دار الفنون تحتفي بعشرين فيلما سوريا في أسبوع سينما الشباب

14-11-2012

دار الفنون تحتفي بعشرين فيلما سوريا في أسبوع سينما الشباب

يواصل أسبوع سينما الشباب السوري تقديم عروضه في دار الفنون بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما حيث يحفل برنامج هذه الفعالية الذي يستمر حتى الخامس عشر من تشرين الثاني الجاري بأكثر من عشرين فيلما روائيا قصيرا تضم في معظمها نخبة من الأعمال السينمائية اللافتة على صعيد جرأتها الفنية والاجتماعية وقدرتها على ملامسة الواقع المعيش بأدوات الفن السابع بعيدا عن الثرثرة الكلامية والبصرية التي كرسها التلفزيون في عادات المشاهدة اليومية.

وافتتحت هذه الفعالية برنامجها اللافت يوم السبت الماضي بعرض فيلم /هنا دمشق/ لضحى الإبراهيم عن تدوينة ماهر المؤنس كتبها فيما بعد كسيناريو مع كندة يوسف حيث تتعرض فيه المخرجة الشابة لرؤية مدينة دمشق بكل ألوانها وشغبها وضجيجها وعراقتها وأناقتها وطفولتها بعيداً عن التصنيفات السياحية فالفيلم يلتقط زوايا لا نلحظها في العاصمة السورية بالرغم من مرورها أمام أعيننا مرات ومرات.

ويعبر صانعو الفيلم عن هذه التجربة بقولهم.. هي أماكن بسيطة.. تمر بها كل يوم غير مدرك لأهميتها في ذاكرتك.. في ماضيك أو في هذه اللحظات.. دقائق عفوية قضيتها مع من تحب لم تنسها قط.. ضحكات متتالية أو دموع.. ملامح تذكرها جيداً فقد بدت على وجوه الجميع حتى على وجهك أنت.. هي موسيقا تسمعها كل يوم أو أصوات تتم حكايتك اليومية المعتادة.

وأضافوا.. في هذا الفيلم نحاول التقاط روائح متداخلة وإن لم تميزها جيداً لكنك ستشعر أن الياسمين والدخان يعبقان بها فإن امتنعت يوما عن استنشاقها أو كره بعضها فإنك حتماً ستشتاقها فهي كل الأجزاء البسيطة التي تخصك أنت.. قطع متناثرة اعتدت وجودها وأحببتها من دون إدراك فانسابت بداخلك لتعطيك شعورا غريبا لعله الحب أو لعله الوطن الذي يمكن أحياناً أن تغيب عنه لكنك ستبقى تحيا لتراه مرةً أخرى وإلى الأبد.


المخرج السوري جود سعيد شارك في هذه الفعالية بفيلمين قصيرين هما /مونولوج/ و/وداعاً/ وقال عن هذه الفعالية في حديث خاص لوكالة سانا.. هناك بعض الخلط غير العادل بين تجارب غير متقاربة في مستوياتها الفنية لذلك أنا لست مع تسمية هذا الأسبوع بسينما الشباب لأن سينما الهواة شيء آخر لكنني مع كل مبادرة تقام اليوم وكل عرض وكل نشاط كوننا مطالبين اخلاقيا امام الناس بنشر ثقافة الحياة وثقافة بناء الغد الافضل اكثر من أي وقت مضى لكن علينا ألا نستسهل وان نتخلص من تصنيفات لا معنى لها ولا تحمل أي جديد.

وأوضح صاحب فيلم /صديقي الأخير/ قائلاً.. إن فيلمي /مونولوج/ هو أول تجربة قدمتها في بلدي بعد التخرج من فرنسا ولا انسى أن له الفضل في صنع فريق سينمائي صغير استمر حتى أنجزنا فيلمي الطويل الاول /مرة أخرى/ لكن يبقى /وداعا/ المشارك أيضا هو فيلمي القصير الأقرب إلى روحي.

وقال المخرج سعيد مبينا ضرورة السينما في عصر يصفه البعض بالعصر التلفزيوني المدمر.. إن جمهور هذا النوع من الأفلام القصيرة موجود بكثرة في أوروبا ذلك أن التأثير التلفزيوني محدود ومنظم وموجه اي ان ساعات المشاهدة التلفزيونية للمشاهد الاوروبي محددة حسب طبيعة عمله وشريحته العمرية ولن تتجاوز الثلاث يوميا في احسن الاحوال للشريحة العاملة لذلك ينال الفيلم القصير عند الأوروبيين حظوة كونه يعتبر أحد أشكال التعرف على التطور في ثقافة الصورة أما عندنا فالفيلم القصير في معظم الأحيان لا يتجاوز حلقة رديئة في مسلسل لوحات قصيرة ما يرتب دورا مهما يجب أن يقوم به التلفزيون في عرض هذه الأفلام على الأقل مرة كل أسبوع أو إقامة تظاهرة خاصة ودائمة للفيلم القصير في صالات العرض السورية.


المخرج المهند كلثوم الذي يشارك في هذه الفعالية بفيلميه /29 شباط/ و/ البرزخ/ أوضح أهمية هذه الفعالية كونها تأتي في ظل ظروف صعبة يمر فيها بلدنا الغالي سورية لكن اللافت كان الحضور الكبير والإصرار لدى الجمهور لمشاهدة السينما السورية ما يدفع للتفكير الجدي بإعادة هذه التظاهرة في باقي المحافظات السورية فمن حق الجمهور علينا كسينمائيين تحقيق شرط مشاهدة جديدة تسهم في توطيد ذائقة بصرية مختلفة ومغايرة لما يقدمه التلفزيون والسينما التجارية الرخيصة.

ويقدم كلثوم في فيلمه /البرزخ/ مادة تسجيلية خاصة عن الجولان العربي السوري المحتل فالحكاية لا تتوقف عند مواجهات عابرة بين الرصاصة والكاميرا بل تتعداها إلى داخل الأراضي المحتلة حيث تنجح بطلة الفيلم الشابة الفلسطينية هالة فياض بتخطي حواجز سلطة العدو الإسرائيلي برفقة شاب فلسطيني يقضي شهيدا على تراب وطنه لتتابع الفتاة وحدها رحلتها الجريئة رامية جواز سفرها كلاجئة فرحةً بقدميها تتسابقان على أرض الأجداد إلى أن تتمكن دورية لمخابرات العدو من إلقاء القبض عليها واحتجازها لمدة ثلاثة أيام قبل أن تتم إعادتها عبر الصليب الأحمر إلى سورية.

ويدمج فيلم /البرزخ/ بين لقطات من مواجهات حقيقية في ذكرى 1948 وصور درامية لطفلة تقود دراجتها نحو فلسطين مفصلا مشاهده بلقطات متسارعة يتخللها سرد ذكريات الشابة هالة عن رفاقها الذين واجهوا الرصاص بصدور عارية حيث مزج مخرج الفيلم بين لغة وثائقية وأخرى درامية بالأبيض والأسود تاركاً الصورة بين مقطعين من حياة يعيد إليها سبب تسمية الفيلم وعن هذه النقطة يقول كلثوم.. /البرزخ هو الجولان العربي السوري الذي يفصلنا عن أرضنا عن أهلنا في مسعدة وبقعاتا ومجدل شمس وفلسطين وكان لابد للسينما أن تعبره بكاميرا مضادة للرصاص.. كاميرا لا تتلصص على مشهد شباب وشابات يعبرون وادي الصراخ بل تصر على توثيق الجريمة راصدة همجية الإسرائيلي وعنصريته.

 من جهته قال السيناريست علي وجيه عن مشاركة فيلمه /نخاع/ الذي شاركه في كتابته وأخرجه الفنان وسيم السيد.. إن كل أسرة فيلم /نخاع/ سعيدة بالعرض الأول للفيلم في دمشق بعد عرضه في كل من اللاذقية وطرطوس وفي عدّة مهرجانات دولية فمن الطبيعي في بلد مثل سورية لا يضم أي صرح أكاديمي أو مركز تعليمي متخصص بالسينما أن تتراوح نتاجات الشباب السينمائية بين المحاولات المتواضعة التي لا ترقى إلى توصيف سينما وتجارب أخرى منافسة وصادمة في لغتها السينمائية وأطروحاتها الفنية.

وأضاف وجيه ان العرض في دمشق يوفر إمكانية حضور النقاد المحليين لتبدأ المراجعات النقدية التي تهمنا بعد الكتابة عن الفيلم بشكل صحفي فأثر هذه التظاهرة معنوي من ناحية العرض ولذلك أتمنى أن ينتقل البرنامج إلى محافظات أخرى إضافة إلى ضرورة الالتزام بحد أدنى ومعقول من السوية في اختيار الأفلام حيث نريد للكل أن يعرض نتاجه لكن بعض الأشرطة لم تكن حتى قابلة للتصنيف الفني أو النقدي وهذا غير مفيد طبعا للتظاهرة أو للشباب المشاركين بها في حين أن هناك أسماء ذات خبرة مثل جود سعيد وريمون بطرس وفجر يعقوب وحضورهم منح ثقلا للتظاهرة بلا شك.

المخرج طارق مصطفى شارك أيضاً في هذه التظاهرة بفيلمه /مود/ حيث قدم تجربة لافتة محققاً عن نص محمد حسن ما يشبه سيمفونية بصرية عبر مهارة كاميرا تنقل السيناريو المكتوب لحياة ممثل شاب يحيا في قلب ضوضاء العاصمة فمن تقليدية الحكاية إلى براح مشهدية لافتة في أناقتها وتدبيجها للصورة لنتابع يوميات شاب سوري تطارده أصوات منبه الساعة وشفرات المكيف ونداءات الباعة ونبرة مراسلي نشرات الأخبار ورسائل المجيب الآلي وذلك من خلال طنين يجسده المخرج على امتداد مساحة الفيلم بلغة سينمائية محضة مقاربا تقنياته المونتاجية اللافتة مع صداع الشاب بطل الفيلم.

ويروي /مود/ كيف تلتئم حصارات عدة لتطبق على كامل حياة تهدر أوقاتها دون جدوى كساعات يقضيها شاب سوري بإعمال أعصابه في تصوير أدواره في مسلسلات تلفزيونية لا تحقق له ذلك الرضى الذي يطمح إليه عن نفسه فها هو في مشاهد متتالية يعبر من بيته الدمشقي إلى مواقع تصطخب فيها صرخات مخرج المسلسل الذي يقوم بأداء إحدى شخصياته جنباً إلى جنب مع موسيقا الديسكو وضجة أجوائه ليصل هذا الشاب في النهاية إلى لحظة من المواجهة الحقيقية مع ذاته يوفرها له انقطاع التيار الكهربائي في بيته ليكتشف وقتها أن ثمة مكتبة يمكن الخلود إليها عامرة بكتب الشعر والرواية والتاريخ وها هي يده تمتد إلى كتاب الشاعر السوري أدونيس ليقرأ.. ها أنت أيها الوقت.. فنقرأ معه على ضوء شموع عزلته مقطعا يقول.. دعوا الياسمين الدمشقي لأحلامه.. فلا خوذة له ولا ناب.

وعن فيلمه /مود/ قال المخرج مصطفى.. الفيلم من النوعية الخاصة في سينما تعيد إنتاج المكان فتنتشله من بشاعته الواقعية لتراه بعين زمنية بحتة حيث نتخلص هنا أيضاً من كليشيهات بصرية لطالما كرسها التلفزيون في عادات المشاهدة فنهرب إلى الدفين والغامض ففي السينما لا يمكننا الوصول إلى الحياة كلها ولذلك أطمح هنا إلى تسجيل مقطعٍ عرضاني من هذه الحياة كون الواقع نوعا من الأدب الرديء فتقدم لنا السينما كخيار لرؤية العالم معافى من بشاعاته ولذلك تلتقي القصيدة مع فتاة تعبر شارع البرامكة نهاراً دون أن تختلط ظلال خطواتها اللينة بغبار الأرصفة السوداء.

وتقدم التظاهرة الأولى من نوعها على صعيد تقديم الفيلم الروائي القصير تجارب مختلفة في أمزجتها الإبداعية ومقارباتها للواقع السوري حيث يأتي فيلم /رياح كانون المبكرة/ لمخرجه أحمد خضر ليجد المشاهد نفسه أمام مأثرة سينمائية جديدة لها مذاق الأفلام الروائية السورية في ثمانينات القرن الفائت فالنص المكتوب لعماد منصور حقق مساحة جيدة أمام مخرج الفيلم لينسج علاقة سينمائية مع بحر طرطوس كعلاقة نتابع حكايتها اللطيفة من داخل صفوف إحدى المدارس الابتدائية بين صبي وفتاة.

ونلتقط في هذا الفيلم قطعةً من الحياة اليومية لمدينة ساحلية يعيش فيها الصيادون وأطفال المدارس كقطعة من حياة سورية بجانب البحر تلتقطها كاميرا الخضر بعيدا عن الانطباعات التلفزيونية الخاطفة فتركيز المشاهد قبالة شاطئ طرطوس وهب لحكاية /رامي/ الصبي الذي سيصاب بالسرطان بعداً سحرياً لاسيما مشهد الحمامة الميتة التي يقوم كل من رامي ورفيقته الصغيرة بوضعها في صندوق صغير وقذفها إلى موج البحر.

هكذا سيكون المشهد البحري منسجما مع قصة النص مع توليفة الصورة التي سجلت لقطاتها البحرية الكبيرة جنبا إلى جنب مع عائلتين نتعرف عليهما تباعا ليكون الموت هنا حادثهما الوجودي الأعنف فحادث طرح مأساة أطفال السرطان بعيدا عن الكليشيهات المعروفة يكون خلال تورية ذكية لمعنى الغياب وفداحة الفقد لنشاهد الطفلة في آخر مشهد تهبط أدراج بيت رفيقها الصغير مبتعدة عن عزاءات الناس وتقاليدهم الممجوجة فيما يمكن وصف مشهد الأب الصياد أمام جثمان ولده الصغير بالمشهد النادر في مصداقيته وابتعاده عن كل ما من شأنه الاستعراض المجاني عبر لغة سينمائية تقتفي إحساس الممثل دون أي تدخلات جانبية.

بدوره يحضر فيلم /بدون عنوان/ لمخرجه أحمد سويداني عن نص خالد طيارة لكن السينما هنا تبتعد عموماً عن مذاق القصة وطريقة معالجتها بصرياً ليكون المشاهد أمام فيلم بنكهة حلقات متصلة منفصلة تقريباً عبر حكاية كاتب شاب يخط ما يشبه يوميات عن امرأة يصفها لنا عبر مونولوجه الداخلي بلغته الفصحى ما يجعل من مقدمة الفيلم عتبة معقولة لمتابعة ما سيحدث وفق عزلة الكاتب الشاب وطريقة عيشه التي تشي للمشاهد بمزيد من المفاجآت لكنه في المشهد التالي نراه في مطعم فنراقبه من خلال مونولوجه الذي يستطيل في شرح حكاية غرامه بامرأة تظهر أمامه ليكتشف الشاب أن تلك المرأة تعرضت لحادث أفقدها ذاكرتها.

وتقدم التظاهرة التي تختتم فعالياتها مساء غد الخميس بثلاثة أفلام هي /جدارية الحب/ لأوس محمد و/حكاية الأبواب السبعة/ لغسان شميط و/فولت حار جداً/ لباسل طه العديد من التجارب الجديدة كفرصة لدعمها وتوفير فرصة مشاهدة جماعية لها حيث تحضر تجارب كل من علاء حجي رشيد في فيلمه /يوم جديد/ و/الوصية الحادية عشرة/ لموفق قات و/إنزواء/ لعلي خطاب و/فيلم عن الحب/ لوليد حريب.

كما تحضر تجارب مخرجين مخضرمين في عالم الأفلام الروائية القصيرة لكل من المخرج فجر يعقوب في فيلميه /السيدة المجهولة/ و/البطريق/ والمخرج ريمون بطرس في فيلمه /همسات/ وموفق قات في فيلمه /مذكرات رجل بدائي/ لنكون أمام مشارب من أجيال سينمائية متعددة لا تقتصر على فئة عمرية بقدر طموحها لتعزيز ثقافة سينمائية وطنية تسمح لتلاقح التجارب الجديدة مع التجارب الأكاديمية بهدف الوصول إلى محترف سينمائي يسهم في تعزيز الحوار الإبداعي بين هذه التجارب.

يذكر أن أسبوع سينما الشباب السوري قام بالتعاون بين دار الفنون بإدارة رحاب ناصر والمؤسسة العامة للسينما حيث تقوم دار الفنون بالعودة إلى متابعة برامجها الثقافية في المسرح والسينما والموسيقا والندوات الأدبية والأمسيات الشعرية كرغبة في مساندة الحالة الثقافية السورية ودعمها جنباً إلى جنب مع وزارة الثقافة واتحاد شبيبة الثورة.

سامر إسماعيل

المصدر: سانا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...