مهرجان الشباب المسرحي الرابع في طرطوس:عروض متباينة المستوى

27-04-2009

مهرجان الشباب المسرحي الرابع في طرطوس:عروض متباينة المستوى

أقيمت الدورة الرابعة من مهرجان الشباب المسرحي هذا العام في محافظة طرطوس الساحلية، ما بين 10-18/4/2009 برعاية الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة الذي أكدّ في كلمته الافتتاحية على إهداء هذه الدورة إلى احتفالية 'القدس عاصمة الثقافة العربية' هذا العام، مُضيفاً أنّ تميّز هذه الدورة عن سابقاتها يتأتى من العروض العربية ومشاركة الشباب من مسرحيين عرب، كخطوة في اتجاه تحوله إلى مهرجان عالمي للمسرحيين الشباب، ليجعل من المسرح رسالة حقيقية وفكرية.
كما رحبّ الدكتور عاطف النداف محافظ طرطوس بضيوف المهرجان، فيما أشار د. عجاج سليم مدير المسارح والموسيقى، مدير المهرجان، إلى أهميّة الحراك الأخير في مسرح طرطوس إثر افتتاح المسرح القومي مما أهله لاحتضان فعاليات مهرجان الشباب المسرحي، مُضيفاً بأنّ هذه المدينة تذكرنا بأيام الراحل السوري الكبير 'سعد الله ونوس'، وهي تعدنا بأكثر من 'ونوس'، فالعطاء سمة الأرض التي لا تنتهي.
وقد تضمّن حفل الافتتاح إضافة إلى الكلمات الرسمية فيلما قصيرا حول الدورات السابقة لمهرجان الشباب المسرحي، كما جرى تكريم عدد من المسرحيين هم: المخرج محمود خضور، والفنانين صالح الحايك، سمير البدعيش، عصام الراشد، إسماعيل خلف، عبد الكريم حلاق، إضافة لفرقتي مسرح الشبيبة والمسرح الجامعي، كما تمّ تكريم السيد خالد دالاتي مدير مسرح القباني.
وبعد ذلك شاهدنا عرض الافتتاح لفرقة 'مسرح الرواة' من الأراضي الفلسطينية باسم 'الأحداث الأليمة في حياة أبو حليمة'، وهو عبارة عن مونودراما تحكي مأساة الشعب الفلسطيني، أداها الممثل الموهوب إسماعيل دباغ، وحملت توقيع جاكوب إيمو مُخرجاً. واعتبر مدير المهرجان أن هذا العرض يمثل تكريسا لاحتفالية القدس، كما يمثل إضافة نوعية للمهرجان على الصعيد الفني وعلى مستوى الرسالة التي حملها. لذلك اعتبر مع العرضين الجزائري 'عودة الحجاج بن يوسف' واللبناني 'جاهز وتفصيل' خارج المسابقة التي اقتصرت على العروض السورية، باعتبارها عروضاً لفرق الهواة أو المحافظات و المدن الطرفية، وبلغ عددها 12 عرضاً، لكننا لاحظنا تبايناً في سويّات هذه العروض، فكان بعضها مُنفذاً بطريقة بدائية غير جديرة حتى بالمشاركة في المهرجان، بينما ادعى بعضها الآخر الذهاب في التجريب حتى فقد هويته المسرحية، وقفز خارج خشبة المسرح.
يعيدنا هذا المهرجان إلى بدايات مهرجان الهواة المسرحي الذي انطلق عام 1971 في دمشق بمبادرة من وزارة الثقافة، ثم غادر إلى حلب ليكون رديفا وموازيا لـ 'مهرجان دمشق المسرحي' الاحترافي، واستمر مهرجان الهواة لثماني دورات قبل أن يتوقف لأسباب لسنا بصددها الآن، وكانت خطوة مهمة لوزارة الثقافة مؤخراً استعادته تحت اسم 'مهرجان الشباب المسرحي' وقد اختطت الوزارة منذ البداية أن يجوب المهرجان كافة المحافظات السورية، فكانت دورته الأولى في إدلب والثانية في الحسكة، والثالثة في دمشق، وهاهي الدورة الرابعة من هذا المهرجان تقام في محافظة طرطوس.
عروض المسابقة السورية الاثني عشر تباينت في سوياتها الفنية والفكرية، كما نوهت لجنة التحكيم لاحقاً، لكن الملاحظ ولأوّل مرّة غياب أي فرقة تمثل المحافظة المُضيفة للمهرجان، رغم تعدد التجارب والأسماء المسرحية في طرطوس والتي تعود إلى ستينات القرن النصرم، وهو ما دفع البعض للغمز من قناة مدير المسارح القومي فيها نضال حمود، لكننا وبغض النظر عن الأسباب والدوافع نؤكد أنها ثغرة يجب أن لا تتكرر في قادم المهرجانات، فهي تركت الكثير من اللبس وعلامات الاستفهام، حتى أنها دفعت بلجنة التحكيم المؤلفة من المخرج الدكتور محمد قارصلي والمخرج محمد خضور والفنان أسامة السيد يوسف إلى إبداء الأسف لغياب أي عمل من طرطوس.
مقابل غياب المسرح الطرطوسي عن المشاركة في فعاليات هذا المهرجان، كان حضور الجمهور ملفتاً للانتباه، وكذلك متابعته للحوارات وندوات مناقشة العروض اليومية، وكذلك الندوة الفكرية التي أقيمت على مدار يومين. شارك فيها أول يوم الدكتور محمد قارصلي بمحور 'الممثل بين النص والعرض' فيمـــا تابع الفنان مصطفى الخاني بمحور 'أدوات الممثل ـ اللغة - الجســد'، أمّا في اليوم الثاني فتوزعت المحاور ما بين المسرحي 'فرحان بلبل' في 'ثقافة الممثل وأثرها على بنيته الفنـــية'، وبين الدكتور سامر عمران في عنوان 'الممثل والارتجـال' علماً بأنّ الدكتور سامر عمران أقام ورشة تدريب لفناني المحافظة على هامش المهرجان وخلال ثلاثة أيام حول إعداد الممثل وفن الإيماء.
كذلك استضاف المهرجان على هامش العروض المسرحية ثلاث ندوات حوارية مع الجمهور، شارك فيها على التوالي: الفنان بسام كوسا والفنان خالد تاجا والمخرج سامر عمران، شكلت نوعا من الحراك الثقافي والاجتماعي في المحافظة.
وفي نتائج المسابقة كما أعلنتها لجنة التحكيم فاز عرض 'ساعي بريد بابلو نيرودا' لفرقة 'صدى' ـ مصياف من إخراج عصام الراشد بجائزة أفضل عرض متكامل. بعد أن رشحته اللجنة مع عرضي 'سوناتا الانتظار' و'الطوفان' لهذه الجائزة. وهذه الأعمال الثلاثة رُشحت أيضاً لجائزة أفضل مشهدية بصرية 'سينوغرافيا' لتذهب أخيراً إلى عرض 'الطوفان' للمخرج هاشم غزال من فرقة المسرح الجامعي في اللاذقية، كما حصل هذا العرض على جائزة أفضل إخراج مقابل يوسف شموط عن عرض 'رباعية الموت'، وعصام الراشد عن عرضه 'ساعي بريد بابلو نيرودا'، وحصل عرض 'سوناتا الانتظار' من إخراج وليد العمر على جائزة أفضل نص وهو تأليف جماعي للفرقة. ونالت في ذات العرض الممثلة 'آهين حمزة' جائزة أفضل ممثلة بعد أن تنافست مع 'يارا بشور' في 'رباعية الموت'، و'إلهام شحود' في 'ساعي بريد نيرودا' بينما ذهبت جائزة أفضل ممثل لـ 'محمد محفوض' عن دوره في 'ساعي بريد نيرودا' وكان قد رُشح معه إلى هذه الجائزة كلاً من 'طلال لبابيدي' عن دوره في عرض 'المزبلة الفاضلة' لشبيبة درعا، وفادي صباغ عن دوره في عرض 'رباعية الموت'. ومنحت اللجنة شهادة تقدير للطفلة 'سارة صالح' عن دورها المتميّز في عرض 'أيام الشروق' لاتحاد عمال محافظة حماة.
هذه النتائج التي أعلنت في حفل الختام إثر كلمتين قصيرتين للدكتور عجاج سليم مدير المهرجان والدكتور عاطف النداف محافظ طرطوس، أعقبها تكريم بعض الفعاليات التي ساهمت بإنجاح المهرجان، وحفل فني موسيقي لفرقة 'أرادوس' للفنون الشعبية في محافظة طرطوس والتابعة لمسرحها القومي، حيث قدمت مجموعة من اللوحات الراقصة على أنغام مجموعة أغانٍ معروفة عربياً وتنتمي لعدة دول عربية، إضافة إلى أنغام أخرى ذات طابع محلي في الساحل السوري. وكانت مفاجأة حفل الختام والتي أعلنت في اللحظة الأخيرة مشاركة فرقة التخت النسائي الشرقي بقيادة الفنانة وعازفة الناي 'وفاء سفر'، حيث عزفت الفرقة مقطوعات شرقية وبعض الأغاني التراثية المشهورة بأداء كل من سيلفي سليمان وميري بيطار.
وفي نظرة لاحقة لنتائج هذه الدورة على مستوى العروض والتنظيم وحتى النتائج نستطيع القول أنها شكلت علامة فارقة في مسيرة مهرجان الشباب المسرحي، حتى وإن ظلت تحت سويّة الطموحات، والأهم من ذلك كله أنها شكلت مؤشرا ودافعا لمديرية المسارح والموسيقا لتطوير الدورات القادمة، حيث بادرت مديرية المسارح والموسيقى للدعوة إلى اجتماع تحضيري لدراسة توصيات لجان التحكيم في الدورات الأربع السابقة للخروج بورقة نظام داخلي للمهرجان تحكم آلية عمله. وتخرجه من دائرة المطبات التي عانى منها سابقاً، في تأكيد على أن تأتي الدورة الدوره الخامسة لهذا المهرجان والتي ستقام في مدينة حلب شمالي سورية، أفضل من سابقاتها بكل المقاييس.

 أنور بدر

المصدر: القدس العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...