الوطن السورية:لا ضربات عسكرية جوية ولا غزوات برية بل ضغوطات لـ«إنجاح» جنيف

28-08-2013

الوطن السورية:لا ضربات عسكرية جوية ولا غزوات برية بل ضغوطات لـ«إنجاح» جنيف

أجمع عدد من المحللين السياسيين في عدة عواصم غربية ولاسيما في باريس ولندن أن كل ما يحكى عن ضربات عسكرية جوية أو غزوات برية انطلاقاً من الأردن ليست إلا فقاعات سياسية هدفها ممارسة أقصى درجات الضغط على دمشق لانتزاع تنازلات من القيادة السورية في مؤتمر جنيف المزمع عقده قبل نهاية العام ولتحقيق ما عجز عن تحقيقه الجهاديون على الأرض من تغيير في موازين القوى كما كان مطلوباً منهم.

وتجتمع آراء المحللين مع عدد من الدبلوماسيين العرب والغربيين الموجودين في بيروت حيث التقت بهم «الوطن» خلال الساعات القليلة الماضية إذ يؤكد الجميع أن «لا حل عسكرياً في سورية» وهذا أمر بات واضحاً ويتم توضيحه كل يوم من موسكو وطهران وبكين وعدة عواصم أخرى منها عربية، وعليه فإن الجميع متفق على أن الحل السياسي هو مفتاح الخروج من الأزمة التي باتت تعصف بالمنطقة وليس بسورية فحسب.

ويضيف الدبلوماسيون الذين يفضلون الحديث دون ذكر أسمائهم أن واشنطن أكدت أكثر من مرة أن القيادة السورية لن تكون جادة في محادثات جنيف وشددت على هذا الأمر خلال الفترة الأخيرة بعد تقدم الجيش السوري على عدة محاور في مختلف أرجاء سورية، علماً أن الجيش الحر كان قد تلقى أطناناً من السلاح ومنه النوعي في الشمال والجنوب وفي وسط سورية إلا أنه عجز عن مواجهة الجيش السوري وتغيير المعادلة على الأرض كما كان مطلوباً أميركياً لإنجاح جنيف ولإحضار القيادة السورية «مكسورة» إلى طاولة المفاوضات وانتزاع كامل سلطاتها في جميع الميادين.

وتتحدث المصادر عن جملة كان الأميركيون يستخدمونها باستمرار خلال الشهر الأخير: إذا انتصر الجيش السوري فعلى ماذا سيفاوض النظام!! وانطلاقاً من ذلك كان التدخل المباشر والعلني للسعودية وتعهدها بقلب ميزان القوى خلال أيام أو أسابيع على أبعد تقدير ونصيحتها لواشنطن بتأخير جنيف وتسويفه قدر الإمكان وقد لا يكون هناك أي حاجة إليه لأن النظام سيسقط وأن الحل في سورية عسكري حتماً ولا يمكن أن يكون سياسياً لأن في ذلك ضرراً كبيراً لدول الخليج التي أخذت مواقف متقدمة من الأزمة، وفي حال انتصرت سورية فذلك يعني انتصاراً لإيران ومحور المقاومة وهذا مرفوض.

ويتابع الدبلوماسيون حديثهم بأن الوقت بدأ ينفد أمام واشنطن، والضغط الروسي تجاه جنيف كان قوياً جداً وكذلك تبدل مواقف عدة دول أوروبية بدأت بفتح خطوط اتصال مباشر مع دمشق متجاوزة الدبلوماسية الأميركية ومصالحها مع بعض دول الخليج، وكان متوقعاً إعادة فتح عدد من السفارات الأوروبية في دمشق قبل نهاية العام وخاصة أن تلك الدول تنبهت لخطورة وصول جماعات متطرفة إلى الحكم في سورية أو للسيطرة على عدد من مناطقها، ما يشكل تهديداً للأمن القومي الأوروبي، كل ذلك أدى إلى مزيد من الضغط على الرياض وبالتالي مزيد من الضغط على الجهاديين والسلفيين والجيش الحر الذين عجزوا مجتمعين عن تحقيق أي تقدم على الأرض لا بل خسروا مناطق إستراتيجية في مختلف أرجاء سورية إضافة للفضائح والإعدامات وعمليات الخطف التي مارسوها بحق رجال دين وصحفيين وناشطين أدت جميعها إلى الكشف عن الطبيعة الوحشية والإجرامية البشعة لمن يدعي الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والمدعوم من دول الغرب بقناع سعودي، وأدى كل ذلك إلى ما سمته واشنطن في مجالسها الخاصة «انتصار الأسد والسقوط المدوي للمعارضة». ويختم الدبلوماسيون كلامهم بأن لا أحد في الغرب يستبعد فرضية أن يكون الجهاديون هم من نفذ مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية، ومن حيث المنطق فهم من كان بحاجة إليها لقلب ميزان القوى ليس العسكري الذي عجزوا عنه بل التفاوضي ولإحراج القيادة السورية من خلال اتهامها مباشرة بالمجزرة وما ينتج عن ذلك من تأثيرات مباشرة على جنيف وعلى الدول التي كانت بدأت بالاتصال مع دمشق، وهذا يعني أن واشنطن وحلفاءها سيستغلون هذه المجزرة إلى أبعد حدود في محاولة جديدة لإحضار دمشق «مكسورة» إلى جنيف، علماً أنهم يعلمون جيداً أن لا مصلحة إطلاقاً للدولة السورية في ارتكاب مجزرة كهذه الآن وبعد وصول بعثة التفتيش الدولية بأيام.

وبالعودة إلى كلام المحللين السياسيين فإن تصعيداً كبيراً في اللهجة بدأ مباشرة بعد الكشف عن المجزرة وبتنسيق غير مسبوق بين الشركاء في «إسقاط النظام السوري» وسيستمر هذا التصعيد إلى أن تتبلور محادثات جنيف وما يمكن أن تقدمه دمشق من تنازلات لكن في جميع الأحوال لن تشعل واشنطن حرباً إقليمية وهي تدرك جيداً العواقب المترتبة على أي مغامرة عسكرية في سورية.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...