مضمون الخطة (أ) والخطة (ب) لإجهاض إعلان دمشق

12-04-2008

مضمون الخطة (أ) والخطة (ب) لإجهاض إعلان دمشق

الجمل: بعد انتهاء قمة دمشق، وقبل أن يجف حبر إعلان دمشق، ظهر تشريب استخباري إسرائيلي يقول بأن ثمة قمة خماسية سيتم عقدها في شرم الشيخ المصرية، وستضم مصر، الأردن، السلطة الفلسطينية، إسرائيل، الولايات المتحدة، وستكون قمة شرم الشيخ برئاسة أمريكية – مصرية.
وكان لافتاً للنظر عدم إدراج المصدر الإسرائيلي لاسم المملكة العربية السعودية ضمن عضوية القمة، وأشار التسريب إلى أن الرئيس بوش سيحضر القمة على خلفية زيارته المتوقعة خلال شهر حزيران القادم لمشاركة الإسرائيليين في احتفالات الذكرى الستين لقيم إسرائيل.
* الدبلوماسية المصرية – السعودية وفرضية تغيير توازن القوى:
يعتبر توازن القوى الإقليمي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط –وتحديداً منطقة شرق المتوسط- من أكثر توازنات القوى التي تلعب دوراً مؤثراً في الميزان الدولي العالمي، وبسبب ذلك، فقد ظل توازن القوى في الشرق الأوسط يتعرض للكثير من التجاذبات المحلية والإقليمية والدولية، ومحاولات تدخل الأطراف الثالثة إما عن طريق الوسائل العسكرية –كما في حالة إسرائيل والعراق والخليج- أو عن طريق الوسائل الدبلوماسية كما في حالة تحالف الدبلوماسية الأمريكية وحلفاءها في المنطقة.
* "قمة دمشق" في مواجهة الخطة (أ):
بذلت الدبلوماسية الأمريكية – الإسرائيلية جهوداً كبيرة عن طريق وكلائها المحليين من أجل إفشال قمة دمشق، وقد استخدمت الإدارة الأمريكية الكثير من الضغوط التي وصلت إلى مرحلة التهديد من أجل تقويض قمة دمشق، والحيلولة دون انعقادها، وكان من أبرز النجاحات التي حققتها الدبلوماسية الأمريكية – الإسرائيلية:
• تغييب لبنان والملف اللبناني عن قمة دمشق، وذلك بفضل إعلان حكومة السنيورة مقاطعتها لحضور القمة.
• تخفيض وتقليل مستوى الحضور الدبلوماسي المصري – الأردني – السعودي – المغربي، وذلك بفض إيفاء قيادات هذه البلدان بالتزاماتهم تجاه البيت الأبيض الأمريكي.
ولكن برغم ذلك فقد نجحت القمة وصدر إعلان دمشق الذي أكد على:
• فشل صيغة توازن القوى الأمريكية – الإسرائيلية التي تعتمد على تجميع المعتدلين العرب كوسيلة لحماية أمن وتفوق إسرائيل وتوفير الدعم والغطاء الدبلوماسي العربي لـ:
* استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق.
* استمرار الوجود العسكري الأمريكي المكثف في الخليج العربي.
* تعزيز وجهة النظر الإسرائيلية إزاء الملف الفلسطيني والملف اللبناني وملف الجولان السوري.
• التأسيس لصيغة توازن قوى جديد، يقوم على عدة اعتبارات:
* التمسك بالحقوق العادلة المشروعة.
* رفض الوجود الأجنبي والتدخل في المنطقة.
* الاعتماد على العمل العربي المشترك القائم على تعبئة القدرات والموارد الذاتية.
* حق اللبنانيين والعراقيين والفلسطينيين وغيرهم في حل مشاكلهم.
* قيادة سوريا للجامعة العربية والعمل العربي المشترك في المرحلة القادمة.
* "إعلان دمشق" في مواجهة الخطة (ب):
كان صدور إعلان دمشق في جانبه الآخر بمثابة إعلان عن عزلة "حلفاء أمريكا" في المنطقة، وكان واضحاً أن حلفاء أمريكا الذين فشلوا في منع انعقاد القمة أن يواجهوا خيارين:
• الالتحاق بركب إعلان دمشق وثمن ذلك سيكون تحمل تبعات النزول من قاطرة الهيمنة الأمريكية.
• خيار البقاء في قاطرة الهيمنة الأمريكية واللجوء لتطبيق إستراتيجية الهروب إلى الأمام.
وقبل أن يجف حبر الإعلان جاء التسريب الاستخباري الإسرائيلي ليعزز التوقعات بأن المعتدلين العرب قد قرروا الانخراط عملياً ضمن دائرة خيار البقاء في قاطرة الهيمنة الأمريكية واللجوء لتطبيق إستراتيجية الهروب إلى الأمام.
وتشير المعلومات والتسريبات الواردة حالياً، بأن الدبلوماسية الأمريكية – الإسرائيلية قد بدأت في حشد وتعبئة قدرات المعتدلين العرب باتجاه تنفيذ الخطة (ب) الهادفة إلى إجهاض إعلان دمشق، ومن أبرز المعالم البارزة في خارطة طريق هذه الخطة ما يلي:
• تأكدت صحة ومصداقية التسريب الإسرائيلي بأن قمة شرم الشيخ سيتم عقدها، وسيحضرها الرئيس بوش والرئيس حسني مبارك وملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية.
• تأكدت إستراتيجية السعودية في الاستمرار في التعامل مع إسرائيل "منن وراء الحجاب"، وهذه المرة ستكون وراء "الحجاب المصري" لأن خادم الحرمين الشريفين لن يستطيع الجلوس مع الإسرائيليين وهو "سافر".
وتقول المعلومات بأن ثمة قمة ثنائية مصرية – سعودية قد تم عقدها جمعت بين الرئيس المصري حسني مبارك  والعاهل السعودي الملك عبد الله، وما كان معلناً تمثل في الآتي:
• التركيز على الوضع الفلسطيني.
• التركيز على الوضع اللبناني.
• التحديات والأزمات الماثلة أمام الوضع العربي.
وتقول المعلومات المعلنة أيضاً بأن طرفي القمة قد أكدا على ضرورة تحريك الوضع في لبنان باعتباره مفتاح تحقيق الانفراج في العلاقات العربية – العربية.
* الأبعاد غير المعلنة في القمة المصرية – السعودية:
برغم عدم تطرق الإعلام المصري للوقائع التي دارت في القمة الثنائية المصرية – السعودية، إلا أنه من الممكن الإشارة إلى الجوانب التالية:
• الإطار الشكلي للقمة: لجهة التوقيت فقد انعقدت القمة في وقت يسبق انعقاد قمة شرم الشيخ القادمة التي سيشارك فيها الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إضافة إلى ملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية، ولما كانت السعودية لا تحضر الاجتماعات المباشرة مع إسرائيل بسبب عدم وجود علاقات دبلوماسية معلنة سعودية – إسرائيلية وحفاظاً على مكانة السعودية في العالمين العربي والإسلامي، فإن هذه القمة تعتبر قمة هادفة لترتيب وتنسيق المواقف بما يجعل الأداء المصري في القمة متطابقاً مع وجهة النظر السعودية حول القضايا التي سوف تتطرق لها قمة شرم الشيخ القادمة.
• النوايا المصرية إزاء المعتدلين العرب: عندما برز تحالف المعتدلين العرب إلى الوجود بدا ظاهراً أن الدور الأردني سيكون هو الرئيسي بما يؤدي إلى انحسار الدور المصري المركزي في إدارة دولاب حلفاء أمريكا في المنطقة.
والطريقة التي قامت بها القاهرة بإدارة دولاب قمة شرم الشيخ القادمة تشير إلى الآتي:
• عقد قمة مصرية – سعودية سيؤدي إلى جعل القاهرة تمسك بالمفتاح السعودي في قمة شرم الشيخ القادمة.
• كان يمكن أن تكون القمة الثنائية المصرية – السعودية قمة ثلاثية مصرية – سعودية – أردنية، ولكن اكتفاء القاهرة بعقد القمة مع السعودية هدف إلى تغييب ملك الأردن وذلك لجهة عدم إعطاءه فرصة التعبير عن الموقف السعودي داخل قمة شرم الشيخ القادمة.
بكلمات أخرى، لقد نجحت القاهرة في إعطاء نفسها وزناً دبلوماسياً أكبر داخل قمة شرم الشيخ المقبلة التي سيحضرها بوش وأولمرت وذلك بسبب أن القاهرة تكون:
• الرئيس المشارك في القمة لأن مصر هي البلد المضيف.
• الوكيل المعبر عن الموقف السعودي الذي يمثل "مرجعية" الرياض في القمة.
* التسريبات حول قمة شرم الشيخ القادمة:
أجندة قمة شرم الشيخ القادمة يمكن قراءتها بوضوح من بين ثنايا تصريحات السفير المصري سليمان عواد الذي يتولى مهمة المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، وقد تحدث قائلاً:
• اتفق الرئيس مبارك مع الملك عبد الله على تحريك الوضع في لبنان باعتباره المفتاح لتحقيق الانفراج في العلاقات العربية – العربية.
• إن الجميع بما فيهم مصر والسعودية يعلمون من يتعين عليه أن يقوم بهذا لكي تتحقق انفراجة حقيقية تنهي الأزمة اللبنانية.
• إن المصالحة العربية وتحسين الوضع الراهن في العلاقات العربية – العربية يتحققان بأفعال وليس بأقوال وليس بمجرد الإعراب عن حسن النيات، وإنما بخطوات حقيقية ملموسة تحقق انفراجة سريعة للأزمة اللبنانية التي لا تحتمل المزيد من الإبطاء.
• اتفق الزعيمان على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني ودعم الرئيس محمود عباس في المفاوضات الصعبة.
إذاً، فقد كشف المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية المصرية أبرز الخطوط العامة في اجتماع شرم الشيخ واستناداً إلى ما ورد بين ثنايا تصريحاته يمكن فهم الخطوط العامة لأجندة قمة شرم الشيخ القادمة التي ستركز على الآتي:
• التأكيد على مطالبة سوريا بالتحرك لانتخاب الرئيس اللبناني الجديد (أي إعادة الأوضاع إلى المربع الذي كان قبل انعقاد قمة دمشق. بكلمات أخرى تقويض ما ورد في إعلان دمشق حول الشأن اللبناني).
• التأكيد على استمرارية الدور السعودي – المصري في القيام بالوكالة عن واشنطن بممارسة الضغط على سوريا، وذلك للقيام بالتدخل في الشأن اللبناني وإرغام اللبنانيين على انتخاب رئيس جمهورية بالمواصفات التي تريدها أمريكا وإسرائيل.
• دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس باتجاه الاستمرار في المزيد من المفاوضات مع الإسرائيليين وغض النظر عن توسع الإسرائيليين في المستوطنات وعمليات الاغتيالات المستهدفة وحصار غزة وغير ذلك، وبالتأكيد سيؤدي استمرار محمود عباس في المفاوضات غير المجدية إلى تحويل الدولة الفلسطينية إلى مجرد شبح افتراضي وإلى القبول بالتوسع الاستيطاني والحصار والحملات العسكرية باعتبارها أمراً واقعاً.
هذا عن استقراء أطروحات المعتدلين العرب في قمة شرم الشيخ القادمة التي سيحضرها بوش وأولمرت، أما بالنسبة لأطروحات بوش – أولمرت أما هذه القمة فعلى الأغلب ستتضمن:
• مطالبة المعتدلين العرب بموقف عملي إزاء ملف استهداف إيران وإذا تم ضرب إيران قبل ذلك فسوف تتم مطالبة المعتدلين العرب بلعب دور يركز على تهدئة الشارع العربي بما يتيح لإسرائيل وأمريكا الفرصة لاستهداف الأطراف الشرق أوسطية الأخرى مثل سوريا وحزب الله وحركة حماس.
• مطالبة المعتدلين العرب بمزيد من الفعالية العملية من أجل فرض المزيد من الضغوط على سوريا والأطراف الأخرى وقد يطلب الرئيس بوش من المعتدلين العرب الالتزام بالتحالف مع العقوبات التي سبق وفرضها الكونغرس ضد سوريا.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...