أسبوع سينما الشباب السوري.. أفلام تستحق المشاهدة.. ومواهب تستحق الدعم

21-11-2012

أسبوع سينما الشباب السوري.. أفلام تستحق المشاهدة.. ومواهب تستحق الدعم

رياح كانون المبكرة ... ألم الفراق
ضمن تغطيتنا لأسبوع سينما الشباب السوري، الذي قدَّم عروضه في دار الفنون بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما، المخرج أحمد الخضر شارك في هذه الفعالية، في فيلم «رياح كانون المبكرة»، حيث وجد المشاهد نفسه أمام مأثرة سينمائية جديدة، لها مذاق الأفلام الروائية السورية في ثمانينات القرن الفائت. فالنصّ المكتوب لعماد منصور حقَّق مساحة جيدة أمام مخرج الفيلم، لينسج علاقة سينمائية مع بحر طرطوس، كعلاقة نتابع حكايتها اللطيفة من داخل صفوف إحدى المدارس الابتدائية بين صبي وفتاة.
أحمد الخضر له أكثر من تجربة في الإخراج السينمائي الذي درسه في روسيا، منها: «سائق التاكسي» الفيلم الوثائقي، و«الحرباء» الفيلم الروائي القصير عن قصة لتشيخوف، و«خبز الصيادين» الوثائقي المترجم إلى الروسية عن البيئة السورية، الذي يحكي يوماً كاملاً في حياة صياد وابنه على شاطئ اللاذقية، والذي شارك في أكثر من مهرجان.
في فيلمه هذا، يواجه الخضر أكثر من تحدّ؛ فالفيلم يحاكي، في بيئة ساحلية جميلة، مشاعرَ صديقين في المدرسة بكلّ تقلباتها وتناقضاتها، والتي تظهر بشكل بسيط وعفوي، إلى أن يكتشف أهل الطفل إصابته بالسرطان في مراحل متقدمة، لتبدأ بعدها، بشكل متسارع، مشاعر وأحاسيس، تختلف عن تلك التي تلازم الأطفال عادة، وتنتهي بموت الطفل، ومحاولة تقبّل صديقته تلك الحقيقة.. يمكن وصفه بالتجربة الصعبة.
ويرى الخضر أنّ كلّ ما يتعلّق بالأطفال يوحي بمشاعر إيجابية سعيدة، وتالياً يصعب التنبؤ بردة فعل المشاهد، ناهيك عن صعوبة التعامل مع الأطفال، في فيلم مملوء بالأحاسيس المتناقضة.. ويفترض أن يتمكَّن الطفلان (تسنيم العلي، وأحمد علايا) من التدرج بمشاعر مختلطة خلال فترة قصيرة، علماً بأنَّ أداءهما كان لافتاً على حدّ قوله. ويضيف: «المجتمع لا يتقبّل موضوعات التراجيديا بكلّ تفاصيلها؛ فالبعض ربما يعترض على النهاية مثلاً، وهي موت الطفل، ويفترض أن شفاءه كان ممكناً، لكننا حاولنا أن نكون واقعيين بالنسبة إلى موضوع المرض الذي يتمّ اكتشافه في بيئة بسيطة، وقدَّمنا جرعة أمل، عبر حمامة بيضاء يملكها الطفل المريض. وافترضت أنَّ الفيلم يمكن أن يلاقي قبولاً، لأنه فكرة جديدة، وفي المقابل ربما يجد نفوراً لأنه طرحٌ قاسٍ».
ويشير الخضر إلى أنَّ رمزية السينما موجودة في الفيلم القصير أكثر من أيّ نوع آخر؛ فالصمت فيه لدقيقة أبلغ من حوار مدّته خمس دقائق. وحين يتّجه إليه الشباب، فهو من باب التحدي وإثبات الذات.. هناك أفلام قصيرة كانت بمثابة البداية لمخرجين مبدعين، وأخرى كانت عاملاً مهماً في كشف نقاط الضعف أو الثغرات عند أصحابها، ويمكن القول: إنَّ السينما تتكلَّم عبر الصورة، على عكس النوع الدرامي التلفزيوني، الذي نراه اليوم في أغلبية المسلسلات، التي تستهلك بكلّ أشكالها الحوار والوقت. هناك تفاصيل معينة تضيع في الدراما، أو ليست بدرجة الوضوح نفسها التي تبدو عليها في السينما. لذلك يبدو الاتجاه لدعم الأفلام القصيرة محاولةً لاكتشاف مواهب قادرة على الاستمرار.
ويشير الخضر إلى ضرورة التركيز على المضمون والطرح القريب من المجتمع، في محاولات إنعاش السينما، ويمكن الاستفادة من تجربة الدراما السورية التي وصلت إلى كلّ بيت عربي في طرحها للواقع السوري بامتياز، وثانياً يجب البحث عن أفكار وطروحات تحاكي الهدف نفسه بكثافة إنتاجية، فنحن بحاجة الى كمٍّ متنوّع يتناسب مع مضمون معين، قادرٍ على التأثير في المجتمع؛ ما سيدفع الناس للحضور والرغبة في اكتشاف ماهية الطرح المقدَّم. ومن المتوقع أن يحظى الفيلم السينمائي القصير «رياح كانون المبكرة» بجائزة مهمة في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة في مهرجان قرطاج، في دورته الرابعة والعشرين في تونس حالياً.
 
«فولت حار جداً».. تجربة سينمائية تشكر آدم على الخطيئة الأولى
لعلَّ تجربة الفنان باسل طه واحدةٌ من بعض التجارب السينمائية، التي شكّلت، ببريقها الفكري والفني، رؤية وبوابة خاصة، تبشّر بنهضة سينمائية سورية، وهي إحدى المحاولات الشبابية التي تجسّد بعض طاقات وأفكار الشباب. ومن هذه المحاولات، التي يمكن التوقف عندها وتشجيعها، فيلم «فولت حار جداً»، التجربة السينمائية الجديدة من الأفلام القصيرة جداً، التي تغوص في عوالم الوجود، وتبحث من خلاله عن أسباب الألم اليومي في تفاصيل حياتنا الواسعة؛ كالرؤية الضيقة.. كالغرف الصغيرة الممتلئة بالحيلة. حكايات قديمة عن أسباب هبوط البشر من السماء إلى الأرض، يمرّ بها الفيلم من خلال الرمز «البصري والجسدي»، وعبْر ممثل واحد هو صانع وكاتب الفيلم (باسل طه)، الذي ينقل الفيلم رسائله المكثفة جداً خلال زمن لا يتجاوز سبع دقائق سينمائية. تقدّمه للمشاهد شركة الشرق للإنتاج والتوزيع الفني.. ومن خلال فاصل زمني، يمتدّ عبر انقطاع كهربائي مجازي أكثر من 40 سنة، يكتشف الفرح والحزن فيه، ويكتشف الأبيض الأسود والفاقع القاتم.
شكراً آدم... شكراً على الفرح، على الحزن، على الوجود، على الرحيل.. شكراً على ما فعلته. هكذا يقول باسل، في تصريح خاص لجريدة «بلدنا» عن فيلمه، حين نسأله عنه: أريد أن أخبر الكثيرين أنَّ الظلام في نبض أدق تفاصيل حياتنا الخاصة والعامة، وليس الظلام في العتمة.. الظلام هو ما قد نلجأ إليه كثيراً.
ولابدَّ لي في هذا العالم غير المفهوم وغير المتوازن أن أصنع تجربتي الشخصية، وأبحث عن مفاتيح لحضوري ولأفكاري.. لابدَّ من أن يكون لي اسم أزاحم به في هذه المدن المزدحمة بالضجيج والسيارات والمارة الغرباء.
ويتابع باسل: كلما يعرض فولت حار جداً، أخاف من أن يحبّه الناس، على اعتباره تجربة خاصة، على الرغم من أنني راض عن الفيلم منذ كان في المونتاح ومنذ عرضه الأول في مهرجان دمشق السينمائي، ومن ثم عرضه في مهرجان دراما أكاديمي، حيث نال ثلاث جوائز عن «أفضل ممثل، أفضل إخراج، أفضل تصوير»، كما عُرض في لبنان، واليوم يُعرض في فعالية سينما الشباب للأفلام القصيرة في دار الفنون.. سعيد جداً بهذا الحدث؛ فهو على مستوى عال، وقد ضمَّ أسماء مخرجين كبار ومخرجين شباب جدد. وهذا التنوّع الذي ضمَّ هذه الفعالية هو تنوّع مميّز وراق، ويترك أثراً لدى المتلقي بذاكرته.
بطاقة الفيلم:
 تأليف: باسل طه.
إخراج: وسيم قشلان.
تمثيل: باسل طه.
تصوير وإضاءة: أسامة معنية.
مونتاج وغرافيك: ماجد رنكوسي.
مكياج: أسامة نحاس.
المدة: 7 دقائق.
إنتاج: شركة الشرق للإنتاج والتوزيع الفني
يُذكر أنَّ باسل شارك في فيلم «نامو سينما» للمخرج محمد ملص 2012، وفيلم «توليبة في بلادي». له عدد كبير من الأعمال في المسرح والتلفزيون، منها: «وجلَّ وَجلْ»، و«اضحك أنت عربي» الذي لاقا نجاحاً كبيراً وهو من تأليفه وإخراجه وشارك به في مهرجان الخرافي للإبداع المسرحي في الكويت. ومن مشاركاته في التلفزيون: مسلسل صقر قريش- فوق السقف- في حضرة الغياب- وادي السايح- بقعة ضوء 7- ملح الحياة.. وغيرها.
يعدّ باسل طه من مؤسسي الصالون الفني الأدبي «شغف»، الذي يقدّم من خلاله ليالي للشعر والموسيقا والسينما.

ربى شدود   

المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...