الغارة الإسرائيلية ضد سورية وتداعياتهاعلى مؤتمرالسلام

12-10-2007

الغارة الإسرائيلية ضد سورية وتداعياتهاعلى مؤتمرالسلام

الجمل:  تشير بعض التحليلات الصادرة اليوم إلى أن تداعيات الغارة الإسرائيلية على سوريا، لن تكون تأثيراتها السلبية حصراً ضمن دائرة الصراع السوري – الإسرائيلي، وإنما سوف تمتد إلى التأثير سلباً على مؤتمر السلام الدولي الذي ترتب إدارة بوش لعقده في 26 تشرين الثاني القادم بمدينة أنابوليس – ولاية ميرلاند الأمريكية..

* تداعيات الغارة الإسرائيلية على التوازنات داخل الإدارة الأمريكية:

أدت الغارة الإسرائيلية إلى انقسام الإدارة الأمريكية إلى فريقين، حول مدى مصداقية المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية والموقف الأمريكي الذي يجب أن يترتب عليها.

اتخذت الإدارة الأمريكية قراراً بالمضي قدماً في اعتمادها على الوسائل الدبلوماسية في تعاملاتها مع سوريا وكوريا الشمالية.. وبالمقابل، فإن معسكر الصقور بقيادة ديك تشيني، كما هو الحال، سوف يسعى لإفشال الجهود الدبلوماسية وإعادة الإدارة الأمريكية إلى مربع الحرب الذي حاولت تفاديه..

كذلك، انقسام الإدارة الأمريكية إزاء الغارة الإسرائيلية، وملف كوريا الشمالية، قد أتى على نفس خطوط الانقسام والخلاف حول أزمة الملف النووي الإيراني، بين جناح متشدد (يقوده ديك تشيني وجماعة المحافظين الجدد) يفضل الحرب العسكرية، وجناح معتدل (تقوده وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتز) يفضل الحرب السياسية- الاقتصادية.

* تداعيات الغارة الإسرائيلية ضد سوريا على العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية:

برغم التعتيم وحالة الصمت المفروضة على ردود الفعل عبر محور تل أبيب – واشنطن، إزاء الغارة الجوية الإسرائيلية ضد سوريا، فقد أورد موقع «ديكا» الاستخباري الإلكتروني الإسرائيلي تسريبات تطابقت مع التسريبات التي أوردتها بالأمس صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ويقول تسريب موقع «ديكا»: بأن واشنطن قد طلبت رسمياً من إسرائيل توضيح الملف الإسرائيلي المتعلق بالمعلومات التي تزعم بأن كوريا الشمالية قد قدمت المساعدات لسوريا في الأنشطة الصاروخية والنووية..

طلبْ التوضيح الأمريكي الموجه لإسرائيل يحمل أكثر من معنى ودلالة، وهو توضيح سوف تترتب عليه الكثير من التداعيات على التوجهات السياسية الأمريكية إزاء إسرائيل وإزاء القضايا والملفات الإقليمية الساخنة التي ما تزال تشكل المعضلة الرئيسيّة أمام عملية فرض الهيمنة الأمريكية على العالم...

التداعيات على التوجهات السياسية الأمريكية سوف ترتبط بمدى مصداقية المعلومات التي سوف يحملها رد إسرائيل، وبكلمات أخرى إذا تبين للإدارة الأمريكية مصداقية المزاعم الإسرائيلية، فإن الأمر لن يكون في مصلحة محور رايس– غيتز، وبالتالي سوف تنخفض في الإدارة الأمريكية أسهم تنفيذ مشروع الحرب السياسية – الاقتصادية، بمقابل ارتفاع أسهم معسكر الحرب العسكرية الذي يقوده ديك تشيني وجماعة المحافظين الجدد...

أما في حالة انكشاف عدم مصداقية المعلومات الإسرائيلية الزاعمة بوجود برنامج نووي سوري، فإن التداعيات لن تؤدي إلى اهتزاز موقف ومكانة معسكر ديك تشيني وجماعة المحافظين الجدد، وإنما سوف تؤثر سلباً على التعاون الاستخباري العسكري الإسرائيلي- الأمريكي، وهو أمر لن يكون في مصلحة مستقبل العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، ولا في مصلحة مكانة اللوبي الإسرائيلي الذي لعب رموزه من أمثال جون بولتون وديفيد فورمزر دوراً كبيراً في التسويق لصالح الغارة الإسرائيلية ضد سوريا بسبب برنامجها النووي المزعوم..

* تداعيات الغارة الإسرائيلية ضد سوريا على مؤتمر السلام الدولي:

أصبح واضحاً أن تداعيات الغارة الإسرائيلية سوف تؤثر على مؤتمر السلام،وحصراً سوف يكون هذا التأثير سلبياً، ومن أبرز التأثيرات:

* الخلافات داخل الإدارة الأمريكية بين فريق ديك تشيني وفريق كوندوليزا رايس سوف يترتب عليها خلافات حول مؤتمر السلام القادم، وبالذات حول الأجندة الخلافية، والتي وصلت إلى درجة اعتماد إدارة بوش على المغالطات والذرائع التي تحول على غرار الجدل البيزنطي، نفي الواقع من جهة، وفي نفس الوقت إثباته من الجهة الأخرى، بحيث أصبح تساؤل هل تتم دعوة سوريا لحضور المؤتمر أم لا، تماماً مثله مثل التساؤل عن أولوية منشأ البيضة أو الدجاجة... حاولت إسرائيل توظيف الغارة من أجل تقديم بعض الرسائل للأطراف المشاركة في المؤتمر، وبالذات حول مدى قوة إسرائيل العسكرية والردعية، ومدى دعم الإدارة الأمريكية المفتوح لإسرائيل... وبعكس ما كان يتوقع الإسرائيليون، فإن الأطراف العربية المعنية بحضور مؤتمر السلام الدولي أصبحت بعد هذه الغارة أكثر تشدداً في مواقفها، ومن أمثلة ذلك تشدد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ووفده المفاوض أو تهديده بعدم حضور المؤتمر، إذا لم يتضمن البيان المشترك الفلسطيني – الإسرائيلي مفاوضات الوضع النهائي، وتحديدها بوضوح ضمن الجدول الزمني.

تقول المعلومات الإسرائيلية بأن حوالي 12 دولة عربية قامت حتى الآن بإعلان موافقتها على حضور المؤتمر، ومن أبرز هذه الدول: مصر، الأردن، تونس، المغرب... كذلك تقول المعلومات بأن إسرائيل نفسها ليس من مصلحتها في هذا الوقت إثبات "مصداقية" معلوماتها حول التعاون النووي السوري الكوري الشمالي، وذلك لأن التصعيدات التي سوف تترتب على ذلك سوف تكون خطيرة، خاصة إذا فشل مؤتمر السلام، وتحول زمام المبادرة والسيطرة إلى يد ديك تشيني وجون بولتون، وتم توجيه الضربات العسكرية ضد الأطراف الشرق أوسطية.. لتجد بعد ذلك إسرائيل نفسها في وسط "محرقة" الردود الانتقامية التي سوف تكون كارثية هذه المرة.. وفي هذا الصدد يقول تقرير موقع «ديكا» الإسرائيلي الإلكتروني بأن المصادر العسكرية الإسرائيلية أكدت بأن الرؤوس الحربية السورية – والإيرانية التي قد تكون بحوزة حزب الله اللبناني أيضاً قادرة على إلحاق الضرر بالمناطق الإسرائيلية بما يفوق الضرر الذي يمكن أن تلحقه الرؤوس الحربية التقليدية العادية، وسوف يكون نصيب المناطق الإسرائيلية المأهولة بالسكان والمستوطنين، هذه المرة على وجه الخصوص، أكبر حجماً وأشد دماراً..

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...