أصدقاء سوريا .. أم أصدقاء الإمبريالية؟

03-11-2013

أصدقاء سوريا .. أم أصدقاء الإمبريالية؟

الجمل- ستيفن غوَنز- ترجمة: د. مالك سلمان:

يفضلُ ائتلاف "أصدقاء سوريا" – المكون من 11 بلداً تعمل ضد الحكومة السورية –ما يسميه انتقالاً "ديمقراطياً" في دمشق. لكن ذلك ينطوي على مشاكلَ متعددة.
يقول الائتلاف يجب ألا يكون للرئيس الحالي, بشار الأسد, "أي دور في سوريا". من الغرابة أن يقومَ ائتلافٌ يزعم الدفاعَ عن الديمقراطية بإملاء شروطه على السوريين من حيث من يمكن أو لا يمكن أن يكونَ رئيساً لبلادهم, بدلاً من أن يتركوا هذه المسألة بشكل ديمقراطي للسوريين أنفسهم.
ومن الغرابة أيضاً أن نصفَ أعضاء الائتلاف لا يدعمون الديمقراطية في بلدانهم نفسها. إذ إن 5 من 11 بلداً – أي قرابة النصف – ليست أنظمة ديمقراطية, بل ملكية أو إمارات (الأردن وقطر والسعودية والإمارات المتحدة) بالإضافة إلى بلد آخر, مصر, هو عبارة عن دكتاتورية عسكرية.
أما الديمقراطيات الشكلية التي يتكون منها النصف الآخر – الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا – فلا تعمل على دعم الانتقال الديمقراطي داخل أراضي حلفائها في الائتلاف, بل يقتصر تدخلها على سوريا فقط.
ومع ذلك, على الرغم من أن سوريا لا تندرج تحت النموذج الغربي لديمقراطية تعدد الأحزاب, إلا أنها ليست تلك الكتاتورية الاستبدادية التي يتحدثون عنها. فهي ليست مثل السعودية, مثلاً. ففي سوريا برلمان. وهي بلد مناهض للاستعمار والإمبريالية. كما أن بعض مؤسسات الدولة لا تزال ملتزمة بالأهداف الاشتراكية, مما يزعج وزارة الخارجية الأمريكية بشكل كبير. ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في سنة 2014. ويتمتع أي سوري أو سورية, طالما تتوفر في هذا الشخص المعايير الأساسية الدنيا, بحق الترشح للرئاسة. فإن لم يكون السوريين لا يريدون الأسد, فبمقدورهم أن يخرجوه من السلطة.
ومن جهة أخرى فإن عضو الائتلاف السعودية مبني على حكم عائلي. إذ إن عائلة آل سعود هي التي تتحكم في كل شيء. وليس هناك أية فرصة لإخراجها من الحكم عن طريق الانتخابات, بما أنه لن تكون هناك أية انتخابات أبداً. فلو أن واشنطن مهتمة حقاً بتشكيل ائتلافات "صديقة لبلد ما" بهدف دعم الانتقال الديمقراطي في البلدان غير الديمقراطية, لكانت قد شكلت منذ زمن بعيد مجموعة "أصدقاء الشعب السعودي".
لا يعني هذا أن تقوم الولايات المتحدة بالبحث في كافة أرجاء العالم وفرض نمطها الديمقراطي على الآخرين. لكن التزامها الانتقائي بدعم الديمقراطية (فقط في البلدان التي لا تخضع لسيطرتها أو تدور في فلكها) يقول الكثير عن حقيقة السياسة الخارجية الأمريكية – وكم أن الديمقراطية الأمريكية بعيدة كل البعد عن الديمقراطية الحقة.
والأخطر على فكرة أن "أصدقاء سوريا" يسعون إلى تحقيق الديمقراطية في سوريا هو التالي: إن أحد أعضاء هذا الائتلاف, مصر, تحكمه حكومة منصبة من قبل العسكر بعد الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطياً. فالتهمة القائلة إن على الأسد أن يرحل لأنه يقتل شعبه (المتطرفين المسلحين) لم تمنع الجيش المصري من قتل المتظاهرين الذين يطالبون بإعادة حكومتهم المنتخبة. وهم يستحقون تسمية "المحتجين المطالبين بالديمقراطية" أكثر من المسلحين الإسلامويين الذين استغلوا الاضطرابات الحاصلة في البلدان العربية للدعوة إلى الجهاد ضد القوميين العرب العلمانيين في دمشق.
ثم ماذا عن ديمقراطيات الائتلاف الشكلية؟ كلها قوى استعمارية سابقة. إذ لم يهتموا قيد أنملة بالديمقراطية عندما كانوا يستعبدون جزأ من الإنسانية تحت نير استعمارهم, بما في ذلك الشعب الذي كان يعيش في سوريا الحديثة اليوم. فمن خلال أفعالهم ومعاييرهم المزدوجة, برهنوا على عدم اهتمامهم بالديمقراطية في العالم العربي كما فعلوا عندما كان أربعة منهم (الأتراك والإيطاليون والبريطانيون والفرنسيون) يحكمون العرب بأوامرَ ومراسيمَ يصدرونها من بعيد.
هناك 6 قوى استعمارية سابقة في ائتلاف يضم 5 أنظمة استبدادية تملي على السوريين من لا يمكن أن يكونَ رئيسَهم, وتدعم مجموعة من المقيمين في الخارج الذين ينتظرون الإشارة خلف الكواليس للقفز على خشبة المسرح بصفتهم الدمى التي تحركها واشنطن؛ وهذه ليست صورة يمكن تقديمها لداعمي الديمقراطية. فإن كنتم تعتقدون العكس, فإن الديمقراطية ليست سوى تعبير ملطف عن الإمبريالية, أي كلمة تخاطب المشاعر يتم التلاعب بها للتغطية على عكس ما يزعم "أصدقاء سوريا" أنهم يسعون إلى تحقيقه.



http://www.globalresearch.ca/friends-of-syria-or-friends-of-imperialism/5356467

تُرجم عن ("غلوبل ريسيرتش", 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2013)

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...