متى يصبح «الفطر» غذاء بمتناول ذوي الدخل المحدود؟

04-01-2011

متى يصبح «الفطر» غذاء بمتناول ذوي الدخل المحدود؟

انتشرت زراعة الفطر بشكل واسع خلال السنوات الخمس الأخيرة في سورية (دمشق، حمص، حماه، اللاذقية، طرطوس).. كزراعة منزلية وتجارية مهمة.

وتتركز زراعته في محافظة طرطوس ضمن (مناطق الدريكيش وبانياس والشيخ بدر) من أنواع المحاري والاجاريكيس وغيرهما.. وسرعة انتشاره والتوسع بزراعته وتطويره ما هي إلا دليل على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الزراعة، إضافة إلى قيمتها الغذائية والطبية المرتفعة كبروتين نباتي ضروري للجسم بديلاً عن البروتين الحيواني.. ‏

وقد عرف الانسان الفطور قديماً في الحقول والغابات وقام بجمعها وتناولها كغذاء شهي.. وبفضل ذكائه استطاع دراسة ظروفها ثم استزراعها في المزارع الضخمة، مستفيداً من مخلفات المواشي والخيول، وبقايا النفايات النباتية لتكون مرتعاً خصباً لانتاج الفطر.. ‏

وأصبحت احدى المنتجات الزراعية المهمة في معظم دول الغرب خصوصاً في ايطاليا وفرنسا والصين بسبب قيمتها الغذائية والتجارية المرتفعة.. ‏

وفي الوطن العربي انتشرت زراعة الفطر وأصبحت تشكل ركناً من الزراعات المحمية.. وتحتاج هذه الزراعة إلى خبرة فنية وعلمية كبيرتين والى دراسة صحيحة ومعرفة بالشروط الحرارية اللازمة من رطوبة ودرجة حرارة وضوء ونظافة من أجل انتاج فطر زراعي ذي خواص جيدة وبكميات كبيرة لتلبي حاجيات السكان وبأسعار معقولة. ‏

أهمية اقتصادية ‏
المهندس رفعت عطاالـله خبير بزراعة الفطر ورئيس دائرة الانتاج النباتي في زراعة طرطوس أشار إلى الاهمية الاقتصادية والقيمة الغذائية للفطر فقال: انتشرت زراعة الفطر في السنوات الخمس الاخيرة بسرعة كبيرة في طرطوس وهذا دليل قاطع على أن هنالك عائداً مادياً لهذه الزراعة خاصة أنه أقل المنتجات الزراعية حاجة لمياه الري وانتشرت زراعة الفطر كزراعة منزلية وتجارية معاً وهنالك محاولات عدة لتصدير هذا المنتج المهم إلى القطر اللبناني الشقيق.. وأضاف: للفطر أهمية اقتصادية كبيرة، حيث تمكن تنمية الفطر الزراعي على أوساط بسيطة وفي أماكن مختلفة.. ‏

وتساهم زراعة الفطر في تأمين فرص عمل جديدة وتؤمن دخلاً –حسب حجم المشروع- وزراعة الفطر في المشاريع المنزلية لا تعوق أي عمل آخر يقوم به العامل أو الموظف، كما لا يحتاج انتاج الفطر الزراعي إلى تأمين القطع الاجنبي، وهي عملية انتاج زراعية بخبرات محلية 100% ويمكن تعليب الفائض من الانتاج بطرق بسيطة ومتوفرة وتصدير الفائض في مراحل متقدمة. ‏

قيمة غذائية وطبية ‏
أشار رفعت عطا الـله إلى القيمة الغذائية المرتفعة للفطر بقوله: يعد الفطر غذاء بروتينياً خالياً من الدسم ينخفض به محتوى الكربوهيدرات والدهون وترتفع نسبة البروتين فيه إلى 35% من وزنه الجاف وهو مخفض لارتفاع ضغط الدم، ويعمل على خفض نسبة الكوليسترول في الدم، ويحتوي الفطر الصالح للأكل على المعادن والكالسيوم والمنغنيز والصوديوم والمغنيسيوم والفوسفور والكلور والبوتاسيوم والحديد والزنك والنحاس واليود وهو غني بالفتيامينات والاحماض الدهنية غير المشبعة لكنه ذو مصدر طاقة حرارية منخفضة وذو تأثير طبي عال يطيل العمر ويحافظ على الشباب كما يلقى رواجاً وقبولاً كبيراً من الناس كونه لذيذ الطعم. ‏

وأوضحت الدراسات ان الفطر الطازج يحتوي على 3-4% بروتيناً و0.2- 0.3% دهوناً و2.4- 3.8 كربوهيدرات أي ما يعادل ضعف محتوى الهليون والبطاطا والمحتوى نفسه من الحليب من البروتين وتبلغ نسبة هضم الفطر من قبل الجسم ما بين 70- 90 % وهذا ما أعطاه تسمية «اللحم النباتي» ويحتوي الفطر على أنواع متعددة من الاحماض الأمينية وبصورة خاصة حمض الليسين الذي يعتمد عليه جسم الانسان.
 
‏ وللفطر تأثير واضح في معالجة التهاب الكبد الدائم والتهاب الكبد المزمن ، لذا فإن الفطر الزراعي ليس لذيذا فقط بل ويعتبر غذاء صحياً ومؤثراً بشكل ايجابي على صحة وحياة الانسان. ‏

برادات الفطر ‏
المهندس عبد العزيز سليمان والسيد محمد صالح المشرفان على تجهيز البرادات لزراعة الفطر قالا: نقوم بتجهيز خلطة (الكومبوست) لزراعة فطر الاجاربكس ونسوق الفطر المنتج لدى المزارعين في بعض المحافظات التي نشرف فيها على تجهيز البرادات لزراعة الفطر والخلطة معاً. ‏

ونظراً للأهمية الاقنصادية والاجتماعية والقيمة الغذائية المرتفعة للفطر فنحن مصممون على زراعته وانتشاره في جميع المحافظات.. ‏

زراعة اقتصادية ‏
أوضح محمد صالح المشرف على تجهيز البرادات حول اقتصادية زراعة الفطر فأضاف: تعد زراعة الفطر اقتصادية ومهمة فكل 150 م2 مزروعاً يعطي ما بين (40-40.5) طناً من الفطر الطازج، ويكلف الكلغ الواحد من الفطر بحدود 105 ليرات بينما يباع في الاسواق المحلية بقيمة 150-175 ليرة سورية، ويصل إلى المستهلك بقيمة ما بين 200-250 ليرة سورية . ‏

زراعة حساسة ‏
المزارع طارق عواد: يملك براداً لزراعة الفطر قال: تتألف مراحل زراعة الفطر من: ‏

فترة الحضانة وتحتاج لفترة ما بين (15-18) يوماً تكون خلال هذه الفترة التربة مغطاة بشكل كامل وتتراوح درجة حرارة التربة –وليس الجو- ما بين (25-28) درجة مئوية وإذا تعدت الحرارة (30) درجة مئوية قد تؤدي إلى موت البذور داخل التربة. ‏

مرحلة التغطية: ونقوم بهذه المرحلة بنزع الغطاء (النايلون عن التربة) ونضع تربة جديدة تمس تربة النمو وتكون السماكة ما بين 2-4 سم ونقوم خلال هذه المرحلة برش التربة بالمياه بمعدل (2) ليتر لكل متر مربع واحد على مدى (5-7) يوماً، وبعدها نقوم بتنزيل درجة حرارة الجو كل يوم درجة واحدة لتصبح 18مْ كما نقوم بتشغيل توبينات الهواء الفريش وبعد (22) يوماً يظهر الفطر وعندما يصبح حجم حبة الفطر بحجم حبة الحمص نقوم برشه مرة أخرى بالماء وتستمر عملية القطاف (45) يوماً. ‏

وحول الجدوى الاقتصادية لزراعة الفطر أضاف عواد: إن زراعة الفطر تحقق ربحاً لا بأس به في حال كانت اسعار البيع في الاسواق المحلية جيدة وفي حال تم تصدير انتاجنا من الفطر إلى الدول المجاورة.. مع العلم أن المتر المربع الواحد المزروع بالفطر يعطي ما بين (22- 28) كغ في المتر المربع الواحد ويباع الكغ الواحد ما بين (120-160) ليرة، وقد وصل إنتاج المتر المربع الواحد في برادي إلى أكثر من (26كغ –وإنتاجي والحمد لله جيد- إلا أن أسعار منتجاتنا من الفطر تباع بأسعار منخفضة في الوقت الذي تصل إلى المستهلك بأسعار عالية أكثر من 200 ليرة للكغ الواحد ونعمل كي يصبح الفطر غذاء شعبياً. ‏

- المزارع أبو جعفر كاف الحبش قال: أملك براداً في غرفة مكيفة مساحتها 42متراً مربعاً ومدة الفوج الواحد 80يوماً ابتداء من تاريخ الزراعة وحتى نهاية القطاف. ‏

يعطي المتر المربع لدي ما بين 25-30كغ في الفوج، وبعد ثلاثة أسابيع على زراعة الفطر تظهر النموات الثمرية للفطر وتدخل طور النضج في الأسبوع الرابع وتقطف الثمار في هذا الطور من النضخ ونأخذ قطفة ثانية بعد أسبوعين من القطفة الأولى ثم نقطب القطفة الثالثة بعد أسبوعين على القطفة الثانية (خلال ستة أسابيع) نحصل على ثلاث قطفات اقتصادية من بدء الإثمار، بعدها تصبح عملية القطاف غير اقتصادية. ‏

ويضيف أبو جعفر قائلاً: أبيع في الفوج الواحد بـ150ألف ليرة سوية وبعد احتساب التكلفة البالغة بحدود 80ألف ليرة يكون صافي الربح 70الف ليرة سورية بالفوج الواحد ونحن نعمل في منازلنا مع عائلاتنا، وإذا علمنا أن في السنة الواحدة أربعة أفواج فيكون الربح السنوي لدينا بحدود 280الفاً إلى 300ألف ليرة سورية. ‏

- المزارع واكيم سمعان- طرطوس- خراب مرقية، قال: أعمل بزراعة فطر الاجاريكس منذ أكثر من أربع سنوات ومساحة مزرعتي 250م2 والدورة الشهرية لزراعة الفطر شهران وتمر بمرحلة تحضير الخلطة التي نشتريها جاهزة من قبل شركة فريش وكل مساحة حوالي متر مربع تعطي إنتاجاً ما بين 18-20كغ من الفطر ونبيع الكغ بسعر 140-150ليرة سورية. ‏

ارتفاع سعر المستلزمات ‏
وأضاف سمعان: نعاني كمزارعين من ارتفاع مستلزمات الزراعة وتجهيز المتر المربع الواحد يحتاج إلى 2100ليرة سورية كتكلفة فعلية، ومن المفيد ذكره: ان زراعة الفطر حساسة ونظيفة وتحتاج إلى تقنية عالية ونظافة تامة وخبرة فنية وعلمية، إضافة إلى توفر رأس المال. ‏

وأشار سمعان إلى أن المستقبل لزراعة الفطر، ومن الممكن أن يكون الفطر بديلاً للزراعات المحمية في الساحل السوري وكل مشروع زراعي ناجح فهو رابح حتماً. ‏

صعوبات العمل ‏
تعاني زراعة فطر الاجاريكس من ارتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة ارتفاع تكلفة مستلزمات الزراعة بسبب التجهيزات المرتفعة الثمن من (مكيفات وأجهزة التكييف وأجهزة توليد الطاقة الاحتياطية وعزل المستودعات التي تزرع فيها الفطور وإنشاء رفوف)، وهنالك حساسية لفطر الاجاريكس في ارتفاع درجات الحرارة فيه وانخفاض الرطوبة الجوية. ‏

ومن الصعوبات التي تواجهها هذا الزراعة أيضاً: صعوبة تسويقه، إلا أن هذه الصعوبة التسويقية أقل من بقية أنواع الفطر والمحاصيل الزراعية لأن الشركات التي تقوم بتقديم الخلطة الكاملة والجاهزة تقوم بتسويق المنتج محلياً. ويباع الفطر للتاجر الوسيط بأسعار معقولة –كما رأينا- وهذا بدوره يبيعه للمستهلك بأسعار مرتفعة، أي الرابح الوحيد بعملية زراعته التاجر الوسيط كما في بقية المحاصيل الزراعية الأخرى. ‏

ومن أكثر أنواع الفطور التي انتشرت زراعته خلال العام الماضي في طرطوس فطر المحاري ذو التكلفة المنخفضة والمردودية العالية، وهذا عائد إلى التشجيع الكبير لزراعة هذا النوع من الفطر من قبل مديرية الزراعة- دائرة الإرشاد الزراعي. ‏

ويعد هذا النوع من أقل الفطور حساسية، ويمكن انتشاره بسرعة كزراعة منزلية وتجارية معاً، فقد وصل عدد المزارعين فيه لأكثر من 300 مزارع في منطقتي الدريكيش والشيخ بدر نتيجة الظروف المناخية الملائمة في الساحل السوري وانخفاض كلفة الإنتاج كونه لا يعتمد على الخلطات الجاهزة –كما هو عليه الحال في فطر الاجاريكس وغيره- ويحتاج فطر المحاري في زراعته فقط لنشارة الخشب أو التبن وهذا ينعكس على انخفاض كلفة المنتج من الفطر، حيث لا تتجاوز كلفة إنتاج الكغ الواحد من فطر المحاري 60-70ليرة سورية وكل كغ واحد من التبن يعطي كغ واحداً من الفطر، إضافة الى أكياس النايلون والبسترة والقش. ‏

مساحة غرفة 16متراً مربعاً تعطي إنتاجاً ما بين 250-300كغ من الفطر، ويباع الكغ الواحد بـ125- 150 ليرة سورية بالجملة. ‏
وإذا ما طرحنا التكلفة والبالغة 18000ليرة سورية من قيمة المبيع والبالغة 45000ليرة سورية، يكون الربح الصافي 27000ليرة خلال فترة شهرين ونصف الشهر (الزراعة والقطاف). ‏

مقترحات ‏
يؤكد المزارعون على ضرورة العمل على تخفيض تكلفة إنتاجه من قبل الشركات الخاصة التي تقوم بتجهيز الخلطة (الكومبوست) الجاهزة للزراعة فهي مرتفعة الثمن ما ينعكس على ارتفاع تكلفة الكغ الواحد الناتج، ويعدون أن ارتفاع التكلفة ينحصر بأمرين اثنين، أولهما: ارتفاع مستلزمات إنتاج الفطر من ناحية، والربح الكبير الذي يأخذه التاجر الوسيط والذي يصل ما بين 50-70ليرة للكغ الواحد. فالشركات المسوّقة لمادة الفطر تبيع الكغ الواحد بـ140-160 ليرة، وهذا بدوره يبيعه للمستهلك بسعر يصل ما بين 200- 250ليرة، ما يجعل الفطر غذاء غير شعبي بسبب ارتفاع سعره بالرغم من قيمته الغذائية والصحية. ‏


عائدة ديوب

المصدر: تشرين ‏

التعليقات

المحافظة على السلة الغذائية الحالية قبل التفكير بتوسيعها. هذا هو الاستراتيجية المقترحة مبدأئيا . لريثما توفر فطر سام أو ملوث باليورانيوم المنضب عندها ستتككدس الآسواق.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...