الجيش العربي السوري .. المقاتل الوحيد المنطقي ضد داعش

21-09-2014

الجيش العربي السوري .. المقاتل الوحيد المنطقي ضد داعش

الجمل- توني كارتالوتشي- ترجمة: رندة القاسم:

منذ عام 2011 و الجيش العربي السوري يشن حربا قاسيه داخل الأراضي السوريه ضد ما وصفه منذ البداية بغزو متطرفين طائفيين مدعومين من الغرب و مسلحين بقوة. فبعد وقت قصير من نجاح الناتو في تغيير النظام الليبي عام 2011 تحت ذريعة "التدخل الإنساني" الزائفة ، بدأ المرتزقة المثارون طائفيا و المسلحون و الممولون  من قبل الناتو، الذي وفر لهم غطاء جويا في ليبيا، بالتدفق إلى سوريه عبر الحدود الشمالية  مع عضو الناتو تركيا.
قام ارهابيون في الادارة الأميركية بتعيين منظمة ارهابية هي "المجموعة المقاتله الاسلامية الليبيه" التي قامت رسميا بالتواصل مع ارهابيين مقاتلين في سورية و زودتهم بالسلاح و المال و التدريب و المقاتلين.
و بالطبع ، و على أعلى المستويات و منذ 2011، كان ما يسمى "متمردون معتدلون" متداخلين  مع القاعدة، الأمر الذي يثبت صحة تصريحات الحكومة السورية القائلة بأنها تناضل ضد ارهاب مدعوم من الغرب، لا ضد انتفاضة تطالب بالديمقراطيه.
و اليوم تخلى الغرب عن كل خطبه المتعلقة ب "دعم الديمقراطيه" مع وضوح التطرف الطائفي الذي يقود حربا على طرفي الحدود السورية مع لبنان و العراق. بل انه يحاول التمييز بين مجموعات مثل جبهة النصره التابعه للقاعدة و بين الدولة الاسلاميه (داعش) ، معلنا أنه يجب مواجهة الأخيرة بشكل ملح و لو تطلب الأمر التعاون مع الأولى، و هي أيضا كيان ارهابي عينته الادارة الأميركيه.
ربما شهد عام 2011 بداية الحرب الشرسه في سوريه، غير أن حربها ضد المتطرفين الطائفيين المدعومين من الغرب بدأت منذ زمن طويل. فبين عامي 1976 و 1982 واجه الرئيس الراحل حافظ الأسد الأخوان  المسلمين المسلحين بشدة ، و مع كسر ظهر المنظمة في سوريه، هرب أعضاؤها الى الخارج و من ثم أعيد تجنيدهم من قبل الولايات المتحدة و السعودية  من خلال القاعدة في جبال أفغانستان لقتال الاتحاد السوفييتي.
عام 2008 صدر تقرير عن مركز مكافحة الارهاب التابع لجيش الولايات المتحده تحت عنوان :"قاذفو القنابل ، حسابات مصرفيه و مفجرون : طريق القاعدة الى و من العراق" و فيه جاء:
"خلال النصف الأول من الثمانينات كان دور المقاتلين الأجانب في أفغانستان مهملا و بالكاد ملاحظ من قبل المراقبين الخارجيين. و تدفق المتطوعين من قلب البلدان العربية كان مجرد الشرارة في بداية الثمانينات،و كانوا روابط هامة جدا بين المجاهدين و مسلمي آسيا الوسطى، لاسيما الطاجيك و الأوزبيك و الكازاخانيين. تم تجنيد أشخاص في السنوات الأولى عبر حملات خصصت لهذا الغرض بدأت من أفغانستان. و مع حلول عام 1984 أصبح تدفق الأموال و المعونات الى الصراع ،و لاسيما تلك القادمة من السعودية و الولايات المتحدة الأميركية، كبيرا جدا و بأهمية جهود التجنيد. عندها فقط بدأ المراقبون الغربيون بملاحظة وجود المتطوعين الخارجيين.
قمع الحركات الاسلامية في الشرق الأسط ساهم في زيادة تدفق المقاتلين العرب الى أفغانستان. و احدى المراحل الهامة كانت الحملة الموجعة التي شنها نظام الرئيس حافظ الأسد ضد الحركة الجهادية في سوريه بقيادة الطليعةالجيش السوري عند تحريره الجزء الغربي من النبك المقاتله التابعة للأخوان المسلمين السوريين، ما أدى الى رحيل مقاتلي الطليعة الى الدول العربية المجاوره. و مع حلول عام 1984، بدأ عدد كبير من هؤلاء الرجال بشقون طريقهم من أماكن منفاهم في السعودية و الكويت و الأردن نحو جنوب أفغانستان لمحاربة السوفييت".
و رغم ورود عبارات مثل "قمع" و "حملة وحشيه" في التقرير المذكور أعلاه، الا أنه من الواضح بأن مركز مكافحة الارهاب كان يشير الى حركات متطرفة عسكرية  و مزودة بأسلحة ثقيلة زعمت الولايات المتحدة أنها تخوض حملات "قمعية و قاسيه" ضدها عبر بلدان الكرة الأرضيه، بما فيها العراق. و من الواضح أيضا أن سوريه لا تزال تقاتل التطرف الطائفي منذ عقود ، و ما العنف الحالي سوى الفصل الأخير. و من الواضح أيضا أن الولايات المتحدة و السعودية ، و باعتراف الجميع، تدعمان التطرف الإقليمي على شكل الأخوان المسلمين و فصائله المسلحة المتنوعة، و كذلك القاعدة و الآن داعش.
سوريه تخوض حربا طويله ضد أدوات الامبرياليه المتمثلة بإرهابيين مثقلين بالسلاح يعملون كقوة مرتزقة و كذلك كذريعة من أجل تدخل الدول الراعية لهم مباشره لإيقاف الفوضى المنتشرة التي صنعتها هي نفسها.
اذا كان الغرب معنيا حقا بمحاربة داعش، فانه سيجد حليفا واحدا في المنطقة، انه الجيش العربي السوري الذي يحارب داعش و أشباهها بقوة منذ عام 2011، و قام سلفه بذلك منذ عقود.
و لكن عوضا عن ذلك اقترح الغرب تسليح و تمويل ما سمي "معتدلين" الذين انبثقت عنهم داعش و النصرة و عدد لا يحصى من المجموعات المتطرفه كاشفين بذلك انعدام  الصدق و النفاق في نواياها تجاه الشرق الأوسط و شمال افريقيا.انه حري  الجيش العربي السوري يحرر 8000 مواطن من عدرا العمالية بريف دمشق في 2013ق جيوسياسي يسعى الى اخماد لهيب جريمته بصب برميل من البنزين مباشره على النيران الهائجة.
بالتأكيد ، منذ عام 2011،  و ما يسمى ب "المعتدلين" من الجيش السوري الحر يتعاونون مع المجموعة المقاتلة الاسلامية الليبية، المنظمة الارهابية التي أوجدتها الولايات المتحدة. كما و تم إثبات قتال الجيش الحر الى جانب جبهة النصرة (هذا اذا لم يكن عنصرا أساسيا فيها) في المناطق التي يقال بأن داعش استولت عليها.
و لكن في الحقيقة داعش لا تختلف عن "المعتدلين المثاليين" ، ما اختلف هو فقط الروايات التي تتحدث عن وجود و انتشار عملياتها  المدعومة من الغرب في سورية و العراق و الآن لبنان.
منذ البدايات الأولى ، و في الواقع قبل الحرب الدائرة الآن في سوريه ، كان يتم تحضير قوة مرتزقة طائفية ترتكب ابادات جماعية من أجل تدمير المنطقة بأسرها نيابة عن الولايات المتحدة و حلفائها الاقليميين، انها الخطة التي تعود الى بداية عام 2007.
الصحفي العريق الحائز على جائزة بوليتزار سيمور هيرش حذر في مقال تنبؤي نشره عام 2007 في New Yorker  تحت عنوان " اعادة التوجيه هو السياسية الجديدة للادراة الرامية للاستفادة من أعدائنا في حربها ضد الارهاب" و جاء فيها:
"لإضعاف ايران ، ذات الغالبية الشيعية، قررت ادارة بوش اعادة صياغة أولوياتها في الشرق الأوسط. ففي لبنان، تعاونت الادارة مع حكومة السعودية ، السنية، في عمليات سرية تهدف الى اضعاف حزب الله، المنظمة الشيعية المدعومة من ايران. كما و كانت الولايات المتحدة جزءا من عمليات سرية غايتها ايران و حليفها سوريه. النتائج الجانبية لهذه العمليات تمثلت بدعم جماعات سنية متطرفة تعتنق الرؤية المقاتلة في الاسلام و معادية لأميركيا و مؤيده  للقاعدة".
و لم يعد بالامكان انكار حقيقة أن الغرب كان السبب، لا الحل،  لهذه الفوضى التي تقوم باحراق كل الشرق الأوسط و ماوراءه ببطء. و لم يعد بالامكان انكار أن القوة الحقيقية الوحيدة التي تقاتل القاعدة ،و كل الأعداد التي لا تحصى من مجموعات تعمل تحت امرتها بمسميات مختلفه، هي الحكومة السورية بدعم من حلفائها في لبنان و العراق و ايران و حتى روسيا.
و تظاهر الغرب بأنه يقاتل داعش عن طريق خلق تحالف مؤلف من ذات الدول التي رعت المنظمة الارهابية، ما هو سوى اشارة الى وقاحة الغرب التي منحته اياها قوته و نفوذه غير المبررين ، انها القوة و النفوذ التي يجب اضعافهما من أجل التخلص فعليا من العنف في الشرق الأوسط و تفادي خلق فوضى مماثلة في مكان آخر حول العالم.


*بقلم توني كارتالوتشي كاتب و باحث جيوسياسي
عن مجلة New Eastern Outlook   الالكترونيه

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...