المفاوضات السوريّة ـ الإسرائيليّة: لا اتّفاق على شيء

28-06-2008

المفاوضات السوريّة ـ الإسرائيليّة: لا اتّفاق على شيء

أكدت مصادر دبلوماسية غربية واسعة الاطّلاع في نيويورك، أمس، أن المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها تركيا بين إسرائيل وسوريا «لم تتقدم قيد أنملة»، وأن «الهوة بين الطرفين شاسعة للغاية». لكن الحكومات الثلاث في إسرائيل وسوريا وتركيا تصر على مواصلتها، ولكل منها أسبابها.
ولخّصت المصادر الأسباب بالنسبة إلى كل دولة على الشكل التالي: رئيس الوزراء إيهود أولمرت يحتاج إلى المفاوضات لتعزيز موقعه الداخلي المهترئ تفادياً للمثول أمام القضاء لفضائحه الأخلاقية المتراكمة. أما سوريا، فتستفيد من المفاوضات بتسجيل مزيد من الأهداف السياسية كالانفتاح الإقليمي والدولي من دون دفع أي ثمن فعلي، وتعمل بإيجابية وديناميكية مستفيدة من مناخ الإخفاقات الأميركية ــــــ الإسرائيلية في المنطقة. وهي تبني على مكاسبها بدءاً من مؤتمر أنابوليس وليس انتهاءً بمؤتمر الدوحة.
وفي ما يتعلق بحكومة رجب طيب أردوغان، التي تمر في معركة قضائية تاريخية مع المحكمة التركية العليا، فتستفيد بإبعاد الخطر عن حزبها «العدالة والتنمية» المهدد بالحظر على يد المحكمة العليا.
وتشير المعلومات إلى أن وزير الخارجية التركي علي باباجان خرج من جولة التفاوض الأخيرة في غاية الضيق من اللهاث والمراوحة في نقطة واحدة لم يبرحها أحد: كيف تبدأ المفاوضات؟ وبأي شيء تنتهي؟
وقالت مصادر أن جدول الأعمال، كما يقترحه الجانب الإسرائيلي، مؤلف من خمس نقاط هي:
- أولاً، ترتيب لقاءات رفيعة المستوى بين الدولتين بحضور ومشاركة تركية. لقاءات تصل إلى مستوى رئاسي. أي على غرار اللقاء الذي اقترح بين الرئيس بشار الأسد وأولمرت على هامش القمة اليورو ـــــ متوسطية في باريس في 13 تموز المقبل. وصرح باباجان في أواخر أيار الماضي أن بالإمكان «تطوير محادثات السلام غير المباشرة إلى لقاءات مباشرة».
- ثانياً، وجوب تبادل التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين وتطبيع العلاقات.
- ثالثاً، إقفال مكاتب المنظمات الفلسطينية مثل «حماس» و«الجهاد» في دمشق، وضبط الحدود تماماً مع لبنان وإقامة علاقات دبلوماسية، وفسخ العهود والتحالفات مع إيران وحزب الله.
- رابعاً، الاتفاق على ترتيبات أمنية بين الدولتين بإيجاد منطقة عازلة منزوعة السلاح في الجولان، والاتفاق على مسألة مصادر المياه في كل من الجولان وجبل الشيخ بما يضمن لإسرائيل استمرار نيلها النصيب الحالي نفسه منها.
- خامساً، التباحث بشأن توقيت الانسحاب الإسرائيلي من الجولان.
لكن سوريا تنظر إلى ترتيب جدول الأعمال بالعكس تماماً. فالأولوية بالنسبة إليها هي البند الخامس، أي الانسحاب التام والشامل من الجولان. يليه التفاهم على الترتيبات الأمنية والمياه مع رفض تام لفكرة فض العلاقة بينها وبين إيران وحزب الله والمنظمات الفلسطينية من أساسها. وهي ترى أن ذلك يمس بسيادتها ويتنافى مع منطق الندية في التعامل. ورفض فكرة اللقاءات المباشرة الرفيعة المستوى. وهذا ما عبر عنه الرئيس السوري صراحة.
إزاء هذا التباين في الرؤية للمعالجة، قال الوزير التركي إن الجولة الثانية، التي جرت لمدة يومين خلال الشهر الجاري، تناولت «قضايا حساسة للطرفين»، وإن تحقيق السلام بينهما يبقى «قضية في غاية التعقيد».
وقال نائب الرئيس السوري، فاروق الشرع، في مقابلته الأخيرة مع قناة «المنار»، «لا يمكن وضع ما يجري في خانة المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة»، مشيراً إلى أنها «مفاوضات استطلاعية للتمهيد إلى إمكان الوصول إلى مفاوضات حقيقية». وعليه يرى دبلوماسي أوروبي في نيويورك أن المفاوضات ستستمر لأنها تناسب كل الأطراف من القدس المحتلة مروراً بدمشق وأنقرة وباريس وانتهاءً بواشنطن. وأضاف «ربما يحدث تبدّل حقيقي بعد تأليف الإدارة الأميركية الجديدة، أو بعد تبيّن الخيط الأبيض من الأسود بالنسبة إلى المواجهة بين طهران وواشنطن».

نزار عبود

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...