الدراما السورية تسبح في بحر الحب!

20-04-2017

الدراما السورية تسبح في بحر الحب!

 في ليلة مقمرة من صيف 1916، حين كانت نيران الحرب العالمية الأولى تلتهم الأخضر واليابس، وقف الفنّان الروماني تريستان زارا وسط «ملهى فولتير» في زيوريخ، وقال: «لقد فقدنا الثقة في ثقافتنا، كل شيء يجب أن يهدم، سنبدأ من جديد بعد محو كل شيء.

في «ملهى فولتير»، سيبدأ صدام المنطق، الرأي العام، التعليم، المؤسسات، المتاحف، الذوق الجيد. باختصار كل شيء قائم، فالقضية الأولى هي محاربة الحرب». تلك الكلمات كانت مانيفستو الحركة الدادائية الفنية التي تركت أمل عرفة وفادي صبيح في مشهد من «سايكو» آثارها على الأدب والفنون البصرية والإبداع. لعلّ ذلك قلّما يهمّ المعنيين في صناعة الدراما السورية. فمَن يراقب الصناعة السورية منذ بدء الحرب، لتيقّن أنّها وصلت إلى حافة الانهيار على مستوى القيمة الفنية. وربما لن يكون مفاجئاً لو طالعنا موسم سوري جديد متهاوٍ نسبياً. بشكل شبه نهائي، صارت خارطة الدراما الرمضانية واضحة هذا الموسم. وكما جرت العادة، سيكون «صحن الفول» (كما يحبّ أن يسميه بسّام الملا) حاضراً على المائدة الرمضانية، وسنتابع جزءاً جديداً من «باب الحارة» (سليمان عبد العزيز وناجي طعمي وبسّام الملّا، إنتاج «ميسلون» ـ يعرض على mbc وlbci وفضائيات أخرى). في الجزء التاسع من السلسلة الشامية، سيتابع المشاهد لمسات النجم عبّاس النوري في صياغة الخط الدرامي لشخصيته على الأقل. لكن لا يتوقّع من المسلسل الشهير إلا تحقيق المزيد من الخيبات بالنسبة إلى عشاقه الكثر. على صعيد مواز، سيتابع المشاهد مسلسل «قناديل العشّاق» (تأليف خلدون قتلان، وإخراج سيف الدين السبيعي، إنتاج «سما الفن»، بطولة سيرين عبد النور، ومحمود نصر ورفيق علي أحمد وفايز قزق...) لكن من دون أن نتابع حضوراً لرجال الدين في المجتمع الدمشقي. سيحكي المسلسل قصة عتّال يلتقي مصادفة بمغنية يهودية رائعة الجمال هاربة من جبل لبنان. تولد بينهما قصة حب عاصفة تتكئ بحيثياتها المتخيلة على السياق التاريخي للمرحلة الملتهبة من تاريخ الشام. كذلك، تصرّ شركة «قبنّض» على إنجازها السنوي، فتقدّم للعام الرابع على التوالي مسلسلها «طوق البنات4» (للكاتب أحمد حامد والمخرج محمد زهير رجب، بطولة رشيد عسّاف). هنا، ينتظرنا المزيد من المكائد التي تحاك حول الزعيم أبو طالب. وفي إطار الدراما الشامية أيضاً، سيعرض على mtv ومحطات أخرى، جزء ثان من «خاتون» (كتابة طلال مارديني، معالجة درامية سيف رضا حامد، إخراج تامر اسحق، إنتاج «غولدن لاين»، بطولة سلوم حداد، وكندة حنا، وسلافة ومعمار، وكاريس بشار). يعيش المشاهد استكمالاً لأحداث الجزء الأول من دون تغيير في شخصيات العمل أو سياقه، باعتبار أنّ الجزءين أنجزا منذ العام الماضي دفعةً واحدة، فيما سيكون رهان الشركة ذاتها على مسلسلها «وردة وجوريّة» (تأليف سليمان عبد العزيز، إخراج تامر إسحاق، بطولة سلافة معمار وشكران مرتجى) في مقترح حكائي يستمد جوهره من شخصيتي ريا وسكينة الشهريتين، لكن بعدما وضعتا في سياق شامي بغية تحقيق التسويق الجيد.
وبالانتقال إلى الدراما الاجتماعية التي سبق أن برع فيها السوريون، فإن الموسم سيكون عامراً بأكثر من مسلسل معاصر، يسبك تفاصيله من الكواليس الحياتية للعائلات السورية، بأسلوب واقعي بحت. البداية مع «شبابيك» (ورشة كتاب بإشراف بشار عباس، إخراج سامر البرقاوي، إنتاج «سما الفن»، بطولة سلافة معمار، بسام كوسا، عبد المنعم عمايري، منى واصف، نسرين طافش، محمد خير الجراح، كاريس بشار وديمة قندلفت). يقدّم العمل (متصل منفصل) حكايةً في كل حلقة، وهو مرتبط بخطّ درامي مشترك، يسير بمحاذاة العلاقات الزوجية، ضمن المجتمع المحكوم بظروف وعادات ومعتقدات خاصة.
ورسا المخرج محمد عبد العزيز على تحويل فيلمه «ترجمان الأشواق» إلى مسلسل تلفزيوني، تولى كتابته بشار عباس، وتنتجه «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» ويؤدي بطولته كل من: عباس النوري، وغسان مسعود، وفايز قزق، وثناء دبسي وميسون أبو أسعد... يلاحق العمل مصائر ثلاثة أصدقاء ماركسيين خرجوا من السجن وفرقتهم الحياة ردحاً من الزمن، ثم عادوا ليلتقوا في دمشق بعد رجوع بطل الحكاية المطلق إلى الشام، إثر هاتف في المشهد الافتتاحي يخبره عن اختطاف ابنته الوحيدة. كذلك، سيعرض «شوق» (تأليف حازم سليمان، وإخراج رشا شربتجي، إنتاح «إيمار الشام» بطولة باسم ياخور، نسرين طافش، سوزان نجم الدين) على القنوات المفتوحة بعد عرضه الأول قبل رمضان على قناة osn المشفّرة. في هذا العمل، يتابع المشاهد قصة حب جديدة، على خلفية الحرب السورية، تتعلق بسبايا الحرب، ليشكّل الحب والحرب تيمتي العمل.
وقد يتاح لمسلسل «لست جارية» (كتابة فتح الله عمر، وإخراج ناجي طعمي، وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني، بطولة كندة حنا، عبد المنعم عمايري، رنا شميّس، رشا بلال) فرصة عرض بعدما أنجز في العام الماضي مواكباً قصة تنطوي على حبٍّ كبير يتكلل بالزواج. إلا أنّ هذا الارتباط يتحوّل إلى مأساة، حين يكتشف الزوج ليلة الزفاف أنّ عروسه تخفي سراً، ما يجعل حياتها معه جحيماً، بعد رضوخها لشرطه تحت وطأة شعورها بالذنب والبقاء مدى العمر جاريةً له. وفي خط ينأى بنفسه عن هول الأزمة السورية، سيعرض «الغريب» (تأليف عبد المجيد حيدر، إخراج محمد زهير رجب، إنتاج «قبنَض»، بطولة رشيد عسّاف) الذي يحكي حكاية رجل ذي مبادئ وقيم، يتعرض لظلم ذوي القربى، فتهدر سنواتٌ من حياته، ويصير بعدها غريباً عن عالمه. ووفق منطق الثلاثيات، يقدم المخرج محمد وقّاف «حكم الهوى» (تأليف ريم عثمان، إنتاج «قبنّض»). وفي تجربة شبابية عبارة عن «سيت كوم» متصل منفصل قوامه 30 حلقة (مدّة كل حلقة 30 دقيقة)، سيشاهد جمهور الدراما السورية تجربة «سنة أولى زواج» (كتابة نعيم الحمصي، وإخراج يمان إبراهيم، إنتاج «لاند مارك»). أما مسلسل «الرابوص» (كتابة سعيد الحناوي، وإخراج إياد النحّاس، إنتاج «زوى» و«النحّاس») الذي عرضته «أبو ظبي» ويعاد عرضه في رمضان، فيتفرّد في تقديم عمل اجتماعي كناية عن دراما الرعب.
على ضفة مقابلة، ربما يبشّر الموسم الحالي بعودة الألق إلى الأعمال الكوميدية من خلال حشد من المسلسلات أولها «سايكو» (كتابة أمل عرفة وزهير أحمد قنوع، إخراج كنان صيدناوي، إنتاج «زوى» و«الأمل»، بطولة عرفة، أيمن رضا، فادي صبيح). في المسلسل، ستتقمّص عرفة خمس شخصيات أولها صحافية يقع في يدها cd يفضح مافيات خطيرة، فتلاحقها من خلال مفارقات مضحكة. ويقدم المخرج والممثل مهند قطيش تجربة «هواجس عابرة» (كوميديا كتبها قطيش بالشراكة مع حسن مصطفى، إنتاج «الحاتم»، بطولة كاريس بشار، فادي صبيح، أحمد الأحمد ومحمد حداقي). يضمّ العمل قصصاً منفصلة تلامس بطريقة ساخرة معطيات حياة سكان بناء واحد هو المسرح الرئيسي للحدث. أما في «أزمة عائلية» (تأليف شادي كيوان، إخراج هشام شربتجي، إنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني»، بطولة رشيد عسّاف، رنا شميّس، أمانة والي، كرم الشعراني)، فسنكون على موعد مع «سيت كوم» يحاول ملامسة الأزمة السورية واليوميات الجديدة التي خلّفتها الحرب، إضافة إلى التردّي الاقتصادي والظروف الأمنية المنهارة ضمن أسلوب «لايت»، يقترب من الكوميديا بطريقة ذكية. كذلك، سيحضر العمل الشهير «بقعة ضوء» بجزئه الثالث عشر (مجموعة كتاب، إخراج فادي سليم، إنتاج «سما الفن»). إلى جانب ما سبق، قد نشاهد محاولات كوميدية في أكثر من مسلسل منها «طلقة حب» (كتابة وإخراج وإنتاج مظهر الحكيم)، و«جنان نسوان» (فادي غازي) و«كعب عالي» (تأليف مجموعة كتّاب، إخراج ميشيل مليكيان، إنتاج «كراميل آرت هاوس»).
ويبقى الرهان الأكبر بالنسبة إلى الدراما السورية على مسلسل «أوركيديا» (تاريخي متخيّل، كتابة عدنان العودة، وإخراج حاتم علي، وإنتاج «إيبلا الدولية»، بطولة جمال سليمان، سلوم حداد، سلافة معمار، باسل خياط، عابد فهد، قيس الشيخ نجيب) الذي هو معادل للمسلسل الشهير «لعبة العروش» بخبرات سورية خالصة تروي قصة صراع الممالك حول العرش.
ولن تغيب الأعمال العربية المشتركة هذا الموسم مع عملين أوّلهما «الهيبة» (سيناريو وحوار هوزان عكو، وإخراج سامر البرقاوي، وإنتاج «الصبّاح»، بطولة تيم حسن ونادين نسيب نجيم) الذي تعرضه mbc في توجه يبتعد عن تعريب الأفلام العالمية. يحكي المسلسل قصة سيدة تدعى عليا (نادين نجيم) تعود لتدفن زوجها في ضيعته «الهيبة» الواقعة على الحدود السورية اللبنانية، ومعها ابنها الصغير. في الضيعة التي يسيطر عليها شقيق زوجها «جبل» أو «شيخ الجبل» (تيم حسن)، تسود شريعة القوي، بخاصة أنّ المنطقة تعتمد في رزقها على أعمال التهريب. هناك، ستصطدم عليا بعادات وتقاليد المكان. ستحاول لاحقاً بذل جهدها للهروب منه. لكن علاقة حب ستجمعها بـ «جبل» ذي الشخصية الثابتة والصلبة. أما المسلسل المشترك الثاني، فهو «مذكرات عشيقة سابقة» (تأليف نور شيشكلي، إخراج هشام شربتجي، إنتاج Mars Media Production، إشراف فني مازن طه، بطولة نيكول سابا، باسم ياخور، كاريس بشار، وسعد مينه). تدور الحكاية حول نجمة تمثيل شهيرة، تتعاطى بمنطق خيري مع الحياة المربكة التي تسوّر منطقتنا. تتزوّج من دون قصد أحد أمراء الحرب، فتجد نفسها وقد دخلت في كابوس، وقد ارتبطت بقاتل محترف، يحمل على كاهله أرواح المئات من الأطفال والأبرياء! هكذا، تبدأ بكتابة مذكراتها لتنطلق القصة من هنا.

وسام كنعان

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...