سورية وأسئلة ما بعد أنابوليس

05-12-2007

سورية وأسئلة ما بعد أنابوليس

الجمل: مع اقتراب نهاية العام 2007م وتباشير بداية عام 2008م أصبحت منطقة الشرق الأوسط وتحديداً شرق المتوسط في مواجهة حدوث بعض التحولات في عدد من المسارات الفرعية المكونة لأزمة الشرق الأوسط، وحالياً تقف سوريا أمام هذا المشهد المتحول والذي لم تتحدد ملامحه السياسية الخاصة بخارطته السياسية: نقاط الانقلاب الشامل في الخارطة، أم مجرد انعطافات ثانوية.
* الوضع الكلي الحالي:
* على مسار الأزمة اللبنانية: أصبح وشيكاً أن يصبح ميشيل سليمان قائد الجيش الحالي رئيساً للجمهورية، الأمر الذي سوف يؤدي إلى ملء الفراغ الدستوري الرئاسي الحالي، ولكن هل انتهت الأزمة اللبنانية؟
* على مسار أزمة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي: تدور وقائع مفاوضات سلام أنابوليس، بين إيهود أولمرت الذي أحكم الكنيست القيود عليه، ومحمود عباس الذي يواجه شبح حركة حماس، وما بين قيود الكنيست وشبح حماس لا يمكن القول مطلقاً أن الأزمة في طريقها إلى الحل.
* على مسار أزمة الصراع السوري – الإسرائيلي: تعمدت إسرائيل وأمريكا عدم السماح بطرح ملف الجولان المحتل الذي يمثل جوهر الأزمة ولكن هل معنى ذلك أن الأزمة لم تعد موجودة؟ أم أنها سوف تصبح أكثر تفاقماً؟
* على مسار أزمة الصراع العراقي – الأمريكي: تنشط سلطات الاحتلال الأمريكي في شراء زعماء القبائل والعشائر العراقية، إضافة إلى أن البيت الأبيض الأمريكي أصبح أكثر تفاؤلاً بالأخبار القائلة بانخفاض معدلات القتلى ومستوى الهجمات ولكن هل معنى ذلك أن الاحتلال قد انتهى أم أن الشعب العراقي قرر عدم مقاومة الاحتلال الأمريكي؟
* على مسار الأزمة الكردية – التركية: ما تزال حالة الجمود مستمرة، وما تزال الحشود العسكرية التركية موجودة، وما تزال القضايا الخلافية بين الأكراد والأتراك قائمة، وما تزال الإدارة الأمريكية تطالب الأطراف بالهدوء، ولكن هل سيؤدي هذا الهدوء والجمود إلى حل الأزمة، أم أنه هدوء وجمود يمهد لفصل قادم أكثر سخونة؟
* على مسار الأزمة الإيرانية: تناقلت أجهزة الإعلام والصحافة المعلومات المتعلقة بالتقرير الاستخباري الأخير، الذي أكد عدم اقتفاء إيران لسبيل صنع القنبلة النووية، وتوقفها عن ذلك منذ العام 2003م ولكن هل يعني ذلك أن الاستهداف والتصعيد الدبلوماسي والعسكري الأمريكي – الإسرائيلي ضد إيران سوف يتوقف؟
* سوريا والأسئلة الحرجة لـ"ما بعد أنابوليس":
يقول الخبير الاستراتيجي الأمريكي أنطوني كورديسمان أن المفاوضات الإسرائيلية – السورية أصبحت الآن أمراً ممكناً، على النحو الذي سوف يؤدي إلى تخفيف التوتر وتقليل احتمالات الحرب بين البلدين، ولكن كورديسمان –كعادة الخبراء الأمريكيين- ربط ذلك بمشروطية غير معقولة، تشير إلى أن هذين الاحتمالين ممكنان، إذا قامت روسيا بالضغط من أجل الحل السلمي وأوقفت صادرات الأسلحة إلى سوريا، ويتغاضى كورديسمان، وهو الخبير الاستراتيجي، أن أمريكا تقدم السلاح لإسرائيل حتى خلال فترات التفاوض، وعندما يقوم الإسرائيليون بإفشال المفاوضات تقدم لهم الإدارة الأمريكية المزيد من السلاح والعتاد العسكري المتطور.
ويشير أنطوني كورديسمان إلى أن الكثير مازال معلقاً ويرتبط بالتطورات السياسية الجارية حالياً في لبنان، وذلك لأن إسرائيل ما تزال أكثر اهتماماً بـ:
• الدعم السوري لحزب الله.
• الدعم الإيراني لحزب الله.
• العلاقات السورية – الإيرانية.
ويشير كورديسمان إلى أن إيران قد لا تتأثر كثيراً بمؤتمر أنابوليس، ولكن مواقفها الداعمة لحزب الله وحركة حماس سوف تؤدي بلا شك إلى تقويض وهدم جهود مفاوضات أنابوليس.
تمثل سوريا الدائرة الأساسية الحالية في صراع الشرق الأوسط، وذلك لأنها دائرة تتضمن بالإضافة لاستقلالية موضوعها المتمثل في أزمة الجولان، بتقاطع الدائرتين الأخيرتين وهما: الدائرة الفلسطينية، والدائرة اللبنانية. بكلمات أخرى، فإن ما يحدث في دائرة الصراع الإسرائيلي – السوري سوف يتردد صداه بالضرورة في الدائرتين اللبنانية والفلسطينية وبرغم وضوح هذه الحقيقة فإن الأمريكيين والإسرائيليين يحاولون تجريب الأساليب غير الحقيقية وغير الصحيحة وذلك في محاولة إجراء التغيرات في الدائرة الفلسطينية والدائرة اللبنانية بما يؤدي إلى إحداث التغيرات التي يريدونها في الدائرة السورية، ولكن بعد انقضاء مؤتمر أنابوليس سوف تتأكد الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية أن فرصة سلام أنابوليس قد ضاعت بسبب عدم إدراج ملف الجولان.
* علاقات دمشق – واشنطن: تداعيات ما بعد أنابوليس:
احترمت سوريا القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، بينما رفضت إيران تنفيذ كل القرارات الدولية المتعلقة ببرنامجها النووي، كذلك ظلت إدارة بوش توجه الاتهامات لسوريا باعتبارها المسؤولة عن تدهور الوضع الأمني في وسط العراق، وأيضاً لإيران باعتبارها المسؤولة عن تدهور الوضع الأمني في جنوب العراق. بكلمات أخرى، تشير اتهامات الإدارة الأمريكية إلى أن سوريا مسؤولة عن دعم المتمردين السنة، وإيران مسؤولة عن دعم المتردين الشيعة.
وقد أشاد قائد القوات الأمريكية الجنرال بتراوس بدور سوريا في القيام بعملية ضبط الحدود مع العراق، وبرغم ذلك، تفاهمت الإدارة الأمريكية مع إيران وعقدت معها محادثات وتفاهمات "المنطقة الخضراء" في بغداد، أما سوريا فقد تعمدت الإدارة الأمريكية تجاهل قضاياها في مؤتمر أنابوليس، فهل يعني ذلك أن سوريا مطالبة بالضرورة بالتخلي عن ضبط حدودها والسماح للفوضى العراقية أن تستمر، ومعاداة التدخل في لبنان لعرقلة الجهود الدولية، وذلك لكي تهتم إدارة بوش بقضايا سوريا ومشكلة الصراع السوري – الإسرائيلي؟
التساؤلات حول سلوك السياسية الخارجية الأمريكية الحالي إزاء سوريا، هي تساؤلات تختلط فيها الحقائق المقلوبة مع سخرية القدر.
يمضي مؤتمر أنابوليس بخطى حثيثة نحو الفشل فما الذي سوف تقوم أمريكا وإسرائيل به إزاء سوريا بعد ذلك؟ والإجابة الأكثر احتمالاً تقول أن مسار ما بعد أنابوليس سوف يتضمن إما استمرار الولايات المتحدة في طريقتها القديمة، وتكريس استمرر أخطاء السياسة الأمريكية أو الوقوع تحت الانتقادات والضغوط داخل وخارج الشرق الأوسط، والعمل من أجل القيام بدور نشط يقوم على تجديد وتنشيط عملية سلام الشرق الأوسط، بما يؤدي إلى تهدئة مشاعر السخط والعداء لأمريكا في البلدان العربية والإسلامية ثم بعد ذلك محاولة دفع العرب مرة أخرى إلى عملية السلام ولكن لكي تفعل أمريكا ذلك فإنه يتوجب عليها التنازل عن المسارات والملفات السابقة التي تبنتها ضد سوريا وقطعت فيها شوطاً كبيراً، فهل الإدارة الأمريكية مستعدة لذلك؟


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...