ملف اليورانيوم في العلاقات الأردنية-الفرنسية

22-02-2010

ملف اليورانيوم في العلاقات الأردنية-الفرنسية

الجمل: شهدت العاصمة الأردنية عمان يوم أمس الأحد 21 شباط (فبراير) 2010م زيارة رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون, وذلك ضمن جولته الشرق أوسطية الحالية التي قام فيها بزيارة العاصمة السورية دمشق, فما هي طبيعة زيارة فيون إلى عمان, وما هو سيناريو خط عمان-باريس خلال المرحلة القادمة؟
توصيف المعلومات الأخيرة الجارية على خط باريس-عمان:
تقول المعلومات والتقارير بأن رئيس الوزراء الفرنسي, فرانسوا فيون قد التقى في العاصمة الأردنية عمان, بجلالة الملك الأردني عبد الله, وأكدت المعلومات, بان التعاون النووي الفرنسي-الأردني كان الملف الأكثر أهمية في جدولفيون والملك عبد الله أعمال زيارة فيون لعمان, وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• تم توقيع اتفاقية أردنية-فرنسية, تقوم فرنسا بموجبها بعمليات تعدين خامات اليورانيوم الذي توجد مخزوناته في بعض المناطق الأردنية.
• إطلاق المزيد من التصريحات الأردنية-الفرنسية, التي تطمئن الإسرائيليين والأميركيين بأن التعاون النووي الأردني-الفرنسي يهدف إلى تحقيق الأغراض السلمية-المدنية.
• التأكيدات الفرنسية-الأردنية على الالتزام بالشفافية واحترام القوانين الدولية فيما يتعلق بالتعاون المشترك الفرنسي-الأردني في المجالات النووية.
هذا, وما كان لافتا للنظر, أن الصحف الإسرائيلية قد تطرقت بالحديث والتعليق على زيارة فيون الفرنسي إلى الأردن, على أساس اعتبارات أنها زيارة فرنسية تهدف إلى مساعدة المملكة الأردنية في تحقيق طموحاتها النووية وتعزيز قدرة الأردن في الحصول على المزيد من مصادر وموارد توليد الطاقة الكهربائية.
العلاقات الأردنية-الفرنسية: القراءة تحت السطح
تشكلت العلاقات الدولية الأوروبية مع دول الشرق الأوسط والدول الأفريقية والآسيوية واللاتينية على أساس اعتبارات الخلفيات الاستعمارية, فالدول التي كانت خاضعة للحكم الاستعماري الفرنسي, أصبحت تندرج ضمن مجموعة دول الفرانكفونية, أما الدول التي كانت خاضعة للحكم الاستعماري البريطاني, فأصبحت تندرج ضمن دول الأنجلوفونية وذلك ضمن التكتل المعروف باسم دول الكومونولث,وبتحديد أكثر, وبالإسقاط على منطقة شرق المتوسط, فقد ظلت فرنسا أكثر ارتباطا بسوريا ولبنان, وظلت بريطانيا أكثر ارتباطا بالأردن وفلسطين, ولاحقا, وتحديدا خلال حقبة ثمانينات وتسعينات القرن الماضي, بدأت قوة النفوذ الدبلوماسي أكثر ضعفا بسبب ضعف قدرات بريطانيا, الأمر الذي أدى إلى تراجع النفوذ البريطاني, بما خلق ظاهرة الفراغ الدبلوماسي الدولي, وقد أتاحت هذه الظاهرة السبيل وأفسحت المجال إلى تقدم قوة النفوذ الدبلوماسي الأميركي لجهة ملء الفراغ والحلول محل النفوذ الدبلوماسي البريطاني.
تمثل حالة الأردن, المثال الأكثر وضوحا, فقد كانت المملكة الأردنية الهاشمية أكثر ارتباطا بالنفوذ الدبلوماسي البريطاني, وعلى خلفية الضعف البريطاني, أصبحت الأردن خلال العشرين عاما الماضية أكثر ارتباطا بالنفوذ الدبلوماسي الأميركي, ويبدو ذلك واضحا من خلال تزايد وتائر الروابط الأردنية-الأميركية, وعلى وجه الخصوص روابط التعاون الاقتصادي الأردني-الأميركي, وروابط التعاون السياسي-الدبلوماسي الأردني-الأميركي المتعلقة بملفات الشرق الأوسط, وعلى وجه الخصوص عملية سلام الشرق الأوسط وقضايا الصراع العربي-الإسرائيلي.
دخول دبلوماسية فرنسا في الساحة الأردنية, لا يمكن اعتباره أمرا عاديا, وذلك أولا لأن باريس ظلت في علاقاتها الدولية تتفادى الدخول في مناطق الارتباط الدبلوماسي الأميركي, وثانيا, لان التزام باريس بمواثيق الاتحاد الأوروبي, يجعل حركتها الدبلوماسية الخارجية أكثر تقيدا بثوابت جدول أعمال دبلوماسية الاتحاد الأوروبي, وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالسياسة الخارجية الأوروبية, وسياسة الأمن والدفاع الأوروبي.الأردن
الحراك الدبلوماسي الفرنسي إزاء سوريا ولبنان, يبدو أمرا طبيعيا لجهة ارتباطه بمعطيات خبرة التاريخ الدبلوماسي الإقليمي-الدولي المعاصرة في منطقة الشرق الأوسط, أما الحراك الدبلوماسي الفرنسي إزاء الأردن, فيبدو وكأنما ينطوي على المزيد من الإشارات الجديدة الإضافية, وبكلمات أخرى, ما هي مفاعيل هذا الحراك؟ وهل توجد مفاعيل هذا الحراك داخل الساحة السياسية الفرنسية, أم في الساحة السياسية الشرق أوسطية؟ أم في ملفات علاقات خط باريس-واشنطن التي تمثل أحد أهم مكونات علاقات عبر الأطلنطي؟ ومع استمرار تطور الروابط في علاقات التعاون الفرنسي-الأردني, هل ستتقارب وتتعاكس المصالح الفرنسية في الأردن مع المصالح الأميركية-الإسرائيلية, أم سوف تحتفظ هذه الأطراف بالتعاون مع الأردن ضمن الحد الأدنى الذي يضمن استمرارية انسجام وعدم تضارب المصالح؟ وإضافة لذلك فإن ما هو أهم يتمثل في مدى قدرة الأردن على تحقيق مصالحه وسط هذه الشبكة المعقدة من المصالح الخارجية الدولية, وعلى وجه الخصوص في حالة تصاعد وتائر خلافات علاقات خط باريس-واشنطن, وعلاقات خط باريس-تل أبيب, والتي وإن كانت علاقات تبدو منسجمة اليوم فإنها غدا سوف لن تنسجم, وكما يقولون فإن غدا لناظره قريب.
ملف اليورانيوم الأردني وشبكة المصالح الباريسية: إلى أين؟
تقول المعلومات والتقارير والتسريبات, بان عمان ظلت لفترة طويلة أكثر اهتماما لجهة الحصول على شريك دولي يملك الإرادة والرغبة الحقيقية لأجل مساعدة الأردن في تطوير القدرات النووية, وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• وقعت عمان اتفاقية مع شركة ريو البريطانية-الأسترالية من أجل القيام بعمليات استكشاف وتعدين اليورانيوم.
• وقعت عمان اتفاقية تعاون مع كازاخستان من أجل تطوير وتنمية قدرات تعدين اليورانيوم الأردني.
• وقعت عمان مذكرة تفاهم مع فرنسا لجهة قيام شركة أريفا الفرنسية بعمليات استكشاف وتعدين اليورانيوم.
هذا, وإضافة لذلك, فهناك العديد من الاتفاقيات الأخرى التي وقعتها عمان مع كل من: الولايات المتحدة-فرنسا-كندا-روسيا-بريطانيا-الصين, وجميعها تعلقت بملف التعاون النووي.
وبالأمس, وكما أكدت التقارير فقد وقعت الحكومة الأردنية مع فرنسا سبع اتفاقيات, شملت مختلف مجالات التعاون الثنائي, وكان من أبرزها وجود اتفاقيتين تتعلقان بالتعاون النووي, وهما:
• الاتفاقية الأولى: وتنص على قيام فرنسا بعمليات استكشاف وتعدين اليورانيوم الأردني.
• الاتفاقية الثانية: وتنص على قيام فرنسا بمساعدة الأردن في بناء المفاعلات, إضافة إلى توفير التكنولوجيا النووية, إضافة إلى تدريب القدرات البشرية الأردنية لجهة التعامل مع التكنولوجيا النووية.
على أساس القدرات الهيكلية-البنائية, يستند البرنامج النووي الأردني على وجود كميات من خامات اليورانيوم تقول التقديرات الأولية بأنها موجودة في حدود 140 ألف طن, وعلى أساس الاعتبارات القيمية, تقول المعلومات بأن البرنامج النووي الأردني يهدف إلى خدمة الأغراض المدنية السلمية, أما على أساس الاعتبارات التفاعلية-وهي الأهم-تقول المعلومات, بأن عمان تخطط لإقامة أول مفاعل نووي في منطقة تقع على بعد 25 كيلومترا جنوب ميناء العقبة الأردني المطل على البحر الأحمر, وذلك بما يتيح للأردن الحصول على 1000 ميجاوات من الطاقة الكهربائية المنخفضة التكلفة, فهل يا ترى سوف تنجح عمان في المضي قدما لجهة إكمال برنامجها النووي السلمي, أم أن الولايات المتحدة الأميركية ومن ورائها إسرائيل سوف تسعيان لعرقلة جهود عمان, والإطاحة بطموحاتها العادلة المشروعة وفقا للمواثيق الدولية التي تكفل لعمان حق الحصول على الطاقة الكهربائية من المصادر النووية!!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...