بدعم من دول الإعتدال العربي إسرائيل تعد لحرب جديدة

28-04-2007

بدعم من دول الإعتدال العربي إسرائيل تعد لحرب جديدة

عادت الولايات المتحدة الى استئناف عملية ضغط مباشرة وكبيرة على لبنان ودول أخرى في المنطقة، ربطاً بما تعتبره أولوية لناحية تنظيم الوضع في العراق وفلسطين، وفقاً لمبدأ جديد يقول إن إيران تمثل اليوم العدو المركزي والمشترك لها ولإسرائيل ولحكومات العرب المعتدلة.
وأكدت مصادر دبلوماسية وخبراء أن النقاش مستمر بدقة بين الإدارة الأميركية بقيادة نائب الرئيس ديك تشيني وإسرائيل ودول الرباعية العربية، ومع تركيا أيضاً، في شأن «سبل مواجهة الخطر الإيراني الذي يستهدف المصالح السياسية والثقافية والاقتصادية»، كما ينقل أحد الدبلوماسيين عن مسؤول أميركي رفيع المستوى، يقول أيضاً إن «الأمر ببساطة يتعلق بأن إيران تمثل تهديداً مباشراً للدور السني في كل من لبنان والعراق ودول الخليج، وإن تهديدها للمصالح الاميركية يتعاظم بأكثر مما كان عليه عام 1979، وهي تمثل اليوم قوة الدعم الرئيسية لمنظمات حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي في صراعها مع إسرائيل، وبالتالي فإن تأثير إيران في المنطقة يتصاعد بقوة وسرعة، ولها أذرعها المباشرة في العراق ولبنان وفلسطين ودول الخليج، وهي الحليف الاستراتيجي لسوريا. وستسرع من خطواتها لتكون دولة نووية تمثّل خطراً يصيب أوروبا وبقية العالم الاسلامي في آسيا أيضاً».
ويأتي كلام هذه المصادر في سياق عرض للخطوات التي تتجه الولايات المتحدة الى تكريسها في لبنان، الآن وفي المرحلة المقبلة، وخصوصاً أن هناك خشية لدى فريق 14 آذار من تراجع الاهتمام مع خروج الرئيس الفرنسي جاك شيراك من قصر الإليزيه. ويرد الكلام أيضاً في سياق ما تفترضه الإدارة الاميركية من الحرب الأخيرة بوجه إيران وسوريا وقوى المقاومة في المنطقة.
وبحسب هذا العرض فإن ما هو مقرر الآن في شأن لبنان يقول بدعم غير مشروط للقيادة السنية الحالية، والابتعاد عن أي مواجهة مسلحة شاملة وخاسرة مسبقاً مع الآخرين، ومواصلة الحملة غير المحدودة الإطار والمكان من أجل تجريد حزب الله من سلاحه بأي ثمن، والتركيز على دعم مفتوح للجيش اللبناني في كل المجالات، والعمل دبلوماسياً «لمنع سوريا ورئيسها بشار الأسد من التدخل في لبنان».
ويقول مسؤولون أميركيون إن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري مبارك مصران على «مواجهة طموحات السوريين في لبنان وعلى تلقين الرئيس الأسد درساً لا ينساه، وإن هناك جهوداً لمنع أي تقارب معه في هذه الفترة».
أما عن ترجمة الدعم المطلوب من الحليف اللبناني، فإن المصادر نفسها تشير الى نقاش في جانبين: الأول يقول بعدم توفير أي نوع من الدعم لأي مشروع سياسي للمعارضة اللبنانية، واللجوء الى استراتيجية «وقف المشروع» عنواناً للتعامل مع المعارضة ومنعها من التقدم ومن تحقيق أي هدف سياسي. «أما التدهور الاقتصادي فيمكن تعويضه من خلال الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية».
وفي شأن الوساطات المطلوبة لمنع المعارضة من تحقيق أهدافها، فإن واشنطن دعمت مبادرة سعودية ـــــ إيرانية حدودها تثبيت الحكم القائم ولو بكلفة قليلة تدفع للجانب الشيعي في لبنان، لكن يبدو أن بندر بن سلطان تعهد أمام من يعنيهم الامر بأنه لن يكون لسوريا أي دور في أي تسوية حول لبنان، وهو عمل على تثبيت هذا الكلام مع مسؤول رسمي رفيع في الادارة الاميركية قال إن بندر «وعد واشنطن بأن الاتفاق مع إيران حول لبنان لن يمنح بشار الأسد نفوذاً جديداً. وذلك انطلاقاً من شعور الولايات المتحدة وفرنسا وبعض الدول العربية بما فيها السعودية بأن على سوريا أن تدفع غالياً ثمن حلفها مع إيران».
ويجد الفريق الذي يعمل على هذا المشروع، والذي يشارك فيه الى جانب بندر عدد من المسؤولين الأميركيين يتقدمهم ديفيد ولش، أن على الفريق السياسي والإعلامي «أن يشن حملة من دون توقف ضد حزب الله وسلاحه، وأن يجري الضغط على الرأي العام الآخر في لبنان بغية عزل الحزب، وأن يُردد بصورة متواصلة وعلى مسامع كل القوى المسيحية أن مصالحها ستكون محفوظة خارج التحالف مع حزب الله وهو ما يشجع السفارتين الأميركية والفرنسية (بدعم وتغطية من كل السفارات الغربية، وسفارات التحالف الرباعي العربي) على بذل كل الجهود بهدف إضعاف العماد ميشال عون داخل المجتمع المسيحي، والضغط عليه بقوة لدفعه الى التخلي عن حلفه مع حزب الله. وتقوم هذه الجهات بواسطة جهات سياسية لبنانية بإحصاء نصف شهري للوقوف على واقع الرأي العام المسيحي».
ويندرج في هذا السياق «الحرص» الاميركي المستجد على مصالح المسيحيين في لبنان بالطريقة التي عبّر بها وولش في تعرضه المباشر للعماد عون، وإظهار فريق أساسي في الادارة الاميركية رفضه بناء أي علاقة مع الأخير إذا لم يبادر الى الخروج من المعارضة والانسحاب من تفاهمه مع «حزب الله». وفي المقابل يعمد هذا الفريق الى ممارسة الضغوط الاضافية على الكنيسة والبطريرك الماروني نصر الله صفير، وإلزام القوى المسيحية في فريق 14 آذار التعامل بمرونة وإيجابية مع تجيير كل الدعم الآن لمصلحة «القوات اللبنانية» كمنازع رئيسي للعماد عون، وهو الأمر الذي انعكس فتوراً في العلاقة بين أقطاب مسيحيين وبين الإدارة الأميركية.
وبالنسبة الى الدعم المادي فإن أصحاب هذه الخطة يشيرون الى «ان الأموال التي قدمتها واشنطن للبنان من خلال باريس 3 ستذهب بالدرجة الاولى الى دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وفقاً لاعتقاد بأنه مع زيادة الخدمات من الاميركيين، فإن الجيش لن يظل على الحياد وسيكون مع من هو في السلطة الشرعية وهذا أمر مهم».
أما بشأن الواقع الشيعي فإن الخطة تقضي بـ«توجه الجانبين الاميركي والفرنسي وجهات أوروبية الى تعزيز حضور شخصيات شيعية معارضة لتحالف أمل وحزب الله، وفي حال نجاح مشروع تجريد المقاومة من سلاحها فإن الشيعة يعودون نحو فكرة الاختباء داخل المجتمع اللبناني بصورة طبيعية. مع استمرار عمل فريق 14 آذار على استراتيجية التفريق بين الشيعة وحزب الله، وعدم التخلي عن سياسة الاحتواء للرئيس نبيه بري الذي يجب أن يعامل دوماً كطرف بعيد عن حزب الله وسوريا».

في كل البحث الأميركي ــــ الفرنسي في آلية التعامل مع الوضع في لبنان، ثمة نقطة مركزية تعود الأمور إليها، وهي المتعلقة بسلاح حزب الله، لأن هذا الفريق يعتقد بأن الدور الذي يقوم به الحزب هو المحرّك الرئيس للجبهة المواجهة للغرب في لبنان والمنطقة. وبعد الفشل السياسي والدبلوماسي في تطبيق القرار 1559 جاءت الحملة العسكرية الإسرائيلية المغطاة من قوى الاعتدال العربي ومن أميركا وفرنسا ودول غربية أخرى، لتحصد الفشل نفسه، علماً بأن تداعيات الهزيمة باتت أكثر خطورة من الفشل العسكري نفسه، ما يفرض منطقاً جديداً يقوم على أساس أن الفتنة الداخلية في لبنان ربما تكون السلاح الأشد فاعلية في مواجهة الحزب ودوره.
كيف، ومن سيتولى أمر سلاح حزب الله؟ سؤال يردّده مسؤولون أميركيون ويحاولون الإجابة عنه بالقول: «ابتداءً، هناك ضرورة لشكر كل من وليد جنبلاط وفؤاد السنيورة وبندر بن سلطان وبعض القنوات الفضائية العربية. لقد تعاون هؤلاء في معركة تحطيم صورة الحزب لدى الجمهور العربي. وبعد أشهر على حرب لبنان، لم يعد الدعم لحزب الله في الشوارع العربية كما كان عليه الصيف الماضي. وهناك انطباع قوي بأن السنّة في مختلف البلدان العربية سيتصرفون على أساس أن الحزب هو الحليف اللبناني لإيران وللمشروع الفارسي، ونظراً إلى ما يحصل في العراق ولبنان، فإنه يمثّل إحدى أذرع الحرب ضد النظام السنّي».
وينسب أصحاب هذا الرأي الى «مراقبين متخصصين» أن حزب الله، بعدما نال دعماً من مختلف البلدان العربية خلال حربه في الصيف الماضي مع إسرائيل، «قد خسر بعضاً من شعبيته»، علماً بأن هؤلاء يقرّون بأن نتائج آخر استطلاعين للرأي العام في سبعة بلدان عربية كبيرة ذات غالبية سنية، أجرتهما مؤسسات مستقلة في تشرين الثاني وكانون الثاني الماضيين، أظهرت أن السيد حسن نصر الله هو الشخصية الأولى المفضّلة لدى الجمهور، ويليه بأشواط كثيرة الرئيس الفرنسي جاك شيراك. ويسبق الاثنان أي زعيم عربي، علماً بأن دولة خليجية سعت الى تعديل السؤال في الاستطلاعين بعد ظهور النتائج، بالقول إن المطلوب تسمية الشخصية غير الرسمية وذلك لتجنّب المقارنة مع الحكام العرب الذين يعانون أكبر ضائقة شعبية في تاريخهم السياسي.
ويرى الأميركيون والفرنسيون ودول التحالف الرباعي العربي أن الرئيس فؤاد السنيورة «برهن على أنه ذو موقف ثابت وباقٍ في منصبه. ومن الواضح أن قسماً مما يقوم به جعله يظهر بالنسبة إلى التحالف الرباعي بمظهر القائد السنّي الذي يواجه الامتداد الشيعي. ومع ذلك فإن في السعودية منطقاً لا يحظى بإجماع الفريق كله يقول بضرورة تجنّب المواجهة الشاملة مع الشيعة في المنطقة، ويقتضي بالتالي تعزيز العلاقة مع حزب الله. وهو أمر يتصل بحسابات، منها ما يتصل بنقاش جرى داخل العائلة المالكة السعودية في ضرورة التقدم خطوة إلى الأمام من خلال الإعلان أمام الرأي العام عن دعم الحزب لجهة ما يمثله من مقاومة محترمة ومرغوبة ضد الإسرائيليين. وكذلك يتعلق الأمر بمراقبة القيادة السعودية للآثار السلبية التي نجمت عن موقفها خلال الحرب الأخيرة على لبنان».
لكن كل ذلك لا يفيد، لأن المطلوب أولاً وأخيراً الاستعداد لمواجهة جديدة تتطلب حرباً عسكرية قاسية ليس في المنطقة غير إسرائيل من يقوم بها. وفي هذا الإطار يعود الجميع في الإدارة الأميركية الى مراجعة نتائج الحرب الأخيرة ويعرضون الآتي: «يؤكد مسؤولون إسرائيليون أنهم دمروا كل الصواريخ الطويلة المدى في الصيف الماضي وأن حزب الله غير قادر حالياً على استهداف تل أبيب. وهناك كلام شائع على مستوى أوساط إعلامية ومكاتب دراسات بأن الحرب عطّلت جزءاً كبيراً من قوة حزب الله الصاروخية. لكن في المقابل هناك معلومات بأن الأسلحة الإيرانية تستمر بالتدفق عبر سوريا الى البقاع، ويمكن حزب الله أن يستعيد مجدّداً ترسانته، علماً بأن التحقيقات الجارية في إسرائيل وبعض المعطيات قد تشير إلى مفاجآت كبرى على هذا الصعيد، وخصوصاً إذا ما بادر الحزب إلى كشف ما لديه عن نتائج المواجهة وحدود تأثيرها في قوته الصاروخية».
ومع ذلك، يضيف المعنيون «أن في إسرائيل إجماعاً حكومياً وحزبياً وشعبياً على أن حزب الله أسوأ من صدام حسين. وفي كواليس قادة الجيش والاستخبارات والقيادة السياسية يقولون إن حزب الله أهان إسرائيل بقوة وتمكّن من أن يحدث ضرراً بشرياً ومالياً ونفسياً، وهذا ما يجعل المجتمع الاسرائيلي، بالمجمل، داعماً لجولة ثانية من الحرب مع الحزب، ويُعاد تدريب الجيش الاسرائيلي بقوة وبسرعة لهدف كهذا».
إلا أن النقاش في موعد هذه الجولة يبقى في دائرة التكهّن. ويقول الفريق عينه إن «الجولة الثانية يمكن أن تكون قريبة جداً، وإن إسرائيل قد تباشر حملة مفاجئة من دون انتظار أي استفزاز من حزب الله. وسيكون مسرح الهجوم هذه المرة في الجنوب والبقاع. ويجري الحديث لدى بعض الخبراء عن أن الجيش الاسرائيلي مضطر هذه المرة إلى عملية إنزال كبيرة على ضفاف نهر الليطاني والسير في اتجاه الجنوب، فيما تقوم قوات برية مدرّعة كبيرة بالتقدم نحو الشمال على الحدود لتنظيف المنطقة كلياً من عناصر حزب الله، ومن الأسلحة الثقيلة والخفيفة والطويلة المدى والقصيرة المدى، وعن أن تُستخدم كل أنواع الطاقة النارية الكفيلة بمسح المنطقة بصورة شاملة. وفي إسرائيل يقولون بثقة إن عملية مشابهة لعملية 1982 ستقضي على حزب الله وستنتهي في وقت قصير جداً. وبعد ذلك تسلم إسرائيل هذه المنطقة الى قوات اليونيفيل والجيش اللبناني لفرض القانون عليها».
أما عن عناصر الدعم السياسي لحملة من هذا النوع فيقول العاملون في هذا الفريق إن إسرائيل «غير قلقة لجهة الدعم العالمي والإقليمي، إذ إنها على تواصل مستمر مع بعض الدول العربية، وفي حال اعتبار أن دعم التحالف الرباعي لم يكن كافياً لإسرائيل الصيف الفائت، فإن الاتصالات الإسرائيلية ــــ العربية اليوم، وبفضل بندر بن سلطان، في أحسن حال».
ووفقاً لآلية التفكير التي تتكرر منذ عقدين من دون تحقيق أي نتائج، إلا أن الفريق نفسه يحدّد أهداف هذه الحملة السياسية ــــ العسكرية بأن «القضاء على حزب الله عسكرياً سيعيد الاستقرار والديموقراطية الى البلد وسيكسب لبنان مجدداً وجهه الغربي ويعود إلى حلفه العادي مع الرباعي العربي السنّي، من دون تأثير كبير من قبل إيران والشيعة. وسيكون ذلك مرافقاً لإقرار المحكمة الدولية التي ستساعد في إيجاد الهدف الأهم وهو اللااستقرار في سوريا، بصورة شبيهة لما هو حاصل في لبنان اليوم، وأن هذه المحكمة ستُحاصر بشار الأسد على طريقة معمّر القذافي، فتصبح سوريا تحت رحمة الرباعي العربي».

إبراهيم الأمين

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...