بورصات العالم تتهاوى.. وأوروبا تستنجد بالصين

25-10-2008

بورصات العالم تتهاوى.. وأوروبا تستنجد بالصين

يبدو أنّ الأزمة الاقتصادية العالمية قد أبطلت مفاعيل كافة الإجراءات التي تسعى التكتلات الاقتصادية الكبرى في العالم من خلالها إلى إعادة التوازن في أسواق المال التي شهدت بالأمس انهياراً جديداً، نجت منه البورصات الخليجية التي كانت في إجازة، في الوقت الذي فشل فيه وزراء النفط في منظمة الدول المصدرة »أوبك« في لجم المسار الانحداري للأسعار، رغم قرارهم بخفبعض القادة المجتمعين في قمة »أسيم« في بكين وقد التقطتهم عدسات التصوير في لحظات غفو أمسض الإنتاج بمعدل ١,٥ مليون برميل في اليوم.
وفيما صدرت انتقادات من واشنطن ولندن لقرار »اوبك«، تعهد قادة أوروبا وآسيا، خلال قمة »أسيم« في بكين، بـ»المباشرة في إصلاح فاعل وشامل للأنظمة المالية والنقدية«، فيما أكد قادة الاتحاد الاوروبي على حاجة قارتهم الى آسيا، والصين تحديداً، باعتبارها أسرع اقتصاديات العالم نمواً، للمساهمة في إنقاذ الوضع الاقتصادي العالمي.

وانخفضت الأسهم الأميركية بشدة، مع إقبال المستثمرين على بيع الأسهم في مختلف أنحاء العالم بفعل المخاوف من أن يكون الاقتصاد العالمي قد انزلق إلى الكساد. وهبط مؤشر »داو جونز« الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى ٣١٢,٣٠ نقطة (٣,٥٩ في المئة)، فيما انخفض مؤشرا »ستاندرد أند بورز« الأوسع نطاقاً ٣١,٣٤ نقطة (٣,٤٥ في المئة)، و»ناسداك«، المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا ٥١,٨٨ نقطة (٣,٢٣ في المئة).
وفي طوكيو، انخفض مؤشر نيكاي ٩,٦ في المئة، منهياً جلساته تحت الثمانية آلاف نقطة للمرة الأولى منذ أكثر من خمسة أعوام. ويعاني مؤشر بورصة طوكيو بشكل رئيسي من ارتفاع سعر الين، الذي يضر بشدة بالمصدرين اليابانيين.
وفي البورصات الآسيوية الأخرى، كان التراجع هو التوجه الرئيسي، حيث انخفضت بورصة سيول ١٠,٦ في المئة، وسيدني ٢,٦٤ في المئة، وهونغ كونغ ٦,٥٢ في المئة، وبومباي ٦,٩١ في المئة.
وسارت أوروبا على الخطى ذاتها بعد ساعة. فبعيد بدء الجلسات انخفضت بورصة لندن ٥,٤٤ في المئة، وفرانكفورت ٦,٦٤ في المئة، وباريس ٥,٥٧ في المئة، ٥،٥٧ في المئة، فيما علقت بورصتا موسكو، »أر تي أس« و»ميسكس«، مبادلاتهما حتى الثلاثاء المقبل، بعد تراجع حاد لمؤشريهما، اللذين فقد كل منهما أكثر من ١٣ في المئة.
ويبدو ان الاقتصاد الأوروبي ينزلق إلى حالة كساد، حيث أظهرت البيانات انكماشاً اقتصادياً في منطقة اليورو وبريطانيا، فيما تهاوت أسعار اليورو والجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات أمام الدولار.
في المقابل، عوض الذهب خسائره وشهد ارتفاعا حاداً، حيث أوقد تراجع أسواق الأسهم شرارة التدافع على شراء المعدن كملاذ. وارتفعت عقود الذهب الأميركية (تسليم كانون الأول) ١٩,٦٠ دولاراً (٢,٧ في المئة) إلى ٧٣٤,٣٠ دولاراً للأونصة.
إلى ذلك، قرر وزراء النفط في »أوبك«، خلال اجتماعهم الاستثنائي في فيينا، خفض الإنتاج بمعدل ١,٥ مليون برميل في اليوم اعتباراً من الأول من تشرين الثاني المقبل، وذلك في محاولة لوقف تدهور الأسعار. وأوضح وزير النفط السعودي علي النعيمي أنّ »الإنتاج سيصبح ٢٧,٣ مليون برميل بعدما كان ٢٨,٨ مليون برميل«، لكنه استبعد خفضاً ثانياً إذا ما استمر التوجه الحالي في الأسعار، مشيراً إلى أنّ خفض الإنتاج سيوزّع بشكل نسبي بين أعضاء المنظمة بحسب سقف إنتاج كل منها.
وحددت »أوبك«، في بيان، قائمة بتخفيضات الدول الأعضاء، احتلت السعودية صدارتها (٤٦٦ ألف برميل)، وتلتها إيران (١٩٩ ألف برميل)، فالإمارات (١٣٤ ألف برميل)، فيما أعفي العراق من التخفيض.
وبررت المنظمة قرارها بأن »الأزمة المالية كان لها اثر واضح في الاقتصاد العالمي، وخفضت الطلب على الطاقة عموماً وعلى النفط خصوصا... في سوق مشبع أصلا«، مشيرة إلى أنّ السوق »شهد انهيارا مشهودا وغير مسبوق للأسعار يهدد وجود العديد من المشاريع النفطية ويحمل على إلغاء أخرى، ما قد يتسبب في حالات نقص في العرض على المدى المتوسط«.
غير ان وزير النفط الجزائري، والرئيس الحالي لـ»أوبك« شكيب خليل أشار إلى ان التخفيض ليس »فقط بـ١,٥ مليون برميل يومياً، بل بـ١,٨ مليون برميل بحلول نهاية العام«، باعتبار أنّ »هناك ٣٠٠ ألف برميل جار سحبها من السوق«.
ولفت خليل إلى أنّ »الأسعار تحددها السوق. فحين ناهز سعر النفط في تموز ١٤٧ دولاراً، لم يؤثر هذا الأمر لا في التضخم ولا في النمو«، معتبراً أنّ »ما حصل مؤخراً سببه الإدارة السيئة للاقتصاديات وأزمة الرهون العقارية الهالكة، وتداعيات هذه الأزمات«.
وقال خليل إن عملية خفض الإنتاج يجب ان تتفادى »ضرب الاقتصاد العالمي الذي يعاني أصلا«، وأن تساهم في استقرار الأسعار، موضحاً انه في حال كان الخفض حاداً فإن ذلك ينذر بـ»تفاقم الأزمة المالية«.
من جهته، أوضح وزير النفط الإماراتي محمد الهاملي أنّ قرار المنظمة اتخذ بإجماع الأعضاء، متوقعاً ان يسهم بشكل إيجابي في إعادة التوازن إلى السوق.
وفي أوّل تعليق على قرار »أوبك«، اعتبرت وكالة الطاقة الدولية أنّ خفض الإنتاج »غير مفيد لأن الأسواق في غاية التوتر، وحجم التخفيض كبير جداً«، مشيرة إلى أنه يأتي في سياق تواجه فيه الدول الرئيسية المستهلكة للنفط كساداً حاداً.
وواصل سعر النفط الخام تراجعه في سوقي لندن ونيويورك، حيث أغلقت العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي على انخفاض بـ٣,٦٩ دولارات (٥,٤٤ في المئة) مسجلاً ٦٤,١٥ دولاراً للبرميل.
وذكرت دراسة لمصرف »كومرتيس« الألماني أن قرار أوبك جاء مخيباً للآمال، معتبرة أنه كن من الأفضل خفض الإنتاج بكميات أكبر للحد من الهبوط المتواصل في الأسعار، وهو ما أكده المحلل لدى »دريسدنر كلينوورت« بيتر فيرتيغ، الذي أشار إلى أن السوق »يخشى ألا يكون الخفض كافياً لتلافي تراجع الطلب«.
وقال ديفيد كيرش من مؤسسة »بي أف سي انيرجي« ان بعض الدول تريد بشكل غير رسمي الدفاع عن سعر مئة دولار للبرميل، وأخرى عن سعر ٨٠ دولاراً، غير ان الجميع أشار إلى ان سعر ٥٠ دولاراً للبرميل »غير مقبول«، مضيفاً أنّ »أوبك« تواجه »اكبر تحدياتها« منذ الأزمة الآسيوية قبل عشر سنوات، لأن عليها وقف تراجع الأسعار من دون ان تثقل كاهل زبائنها من الدول المستهلكة المتأثرة بالأزمة المالية الأسوأ منذ .١٩٢٩
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض طوني فراتو »نحن مقتنعون بأن قيمة السلع، بما فيها النفط، ينبغي تحديدها عبر أسواق مفتوحة ومتنافسة، وليس عبر قرارات مماثلة تناقض الأسواق«، فيما أعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون ان لندن »خاب أملها« من قرار المنظمة، مشيراً إلى انه كان عليها أن »تأخذ في الاعتبار تأثير هذا القرار على الاقتصاد العالمي«.
وفي سياق الأزمة الحالية، أعلن صندوق النقد الدولي، في بيان على موقعه الالكتروني، أنّ لديه ٢٠٠ مليار دولار يمكن منحها كقروض فورية بشروط ميسرة، موضحاً أنه »حتى وان كانت قروض صندوق النقد الدولي محكومة ببعض الشروط السياسية، فإن الشروط ستكون اقل عدداً من السابق وأكثر استهدافاً«.
وكانت صحيفة »واشنطن بوست« ذكرت أنّ صندوق النقد الدولي يعد حالياً رصيداً من السيولة النقدية لضخها إلى الدول النامية الأشد تضرراً من الأزمة المالية الحالية، مشيرة إلى أنه سيطلب الموافقة الرسمية على هذه الخطة من مجلس المحافظين الأسبوع المقبل.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...