعادة تسليح نفسه والمضي قدماً، وليس واضحاً بعد أن يكون حزب الله راغباً أو يمكن أن يقوم بتنفيذ مواجهة أخرى مع إسرائيل.
لقد أرعبت إسرائيل حزب الله وأرجعته، وفي هذا درس لسوريا. وخلال شهر أيلول(سبتمر) قامت إسرائيل بتنفيذ غارة جوية على سوريا دون أن تحدث أي عواقب أو مضاعفات. ومن الواضح أنه لم يعد لسوريا ذلك الخيار العسكري الذي كان لها، عن طريق الأطراف الثالثة، عندما كانت تبدو حماس منتصرة في الأراضي المحتلة، وحزب الله قوة كبرى في لبنان.
• أنت تعلم، من المهم لان هناك الكثير من التوقعات، ولأن الفلسطينيين منقسمون، ولوجود حكومتين فلسطينيتين، أن هذا الوضع سوف يجعل من السهل بالنسبة لإسرائيل، أن تتفاوض حول صفقة مع سوريا؟
المشكلة تتمثل في ضعف سوريا
• هل تعتقد بأنها سوف تتنازل عن شريط الأرض؟
كل الإسرائيليين الذين تحدثت إليهم قالوا بأن سوريا طالبت بالكثير من أجل الجولان، وبكلمات أخرى، أنهم يريدون الكثير وعليهم تقديم بعض التنازلات الرئيسية. وحالياً رأينا عدداً من السياسيين الإسرائيليين يقولون «حسنا، فلنستأجر الجولان لمدة مئة عام». وعلى ما يبدو فإنها تمثل نقطة البدء في مفاوضات سوريا- إسرائيل: دعنا نرجع إلى ما كنا عليه في عام 2000م، فإن الإيجار أدى إلى نوعين مختلفين من العلاقة، وهو الأمر الذي يضعه الإسرائيليين بشكل مسبق، وهذا معناه أن على السوريين الرجوع والتفاوض بدءاً من هذه الفكرة.
ولكن السوريين بالطبع ووفقاً للقانون الدولي يريدون كل شيء.
• يريد السوريون الحصول على ما حصل عليه المصريون في اتفاقية سلام 1975 مع إسرائيل –استعادة كل الأراضي المحتلة في سيناء- ؟
يريدون كل شيء، ويقولون «نحن نسير في هذا الخط، نحن نتبع القانون الدولي»، وفي القانون الدولي يوجد قدر من الإبهام والغموض، والعديد من الخطوط. فهناك خط عام 1923، وهناك خط الهدنة عام 1967م، وهم يريدون الخط الأفضل بالنسبة إليهم، وهو خط عام 1967م.
• حسنا، وبحسب وجهة نظرك، ما هي النقطة الأكثر احتمالاً لبدء التفاوض؟
بالنسبة للمفاوضات الرسمية، أعتقد بأن الأمر لم ينجلي بعد، ولكن من الناحية الأخرى فالجميع يريدون إبقاء الباب مفتوحاً لعدة أسباب، فإسرائيل ترغب بعملية السلام، وليس بالضرورة أن تؤدي إلى السلام. وأفهم ذلك باعتباره العبارة التي تستخدمها إسرائيل عادة ضد السوريين، ولكن في هذه الحالة، فإنني أعتقد بأنها قد غيرت الاتجاه.
لماذا يريدون العملية؟ لسببين رئيسيين: الأول هو إبقاء حزب الله جالساً، وذلك لأنه طوال ما كانت سوريا تحاول ترغيب إسرائيل، فإنها تقوم بتهدئة أنشطة حزب الله، وبالتالي إن إسرائيل تستطيع مفاوضة الفلسطينيين بسهولة أكبر، طوال ما كانت سوريا هادئة.
ولما كانوا –الإسرائيليين- دائماً يهددون الفلسطينيون، «إذا لم تقوموا بصنع الصفقة معنا، فإننا سوف نمضي لصنع الصفقة مع السوريين، وسوف تكونون معزولين بالكامل وسوف نرميكم بعيداً، وسوف نفرض المزيد من الضغوط عليكم. وأعتقد بأن موقف التفاوض الأفضل للإسرائيليين هو التعامل مع الطرفين.
• ماذا يعني هذا على أساس اعتبارات العلاقة السورية- الإيرانية؟
ما قامت سوريا بالإعلان عنه هو رغبتنا في التفاوض، وأنها سوف لن تقف إلى جانب إيران ضد الولايات المتحدة. وخلال العام الماضي، أعلن السوريون بأنه إذا تم وضع الجولان على الطاولة، فإنهم سوف يضعون العلاقة مع إيران وحزب الله وحماس على الطاولة –وكل شيء سوف يكون على الطاولة-
وقد أدى مجيء سوريا إلى أنابوليس إلى اضطراب الإيرانيين والفلسطينيين.

الجمل:  قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...