الأهداف الإسرائيلية الرئيسية والأهداف الأمريكية الثانوية
الجمل: في نهاية تموز 2000م، وقف الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ليعلن أمام الملأ قائلاً: بعد 14 يوماً من المفاوضات المكثفة بين الأطراف فقد انتهت كل المفاوضات دون التوصل إلى اتفاق.
بعد ذلك، تبين للعالم أن الإسرائيليين هم الأفضل في العالم في عملية إفشال المفاوضات، والأمريكيين هم الأفضل في الوقوف بشجاعة أدبية ونقل الأخبار غير السارة إلى الرأي العام الأمريكي والعالمي، والآن، هل سيحاول الإسرائيليون الاستمرار في هواية إفشال مؤتمرات السلام المفضلة لديهم وإرغام الأمريكيين على ابتلاع "الحجر" والقيام بإطلاع الرأي العام الأمريكي والعالمي على الفشل والإخفاق!!
* الأهداف الرئيسية الإسرائيلية والأهداف الثانوية الأمريكية:
يسعى الإسرائيليون إلى استخدام المؤتمر من أجل الانقلاب على كافة الاتفاقيات السابقة مع العرب، وسوف يكون التركيز الإسرائيلي باتجاه الانقلاب على اتفاق «أوسلو» مع الفلسطينيين واتفاق «وادي عربة» مع الأردن واتفاق «كامب ديفيد» مع مصر. وهذه الانقلابات ستحدث على النحو الآتي:
• اتفاق أوسلو: عن طريق الإعلان -بعد المؤتمر- بأنه لا يوجد شريك فلسطيني مناسب للسلام، وبالتالي فإن لإسرائيل الحق في "التصرف من طرف واحد" لحماية أمنها من تهديد المناطق الفلسطينية "المنفلتة أمنياً" بسبب عدم وجود أي طرف فلسطيني يتمتع بالقدرة والمصداقية على إقامة السلام مع إسرائيل وضمان السيطرة على الأراضي الفلسطينية، فإن إسرائيل يتوجب عليها "ضم" الأراضي الفلسطينية وإلغاء كافة الخطوات التي تم الاتفاق عليها في خطة خارطة الطريق.
• اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية وادي عربة: عن طريق الإعلان -بعد المؤتمر- بأن مصر والأردن لا تقومان بأي "دور" في حماية أمن إسرائيل، وسوف يتذرع الإسرائيليون بالهجمات الفلسطينية ضدهم (أو ربما تقوم أجهزة المخابرات الإسرائيلية بفبركة سيناريوهات هذه الهجمات)، وعلى غرار نموذج تحميل الزعيم ياسر عرفات المسؤولية عن هجمات حركة حماس والجهاد الإسلامي، فسوف يقوم الإسرائيليون بتحميل النظام المصري والنظام الأردني المسؤولية عن هجمات وثورات الفلسطينيين، وقد بدأ التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل في حملة "بناء الذرائع" ضد مصر باعتبارها لم تلتزم بتنفيذ بنود اتفاقية كامب ديفيد المتعلقة بالأمن الوقائي الإسرائيلي، ويتمثل التواطؤ الأمريكي في قيام الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي بحجب 500 مليون دولار من المساعدات الأمريكية لمصر بسبب عدم قيام الحكومة المصرية "بواجبها" إزاء مساعدة إسرائيل في محاصرة قطاع غزة!!
أما الأهداف الثانوية الأمريكية فتتمثل في أن عملية اصطفاف الأطراف العربية بحد ذاتها سوف لن تتيح للإسرائيليين فقط السيطرة على المنطقة، وإنما ستتيح للأمريكيين أيضاً إمكانية السيطرة على الموارد النفطية، واحتكار التجارة مع الأسواق العربية، إضافة إلى أن الأمريكيين سوف يضمنون استخدام المزايا الجيوبوليتيكية والجيوستراتيجية التي تتميز بها المنطقة العربية في الصراع الدولي المستقبلي المتوقع مع روسيا والصين، وأيضاً ضد الدول النامية الصاعدة كالهند وإيران، وذلك بالإضافة إلى ممارسة الضبط والسيطرة والتحكم بالاتحاد الأوروبي.
* ويسألونك عن أنابوليس!
تم الإعلان رسمياً عن رغبة الإدارة الأمريكية في الدعوة لعقد المؤتمر في منتصف تموز الماضي، وبرغم ذلك، برزت الملاحظات الآتية:
• تم الإعلان عن تاريخ انعقاد المؤتمر قبل أسبوع.
• حتى الآن لم يتم توزيع أجندة المؤتمر على المدعوين.
• ظلت الإدارة الأمريكية (راعية المؤتمر) ترفض بشكل قاطع مشاركة الأطراف العربية المعنية بالصراع مع إسرائيل، مثل سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى رفض مناقشة مشكلة الجولان السوري.
حتى الآن لم تعلن الأطراف العربية الرئيسية مثل سوريا عن موافقتها النهائية على المشاركة في المؤتمر.
عموماً، لقد سربت الصحافة الإسرائيلية خبر انعقاد المؤتمر قبل أكثر من شهرين، وذلك حتى قبل أن يعلم كبار المسؤولين الأمريكيين بتاريخ الانعقاد، وفي هذا إشارة واضحة إلى أن الإدارة الأمريكية لا تتمتع بالمزايا التي تجعلها مؤهلة للقيام بإدارة مؤتمرات السلام والتوسط بنزاهة ومصداقية بين أطراف الصراع. بكلمات أخرى، إن مؤتمر أنابوليس هو مؤتمر رتبت لعقده جماعة المحافظين الجدد وعناصر اللوبي الإسرائيلي، وبالتأكيد فإن عناصر هذه الجماعات قد قامت بالتنسيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية ورئيس الوزراء الإسرائيلي حول ترتيبات هذا المؤتمر.
الأطراف العربية تنقسم مواقعها حالياً ما بين أطراف "مقهورة" مغلوبة على أمرها وغير قادرة على رفض الذهاب إلى المؤتمر (خشية من غضب أمريكا)، وأطراف مستقلة تتمتع بالقدرة على ممارسة حقها في الرفض أو القبول باستقلالية ووفقاً لما تمليه عليها اعتبارات إدراكها لمصالحها.
إن معسكر "المقهورين" كان يتكون من ثلاثة أطراف، إلا أن طرفاً رابعاً انضم إليه ليمثل المقهور الرابع الجديد، بكلمات أخرى، لم يصدق رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة انتهاء فترة ولاية الرئيس إميل لحود وعدم انتخاب رئيس جديد بدلاً عنه، وتقول المعلومات الواردة من بيروت بأن "الوفد اللبناني" "يهرول" على عجل من أجل اللحاق بالمؤتمر والوصول إلى أمريكا قبل وصول الوفود العربية الأخرى، وبرغم أن الوفد اللبناني لم يتطرق إلى قضية مزارع شبعا وغيرها من الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، فإن محاولة الوفد اللبناني الوصول قبل الوفود العربية تثير الكثير من التساؤلات: فهل يا ترى سيعقد هذا الوفد لقاءات جانبية مع الأمريكيين والإسرائيليين؟ وإن كان ذلك كذلك، فما هي التعليمات التي سيقدمها اليهودي الأمريكي ديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط؟ وما هو دور هذا الوفد في المؤتمر؟ وما هي المساعدات التي سوف يقدمها الوفد اللبناني لإسرائيل من أجل تعزيز قدرتها على القيام بتنفيذ أهم بنود خطة ريتشارد بيرل في "تأمين الحدود الشمالية الإسرائيلية" والتي تبتلع خارطتها كامل الأراضي اللبنانية بما فيها صيدا، والمختارة، والمتن، وجبل لبنان..
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد