قطر وفرنسا تبدآن بانتهاج سياسة واقعية تجاه دمشق

30-08-2017

قطر وفرنسا تبدآن بانتهاج سياسة واقعية تجاه دمشق

تتسارع التطورات في المنطقة بشكل دراماتيكي وسريع. قطر تعيد علاقاتها الديبلوماسية مع إيران بعد أزمتها هل تعيد قطر وفرنسا سفيريهما إلى دمشق؟مع السعودية والإمارات العربية المتحدة. إعادة العلاقات بين الدوحة وطهران لاشك أنه سيكون لها مفاعيل على الأزمة السورية لجهة وقف الدوحة تمويلها للجماعات الإرهابية المدعومة منها والتي تقاتل في سوريا.

وتشير المعلومات أن قطر بدأت بالفعل بالتخفيف التدريجي لهذا الدعم. وصولاً إلى قطعه نهائياً في وقت ليس ببعيد. وتأمل قطر بعد هذه الخطوة أن تكون الخطوة التالية إعادة وصل ما انقطع من علاقات مع دمشق.

وزير الخارجية الفرنسي أعلن أيضا موقفاً لافتاً من الازمة السورية حين صرح أن بلاده لم تعد ترى أن رحيل الرئيس الأسد عن الحكم ضرورياً لإنهاء الأزمة في سورية. وأن بلاده تركز الآن على موضوع محاربة الإرهاب.

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نقل عنه قوله لوفد “المعارضة السورية” المدعوم من الرياض انه على “المعارضة” أن تنتتهج خطاباً جديداً تجاه الأزمة السورية يأخد بعين الاعتبار عدم التركيز على رحيل الرئيس الأسد وقيام حكم انتقالي كشرط للحل.

التفاهم الأميركي – الروسي بعد مؤتمر أستانة 3 أفضى إلى إقامة أربع مناطق لتخقيف التوتر مما يعني أن “المعارضة السورية” دخلت في مرحلة الضم والفرز.

معركة جرود السلسة الشرقية من الجهتين اللبنانية والسورية انتهت بهزيمة ساحقة لتنظيم داعش. تحرير الجيش السوري لمنطقة الزبداني ووادي بردى أدى إلى تضييق الخناق على الدواعش في الجهة اللبنانية ومحاصرتهم في جيب لا منفذ له مما سهل على الجيش اللبناني مهمته في تحرير جرود رأس بعلبك والقاع.

كل هذه التطورات ما كانت لتتم لولا صمود الحكومة السورية وبراعتها في إدارة الأزمة سياسياً وعسكرياً بالتعاون مع حلفائها. ثبات القيادة السورية في الميدان سياسياً وعسكرياً أدى إلى تراجع خصومها عن مواقفهم بشكل شبه كامل.

واليوم نرى أن ما يسمى “المعارضة السورية” تعيش أسوأ أيامها وهي باتت غير قادرة حتى أن تكون طرفاً في المفاوضات. وكيف تكون طرفاً ولا أوراق قوة بين يديها تفاوض عليها. وذكرت بعض المعلومات أن الامتعاض السعودي من هذه “المعارضة” بلغ ذروته عندما رفض ولي العهد السعودي استقبال وفد من هذه “المعارضة” ونعت أركانها بالببغاوات.

ثبات سوريا في المعركة هو لاشك انتصار كبير للحليف الروسي الذي رمى بثقله في المعركة إلى جانب الحكومة في دمشق، فروسيا تعتبر أن مشاركتها في الانتصار في سورية سيشكل نقطة تحول في العلاقات الدولية لجهة إنهاء تفرد الولايات المتحدة في التحكم بالسياسات الدولية ومحاولتها تغيير خرائط العالم. كما حصل في العراق وليبيا وأفغانستان والذي كاد أن يحصل في روسيا أيضاً من خلال المؤامرات التي حاكتها الولايات ضد روسيا في كل من أوكرانيا وجورجيا.

صمود سوريا وحلفائها لاشك أنه أربك “إسرائيل” أيضاً والولايات المتحدة. إدارة ترامب تبدو غير متماسكة وموحدة الموقف تجاه الأزمة السورية وهي تواظب على إطلاق تصريحات ديبلوماسية لاتقدم ولاتؤخر في مسار الأزمة السورية. ولكن ما لم تستطع الولايات المتحدة تعديله في الميدان من المستحيل تعديله بالدبلوماسية.

“إسرائيل” تبدو الأكثر إرباكاً في المشهد السوري. لذلك سارع رئيس حكومتها نتنياهو إلى مقابلة الرئيس الروسي ومحاولة ممارسة ضغوطاً عليه تؤدي إلى تعديل روسيا لموقفها بما يؤدي إلى تحقيق مطلب “إسرائيل” بإقامة منطقة أمنية عازلة على الحدود الجنوبية بين فلسطين المحتلة وسوريا على غرار دويلة أنطوان لحد التي أقامتها “إسرائيل” خلال احتلالها للبنان. الطلب “الإسرائيلي” اصطدم بموقف روسي حاسم مفاده أنه لا مجال لأي تراجع روسي في المسار السوري لأن ذلك ينطوي على مخاطر كبيرة تجاه مسار الأزمة السورية.

إزاء الرفض الروسي للمطالب “الإسرائيلية” راحت “إسرائيل” باتجاه محاولة تعديل القرار 1701 بحيث يتم توسيع مهام قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان لتشمل الحدود اللبنانية السورية. ليس في الأفق ما يشير أن المسعى الإسرائيلي هذا سيكتب له النجاح. فإدارة ترامب كما قلنا سابقاً لاتبدو متماسكة وموحدة في عدد كبير من الملفات الخارجية ولم تعد مستأثرة وحدها بالقرارات الدولية.

هذا المشهد السوريالي للكيان الصهيوني قد يدفعه إلى محاولة إقناع الولايات المتحدة بتبني عدوان “إسرائيلي” كبير على لبنان تأمل “إسرائيل” من خلاله إعادة خلط الأوراق في المنطقة. ولكن السؤال الكبير هنا هل موزاين القوى الحالية تسمح بشن هكذا عدوان.

المعطيات والمؤشرات تقول أن “إسرائيل” غير قادرة حالياً على الانتصار في أي حرب خارجية تخوضها ضد المقاومة في جنوب ولذلك هي قد تلجأ إلى خطة أخرى وهي محاولة استثمار الجماعات الإرهابية المهزومة في كل من سوريا والعراق. فالانتصار العسكري يستطيع القضاء على الآلات الحربية، غير أنه يقف عاجزاً أمام الاعتبارات المذهبية أو السياسية أو الاجتماعية التي تؤمن “البيئة الحاضنة والداعمة” لهذه المجموعات الجاهزة في كل لحظة لتغيير لونها وجلدها حسب الطلب. وهنا مكمن الخطر الذي يجب على الجميع الانتباه له .

المصدر: رأي اليوم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...