أول اتفاق من نوعه مع الجيش السوري..«داعش» يخرج من جنوب دمشق

25-12-2015

أول اتفاق من نوعه مع الجيش السوري..«داعش» يخرج من جنوب دمشق

اختراق مفاجئ على الساحة السورية، تمثل باتفاق تسوية هو الأول من نوعه بين الجيش السوري من جهة وتنظيم «داعش» من جهة ثانية، يقضي بإخراج مسلحي التنظيم وعوائلهم من مناطق جنوب دمشق نحو مناطق سيطرة التنظيم، ما يذكّر باتفاقات الهدن التي يعقدها الجيش السوري بين حين وآخر مع بعض الفصائل المسلحة بخصوص مناطق معينة.
يأتي هذا الاتفاق، الذي لم تتضح جميع تفاصيله بعد، بالتزامن مع اتفاق آخر جرى هذه المرة بين الجيش السوري من جهة و «جبهة النصرة في درعا» من جهة أخرى، وخرج بموجبه عشرات المسلحين مع عوائلهم من بعض بلدات ريف درعا في الجنوب السوري، واتجهوا نحو الشمال إلى إدلب التي تعتبر عاصمة تنظيم «القاعدة» في البلاد.رجل يتفقد الدمار في قلعة بصرى الشام في ريف درعا جراء ما قال معارضون إنه غارة للطيران السوري أمس الأول (رويترز)
ويطرح هذان الاتفاقان، برغم التباينات بينهما، الكثير من الأسئلة حول توقيتهما، والأسباب التي دفعت إليهما، والجدوى الميدانية والسياسية المرتجاة من ورائهما لكل الأطراف، لا سيما أن «داعش» و «النصرة» كانا من أشد التنظيمات والفصائل المسلحة مناهضةً لمنطق الهدن واتفاقات التسوية مع النظام السوري، ولطالما انتقدا الفصائل التي هادنت الجيش أو اتفقت معه على تسويةٍ ما، بغض النظر عن الظروف المحيطة أو الشروط المتضمَّنة فيهما.
وكان جنوب دمشق، أمس، على موعد مع انطلاق أولى الإشارات لتنفيذ الاتفاق، الذي تسربت بعض المعلومات عنه منذ بداية كانون الأول الحالي، حيث وصلت مجموعة من الحافلات الخضراء التي أصبحت علامة فارقة في عمليات من هذا النوع، إلى حي القدم الملاصق لأهم معقلَين من معاقل «داعش» بريف دمشق، هما مخيم اليرموك والحجر الأسود، وذلك لإخراج مسلحي التنظيم وعوائلهم ومن يرغب من المدنيين، من هذه المناطق، ونقلهم إلى الرقة.
وبحسب المعلومات التي رشحت، حتى الآن عن الاتفاق، فإنه من المتوقع أن يقوم تنظيم «داعش» بتسليم المناطق التي يخرج منها إلى لجان شعبية تعمل تحت إمرة الجيش السوري والدفاع الوطني. ومن المرجح أن يتم تنفيذ الاتفاق دفعة واحدة غداً، حيث سيتم نقل المسلحين وعوائلهم ومن يرغب بمرافقتهم إلى معقل «داعش» في الرقة.
وأكد مصدر في مخيم اليرموك،  أن اللمسات الأخيرة على الاتفاق الذي بدأت تباشيره منذ بداية الشهر الحالي، وضعت في اجتماع ضم، أمس الأول، ممثلًا عن لجان المصالحة التابعة للنظام مع ممثل عن تنظيم «داعش»، وبحضور ممثل عن الأمم المتحدة وبعض وجهاء المنطقة، حيث تم الاتفاق على تحديد موعد البدء بالتنفيذ الذي كان يوم أمس. وشدد المصدر على أن الاتفاق يشمل مسلحي «داعش» وعوائلهم فقط دون غيره من الفصائل الأخرى، لكنه أشار إلى أن بعض المسؤولين «الشرعيين» في التنظيم عملوا على إبلاغ أهالي المناطق المعنية بإمكان تسجيل أسمائهم في قوائم الخروج، كما أبلغوا مسلحين ينتمون إلى جماعات أخرى بأن من يرغب بالخروج منهم سيساعده التنظيم عبر تسجيل اسمه في القوائم، بشرط أن يقبل التوجه نحو محافظة الرقة حصراً. وكان لافتاً أن هؤلاء «الشرعيين» كانوا من الحماسة لدرجة أنهم شبهوا الخروج بالهجرة في زمن الرسول وأنه واجب ديني.
ومن العوامل التي سهلت التوصل إلى الاتفاق أن غالبية مسلحي التنظيم في جنوب دمشق هم من السوريين، بينما عدد المقاتلين الأجانب قليل.
و «جبهة النصرة» غير مشمولة بهذا الاتفاق، كما أنها لم تشارك في المفاوضات التي مهدت له، ولكن تشير المعلومات إلى أن العشرات من عناصر «جبهة النصرة» الذين انشقوا عنها، قبل نحو شهرين، وأسسوا جماعات خاصة بهم سيكونون من بين الخارجين مع عناصر «داعش»، كما أن هناك بعض المسلحين من «جبهة النصرة» ابدوا موافقتهم على الخروج من دون أن يعلنوا الانشقاق عنها. مع الإشارة إلى أن بعض المعلومات تحدثت في السابق عن إمكان شمول «جبهة النصرة» بهذا الاتفاق، إلا أنه بعد العرض العسكري الذي أجرته «النصرة» في مخيم اليرموك الأسبوع الماضي، صرح أحد قادتها أمام الحاضرين بأنه «لا خروج».
وفيما تعتبر عملية اغتيال القيادي في «جبهة النصرة» أبو عدي عمورة، الأسبوع الماضي، حدثاً مفصلياً أعطى إشارة واضحة إلى وجود مناخ يدفع نحو إنجاز الاتفاق الذي تسربت الأنباء عنه منذ بداية الشهر الحالي، وذلك لأن عمورة من القيادات المعروفة برفضها عقد أي اتفاق مع النظام أو الجيش السوري، في حين كانت الاغتيالات السابقة تطال المؤيدين للهدن والاتفاقات، فإن قيام عناصر «داعش» في حي القدم ومخيم اليرموك والحجر الأسود، خلال الأيام العشرة الماضية، ببيع أثاث بيوتهم وأغراضهم وبعض أسلحتهم بسرعة وبأسعار رخيصة، كان المؤشر الثاني والأهم على أن الاتفاق أصبح بحكم الناجز من جهة التنظيم على الأقل.
وعلى الرغم من حالة الارتياح التي صاحبت الأنباء عن خروج «داعش» من جنوب دمشق، وعمّت أهالي المناطق المشمولة بالاتفاق، إلا أن العديد من الأطراف بدأت تشعر بالقلق إزاء هذا الاتفاق وتداعياته المحتملة، وهي بعض الفصائل المسلحة و «جبهة النصرة» وقسم من الأهالي. فبعض الفصائل تخشى أن يؤثر هذا الاتفاق عليها وعلى حاضنتها الشعبية التي يمكن أن تضغط عليها لإنجاز اتفاق مماثل. أما «جبهة النصرة» فأكثر ما تخشاه أن يكون خروج «داعش» بداية لنهاية وجودها في المنطقة، لا سيما أن فرع «النصرة» في اليرموك متّهم بأنه أقرب إلى «داعش» ولا يتمتع بأي حاضنة شعبية. أما الأهالي فإنهم يخشون أن يؤدي خروج «داعش» إلى انطلاق سلسلة من عمليات الانتقام بين الفصائل بعضها بالبعض الآخر، مع علمهم أن المدنيين هم من يدفعون الثمن الأكبر في مثل هذه الحالات.
من جهة أخرى، كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول وجود اتفاق سرّي بين الجيش السوري وبين «جبهة النصرة في درعا»، تضمن موافقة الجيش على خروج العشرات من مسلحي «النصرة» مع عوائلهم، وغالبيتهم من الفارّين السابقين من دير الزور، وانتقالهم إلى إدلب حيث معقل «النصرة» و «عاصمتها» في سوريا.
وبرغم امتناع الأطراف عن التعليق على المعلومات التي تتسرب حول هذا الاتفاق، إلا أنه أصبح شبه مؤكد أن خروج المسلحين مع عوائلهم من ريف درعا نحو مدينة أزرع الشهر الماضي، لم يكن في سياق مصالحة يتخلى بموجبها المسلحون عن أسلحتهم، وبالتالي محاربة النظام، بل جاءت في سياق الانتقال إلى محافظة إدلب مقابل شروط معينة حصل عليها الجيش السوري.
وتشير بعض الروايات إلى أن «جبهة النصرة» أطلقت سراح بعض الأسرى الإيرانيين لديها مقابل موافقة الجيش على خروج عناصرها إلى إدلب، إلا أن هذه الرواية غير مؤكدة ولا يمكن إثباتها حتى الآن. كما تشير معلومات أخرى إلى أن من بين الذين خرجوا من درعا قيادات كبيرة في «جبهة النصرة»، من بينها المسؤول «الشرعي العام» السابق أبو ماريا القحطاني وأبو حسن الكويتي، كما يتم الهمس أحياناً باسم سامي العريدي وهو المسؤول «الشرعي العام».
والاختلاف الوحيد بين الاتفاقَين السابقَين، هو أن الاتفاق مع «جبهة النصرة» لم يؤدِّ إلى تسلُّم الجيش السوري مناطق معينة، بل اقتصر الأمر على عملية إخراج وتبادل من دون أي تغيير في خريطة السيطرة على الأرض، أما الاتفاق مع «داعش» فسيتيح للجيش السوري استعادة السيطرة على المناطق التي كان يشغلها مسلحو التنظيم في ريف دمشق الجنوبي.
ويفسر البعض مسارعة «جبهة النصرة» إلى إخراج عناصرها بأنه يأتي في سياق إعادة هيكلة فرعها في الجنوب الذي تعرض للعديد من المشاكل، انتهت بعزل قائده أبي جليبيب الأردني وتعيين أبو أحمد أخلاق مكانه. لكن آخرين يرفضون هذا التفسير ويرون أن الأمر أبعد من ذلك، لأن إعادة الهيكلة لا تتطلب إجراء عملية معقدة كالتي خرج بها المسلحون من درعا إلى إدلب.

المعلم في بكين
 وفي بكين، (الوكالات) أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم استعداد السلطات السورية للمشاركة في محادثات مع المعارضة ستعقد في جنيف في كانون الثاني المقبل، لكنه أشار إلى أنه ينتظر أن يرى لائحة أعضاء الوفد الذي ستتم مفاوضته.
وقال المعلم، خلال لقائه نظيره الصيني وانغ يي في بكين، إن دمشق «مستعدة للمشاركة في الحوار السوري - السوري في جنيف من دون أي تدخل خارجي»، لكنه أضاف: «وفدنا سيكون جاهزا ما إن نتلقى لائحة وفد المعارضة. نأمل أن يساعدنا هذا الحوار في تشكيل حكومة وحدة وطنية».
وينص قرار مجلس الأمن، إلى جانب المفاوضات بين المعارضة والنظام ووقف لإطلاق النار، على تشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وتنظيم انتخابات في غضون 18 شهرا.
وقال المعلم: «لأنه قرار لمجلس الأمن، من واجب الدول كافة تنفيذه، ونحن مستعدون لتنفيذه ما دام أنه يتم احترام حق الشعب السوري في تقرير مستقبله»، مضيفاً أن حكومة الوحدة الوطنية «ستشكل لجنة دستورية لبلورة دستور وقانون انتخابي جديدَين بحيث يمكن تنظيم الانتخابات التشريعية في مهلة 18 شهرا».
من جهة ثانية، اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أمس، زعيم «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي صلاح الدين ديميرطاش بـ «الخيانة»، بسبب إدانته، خلال لقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية.
وقال داود أوغلو: «إنهم يقفون في صف أي طرف تدخل معه تركيا في أزمة. تصريحات ديميرطاش في موسكو بأن إسقاط تركيا للطائرة الروسية كان خطأ هي عار وخيانة كاملة». وأضاف: «واجبنا الرئيسي أن نرفع أصواتنا ضد الوحشية الروسية. تأييد روسيا وهي تقتل المدنيين في سوريا خيانة ليس فقط للبلد لكن للإنسانية أيضا».
وقال لافروف لديميرطاش إن روسيا «ستضع في اعتبارها تقييمات» حزبه في ما يتعلق بالوضع في سوريا، مشيرا إلى أن موسكو مستعدة للتعاون عن كثب مع الأكراد الذي يقاتلون «داعش».

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...