اسرائيل تقتل 300 لبناني وتجرح ألفاً

20-07-2006

اسرائيل تقتل 300 لبناني وتجرح ألفاً

في اليوم الثامن من الحرب الاسرائيلية المفتوحة ضد لبنان برا وبحرا وجوا، تكرر مشهد المجازر المتنقلة جنوبا وبقاعا، من صريفا التي حوصرت بالنار ودمّر فيها حي بكامله على رؤوس الاطفال والنساء والشيوخ، الى النبطية المنكوبة وسلعا وعيناثا ورميش ودبين والنبي شيت ومعربون وقوافل النازحين من عيترون.
وارتفع عدد الضحايا الى اكثر من ثلاثمئة وعشرين شهيدا وحوالى الالف جريح، واستدعى ذلك نداء هو الثالث من نوعه اطلقه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى المجتمع الدولي من اجل وقف نار فوري وانساني وإمداد لبنان بمعونة انسانية دولية عاجلة.
هذا المشهد البربري الاسرائيلي صار مشهدا متكررا يوميا، وبتغطية دولية وعربية سافرة لا تقيم وزنا للإنسان، الامر الذي اثار تساؤلات خطيرة حول احترام مبدأ التكافؤ في الهجمات على حد تعبير اللجنة الدولية للصليب الاحمر في جنيف.
ومع انقضاء الاسبوع الاول للحرب الاسرائيلية المفتوحة، قررت واشنطن، ومعها الامم المتحدة والدول الغربية ومعظم الحكومات العربية، منح اسرائيل تفويضا جديدا لمدة اسبوع جديد، يبدو انه سيكون مفتوحا على مهلة زمنية غير محددة، حسب تأكيدات القادة السياسيين والعسكريين الاسرائيليين، في ظل المأزق العسكري الذي يواجه حملتهم على لبنان، خاصة في ما يتصل بالعجز عن إضعاف القوة الصاروخية للمقاومة من جهة، وعدم القدرة على تحقيق خروقات في اعمال الكوماندوس البرية داخل الاراضي اللبنانية من جهة ثانية، وفشلهم في استهداف اي من قادة وكوادر المقاومة من جهة ثالثة.
لا بل اظهرت الوقائع الميدانية ان المقاومة استطاعت ان تسجل بالأمس رقما قياسيا في غزارة الصواريخ وعمقها الناري في الداخل الاسرائيلي، وكذلك في الاهداف التي حققتها في بعض المواقع العسكرية والمنشآت الحيوية الحساسة.
كما سُجل للمقاومة انها استطاعت امس نقل المعركة الى داخل فلسطين المحتلة عبر محاولة اقتحام موقع في اطراف مستوطنة افيفيم بين مارون الراس ويارون في القطاع الاوسط، وكذلك محاولة مجموعات منها التسلل الى مستوطنة المطلة في منطقة كفركلا بوابة فاطمة في القطاع الشرقي، وخوض مواجهة مع قوتين حاولتا التوغل برا في اللبونة بين علما الشعب والناقورة وجبل الباط بين عيترون ومارون الراس، حيث ادت المواجهات الى مقتل ستة جنود اسرائيليين وجرح اكثر من 14 وتدمير ثلاث دبابات ميركافا، ولم يعترف الاسرائيليون سوى بمقتل جنديين وجرح تسعة آخرين.
وبحسب اكثر من مصدر دبلوماسي في نيويورك، فإن جلسة مجلس الامن الدولي المقررة اليوم، ستكرّس الضوء الاخضر المعطى لاسرائيل، عبر عدم اتخاذ موقف، او اصدار اي قرار، خاصة بعد فشل مهمة البعثة الدولية الى المنطقة، واصطدامها بلائحة شروط اسرائيلية، تبدأ من الافراج غير المشروط عن الجنديين الاسرائيليين، وإبعاد حزب الله عن الحدود مسافة اربعة وعشرين كيلومترا (شمال الليطاني) ونزع ترسانته الصاروخية.والى جانب الحركة الدبلوماسية التي ستواكب اجتماع مجلس الامن، وابرزها الاجتماع الثلاثي الذي سيضم الموفد الاوروبي خافيير سولانا ووزيرة خارجية الولايات المتحدة كوندليسا رايس والامين العام للامم المتحدة كوفي انان، استمر انكفاء المبادرات العربية، بفعل التشجيع الذي حصل عليه العدوان الاسرائيلي من بعض العواصم العربية الرئيسية، فيما ترددت معلومات عن فكرة متداولة بأن يقوم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بتحرك ما ينطلق من بيروت، إلا ان بعض الصعوبات اللوجستية من جهة، وبعض المقتضيات السياسية من جهة ثانية، حالت دون انطلاق موسى من القاهرة باتجاه العاصمة اللبنانية.
أما دمشق التي رفضت استقبال الموفد الدولي تيري رود لارسن ما حال دون انتقال بعثة الامم المتحدة اليها، من القدس المحتلة، امس الاول، فقد استقبلت بالأمس نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف، فيما جرى اتصال بين الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان استعرضا خلاله المواقف الدولية، وتلكؤ المجتمع الدولي في فرض وقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة، كما افادت وكالة سانا.
وكان الملاحظ في مجريات اليوم الثامن، استهداف وسط بيروت للمرة الاولى عبر استهداف شاحنة وحفارتي آبار مياه معطلتين في منطقة الاشرفية، الامر الذي اثار اسئلة حول مدى دقة بنك الاهداف الاسرائيلية. وقال مصدر قيادي في حزب الله انه من الواضح ان بنك المعلومات الاسرائيلية يبدو مرتجلا وضعيفا من جهة، وقديما وعمره سنوات من جهة ثانية. واضاف ان الحزب ما زال حتى الآن متمسكا بشرطين اثنين، اولهما الوقف الفوري لاطلاق النار وثانيهما البدء بالتفاوض حول قضية الاسرى.
ولوحظ ايضا ان عملية استهداف الضاحية الجنوبية بدأت تتخذ منحى جديدا، بعد تدمير منطقة حارة حريك بشكل شبه كلي، حيث انتقلت عملية التدمير الممنهج الى مناطق برج البراجنة والصفير، مع استهداف متكرر لمدرجات مطار الرئيس رفيق الحريري ومنطقة الشويفات والحدث، فضلا عن استهداف معظم مناطق الجنوب والبقاع الغربي وراشيا، وتوسع الغارات الاسرائيلية للمرة الثانية منذ بدء العدوان باتجاه منطقة الشمال حيث تم استهداف عدد من الجسور والممرات الفاصلة بين عكار والهرمل، وبين عكار وسوريا، كما تم استهداف ستة جسور في منطقة البقاع الاوسط ليل امس.
وكان لافتا للانتباه في اليوم الثامن من العدوان الاسرائيلي استهداف مقرين للقوات الدولية العاملة في الجنوب اللبناني في الناقورة ومارون الراس، وكذلك استهداف مقر القوة الامنية اللبنانية المشتركة في مهنية بنت جبيل ما ادى الى جرح ستة عشر جنديا ودركيا لبنانيا.
وأظهرت حصيلة غير رسمية ان سبعين شخصا على الاقل استشهدوا امس، وجرح عدد كبير وظل عدد من الشهداء مدفونين تحت الانقاض، واستمر اطلاق نداءات الاستغاثة من عشرات القرى الجنوبية من اجل تأمين الادوية ومواد التموين.
سياسيا تساءل رئيس مجلس النواب نبيه بري هل صدقنا جميعا الآن ان حرب اسرائيل هي على فريق منا او هي علينا كلنا، وقال: <هل صدقنا الآن انه بنظر اسرائيل المقاومة غير شرعية والجيش شرعي؟ الجواب في وحدتكم وإلا فلنخرج من التاريخ>. ورأى ان الامم المتحدة التي حُولت حديثا الى مجلس لرعاية حقوق الانسان، تركع كالعادة عندما يتعلق الامر باسرائيل. وحمّل الولايات المتحدة مسؤولية الحرب التي تشن ضد لبنان.
وفيما برز تعديل واضح في لهجة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط باتجاه تبني الموقف الاميركي والدولي ضد حزب الله تحت عنوان انه لن يخون ثورة الأرز وسيستمر على موقفه ضد المحور الثلاثي الايراني والسوري اللحودي (نسبة الى الرئيس اميل لحود)، اطلق النائب سعد الحريري موقفا جديدا متمايزا عبر فيه عن ادانته للعدوان، رافضا الخوض في تحديد المسؤوليات في هذه المرحلة، مبديا رفضه لان يكون لبنان وحده دولة مواجهة، لكنه شدد على رفض الفتنة الطائفية والمذهبية. وقال ان بيروت هي لكل اللبنانيين، وان منازل ابوابها مفتوحة امام الجميع، وشدد على ان قول الاسرائيليين بانهاء حزب الله هو قول سخيف لأنه جزء من الشعب اللبناني، داعيا اللبنانيين الى التكاتف ونبذ الفتنة التي يريدها العدو الاسرائيلي.
وواصل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اتصالاته الدولية والعربية وعقد، مساء امس، مؤتمرا صحافيا في السراي بحضور اعضاء السلك العربي والاجنبي المعتمدين في بيروت، دعا خلاله الى مساعدة لبنان، وأكد ان حكومته لن تألو جهداً حتى نجعل إسرائيل تعوض على الشعب اللبناني جراء الدمار الوحشي الذي ألحقته وتلحقه بنا.
واتهم السنيورة اسرائيل بانها فتحت ابواب الجنون منذ اسبوع وتقود لبنان الى الجحيم وهي لم تتسبب عمليا بأي ضرر لـ حزب الله بل تكبد المدنيين اللبنانيين خسائر بالغة.
وجدد في حديث الى صحيفة لوفيغارو دعوته الى وقف النار فورا، مطالبا بفتح ممر انساني بغية ايصال ادوية ومواد غذائية الى سكان الجنوب اللبناني المعزولين، مشيدا بدور الرئيس الفرنسي جاك شيراك في هذا الاتجاه.
وفي باريس، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك، خلال ترؤسه اجتماع أزمة حول لبنان والوضع الإنساني شارك فيه رئيس الوزراء دومينيك دوفيلبان، إرسال طائرة، تنقل أدوية ومعدات لمياه الشرب ومجموعات كهربائية للمستشفيات، إلى لارنكا، على أن تنقل حمولتها بحرا إلى لبنان.
وطالب شيراك بإقامة ممرات إنسانية داخل لبنان للسماح بتحرك السكان الذين يحتاجون إلى التنقل، وممرات أيضا بين لبنان والخارج، أي حاليا بين لبنان وقبرص بشكل أساسي. يذكر ان عملية اجلاء الرعايا الاجانب والعرب تواصلت امس برا وبحرا وجوا (عن طريق قبرص)، وكان البارز فيها اعلان الرئيس الاميركي جورج بوش ان الولايات المتحدة سترسل قوات قريبا الى لبنان لحماية الرعايا الاميركيين والمصالح الاميركية.
وقال بوش في رسالة الى الكونغرس <من المرجح ان يتم نشر اعداد متزايدة من القوات الاميركية المجهزة للقتال في لبنان وقبرص وغيرهما من المواقع، كما تستدعي الضرورة، من اجل تقديم مزيد من الدعم لجهود المساعدة في مغادرة الاشخاص من لبنان وتوفير الامن>.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...