حروب العالم في الشرق الأوسط وتداعيات قضايا الشرق الأوسط على العالم

28-01-2007

حروب العالم في الشرق الأوسط وتداعيات قضايا الشرق الأوسط على العالم

الجمل:   الحسابات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط أصبحت أكثر تعقيداً، وذلك بسبب:
• تعدد وتنوع الفاعلين: حيث تنخرط في صراعات الشرق الأوسط كل القوى العالمية، والمنظمات الدولية والإقليمية الموجودة في العالم حالياً، إضافة إلى كل حكومات المنطقة والقوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.
• تعدد وتنوع ميادين الصراع: لم يعد الصراع في منطقة الشرق الأوسط يتم حصراً في العراق، لبنان، الأراضي الفلسطينية، الصومال، السودان، وإيران.. بل أصبح مسرح الصراع شاملاً مركباً تختلط فيه الصراعات الكمية مع الصراعات النوعية، وإذا كان من الممكن وصف الصراعات الكمية بأنها تمثل في تلك الصراعات القابلة لتحديد نطاقاتها المكانية والزمانية، فإن هناك صراعات نوعية، ذات طبيعة جيوبوليتيكية غير قابلة للتحديد الكمي، فهناك صراع اقتصادي حول موارد المنطقة، يؤثر على أسعار عملات كل دول العالم، وهناك صراع ديني في المنطقة، يؤثر على كل أديان العالم الرئيسية، وهناك صراع سياسي في المنطقة يؤثر على كل التحالفات السياسية الموجودة في العالم.
• تنوع وتعدد قضايا الصراع: يضم ويحتوي صراع الشرق الأوسط على طائفة متنوعة من قضايا الصراع، منها: قضية الأراضي الفلسطينية، قضية السلطة الفلسطينية، قضية الجولان المحتل، قضية جنوب لبنان، قضية العراق، قضية الوجود الأمريكي في الخليج، قضية إيران.. وغيرها، وكل واحدة من هذه القضايا تتفرع إلى قضايا ثانوية والتي تتفرع وتتشعب بدورها الى عشرات القضايا النوعية الأخرى.
• تنوع وتعدد تداخلات وتقاطعات الصراع: وباختصار نقول تفادياً للتكرار والسرد الممل: إن كل قضايا منطقة الشرق الأوسط تتميز بتقاطعها وتداخلها، ليس مع بعضها البعض فحسب، بل وأيضاً مع قضايا المناطق والأقاليم الأخرى، ففي شيلي تعمل الشركات الإسرائيلية على نهب عائدات المناجم ودعم إسرائيل، وفي نيوزلندا تعمل الشركات الإسرائيلية على نهب الثروات الطبيعية ودعم إسرائيل، وهكذا يجد الشعب الشيلي والنيوزيلندي مواردهما وهي تنهب وتذهب لإسرائيل التي تستخدمها بدورها في إذكاء وقود صراع الشرق الأوسط.
الحسابات الاستراتيجية الراهنة في منطقة الشرق الأوسط:
هناك صراع رئيسي يدور في المنطقة، تصاحبه صراعات ثانوية تدور رحاها ضمن نطاق الصراع الرئيسي، وهي تؤثر فيه وتتأثر به، والصراع الرئيسي هو الصراع العربي- الإسرائيلي، أما الصراعات الأخرى فجميعها تعتبر صراعات متفرعة عنه، مثل الصراع الدائر حالياً في لبنان، بين قوى المقاومة الوطنية وقوى 14 آذار.
في الوقت الراهن أصبحت هناك أيضاً حسابات لكل طرف في هذا الصراع، ويمكن أن نشير إليها باختصار على النحو الآتي:
حسابات الأطراف في منطقة الشرق الأوسط:
- الفلسطينيين: أفضل سيناريو لهم هو إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.. وأسوأ سيناريو بالنسبة لهم هو احتلال إسرائيل كامل الضفة والقطاع، وتشريدهم بالكامل على نحو ربما يصل إلى مرحلة مواجهتهم لعمليات تطهير عرقي.
- العراقيين: أفضل سيناريو هو خروج أمريكا وتوافق العراقيين تحت ظل حكومة عراقية واحدة.. وأسوأ سيناريو هو بقاء أمريكا واشتعال الحرب الأهلية.
- اللبنانيين: أفضل سيناريو هو إقالة حكومة السنيورة وإقامة حكومة الوطنية والإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة.. وأسوأ سيناريو هو استمرار حكومة السنيورة بما يؤدي لتمكين إسرائيل من وضع يدها على لبنان، وضم أراضيه ونهب مياهه وتشريد سكانه.
- إسرائيل: أفضل سيناريو يتضمن السيناريوهات الفرعية الآتية:
* القضاء على الفلسطينيين وضم أراضيهم بالكامل.
* تجريد المقاومة اللبنانية من سلاحها، وجعل لبنان أعزلاً من أي مقاومة تدافع عنه، تمهيداً لعملية احتلال تنفذها إسرائيل تضم بموجبها أراضي لبنان وتشرد أو تصفي بالكامل سكان جنوب لبنان.
* القضاء على قوة وتماسك سوريا، على النحو الذي يؤدي إلى توقيع اتفاقية سلام مع سوريا على غرار اتفاقية السلام الأردنية- الإسرائيلية، تأخذ فيها إسرائيل كل ما تريده دون أن تقدم شيئاً.
- إيران: أفضل سيناريو هو الاستمرار في البرنامج النووي، وخروج القوات الأمريكية من العراق، وأفغانستان ومنطقة الخليج.. أما أسوأ سيناريو فهو قيام إسرائيل وأمريكا بتنفيذ العدوان العسكري ضد إيران على النحو الذي يترتب عليه اشتعال واحدة من أكثر الحروب دماراً في العالم المعاصر.
- تركيا: أفضل سيناريو هو الانضمام للاتحاد الأوروبي، وعدم إقامة أي كيان كردي مستقل، والاعتراف بدولة قبرص التركية، وتزايد المعونات الأمريكية وتطوير علاقاتها مع إسرائيل، والعرب في وقت واحد.. أما أسوأ سيناريو فهو قيام دولة كردية بحماية أمريكية في شمال العراق، وسيطرة حكومة قبرص اليونانية على سيادة كامل جزيرة قبرص وأيضاً يتضمن هذا السيناريو عدم قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وانقطاع المعونات الأمريكية عن تركيا وتزايد المعارضة الشعبية الإسلامية داخل قبرص إذا قامت أمريكا وإسرائيل بضرب إيران.
السؤال الذي يطرح نفسه تلقائياً هنا: ما هي الحسابات السورية الراهنة إزاء الأوضاع القائمة حالياً في المنطقة؟
أولاً: حسابات الفرص والمزايا الإيجابية (السيناريو الأفضل):
الأداء السلوكي للسياسة الخارجية السورية يشير بوضوح إلى أن سوريا تتمسك بمبدأ السلام العادل الذي يقوم على الحقوق العادلة، وذلك لأنه المبدأ الوحيد الذي يحقق الاستقرار والأمان والسلام في المنطقة.. ومن أهم بنود السلام العادل الذي يقوم على الحقوق العادلة نجد:
- إعادة الأراضي السورية المحتلة من قبل إسرائيل إلى سوريا دون قيد أو شرط.
- دعم وإعادة تعمير لبنان، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وبالذات من قبل إسرائيل وأمريكا وفرنسا.
- الحل العادل للقضية الفلسطينية.
- استقلال العراق من الاحتلال الأمريكي ووحدة وسلامة أراضيه.
ثانياً: حسابات المخاطر والتهديدات (السيناريو الأسوأ):
وتتمثل في حدوث المخاطر الآتية:
- رفض إسرائيل إعادة الأراضي السورية المحتلة.
- قيام إسرائيل بضم كامل أراضي الضفة والقطاع وتنفيذ عملية تطهير عرقي وتهجير جماعي جديدة ضدهم.
- استمرار الاحتلال الأمريكي في العراق، واشتعال الحرب الأهلية العراقية، على النحو الذي يجعل من تقسيم العراق إلى دويلات أمراً واقعاً.
- شن أمريكا وإسرائيل لعدوانهما العسكري ضد إيران.
- قيام إسرائيل بعدوان جديد ضد لبنان بحيث تتسع دائرته هذه المرة لتشمل سوريا.
- تزايد التوترات على الساحة اللبنانية لما يؤدي إلى اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية الثالثة.
وعموماً نقول: إن القراءة المتأنية للخيارات المتاحة والفرص والمخاطر المترتبة عليها، وربط ذلك بتطورات الأداء السلوكي لأطراف الصراع في خارطة منطقة الشرق الأوسط، تشير جميعها إلى أن حدوث أفضل سيناريو هو أمر صعب إن لم يكن مستحيل الحدوث، ومن ثم فإن أسوأ سيناريو هو أيضاً احتمال ضعيف الحدوث، وإن كان ممكناً بسبب تهور الإدارة الأمريكية واندفاعها المؤيد للمغامرات الإسرائيلية في المنطقة.
لذلك يمكن القول: إن المسافة الفاصلة بين (أفضل سيناريو) و(أسوأ سيناريو) تتضمن العديد من السيناريوهات الأخرى والتي من بينها سيناريو استمرار الوضع الراهن، الذي وإن كان استمراره مرهقاً ومجهداً لجميع الأطراف، إلا أنه بات الأكثر احتمالاً، بسبب المصاعب التي تواجه إدارة بوش داخل أمريكا من جراء معارضة الكونغرس، وضغوط الرأي العام الأمريكي.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...