مقالة سيمور هيرش حول فضائح أمريكا في المنطقة(1-3)

01-03-2007

مقالة سيمور هيرش حول فضائح أمريكا في المنطقة(1-3)

الجمل:   في الأشهر القليلة الماضية، في الوقت الذي تدهور فيه الوضع في العراق، فإن إدارة بوش، في كل من دبلوماسيتها العامة المعلنة وعملياتها السرية، قد أبدلت بقدر كبير وملحوظ استراتيجيتها المتعلقة بالشرق الأوسط. (فتغيير الاتجاه) كما سماه البعض داخل البيت الأبيض بإطلاق تسمية الاستراتيجية الجديدة عليه، قد دفع وجعل الولايات المتحدة تكون قريبة جداً إلى مواجهة مفتوحة مع إيران وفي بعض أجزاء المنطقة، دفعها وسيرها في صراع طائفي واسع بين المسلمين الشيعة والسنة.
لتقويض وتحطيم إيران، ذات الأغلبية الشيعية الكبيرة، فقد قررت إدارة بوش، في الواقع، إعادة تشكيل وصياغة وترتيب أولوياتها في الشرق الأوسط. ففي لبنان، تعاونت الإدارة الأمريكية مع الحكومة السعودية السنية، في عمليات سرية هدفت إلى إضعاف حزب الله، التنظيم الشيعي المدعوم بواسطة إيران. وتعهدت الولايات المتحدة أيضاً بالتعامل مع إسرائيل جزءاً من العمليات السرية التي استهدفت إيران.
ومحصلة هذه الأنشطة أصبحت تتمثل في تدعيم وتقوية الجماعات المتطرفة السنية التي تناصر وتعتنق المنظور العسكري للإسلام وتعادي أمريكا وتناصر وتتعاطف مع القاعدة.
المتناقص الوحيد للاستراتيجية الجديدة، يتمثل في انه في العراق معظم عنف التمرد الموجه ضد القوات الأمريكية يأتي من القوى السنية، وليس من الشيعة، ولكن بمنظور الإدارة الأمريكية، فإن التبعات والعواقب الاستراتيجية –غير المقصودة- والأكثر عمقاً وصعوبة للفهم، في حرب العراق، هي اكتساب إيران للقوة.. فرئيسها محمود أحمدي نجاد أطلق سلسلة تصريحات تعلقت بتدمير إسرائيل وحق بلده في مواصلة برنامجها النووي والأسبوع الماضي قال زعيمها الديني الأعلى آية الله علي خامنئي قائلاً على تلفزيون الدولة بأن (الوقائع توضح أن جبهة الغطرسة والتكبر بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها سوف تكون الخاسر الرئيسي في المنطقة).
بعد أن جلبت ثورة عام 1979 حكومة دينية إلى السلطة، انسلخت وافترقت الولايات المتحدة، مع إيران وأنشأت ونمت علاقات وثيقة مع زعماء البلدان العربية السنية مثل الأردن، مصر، والعربية السعودية. وأصبح ذلك الحساب والتدبير أكثر تعقيداً بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالسعوديين. فالقاعدة سنية، والعديد من ناشطيها جاؤوا من دوائر دينية متطرفة داخل العربية السعودية. قبيل غزو العراق. في عام 2003م، افترض مسؤولو الإدارة الأمريكية الذين تغلبت وتهيمن عليهم أيديولوجية المحافظين الجدد، أن وجود حكومة شيعية هناك –أي في العراق- سوف يحدث توازناً يميل لجانب أمريكا في مواجهة المتطرفين السنة، طالما أن الأغلبية الشيعية العراقية قد ظلت مقموعة ومضطهدة تحت حكم صدام حسين. وقد تجاهلوا –أي المسؤولين الأمريكيين- تحذيرات مجمع المخابرات حول الروابط بين زعماء الشيعة العراقيين وإيران، حيث عاش بعضهم في المنفى لعدة سنوات. والآن بالنسبة لمحنة وبلاء البيت الأبيض، فقد صاغت إيران علاقات وثيقة مع حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يهيمن ويسيطر عليها الشيعة.
السياسة الأمريكية الجديدة، في خطوطها العريضة، تمت مناقشتها علناً، وفي شهادة شفهية كانون الثاني أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ حيث قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بوجود (انحياز استراتيجي جديد في الشرق الأوسط، يفصل بين (دعاة الإصلاح) و(المتطرفين). وأشارت إلى الدول السنية باعتبارها مراكز للاعتدال، وقالت: إن إيران وسوريا وحزب الله أصبحوا (على الجانب الآخر من ذلك الفاصل)، (فالأغلبية السنية السورية تهيمن وتسيطر عليها الطائفة العلوية)، وقالت بأن إيران وسوريا (قامتا بخيارهما في زعزعة الاستقرار).
بعض التكتيكات الجوهرية –لعملية- تغيير الاتجاه ليست معلنة، على أية حال، فالعمليات السرية يتم الاحتفاظ بها سراً، في بعض الأحيان، بترك عملية التنفيذ أو التمويل إلى السعوديين، أو بإيجاد سبل أخرى يمكن إعمالها واستخدامها تفادياً وتجنباً لعملية طلب المخصصات التي يقوم بها تقليدياً الكونغرس. وهو ما يقول به المسؤولون الحاليون والسابقون الوثيقي الصلة بالإدارة الأمريكية.
أخبرني عضو بارز في لجنة المخصصات التابعة لمجلس النواب بأنه قد سمع بالاستراتيجية الجديدة، ولكنه أحس هو وزملاؤه بأنه لم يتم إطلاعهم حولها بالقدر الكافي، وقال: (لم نحاط بأي من ذلك.. سألنا حول كل ما يجري، وقالوا "لا يوجد شيء". وعندما طرحنا أسئلة محددة قالوا "سوف نعود إليكم". إنه شيء محبط جداً).
اللاعبون الرئيسيون في عملية تغيير الاتجاه هم: ديك تشيني نائب الرئيس، إليوت ابراهام نائب مستشار الأمن القومي، زلماي خليل زاده السفير الأمريكي في العراق والمرشح لمنصب سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، والأمير بندر بن سلطان مستشار الأمن القومي السعودي. وفي الوقت الذي تظل فيه كوندوليزا رايس منهمكة بعمق في رسم وتشكيل السياسة العامة، فإن المسؤولين –الأمريكيين- الحاليين والسابقين يقولون بأن الجانب السري تتم قيادته بواسطة ديك تشني. (رفض مكتب تشيني والبيت الأبيض التعليق على هذه الرواية، والبنتاغون لم يتجاوب بالرد على استفسارات محددة، ولكنه قال: "إن الولايات المتحدة لا تخطط للدخول في حرب مع إيران").
تبديل السياسة وضع العربية السعودية وإسرائيل ضمن طوق استراتيجي جديد متساو، ويرجع ذلك بقدر كبير إلى أن كلا البلدين ينظر إلى إيران باعتبارها تمثل وتشكل خطراً ماثلاً موجوداً. –ومن ثم- فقد انخرطوا واشتركوا في محادثات مشتركة.
والسعوديون، الذين يعتقدون أن حدوث استقرار أكبر في إسرائيل وفلسطين سوف يقلل من فعالية ونفوذ إيران في المنطقة، أصبحوا –أي السعوديون- أكثر اشتراكاً في المفاوضات العربية- الإسرائيلية.
الاستراتيجية الجديدة –على حد تعبير- قول مستشار حكومي أمريطي له روابط وثيقة مع إسرائيل (تمثل تبديلاً –ونقلة- في السياسة الأمريكية، فهي بحر تغيير)، فالدول السنية على حد تعبيره وقوله (صعقها الصعود والانبعاث الشيعي، وهناك سخط متنام لمقامرتنا ومجازفتنا لدى الشيعة المعتدلين في العراق. وقال أيضاً: (ليس بإمكاننا أن نعكس ونبطل المكسب الشيعي في العراق، ولكن يمكننا احتواء ذلك).
فالي نازر الزميل رفيع المستوى في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي- الذي كتب كثيراً وبإسهاب عن الشيعة، إيران، والعراق.. أخبرني قائلاً: (على ما يبدو ان هناك حواراً داخل الحكومة –الأمريكية- حول أيهما الخطر الأكبر إيران أم الراديكاليين السنة) وقال: (إن السعوديين والبعض داخل الإدارة الأمريكيين ظلوا يقولون بأن الخطر الأكبر هو إيران، الراديكاليون السنة هم الأعداء الأقل –شأناً- وهذا –التوجه- يعتبر انتصاراً للخط السعودي).
مارتن أنديك، مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية، الرفيع المستوى في إدارة كلينتون، والذي عمل سفيراً –أمريكياً- في إسرائيل، قال: (إن الشرق الأوسط يمضي قدماً باتجاه حرب باردة سنية- شيعية خطيرة)، وأضاف مارتن أنديك، الذي يعمل مديراً لمركز سابان لسياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينكز، أضاف بأنه في رأيه، ليس من الواضح ما إذا كان البيت الأبيض –يدرك- ويعي بالكامل الورطات الاستراتيجية –التي تتضمنها- سياسته الجديدة. وقال –مارتن أنديك-: (البيت الأبيض لا يضاعف بالكاد الرهان في العراق –بل- يضاعف الرهان في كامل المنطقة، ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى تعقيد كبير جداً، وينقلب كل شيء رأساً على عقب).
سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة، الهادفة لاحتواء إيران، على ما يبدو سوف تفقد استراتيجيتها لكسب الحرب في العراق، وقد قال باتريك كلاوسن، الخبير في الشؤون الإيرانية ونائب مدير البحوث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بأنه مهما يكن الأمر، فإن الروابط الأوثق بين الولايات المتحدة والسنة المعتدلين أو حتى المتطرفين، سوف تلقي "المخاوف" على حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي و"تجعله قلقاً إزاء أن السنة قد يكسبون ويفوزون" بالحرب الأهلية هناك –أي في العراق-.
وقال كلاوسن بأن ذلك يمكن أن يقدم للمالكي حافزاً وباعثاً لكي يتعاون مع الولايات المتحدة في –عملية- قمع ووضع نهاية للميليشيات الشيعية المتطرفة مثل جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر.
بالرغم من ذلك، فقد بقيت وظلت الولايات المتحدة تعتمد على تعاون الزعماء الشيعة العراقيين. قد يكون جيش المهدي معادياً للمصالح الأمريكية بشكل مفتوح، ولكن ميليشيات الشيعة الأخرى تحسب حليفة للولايات المتحدة. ان كلاً من مقتدى الصدر والبيت الأبيض يدعم المالكي. وقد كتبت مذكرة في وقت متأخر من العام الماضي بواسطة ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي، اقترحت على الإدارة الأمريكية أن لا تحاول فصل وتفريق المالكي عن حلفائه الشيعة الأكثر راديكالية وتطرفاً، عن طريق بناء قاعدة له في أواسط السنة المعتدلين والأكراد، إلا أن التوجهات حالياً قد مضت بقدر كبير في الاتجاه المعاكس. وبينما واصل الجيش العراقي إخفاقه في مواجهاته مع المتمردين، فقد تزايدت قوة الميليشيات الشيعية بثبات وقدر كبير.
فلاينيت ليغاريت، المسؤول السابق في الأمن القومي في إدارة بوش، أخبرني قائلاً بأنه (لا يوجد شيء متوافق أو ثمة سخرية للقدر)، إزاء الاستراتيجية الجديدة المتعلقة بالعراق، وقال –أيضاً- (تحاول الإدارة الأمريكية خلق قضية مفادها أن إيران أكثر خطورة وأكثر استفزازاً وإثارة من المتمردين السنة بالنسبة للمصالح الأمريكية في العراق –وإذا نظرنا إلى عدد الضحايا الفعلي- ولما كان العقاب الواقع على الأمريكيين بواسطة السنة، أكبر من حيث مدى ومقدار الشدة، فإن كل ذلك مجتمعاً يشكل جزءاً من جملة خطوات الإثارة والاستفزاز الهادفة لزيادة الضغوط على إيران، والفكرة تتمثل في أن الإيرانيين في نقطة ما سوف يقومون بالرد، وعندها سوف تجد الإدارة الأمريكية باباًَ مفتوحاً لضربهم).
الرئيس بوش في حديثه في العاشر من كانون الثاني، نطق وتحدّث متفوهاً جزئياً بهذا التوجه –عندما قال- (هذان النظامان) –إيران وسوريا- (يسمحان للإرهابيين والمتمردين استخدام أراضيهما للتحرك إلى داخل وإلى خارج العراق)، وقال بوش –أيضاً- (إيران تقدم الدعم المادي من أجل الاعتداءات على القوات الأمريكية. وسوف نعطل ونقضي على الاعتداءات والهجمات ضد قواتنا. وسوف نعطل ونقضي على الدعم –القادم- من إيران وسوريا، وسوف نسعى ونبحث ونحكم الشبكات التي تقدم الأسلحة المتطورة والتدريب لأعدائنا في العراق).
في الأسابيع التي أعقبت –حديث بوش- كانت هناك موجة من الادعاءات والمزاعم من جانب الإدارة –الأمريكية- حول تورط إيراني في حرب العراق. وفي الحادي عشر من شباط –تم في العراق- إطلاع المراسلين الصحفيين على معدات تفجيرية متطورة، تم الاستيلاء عليها، وأمسك بها –الأمريكيون- في العراق، وزعمت الإدارة الأمريكية بأن هذه –المعدات- جاءت من إيران. وكانت رسالة الإدارة الأمريكية تتمثل –من حيث المغزى والجوهر- بأن الوضع والموقف الكئيب –السائد- في العراق ليس نتيجة لفشل تخطيطها وتنفيذها، وإنما بسبب تدخل إيران.
قامت القوات الأمريكية أيضاً باعتقال واستجواب المئات من الإيرانيين في العراق –وفي هذا الصدد- قال مسؤول استخباراتي كبير سابق: (الكلمة الواضحة التي –قيلت- للعسكريين هي الشروع في محاولة الإمساك بالعديد من الإيرانيين في العراق طوال ما كان بمقدورهم ذلك)، وقال أيضاً: (لقد أوقفوا في إحدى المرات خمسمائة، وقمنا بإخضاعهم وأخذ المعلومات منهم، وهدف البيت الأبيض هو بناء قضية مفادها أن الإيرانيين يقومون بإثارة وتحريض التمرد، ومن ثم، فإن إيران بالتالي تقوم حقيقة بدعم قتل الأمريكيين). وقد أكد مستشار البنتاغون بأن مئات الإيرانيين قد تم الإمساك بهم والقبض عليهم بواسطة القوات الأمريكية في الأشهر الأخيرة. ولكنه أخبرني بأن العدد الكلي كان يتضمن إيرانيين يعملون في –مجال المساعدات- الإيرانية الإنسانية، وأشغال الإغاثة، وقد تم التعرف عليهم وأطلق سراحهم بعد فترة قصيرة، بعد أن تم –إخضاعهم- للاستجواب والتحقيق.
(نحن لا نخطط من أجل الحرب مع إيران) –هكذا قال- روبرت غاتز، وزير الدفاع الجديد في الثاني من شباط، والآن أصبح جو المواجهة أكثر عمقاً. واستناداً إلى مسؤولي المخابرات الأمريكية والعسكريين الحاليين والسابقين، فقد تزامنت العمليات السرية في لبنان وتصاحبت مع عمليات سرية تستهدف إيران.
وقام العسكريون الأمريكيون وفرق العمليات الخاصة بتصعيد أنشطتهم في إيران لجمع المعلومات الاستخبارية، واستناداً إلى مستشار البنتاغون حول الإرهاب والمسؤول الاستخباراتي الكبير السابق، فقد قام هؤلاء أيضاً بعبور الحدود من أجل تعقب الأنشطة الإيرانية انطلاقاً من العراق.
عندما وقفت ومثلت كوندوليزا رايس أمام مجلس الشيوخ في كانون الثاني الماضي قام السيناتور الديمقراطي عن ديلوار، جوزيف بايدين، مشيراً بطرح سؤال عليها حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد خططت لعبور الحدود الإيرانية أو السورية في مجرى عمليات التعقب والملاحقة والمطاردة. وردّت كوندوليزا رايس قائلة: (المفهوم بكل وضوح، هو أن الرئيس –الأمريكي- لا يمكن أن يحكم ويبت في كل شيء لحماية قواتنا، وإنما الخطة هي أن نقضي على هذه الشبكات في العراق). وأضافت قائلة: (أعتقد أن كل واحد سوف يفهم ذلك، فالشعب الأمريكي وأنا، نفترض أن الكونغرس يتوقع أن الرئيس –الأمريكي- يفعل ما هو ضروري لحماية قواتنا).
أدى غموض والتباس رد كوندوليزا رايس إلى رد فعل سيناتور نبراسكا الجمهوري، جوك هاغيل، والذي ظل منتقداً للإدارة الأمريكية: (أيتها السيدة الوزيرة، البعض منا يتذكر عام 1970 وما حدث في كمبوديا، وعندما كذبت حكومتنا على الشعب الأمريكي وقالت: ( لم نقم بعبور الحدود والدخول إلى كمبوديا) وفي الحقيقة فعلنا ذلك. لقد حدث وعرفت مصادفة شيئاً حول ذلك، عن طريق ما يقوم بفعله البعض في هذه اللجنة، ومن ثم، يا سيادة الوزيرة، عندما تضعين موضع التنفيذ ذلك النوع من السياسة الذي يتحدث عنه الرئيس –الأمريكي- هنا، فإن ذلك سوف يكون خطيراً جداً.
اهتمام الإدارة الأمريكية بدور إيران في العراق، -هو اهتمام- ارتبط بحذرها ورعبها الذي استمر طويلاً حول برنامج إيران النووي.
فعلى –شبكة اخبار- فوكس نيوز، وفي الرابع عشر من كانون الثاني حذر –ديك- تشيني من احتمال إمكانية (إيران المسلحة نووياً في بضعة سنوات، والتي تجلس على مفرق إمدادات النفط العالمي، وهي قادرة على أن تؤثر عكسياً على الاقتصاد العالمي، ومجهزة ومستعدة لاستخدام المنظمات الإرهابية وأسلحتها النووية لتهديد جيرانها وبقية أنحاء العالم الأخرى).
وقال -ديك تشيني-  أيضاً: (إذا ذهبتم وتحدثتم مع دول الخليج، أو إذا تحدثتم مع السعوديين أو إذا تحدثتم مع الإسرائيليين أو الأردنيين، فإن كل المنطقة مضطربة ومتخوفة، إن الخطر والتهديد الذي تمثله إيران يتنامى ويتعاظم).
تقوم الإدارة الأمريكية حالياً بتفحص موجة من –المعلومات- الاستخبارية الجديدة حول برنامج أسلحة إيران، وقد أخبرني المسؤولون الأمريكيون الحاليون والسابقون بأن المعلومات الاستخبارية التي جاءت من عملاء إسرائيليين يعملون داخل إيران، تتضمن وتحتوي زعماً بأن إيران قد طورت صاروخاً عابراً للقارات يعمل بالوقود الصلب ثلاثي المراحل، وقادر على حمل عدة رؤوس حربية -لكل منها دقة ضبط محددة- إلى داخل أوروبا. وصحة هذه المعلومات الاستخبارية البشرية ماتزال موضعاً للنقاش والحوار.
يوجد دليل وبرهان مماثل يتعلق بالخطر الوشيك الذي تفرضه أسلحة الدمار الشامل، وهناك تساؤلات حول المعلومات الاستخبارية التي تم استخدامها لبناء هذه القضية، والذي شكل المقدمة –لذريعة- غزو العراق.. فعديدون في الكونغرس رحبوا بالمزاعم حول إيران بحيطة وحذر. وفي مجلس الشيوخ، وفي الرابع عشر من شباط، قالت هيلاري كلنتون: (لقد تعلمنا جميعاً الدروس من صراع العراق، وعلينا أن نقوم بتطبيق هذه الدروس على أي مزاعم يتم طرحها وإثارتها حول إيران، لأنه –يا سيادة الرئيس- إن ما نسمعه هو رنين وطنين –أصبح- عادياً بالنسبة لنا، -ومن ثم- يتوجب علينا أن نكون على حذر واحتراس حتى لا نقوم مطلقاً بإصدار القرارات مرة أخرى على أساس المعلومات الاستخبارية التي يتم في نهاية الأمر لاحقاً اكتشاف وتبني أنها مغلوطة ومغشوشة).
حالياً ما يزال البنتاغون يواصل مستمراً في التخطيط المكثف من أجل تنفيذ هجوم محتمل بالقنابل على إيران، وهي العملية التي بدأت في نهاية العام الماضي، بناء على توجهات وتعليمات –الرئيس- بوش.
وفي الأشهر الأخيرة أخبرني مسؤول استخباري سابق بأن مجموعة تخطيط خاصة قد تم تكوينها في مكاتب هيئة رئاسة الأركان المشتركة، وكلفت بمسؤولية وضع خطة قصف طارئ ضد إيران، بحيث يمكن تنفيذها بناء على أوامر تصدر من الرئيس بوش –وتطبق- خلال اربعة وعشرين ساعة.
في الشهر الماضي أخبرني مستشار بالقوات الجوية مختص الاستهداف، ومستشار البنتاغون حول الإرهاب، قائلاً: إن مجموعة تخطيط إيران تم تكليفها بمهمات جديدة هي: التحديد والتعرف على الأهداف –الموجودة- داخل إيران، والتي يمكن أن تكون متورطة ومشاركة في دعم وإمداد ومساعدة المسلحين في العراق، وسابقاً كان التركيز على تدمير المنشآت النووية الإيرانية وإمكانية تغيير النظام.
مجموعتان من الحاملات الهجومية –ايزنهاور وستينيس- الآن بحر العرب، وخطتهم الوحيدة هي أنه سوف يتم تبديلهم في مطلع الربيع، ولكن هناك مخاوف وقلقاً بين العسكريين بأنه قد تصدر إليهم الأوامر للبقاء في المنطقة بعد أن تصل الحاملات الجديدة، وذلك بحسب ما أشارت إليه مصادر عديدة (من بين الاهتمامات الأخرى، أوضحت المناورات والتدريبات الحربية بأن الحاملات من الممكن أن تكون مكشوفة أمام أساليب وتكتيكات الحشد التي تتضمن استخداماً للأعداد الكبيرة من الزوارق الصغيرة، وهو أسلوب جربه واختبره الإيرانيون في الماضي وللحاملات –الأمريكية- قدرة محدودة في قابلية المناورة الخادعة –وبالذات- في المدخل الضيق لمضيق ممر هرمز، الواقع في أقصى ساحل إيران الجنوبي).
وقال المسؤول الاستخباري الكبير السابق، بأن خطط الطوارئ الراهنة تسمح – بتنفيذ- أمر الهجوم في هذا الربيع. وأ ضاف قائلاً: مهما يكن الأمر، وعلى أية حال، فإن الضباط الكبار في هيئة الأركان يعولون على البيت الأبيض بأن لا يكون غبياً بما فيه الكفاية لكي يقوم بذلك، وهو يواجه معارضة العراق، والمشاكل التي سوف يتعرض لها الجمهوريون في عام 2008.

الكاتب: سيمور إم هيرش
هل السياسة الجديدة للإدارة الأمريكية تقدم النفع لأعدائنا في الحرب على الإرهاب؟
المصدر: مجلة النيويوركر،عدد 5/3/2007
إصدار: 25/2/2007

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

سيمور هيرش يفضح برنامج الإدارة الأمريكية السري في لبنان

مقالة سيمور هيرش حول فضائح أمريكا في المنطقة(2-3)

مقالة سيمور هيرش حول فضائح أمريكا في المنطقة(3-3)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...