مهرجان دمشق المسرحي الـ ١٥: عروض للهواة

30-11-2010

مهرجان دمشق المسرحي الـ ١٥: عروض للهواة

لم يتوقف الجمهور طويلاً عند حفل افتتاح مهرجان دمشق المسرحي في دورته الخامسة عشرة مساء السبت، رغم مطالبة البعض بأن يكون على الأقل بمستوى افتتاح مهرجان السينما، وقد قال البعض إن كان افتتاح مهرجان السينما يسعى إلى مقاربة مسرحية، فما بال مهرجان المسرح لا يفعل؟ =
لم نتوقف طويلاً عند العرض المضجر الذي أخذ حيزاً من الافتتاح، وهو «الإلياذة الكنعانية» (نص محمود عبد الكريم وكريغراف ناصر ابراهيم وأداء فرقة أورنينا) العرض الراقص الذي قُدم واستهلك هنا وهناك، فقد أصبحت كل المهرجانات السورية، من مهرجانات القطن إلى السينما والمسرح تغلف بهمروجة الرقص، وكله عند السوريين «إنانا»، الفرقة التي طبعت بأسلوبها معظم عروض الرقص. من مسرحية «سيليكون» لعبد المنعم عمايري
أراد الجمهور أن يدلف فوراً وبشغف إلى العروض فغصت بعض صالات المسارح بجمهور قلما نشهده في مسرح. ذلك رغم الغياب البارز لأسماء مسرحية سورية وعربية عن المهرجان الذي غالباً ما يشكل صورة للمسرح العربي. لا حضور قوياً للتوانسة بغياب الفاضل الجعايبي وتوفيق الجبالي، ولا عربياً بغياب جواد الأسدي وحسن جريتلي، ولا سورياً بغياب نائة الأطرش وغسان مسعود وفايز قزق، وكل هؤلاء على سبيل المثال. بل من الواضح أن بعض الأسماء السوري استنكفت ترفعاً عن مهرجان أقرب بأسمائه وعروضه وفعالياته إلى مهرجان للهواة.
لكن إدارة المهرجان وإعلامييه أرادوا أن يعطوا انطباعاً مغايراً، حيث احتوت نشرة المهرجان «المنصة» على عدد من الأسماء على أنها من ضيوف المهرجان من دون أن نعثر علي أي منهم، من أبرزهم عباس بيضون وبول شاوول وتوفيق الجبالي وجواد الأسدي ومحمد إدريس ومحمد صبحي وسواهم.
33 عرضاً
يضم المهرجان 33 عرضاً مسرحياً من 19 دولة عربية وأجنبية. ومن أبرز تظاهرات المهرجان «تظاهرة المنصة المسرحية لحوض المتوسط»، وفيها خمسة عروض هي العرض الفرنسي التونسي الراقص «حتى إليّ يعود» كريوغراف جانفيف مازن وإيمان سماوي، والعرض التركي «مكان في وسط الدنيا» لمحمد نور الله تونجار، واللبناني «ماشي أون لاين» للبنانية خلود ناصر، والقبرصي «باشا» للمخرج أندرياس كريستودوليدس، والسوري «نيجاتيف» نص وإخراج نضال سيجري.
هذه التظاهرة، على ما قال منظموها، هي إعلان مبدئي فقط، على أمل أن تتحول مستقبلاً إلى مهرجان مستقل يعنى بهموم الشباب، ويشكل مسرحاً منفتحاً لا ينصاع لضوابط مهرجان كمهرجان دمشق، الذي رفض بالفعل بعض العروض التي قدمت إليه لإدراجها ضمن التظاهرة.
وهناك أيضاً مجموعة عروض المسرح السوري التي تشكل اثني عشر عرضاً، من بينها «حكاية بلا نهاية» تأليف أسعد فضة للمخرج لؤي شانا، و«حكاية علاء الدين» تأليف كفاح الخوص من إخراج أسامة حلال، و«لحظة» نص وإخراج رغدة شعراني، و«كلاكيت» نص وإخراج تامر العربيد، و«قصة حديقة الحيوان» نص ادوارد ألبي وإخراج رأفت الزاقوت، و«ليلة القتلة» نص الكوبي خوسيه تريانا وإخراج مأمون الخطيب، و«راشامون» لحازم زيدان، و«الآلية» نص الكاتبة الأميركية الراحلة صوفي تريدويل من إخراج مانويل جيجي، و«بيت بلا شرفات» نص وإخراج هشام كفارنة.
أما العروض العربية والأجنبية، فهي السعودي «كنا صديقين» لفهد ردة الحارثي، والقطري «أنا أنت الإنسان» لفهد الباكر، والإماراتي «سلوقي» لحسن رجب، ومن تونس «حقائب» للمخرج جعفر القاسمي، ومن المغرب «طعم الطين» لعبد المجيد شكير، ومن لبنان «مساحات أخرى» لجنى الحسن، إلى جانب «ماشي أون لاين» لخلود ناصر، ومن العراق «كامب» من إخراج مهند هادي وعرض «صدى» لحاتم عودة، ومن السودان «ماستابا الرقصة الأخيرة» لعطا شمس الدين، ومن مصر «صحوة الربيع» لليلى سليمان، ومن فلسطين «هبوط اضطراري» لمسرح القصبة، ومن الكويت «دراما الشحادين» لعبد العزيز صقر، ومن ليبيا «فليسقط شكسبير» لمحمد الصادق، ومن الجزائر «شظايا» لحسان عسوس. إلى جانب أربعة عروض أجنبية، من السويد «مع الاحتفاظ بالشرف» من إخراج سيفين هولم، ومن بريطانيا عرض «لا فكرة» للي سيمبسون، إلى جانب العرضين القبرصي والتركي.
سيليكون
في برنامج الأحد أدرجت أربعة عروض، السوريان «راجعين» و«أناس الليل»، والقطري، والسعودي، وهو بحسب دليل العروض عن «علاقة شائكة بين صديقين حملا مشروعاً مسرحياً، غير أن الرياح هبت لتذهب بأحدهما نحو الشهرة من تلفزيون وسينما، بينما ظل الآخر سجين مشروعه المسرحي».
عرض «راجعين» لأيمن زيدان مأخوذ عن قصة الجزائري الطاهر وطار «الشهداء يعودون هذا الأسبوع»، القصة التي كتبها الأدريب الجزائري الراحل بعيد استقلال الجزائر، مسلطاً الضوء على الانتهازيين والفاسدين الذين انقضوا على منجزات الثورة وأحلام الشهداء، غير أن الفنان السوري يسحب الحكاية إلى ما بعد حرب تشرين 1973، مؤثراً تمجيد الشهداء وتمجيد مفهوم التضحية، في إطار عرض كوميدي غنائي يجنح نحو الخطابة في كثير من مواضعه، على رغم انطوائه على نظرة نقدية للمجتمع السوري ما بعد حرب تشرين، ولكنه بذلك، أي ببقائه في ما بعد حرب تشرين، يتخلى العرض عن أبرز مقومات العرض المسرحي، ونعني بها الانتماء إلى الهموم الراهنة والإشكاليات المعاصرة (انظر «السفير» 20 تشرين أول 2010).
«أناس الليل» من إخراج العراقي المقيم في دمشق باسم قهار، وهو مأخوذ عن رواية الطاهر بن جلون «ليلة القدر»، والمسرحية تحكي عن «أعمى يقع في حب امرأة كانت، ولـ 23 سنة تجبر على أن تكون رجلاً»، وكما يقول دليل العرض فإنها «قصة حب يختلط فيها الضوء مع العتمة، الذكر والأنثى، اليأس والأمل، ليل طويل لا نهاية له، ولا يعرف الضوء لكنه يبصر الحب».
ورغم قوة الإخراج وراء العرض، والإضاءة الجميلة التي رسمت مشهداًَ تشكيلياً أنيقاً، فإن العرض بدا إذاعياً إلى حد كبير، وقد يعود السبب في ذلك سوء استخدام الموسيقى التي كانت بضع جمل موسيقية تكررت إلى نهاية العرض، تظهر وتخفت بالتناوب مع كلام الشخصيات، الكلام المكتوب ببلاغة لغوية وإنشائية بدت ذات وقع ثقيل.
عرض «سيليكون» لعبد المنعم عمايري، أدرج بخجل ضمن عروض المهرجان، حيث تجده في بعض المنشورات ومختفيا في سواها. والعمل هو مشروع التخرج الأول لطلبة المعهد العالي للفنون المسرحية. نص كتبه عمايري عن فكرة لأمل عرفة. وهو يتطرق لحكاية زوجين يحتفلان بعيد زواجهما العاشر، لكنهما يقرران القيام بلعبة أثناء الحفل من خلال إعلانهما الطلاق، لكن سرعان ما تصبح اللعبة حقيقة واقعة، نكشف خلالهما لا الأصدقاء وحسب، بل نعرف الزوجين نفسيهما، ومقدار النفاق الذي تنطوي عليه حياتهما الزوجية، في الوقت الذي يصران فيه على الاحتفال بها، وإظهارها على أنها حياة زوجية مثالية.
العرض كله يقوم على هذا المفارقات التي تنشأ عن النفاق (وما السيليكون سوى رمز لهذا النفاق)، حيث مديح الميت، وهجاؤه، الرغبة بالزواج والتعفف عنه، ادعاء التحضر واللجوء في الظل إلى سحر السحرة.. كل ذلك عبر شخصيات وأنماط كوميدية في عرض خفيف الظل، وبرع في تقديم الطلاب ومواهبهم، وهي المهمة الأبرز لمشروع تخرج للطلاب، ويمكن القول إن أربعة على الأقل من هؤلاء الطلاب سيكون لهم شأن في عالم التمثيل.

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...