الرياض وعملية تسويق النسخة الأمريكية لمبادرة السلام العربية

26-10-2008

الرياض وعملية تسويق النسخة الأمريكية لمبادرة السلام العربية

الجمل: تقول التسريبات والتقارير بأن الرياض تقوم حالياً بمحاولة إعادة إنتاج مبادرة السلام التي سبق أن طرحتها ووافقت عليها قمة بيروت ضمن صيغة جديدة معدلة تأخذ في الاعتبارات التحفظات الأمريكية التي هي بالأساس إسرائيلية إزاء الخطة، وبرغم التكتم والسرية التي تحيط بما يحدث داخل الجدران فمن الممكن محاولة القراءة عن بعد وسبر ما يمكن أن تخرج بها التعديلات الجديدة.
* منظور المبادرة العربية في مواجهة منظور إعادة إنتاج الرفض الإسرائيلي:
أجازت قمة بيروت العربية 2002م المبادرة التي قدمتها المملكة العربية السعودية ضمن بنود واضحة تمثلت في التأكيد على مفاهيم "الأرض مقابل السلام" و"رد حقوق الشعب الفلسطيني العادلة" كشرط لحصول إسرائيل على السلام والأمن، ولكن بالمقابل لجأت إسرائيل إلى الصمت فترة بما أتاح للزعماء الإسرائيليين كسب الوقت لجهة القيام بإعادة إنتاج رد الفعل الإسرائيلي ضمن ذرائع جديدة متحفظة تهدف بالأساس إلى برمجة إجهاض المبادرة.
* ما هي الملامح البارزة للتحفظات الإسرائيلية "المتجددة":
جاءت التحفظات الإسرائيلية الأولى ضمن حوار الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز مع ديفيد ماكوفيسكي خبير اللوبي الإسرائيلي البارز في شؤون الصراع العربي – الإسرائيلي وقد تم نشر الحوار على الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد واشنطن وتضمن رد بيريز النقاط الآتية:
• في الاتفاقيات السابقة بين إسرائيل ومصر (كامب ديفيد) وإسرائيل والأردن (وادي عربه)، حدث أخذ ورد بين الأطراف، ولكن في المبادرة العربية للسلام لا يوجد مجال للأخذ والرد وذلك لأن المبادرة تطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل.
• تسعى إسرائيل من أجل الحفاظ على هويتها اليهودية كخيار لا بديل عنه بالنسبة للإسرائيليين وبالتالي فإن تأكيد المبادرة العربية على منح حق العودة للاجئين الفلسطينيين يشكل تهديداً لهوية إسرائيل اليهودية.
• ينظر الإسرائيليون لجهة ضرورة الحفاظ على وحدة القدس ولكن المبادرة بجعل القدس عاصمة للدولة الفلسطينية دون إيلاء الاعتبار للموقف الإسرائيلي من القدس.
• أكدت المبادرة على التطبيع الكامل مع إسرائيل بعد التزامها بتنفيذ شروط المبادرة بينما يطالب الإسرائيليون العرب بالتطبيع الكامل كضمان لتنفيذ الشروط الممكن الاتفاق عليها.
ونلاحظ هذه المرة أن الموقف الإسرائيلي المعاكس لمبادرة السلام هو موقف جاء ضمن خطوط عامة يمكن أن يشمل كل واحد منها طيفاً واسعاً من الاحتمالات والمسارات التي تتيح لإسرائيل المضي قدماً في لعبة اللجوء للخيارات المتعاكسة إزاء كل احتمال.
* الديناميكيات الجديدة لدور العامل الأمريكي:
لم يكتف الإسرائيليون هذه المرة بجعل أمريكا تقف موقف الوسيط المتحيز لصالح إسرائيل في طاولة المفاوضات فحسب، بل قاموا كذلك بإعطائها دوراً جديداً، وهو القيام بدور الطرف الذي يقوم بالضغط على حلفائه العرب من أجل صياغة مبادرة سلام عربية جديدة تأتي بنودها ضمن الإملاءات الإسرائيلية الوحيدة الاتجاه التي تتمثل في الدخول في مفاوضات التطبيع مع إسرائيل ثم تنفيذ التطبيع معها، وبعد أن يقتنع الإسرائيليون بأن العرب نفذوا ما هو مطلوب منهم، يمكنهم حينها النظر في أمر التفاوض حول ما يمكن أن تقدمه لهم من تنازلات حول أراضيهم المحتلة والدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين، الملف الأخير الذي كان قد طالب الإسرائيليون مؤخراً بإلغائه من أجندة المفاوضات واستبداله بملف المساعدات الإنسانية التي يمكن أن تقدمها إسرائيل لهم للم شمل الأسر الفلسطينية التي فرقها الشتات ليقتصر عددهم على 6 آلاف فلسطيني لا غير!!
طالب الإسرائيليون واشنطن بضرورة إعادة تخمين تقديرات موقفها إزاء عملية السلام في الشرق الأوسط، وما هو واضح حالياً هو أن الملامح العامة لعدم القبول الإسرائيلي لجهود السلام في المنطقة أصبحت أكثر وضوحاً وعلى وجه الخصوص على المسار الفلسطيني.
ينظر الإسرائيليون إلى سوريا باعتبارها العامل الرئيسي والمفتاح لأي سلام حقيقي في الشرق الأوسط، وبرغم ذلك فإن بعض الأطراف العربية وعلى وجه الخصوص القاهرة لا تشارك الإسرائيليين في هذا الرأي. هذا، وتشير التوقعات الحالية إلى أن الاحتمالات أصبحت أكبر في أن تشمل التعديلات السعودية التي يتم إجراؤها بالتنسيق مع القاهرة وواشنطن وعلى الأغلب مع أمانة الجامعة العربية، ضرورة التعهد بتنفيذ القرارات الدولية 1559 و1701 المتعلقة بالوضع اللبناني، طالما أن الإملاءات والشروط الإسرائيلية تقول ضمن ما تقول بأن تأمين لبنان يمثل أحد المفاصل الأساسية لمعادلة تأمين الحدود الشمالية الإسرائيلية.
تقول بعض التحليلات الأمريكية أن الموقف الإسرائيلي الجديد إزاء ضرورة مبادرة السلام العربية هو موقف يقوم على أساس اعتبارات أن قيام أمريكا بغزو واحتلال العراق قد ترتب عليه بروز المزيد من النتائج على النحو الذي أدى إلى تعديل خارطة التوازنات الجيوبوليتيكية في الشرق الأوسط، وبالتالي لما كانت مبادرة السلام العربية قد طرحت في فترة ما قبل غزو واحتلال العراق فإنه يجب تعديلها بما يتماشى من النتائج الجيوبوليتيكية الجديدة، التي تقول بأن الحصول على المزيد من الفرص والمزايا، التي يجب على الإسرائيليين الضغط على العرب من أجل الحصول عليها واستغلالها وأقل هذه المزايا والفرص سيتمثل في اشتراط التطبيع أولاً بحيث يتضمن التطبيع قيام العرب بتمديد نقل النفط عبر إسرائيل والدخول في علاقات التعاون التجاري والاقتصادي ثم بعد ذلك تأتي البقية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...