حاتم علي: استكمال مسلسل 'التغريبة الفلسطينية' حقل مليء بالألغام

25-07-2009

حاتم علي: استكمال مسلسل 'التغريبة الفلسطينية' حقل مليء بالألغام

شهدت الدراما السورية في العقدين الأخيرين تطورا ملحوظا ونالت شهرة إعلامية واسعة جعل منها محط إعجاب المراقبين الإعلاميين وجمهور المشاهدين العرب على حد سواء. حاتم علي الفنان المخرج هو أحد الرواد الجدد الذين قامت على جهودهم هذه النهضة التلفزيونية إذ أنه أحد الفنانين السوريين الذين تتلمذوا على أيدي بعض أهم الأكاديميين والفنانين والمبدعين السوريين والعالميين ودرسوا نظريات التلقي والتواصل والسرد وعاشوا زمنا في مختبرات التجريب المسرحي ترافق موهبة حاتم الفنية والإخراجية برؤى فكرية وثقافية وحساسية إنسانية عالية وتمتزج انشغالاته الإبداعية بهمومه الاجتماعية. أخذ يحصد اهتمام النقاد وجوائزهم في المهرجانات العربية الكبرى، استقبلنا مخرج الدراما العربية السورية حاتم علي'بابتسامته الهادئة وتواضعه الجميل في مكتبه وسط دمشق، وكان للقدس العربي هذا الحوار....

من هو حاتم علي الإنسان الفنان؟
نحن جزء من جيل يحاول أن يعبر عن ذاته بكل الإمكانات المتاحة، سواء بالقصة بالإخراج بالمسرح، والتعبير عن الذات أمر شخصي ولكن في النهاية الأهمية الأساسية تنبع من كونه جزءا من مؤشر على فاعلية مجتمع وحياة مجموعة من الناس لأنه مع الأسف علمنا التاريخ في الفترات التي يسود فيها الصمت وتخف الأصوات، هي فترات انحطاط وفترات موات للمجتمع بأكمله.
بدايات حاتم علي الفنية؟
درست المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية سورية وفي الوقت نفسه بموازاة الدراسة كنت اكتب القصص القصيرة، ونشرت مجموعتين، الأولى بعنوان 'موت مدرس التاريخ '، والثانية بعنوان 'حدث وما لم يحدث'، ونشرت أيضا مجموعة مسرحيات ضمن كتاب عنوانه 'ثلاث مسرحيات فلسطينية ضمن الحصار'، وبعدها أشرفت على عرضين مسرحيين لطلبة المعهد العالي للفنون المسرحية، أي أن البداية الفعلية كانت عام 1982، من بداية دراستي ومن ثم بعد التخرج في 1986، انتقلت إلى الإخراج التلفزيوني والسينمائي.
كيف كانت بداية التعاون والتعارف مع د. وليد سيف؟
أول عمل مشترك كان 'صلاح الدين الأيوبي'، في البداية كان هناك مؤلف سوري مكلف بكتابة العمل ولكن حدث خلاف ناتج عن عدم توافق فكري وشكلي وفني، وبدأت بالبحث عن كاتب آخر، وكنت من مشاهدي أعمال الدكتور وليد سيف القديمة ومن المعجبين به، وفي تلك المرحلة كان سيف معتزلا ومعتكفا عن الكتابة الدرامية، اتصلت به واقترحت عليه 'مشروع صلاح الدين الأيوبي'، وبمحض الصدفة وجدت انه قبل سنوات كان قد عمل على المشروع نفسه ولكنه مسلسل كرتوني موجه للأطفال وأبدى استعداده للمشروع وتم انجازه خلال فترة قصيرة، وكان صلاح الدين بداية شراكة فنية استمرت لغاية الآن، ونحن الآن نعمل على الرباعية الأندلسية (صقر قريش، وربيع قرطبة، وملوك وطوائف) والجزء الرابع ما زال قيد الكتابة وهو 'سقوط غرناطة'، وتوجت هذه الشراكة والتعاون مع الدكتور وليد بالتغريبة الفلسطينية.
هل سيكون هناك استكمال للفترة التاريخية التي توقفت عندها التغريبة الفلسطينية؟
هذا الموضوع مهم جدا وتناقشنا فيه كثيرا وهو أمر متعلق بالدكتور سيف ولكن هذا الموضوع ليس سهلا فهو يشبه المشي في حقل من الألغام، لأن أي متابعة بعد اللحظة التي توقفنا عندها، ستدخلك في مراحل مختلف عليها ومواضيع شائكة ما عادت تخص الفلسطينيين وحدهم، بل تخص أنظمة عربية كثيرة، ولا ننسى أن العمل التلفزيوني في النهاية محكوم بوسائل عرضه واقصد هنا أن التلفزيونات العربية سواء كانت خاصة أو عامة في نهاية الأمر مرتهنة، وهي جزء من الإعلام الرسمي الملحقة فيه، وبتالي فان جزءا ثانيا للتغريبة الفلسطينية سيكون مشروعا مرحليا مؤشرا.
هل أنت راض عن الدراما العربية؟
هذا سؤال صعب ولكن الدراما العربية جزء من الثقافة العربية وجزء من المشهد الثقافي والفني للمجتمع العربي، وليس بمعزل عنه، والدراما محكومة بمستوى الحريات التي يعيشها المجتمع، وبطبيعة المشكلات التي تعانيها المجتمعات ومحكومة بقدرتها عن التعبير عن القضايا والمشكلات ومناقشتها بحرية، وهذا أيضا ينطبق على الأعمال ذات المواضيع والأبعاد التاريخية وليس فقط على المواضيع المعاصرة.
ما رأيك في قول د. وليد سيف 'لا يستطيع الإنتاج الممتاز والمخرج الجيد أن ينتجا نصا مميزا، وفي المقابل فان التنفيذ السيئ من الممكن أن يجور على النص المميز'.؟
اتفق مع الدكتور في ذلك لان دور الكاتب مهم جدا في العمل الفني، لان العمل الفني يرتكز على أساس وهو النص بما يحمله من أشكال فنية أو أفكار معينة، وأنا اعتبر نفسي من المخرجين المحظوظين لأنني التقيت شريكا مثل هذا الكاتب الذي يتمتع بمهنية عالية وتعامل أخلاقي مع مادته، وهو يمتلك ميزة معرفته الدقيقة بموضوعه المرتكز على البحث الأكاديمي، وقدرته الحالية على التعبير عن الموضوعات بصياغة درامية متطورة من خلال شخصياته الغنية بتكنيك درامي وهذه الميزات صعب أن تجتمع في كاتب واحد ولكن كلها موجودة عند د. وليد سيف..
للعمل الدرامي دور في تشكيل وعي المواطن خاصة بعد انتشار الفضاء الإعلامي، كيف نحافظ على التاريخ والمستقبل من التشويه والتحريف؟
مما لا شك فيه أن للمسلسل التلفزيوني دورا في المجتمعات التي تسود فيها نسبة من الأميين مثل مجتمعاتنا العربية، أو التي تقل فيها عادة القراءة وتقاليد البحث الفكري والعلمي، تحول المسلسل التلفزيوني إلى أخد مصادر المعرفة ولكن هذا ليس ذنب العمل الدرامي أو غيره ولكن ذنب المجتمع نفسه، وهنا العمل الدرامي أو المسلسل التلفزيوني يحمل عادة مسؤوليات كبيرة جدا قد تحد أحيانا من حرية الفنان من الناحية الفنية، لأنه في النهاية لا ينحصر دور المسلسل التاريخي في إعادة سرد الوقائع التاريخية، قد يكون هذا احد أدواره، لأنها وحدها لا تصلح لعمل فني جيد، واحدة من مهمات العمل الفني إعادة قراءة التاريخ عبر منظور أصحابه وبالتالي لا يجب أن يؤخذ المسلسل التاريخي على انه الحقيقة، وأنا من الناس الذين بدأوا يميلون إلى كتابة تحذير ـ كما جرت العادة في الكتابة على علب التدخين- أي كتابة تحذير مع بداية كل مسلسل تاريخي أن ما سنشاهده هو وجهة نظر صناع هذا العمل الفني، وهم وحدهم من يتحمل مسؤوليته، وبالنهاية أي عمل فنيي هو عبارة عن وجهة نظر صناعه، على التحديد وهؤلاء الصناع محكومون بانتماءاتهم السياسية والإيديولوجية سواء تم التعبير عنها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
هل من حق هؤلاء الصناع إعادة كتابة التاريخ على هواهم؟
هناك ضوابط لذلك، نحن لا نختلف على الوقائع التاريخية الثابتة، مثل واقعة فتح القسطنطينية ولا على تاريخ سقوط بغداد ولا على كل الوقائع المتفق عليها، ولكن الاختلاف يكمن في التأويل لأنه المساحة التي يتحرك من خلالها صناع الأعمال الفنية.
كيف يواجه صناع العمل الفني ما يتعرض له التاريخ والثقافة العربية والإسلامية من غزو وتشويه؟
ليس فقط تاريخنا وثقافتنا تتعرض للتشويه وأيضا حاضرنا يتعرض لنوع من الانتقائية، وأنا اعتقد أن أحد ادوار العمل الفني القدرة على مواجهة التحريف والتشويه والتزوير وبطرق الاستعمار نفسها، مثلا في هوليود يتم تقديم صورة نمطية للعربي لها صفات محددة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر عبر المنتج الفني بدأ من السينما .... وانتهاء بالعاب الأطفال، واعتقد أن مواجهة مثل هذا التشويه لا يتم إلا عبر الأداة الفنية نفسها، وهذا لا بد أن ينطلق أولا من إيماننا بدور وقدرته على صناعة مثل هذه الصورة وانطلاقا من هذا الإيمان الذي يجب تحويله إلى فعل وهذا يعني دعم الصناعة الفنية التي لا تقوم على النيات، الإنتاج الفني الآن هو صناعة من العيار الثقيل، تكاد تحتاج إلى ما تحتاجه عادة الحروب من إمكانيات ضخمة في صناعة الأسلحة، والفن مثله مثل الأسلحة أيضا حازم في كسب المعارك في هذا الزمن، ولكن الإشكالية الكبرى في مجتمعاتنا العربية إننا ما زلنا لم نحسم ضرورة الفن ولم نحسم أيضا شرعية هذا الفن كأحد أوجه التعبير الحضاري عن النفس لان كثيرا من المجتمعات العربية ما زالت حتى هذا اليوم تنظر إلى الفن نظرة فيها شك تكاد تصل في مراحل كثيرة إلى التضييق والحصار. ايضا أنت لا تستطيعين في النهاية أن تمنحي الحق لأي كان في المجتمع، لا لمؤسسة مجتمعية مدنية ولا لهيئة حكومية ولا لأجهزة الرقابة، صعب منحها حق فرز الاعمال الفنية تحت خانة ما هو ملائم وما هو غير ملائم، لان هذا سيقودنا في النهاية إلى محاكم تفتيش وهي أصلا موجودة، ولا اعتقد أنها بحاجة إلى شرعنه أو تبرير من هذا النوع، الأفضل هو ترك المجتمع يعبر عن نفسه بالطريقة التي يريدها وهي البوابة الحقيقية التي ستوصلنا في نهاية المطاف إلى تقديم صناعة فنية متطورة، لان الفن كجزء من الثقافي لا يمكن أن يتطور ولا أن يأخذ دورا فاعلا ولا يمكن له أن يعكس مشكلات المجتمعات إلا من خلال توفير بيئة من الحرية لا تحدها قيود أو أي شروط تحت أي مسميات كانت.
هل سيكون هناك تغريبة جولانية ؟
بعد نجاح وانتشار التغريبة الفلسطينية والكثير من الأصدقاء والمشاهدين والإعلاميين يطالبون بعمل عن معاناة أبناء الجولان، وأنا واحد منهم، وذلك لان هذه الأعمال تلامس قضايانا المصيرية في المنطقة، ولكن المواضيع الكبيرة تحتاج إلى'معالجات فنية بالمستوى نفسه، ونوع القضية لا يشكل لوحده ضمانة لعمل جيد، بمعنى أن القضية الفلسطينية هي قضية شائكة ومعقدة وتكاد تكون هما أساسيا لدى كل مواطن عربي، ولكن الكثير من الأعمال التي ناقشت هذه القضية لم تلق الصدى المطلوب ولم تنجح في التعبير عن هذه القضية، أي لا يكفي أن يكون أي عمل تلفزيوني أو سينمائي عن القضية الفلسطينية كي يحقق تأثير ما. ولهذا السبب حقيقة أنا مازلت بانتظار النص الذي يستطيع أن يعكس هذه القضية وهذه التجربة بكل تفاصيلها بطريقة فنية جيدة، بمعنى إن التغريبة الفلسطينية لم تصنعها القضية الفلسطينية وحدها، وإنما صنعها مؤلف بمستوى وحجم الدكتور وليد سيف، الذي كان هو صاحب هذا الاقتراح المكتوب ومشكل هذه الشخصيات، ومن ثم الإخراج والإنتاج والعناصر الفنية الأخرى التي استطاعت ولادة عمل بهذا المستوى.
ولكن الشخصيات كانت حقيقية في التاريخ الفلسطيني؟
لا، هي واقعية في الحياة، ولكن عندما تحولت التجربة إلى فن لا بد من كاتب يعيد صياغة القضية بالمستوى نفسه لهذه القضية، أي لا يكفي أن نمتلك النيات لتقديم عمل عن الجولان، يجب أن يتوفر النص والمعالجة الفكرية التي تأتي بأهمية الموضوع، وإلا لن يشفع للعمل الفني موضوعه أو أهمية القضية التي يحكي عنها فقط.
ما هو أفضل أعمالك وأهمها بالنسبة لك؟
أكيد التغريبة الفلسطينية، لان التعامل مع هذا العمل لم يكن بحدود مهنية بقدر ما كان يمثل أيضا قضية شخصية، لأنه عمل يتحدث عن تجربة شخصية للدكتور وليد سيف وهو أيضا تقاطع مع تجربتي الشخصية، وبالتالي تحولت العلاقة بين الكاتب والمخرج من علاقة مهنية إلى علاقة ذاتية، ذات طابع شخصي.
أستاذ حاتم حدثنا عن مشاركة فيلمك الذي حاز الجائزة الكبرى في ايطاليا؟
الفيلم كان اسمه 'الليل الطويل' الذي عرض بمهرجان تورمينا في ايطاليا ونافس الفيلم مع أفلام كثيرة وعريقة في صناعة السينما مثل اسبانيا وايطاليا وتركيا وفرنسا ومصر ودول أخرى كثيرة وفاز فيلم 'الليل الطويل' بالجائزة الذهبية وهذا الفيلم معاصر يتحدث عن قضايا حديثة تدور أحداثها في ليلة واحدة، وهي ليلة الإفراج عن أربعة من السجناء السياسيين السوريين، وكيفية ترتيبات الإفراج عنهم واستعداداتهم للخروج للعالم بعد سنوات طويلة خلف القضبان وكذلك استعدادات عائلاتهم لاستقبالهم.
والفيلم هو جزء من حراك سينمائي بدأ يظهر في الفترة الأخيرة في سورية من خلال مساهمة القطاع الخاص لهذه الصناعة، وشهدنا إنتاج خمسة أفلام خلال سنة واحدة، وهذا عدد كبير جدا فيما لو قسناه بكم الإنتاج السوري السينمائي الذي كان لا يتجاوز عادة فيلما أو فيلمين في العام الواحد، وبرأيي هذا مؤشر جيد، لأنه في حال توفر الظرف المناسب فنحن في سورية قادرون على تقديم أعمال سينمائية'جيدة كما حصل في تطور الدراما في السنوات العشر الأخيرة.
هل الفيلم السوري قادر على المنافسة والانتشار في الصناعة السينمائية؟
الصناعة السينمائية أكثر تعقيدا، لان الانتشار يحتاج إلى سوق، مثلا الذي ساهم في انتشار الدراما السورية هو السوق العربية ووجود العدد الكبير من الفضائيات التي تزداد يوما بعد يوم، لكن الفيلم السوري يعاني من ضيق الأسواق المتاحة أمامه وخاصة الأسواق المحلية، مثلا لا توجد في سورية دور عرض سينمائية كثيرة والموجود منها غير مؤهل لاستقبال الجمهور الحقيقي، من ناحية الخدمات والتقنيات الحديثة، ولتحقيق صناعة سينمائية حقيقية لا بد من توفر جهود مشتركة بين الجهات الرسمية وما بين القطاع الخاص، بمعنى لا يكفي إنتاج خمسة أفلام أو عشرة دون خلق سينما حقيقية.
كيف كان الانتشار للفيلم السوري من خلال الفيلمين اللذين أخرجتهما؟
فيلم 'سيلينا' الذي عرض لا يعتبر فيلما سوريا خالصا، هو فيلم سوري ـ لبناني مشترك نظرا لأنه يعتمد على مسرحية للأخوين رحباني، وكتب السيناريو منصور الرحباني والممثلون مشتركون من البلدين سورية ولبنان، وهذا هو الفيلم الوحيد الذي عرض من افلامي عربيا سواء في القاهرة والأردن وسورية ولبنان والكويت وباقي دول الخليج، ونتيجة لطبيعته لا يمكن اعتباره مؤشرا علميا أو واقعيا على قدرة الفيلم السوري باختراقه للأسواق العربية، أما الفيلم الثاني لي فهو الليل الطويل الذي شارك بمهرجان تورمينا في ايطاليا، والآن يعرض في سورية ولم يعرض بعد في الدول العربية.
ما هو جديد المخرج حاتم علي؟
انشغلت ببداية هذه السنة كثيرا بفيلم 'محمد علي باشا' الذي كان يجب أن نبدأ التصوير فيه هذا العام ولكن تأجل لأسباب كثيرة، منها الأزمة الاقتصادية التي لها تأثير على تمويل الصناعة السينمائية والثقافية بأكملها، وأيضا انشغالي بفيلمي''سيلينا' و'الليل الطويل'، كل ذلك أدى إلى تأجيل المشاريع التلفزيونية وبتالي لن يكون في رمضان أي عمل لي.
هل هناك مشاريع أو خطط للتعاون بعمل جديد مع الدكتور وليد سيف؟
لدينا عمل مشترك هو الجزء الرابع من الرباعية الأندلسية، وهذا العمل مؤجل بسبب عدم جاهزية النص واعتقد من خلال المكالمات مع الدكتور سيف انه عازم على انجازه في فترة قريبة واحتمال كبير جدا أن ننجز هذا المشروع في العام القادم.
هل لديك محددات معينة في اختيار شخصيات أعمالك؟
لا، أنا برأيي هذا هدف ابعد من الدراما التي نشتغل عليها. مهماتي أنا كمخرج تنحصر في أن يكون أداء الممثل مناسبا للموقف الدرامي وبطبيـعة الحال فان فن التلفزيون عموما لا يتيح للممثل والمخرج أن يبنيا معا علاقة إبداعية حقيقية نتيجة السرعة في العمل وقلة الإمكانيات والوقت، لكن ضمن المتاح أحاول أن أؤكد تحديدا على العنصر التمثيلي لأني اعتقد انه العنصر الجوهري في العمل والعناصر الأخرى يجب أن تكون في خدمة هذا الممثل.
همي الأساسي هو تقديم أداء متناغم ومناسب ومنسجم مع الشخصية ومع العصر الذي تعيشه هذه الشخصية. أما بالنسبة لنجاح الممثل فالسؤال هو: هل يقوده هذا لمزيد من النجاحات ويدفع به إلى أن يكون احد الممثلين الأوائل وبالتالي يصبح شخصية فاعلة وعامة؟ فهذا باعتقادي لا يقدمه عمل واحد ولكنه يكون'نتيجة لجهد دؤوب من الممثل نفسه سواء أثناء عمله أو قبل ذلك من خلال حسن ودقة اختياراته الفنية والفكرية.
هل واجهت صعوبة في تجربتك الفنية العملية المشتركة مع الدول العربية مثل مصر ولبنان والخليج؟
في البداية هذا شيء طبيعي بسبب اختلاف العمل بين بلد وبلد آخر، ولكن واحدا من فضاءات العمل المشتركة أنها تقدم لك فرصة لحوار من شأنه تقريب وجهات النظر والخروج أحيانا بطرائق عمل مختلفة، وآراء جديدة، والدليل على ذلك أن هذه الإشكاليات حدثت في بدايات العمل وكانت تتناقص مع الزمن وكنت دائما انظر لها كجزء طبيعي ناتج عن طبيعة البلد.
تعرضت للنقد واللوم بسبب توجهك للعمل الإخراجي في مصر؟
أنا لست مع هذا اللوم، لان المشاهد العربي لم يعد مشاهدا محليا، وأصبح يمتلك القدرة على التواصل مع الإنتاج الفني في المغرب وفي مصر وفي الخليج، وأظن أن المستقبل الآن لمثل هذا النوع'من الانتاجات المشتركة، الآن في أوروبا على سبيل المثال لم يعد هناك فيلم من إنتاج فرنسي خالص يكون هناك أكثر من جهة إنتاجية أوروبية مشتركة في العمل الفني، فما بالك فينا نحن العرب، نحن امة عربية تتشارك في التاريخ وكثير من الهموم والأحلام والآمال، وأيضا تجمعنا لغة واحدة على اختلاف لهجاتها، لذلك المستقبل لمثل هذا النوع من الانتاجات المشتركة لأنها تجمع أفضل ما يمكن من الخبرات العربية بغض النظر عن انتماءاتها المحلية، في سبيل تقديم عمل فني جميل ومتكامل ليتوجه إلى اكبر قدر من المشاهدين العرب.
أخيرا حدثنا عن طبيعة العلاقة ما بين الكاتب والمخرج، وما يشوب هذه العلاقة من لبس وغموض أحيانا؟
ما يظهر على الشاشة، هو نتاج عمل مشترك، ما بين المؤلف والمخرج، وهما يتحملان مشتركين المسؤولية كاملة، وإسهامات المخرج عادة، لا يمكن اختصارها بحذف المشاهد أو إضافة أخرى، فالمخرج، عادة يعيد كتابة ما سبق وسطّره المؤلف على الورق بالكلمات، والمخرج يعيد هذه الكتابة، ولكن بأدوات مختلفة، وهو بالتالي يمكن له أن يخون شريكه المؤلف دون حذف، أو إضافة كلمة واحدة.
ما أريد قوله، بالمحصلة، هو أن المخرج، عادة مسؤول مسؤولية كاملة عن العمل الفني، ليس فنياً وحسب، بل فكرياً وسياسياً أيضاً.
المخرج حاتم علي فاز بأكثر من ست جوائز عن مسلسلاته التاريخية في مهرجان القاهرة للتلفاز والإذاعة وتميزت أيضا أعماله في الدراما الاجتماعية التي فازت أيضا بأكثر من جائزة ومن أبرزها 'عصي الدمع' ومؤخرا فاز فليمه 'الليل الطويل' بالجائزة الكبرى في ايطاليا.

كوثر عرار

المصدر: القدس العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...