كابوس أوباما السوري

23-04-2013

كابوس أوباما السوري

الجمل ـ سول لاندو- ترجمة: د. مالك سلمان:

قام الرئيس أوباما بإذكاء لهيب الحرب الأهلية في سوريا وكذب على الكونغرس حول دوره "المتواضع" في النزاع الدائر هناك.
بين سنتي 2002 و 2007, زرت سوريا أربع مرات. قدت سيارتي عبر الوديان الخصبة المحاذية لشاطىء المتوسط, والحدود الشائكة في مرتفعات الجولان على الحدود الإسرائيلية.
أكد لي السنة والشيعة والمسيحيون والأكراد, وحتى اليهود, أن حكومة الأسد تشجع على حرية الأديان لكنها لم تنتهج سياسات ديمقراطية. وخلال "الربيع العربي", أدى فشله في إجراء الإصلاحات إلى توريط حكومته في المشاكل. فعوضاً عن محاورة المحتجين السوريين, حاول سد الثغرات في واجهة حكومته السلطوية. ومن ثم قامت السعودية وقطر, اللتان لا تمثلان نموذجاً للديمقراطية, بإغراق سوريا بالمال والسلاح والمقاتلين الأجانب لإشعال النزاع. وبدأت واشنطن وأوروبا الغربية, بمساعدة شركائهما النفطيين الإقليميين, بإذكاء حرب أودت بحياة 70,000 سوري, وأدت إلى تهجير أكثر من مليون آخرين.
أكد أوباما للكونغرس أن واشنطن لم تقدم سوى مساعدة بسيطة غير فتاكة ﻠ "الجيش السوري الحر", في الوقت الذي أعطى أوامرَه لوكالة الاستخبارات المركزية بالإشراف على شحن كميات ضخمة من الأسلحة إلى المتمردين, بمن فيهم المعادين المريرين للغرب الذين يحملون إيديولوجيات إسلاموية متطرفة. وتبين الصور والقصص المرعبة آثار الدمار حيث كانت البيوت والأبنية العامة موجودة فيما مضى, والمجاعة حيث كانت المطاعم والأسواق تفيض بكافة أنواع الأطعمة. فلماذا أشرف أوباما على إدارة مسيرة الموت هذه التي "تساعد" فيها واشنطن المتمردين المتحالفين مع الإسلام اليميني؟ فهذه قطاعات سوف تعمل, في حال سيطرتها, على توجيه هذه الأسلحة ضد نفس الحكومات التي زودتها بها.
كشفت "نيويورك تايمز" أكاذيبَ أوباما حول دور الولايات المتحدة في هذه الحرب وحول مستوى مشاركة واشنطن. فقد تجاوزت الجهودُ التي قدمتها الولايات المتحدة ما اعترف به الرئيس بشكل كبير. حيث قامت "سي آي إيه" بتهريب وتوزيع كميات كبيرة من شحنات الأسلحة إلى المتمردين – أكثر من 3,500 طناً حتى الآن – من الأردن وتركيا, بينما زعم أوباما أنها مساعدة عسكرية "غير فتاكة".
"إن دور ‘سي آي إيه’ في تسهيل شحن الأسلحة ... أعطى الولايات المتحدة درجة من التأثير على العملية [توزيع الأسلحة] ... وأكد مسؤولون أمريكيون إبلاغ مسؤولي البيت الأبيض بشكل منتظم حول شحنات الأسلحة."
أشرف أوباما على تزويد "جبهة النصرة" بالسلاح, وهي القوة المقاتلة الأكثر تأثيراً بين صفوف المتمردين والمرتبطة بالمجموعات الإرهابية الإسلاموية.
فقد أكد شهود عيان في شمال غرب سوريا أن بعض المتمردين استخدموا تلك الأسلحة في ذبح أهالي القرى العلوية والمسيحية.
إن معارضة أوباما لمباحثات السلام مع حكومة الأسد, والتي يطلب فيها الاستسلام, تثير السؤال التالي: لماذا يطرح رحيل الحكومة السورية بمثابة "شرط مسبق" للمفاوضات؟
خلال العقد المنصرم, أرسلت حكومة الأسد للاستخبارات الأمريكية تحذيرات بخصوص هجمات إرهابية مخططة ضد أهداف أمريكية. وقد ساعدت تلك المعلومات في إنقاذ حياة وممتلكات الأمريكيين كما أكد السفير الأمريكي آنذاك, تيودور قطوف, لعضو الكونغرس السابق, جيمز أبو رزق, وهو ديمقراطي من داكوتا الجنوبية, ولي شخصياً (في سنة 2003). وقد تذمر سفير سوري سابق إلى واشنطن من عدم الاستجابة الأمريكية لتلك التحذيرات, بصيغة "إعمل خيراً, تلقَ شراً."
اختار أوباما مرشحَه الشخصي لتمثيل "الائتلاف الوطني للثورة السورية" عبر تسمية غسان هيتو بصفته رئيسَ الوزراء السوري غير المنتخب, وهو أمريكي سوري ومواطن أمريكي عاش في الولايات المتحدة طيلة الثلاثين سنة الأخيرة.
استقال معاذ الخطيب, رئيس "الائتلاف الوطني السوري" السابق, احتجاجاً على معارضة أوباما للمفاوضات السلمية مع الأسد. وهكذا, "قام أوباما بتنصيب مواطن أمريكي رئيساً لوزراء المجموعة المعارضة وطلب إليه عدم فتح أي حوار مع حكومة الأسد متجاهلاً الملايين الموجودين في سوريا والذين أصبحوا شهوداً على تدمير بلدهم لأن أطرافاً خارجية منعت المفاوضات التي يمكن أن تسوي النزاع القائم."
كما ضغط أوباما على "الجامعة العربية", المكونة في معظمها من حكومات غير ديمقراطية موالية لواشنطن, لتفويض "الائتلاف الوطني السوري" غير المنتخَب بصفته الحكومة السورية. ويعني مقعد المتمردين في "الجامعة العربية" أن الولايات المتحدة تريد "تغيير النظام", بغض النظر عن عدد الناس الذين يموتون, أو الرائحة اللاذعة للخيارات السياسة المتاحة.
وصفت روسيا قرارَ "الجامعة العربية" على أنه " ... تشجيع علني لقوات المتمردين التي تستمر, لسوء الحظ, في المراهنة على حل عسكري في سوريا, دون أي اهتمام بآلام السوريين التي تتزايد يوماً بعد يوم ..." تريد موسكو تسوية سياسية, وليس سيناريوهات عسكرية مدمرة.
يصر أوباما على ضخ المزيد من الأسلحة في سوريا, حيث "تجاهلَ وزير الخارجية جون كيري العرضَ الذي قدمه وزير الخارجية السوري بخصوص المفاوضات السلمية وشرع, عوضاً عن ذلك, في جولة على تسع عواصمَ أوروبية وعربية لتنظيم الدعم للمتمردين السوريين." لا يستطيع أوباما إملاءَ نتيجة الحرب في سوريا لأنه لا يتمتع بدعم شعبي يمكنه من إرسال قوات أمريكية, لكنه سيقرر متى تبدأ المفاوضات السلمية وفي أية ظروف.
بعد سنتين, لا تزال قوات الأسد الجوية تهاجم مواقع المتمردين. ومن الواضح أن الأسد يتمتع بدعم كبير داخل البلد, وهو شيء يتجاهله الإعلام الرسمي.
تظاهر أوباما بالغضب عندما تناقلت وسائل الإعلام خبر استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا. فهل نسيَ أطنانَ "العامل البرتقالي" الذي أسقطته الطائرات الأمريكية على فيتنام عندما حذرَ الأسد من مغبة التفكير باستخدام الأسلحة الكيماوية؟ وفي الحقيقة, اتهمت سوريا المتمردين باستخدام المواد الكيماوية, وقد تجاهلت واشنطن هذا الاتهام دون أن تكلفَ نفسَها عناءَ التحقيق فيه. لكن المتمردين السوريين اعترفوا باستخدامهم للأسلحة الكيماوية التي أودت بحياة 16 جندي سوري و 10 مدنيين. وبعد ذلك ادعى المتمردون أن القوات الحكومية قصفت نفسَها عن طريق الخطأ بتلك المواد الكيماوية!!! ولم يستجب أوباما للادعاءات التي تتحدث عن الفظائع التي ارتكبها المتمردون ضد الشعب السوري.
لماذا تتورط واشنطن إلى هذا الحد في الحرب على سوريا؟ لإضعاف إيران, حليفة سوريا, وتعزيز شركاء الناتو الشرق أوسطيين الوسخين؟
في سعيه لإسقاط حكومة الأسد, ركز أوباما بشكل كلي على إستراتيجية "إضعاف موقع إيران الإستراتيجي, وإشعال الشرارة الكفيلة بإسقاط الجمهورية الإسلامية."

تُرجم عن ("كاونتربنتش", 22 نيسان/إبريل 2013)

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...